_
طَرْحٌ جَمِيلٌ جِدًّا ، وَمْثَرِي بِلَا شَكِّ . .
اَلْمُجَامَلَةِ أَمْر جُبِلَتْ عَلَيْهِ اَلنَّفْسُ اَلْبَشَرِيَّةُ ، وَهِيَ كَأَيُّ صِفَةً مِنْ
صِفَاتِ اَلْبَشَرِ اَلْأُخْرَى , وَاَلَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى مُوَازَنَةٍ لِتَبْقَى مَقْبُولَةً ,
وَهِيَ تَنْدَرِجُ كَثِيرًا فِي بَعْضِ اَلْحَالَاتِ إِلَى حُسْنِ اَلتَّرْبِيَةِ تَمَامًا . .
كَمَا تَنْدَرِجُ فِي مَرَّاتٍ أُخْرَى تَحْتَ بَنْدِ اَلنِّفَاقِ , فَحِينَ تَكُون اَلْمُجَامَلَةُ
لِشَخْصِ مَا بَعِيدَةً عَنْ اَلتَّمَلُّقِ وَلَا تَضُرُّ بِصَاحِبِهَا أَوْ اَلشَّخْصِ
اَلْمُجَامِلِ فَهِيَ حَسَنَةٌ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ تَبْعَثُ اَلسُّرُورَ فِي قَلْبِ اَلْمُتَلَقِّي
وَلَا تَضُرُّهُ بِشَيْءٍ , وَلَكِنَّ حِينُ أَقُومُ بِمُجَامَلَةِ شَخْصٍ بِأَنْ أَكْذِبَ
عَلَيْهِ وَأُخْفِيَ عَنْهُ عُيُوبُهُ وَامْتَدَحَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ . .
فَهُنَا أَكُون خَرَجَتْ مِنْ اَلْمُجَامَلَةِ إِلَى اَلنِّفَاقِ , رُبَّمَا أَحْتَاجُ إِلَى
اَلْمُجَامَلَةِ أَحْيَانًا قَبْلَ اَلْبَدْءِ بِإِيضَاحِ خَطَأٍ لِشَخْصِ أَوْ قَبْلَ تَوْجِيهِ
نَصِيحَةٍ لَهُ , وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ اَلْمُجَامَلَةِ اَلْحَسَنَةِ اَلَّتِي تَتْرُكُ أَثَرًا
جَمِيلاً فِي اَلنَّفْسِ , وَمِنْ وُجْهَةِ نَظَرِي أَنَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ اَلْمُجَامَلَةِ
فِي اَلْحَيَاةِ اَلْعَمَلِيَّةِ عَلَى أَرْضِ اَلْوَاقِعِ وَبَيْنَهَا عَلَى اَلشَّبَكَةِ
اَلْعَنْكَبُوتِيَّةِ إِذْ كُلّ مَا سَبَقَ فِي حَدِيثِي مِنْ مُجَامَلَةِ حُسْنِهِ وَمِنْ
مُجَامَلَةِ نِفَاقٍ وَغِشٍّ قَدْ يَسْتَخْدِمُ فِي اَلْحَالَتَيْنِ . .
وَخُلَاصَةُ اَلْحَدِيثِ أَنَّ أَيَّ مُجَامَلَةٍ لَا تَكُونُ مُتَوَازِنَةً
هِيَ غِشٌّ وَخِدَاعٌ وَنِفَاقٌ تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ . .
لَكَ كُلِّ تَحِيَّةِ وَمَوَدَّةِ يَا مُهَاجِرٌ ~
.
.
.