الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،،،
ففي هذه الحلقة نذكر: أهمية النية في القرآن الكريم:
إذا كانت النية بهذه الأهمية التي ذكرنا بعضًا منها فيما مضى
فمبعثها اهتمام القرآن الكريم والسنة المطهرة بأمر النية.
لقد عني القرآن الكريم بالنية كثيرًا، ووردت بعبارات مختلفة مثل: إرادة وجه الله
أو إرادة الدار الآخرة، أو ابتغاء وجه الله، أو ابتغاء مرضاته، أو الإنابة
أو الإخلاص، أو في سبيل الله... إلخ.
يقول الله تعالى: ( وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ) [آل عمران: 145].
ويقول تعالى: ( مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) [الشورى : 20].
ويقول تعالى: ( مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا
مَذْمُوماً مَّدْحُوراً* وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً) [الإسراء: 18-19].
فهذه الآيات الكريمة تقسم الناس قسمين:
مريد للدنيا، بمعنى أنه ليس له هدف سواها، ومصيره ما ذكرت الآية الكريمة: جهنم.
ومريد للآخرة، الذي جعلها هدفه، وسعى لها سعيها، فسعيه مشكور، وعمله
مأجور، ومصيره الفوز بالجنة، والسعادة برضوان الله عز وجل.
ولذلك جاء الحث في القرآن الكريم على إرادة الآخرة: وهو الإخلاص.
يقول الله تعالى حثًا على التخلق بهذا الوصف والتحلي بهذا السلوك في كل عمل وفعل:
( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ) [الزمر: 2].
ويقول سبحانه: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء ) [البينة: 5].
وكم أشاد القرآن الكريم بالمخلصين الذين لم يريدوا بأعمالهم إلا وجه
الله تعالى يبتغون مرضاته، ولا يركضون وراء الناس وثنائهم.
من هؤلاء: الأبرار الذين يطعمون الطعام لوجه الله، لا يريدون من أحد جزاء ولا شكورًا
وهم الذين قال الله فيهم: ( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً* عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ
يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً* يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ
مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً* إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً
قَمْطَرِيراً* فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً* وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [الإنسان: 5-12].
وعليه فيجب على المسلم أن يبتغي بعمله وجه الله سبحانه وتعالى
وبذلك يرجو قبوله عند الله، والمثوبة عليه في الآخرة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.