عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 19-05-2019, 09:13 PM
فريال سليمي متواجد حالياً
 
 عضويتي » 3
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » يوم أمس (11:12 PM)
آبدآعاتي » 1,258,938[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الرسم
موطني » دولتي الحبيبه Algeria
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي فضائل ومعاني لا حول ولا قوة إلا بالله (2)



فضائل ومعاني لا حول ولا قوة إلا بالله (2)



الخطبة الأولى

الله عز وجل يوجهنا ويعلمنا من خلال آيات القرآن أن نفوض أمورنا إليه جل جلاله، وألا نستعين إلا به، قال سبحانه إخباراً عن العبد الصالح: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غافر: 44]، كما أمرنا سبحانه أن نجعل توكُّلنا واعتمادنا عليه فقال سبحانه: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].



وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على زرع هذا المعنى في النفوس، فأوصى صلى الله عليه وسلم عامة المؤمنين بأن يكثروا من ترديد قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهي ما يُعرف بالحوقلة، فقال صلى الله عليه وسلم: (أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ).



هذه الكلمة العظيمة معاشر أمة النبي الحبيب: وقد سبق ذكرُ بعضٍ من فضائلها وبيانُ شيءٍ من ميزاتها ومحاسنِها في جمعة سابقة..

فهي غِراسُ الجنة.. وهي من كنزٍ تحتَ العرشِ.. وهي باب مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ.. كما أنها سبيل لحفظ النعم.. وأنها تقي قائلها وتحفظه.. وأنها سبب في تكفير الخطايا.



هذه الكلمة العظيمة لها دلالات عميقة ومعان جليلة تشهد وتدل على عِظم وجليل شأنها ورِفعة قدرها وكثرةِ ثوابِها وأجرها.

فهي كلمة قليلةُ المبنى عظيمة المعنى، فيها من التوحيد والإجلال والتوقير للرب المتعال، وفيها من التوكل والاستعانة بالله والتفويض إليه والاعتمادِ عليه ما يُريح البال ويُغَير الأحوال.



ومن الأمور اللازمةِ والضروريةِ في هذا الباب، زيادة على معرفة الفضائل، أن يَفهم المسلم مدلولَ هذه الكلمة ومعناها، ليكون ترديده لهذه الكلمة والإكثارُ منها بعلم وفهم وإدراك، أما أن يُردد الإنسان كلاما لا يفهم معناه، ولا يُدرك مقاصده، فهذا عديمُ التأثيرِ ضعيفِ الفائدة.



ولهذا لا بد للمسلم في هذا الذكر، ولزاماً عليه في كل ما يَذكر الله سبحانه وتعالى به، أن يكون عالماً بمعنى ما يقول، مُدركا لمدلوله ومقاصده، إذ بذلك يُؤتِي الذكرُ ثمارَه، وتتحققُ فائدتُه، ويَنتفعُ به الذاكر.



فمن معاني لا حول ولا قوة إلاّ بالله أنه: لا تحول للعبد من حال إلى حال ولا قوةَ له على القيام بأيِّ أمر من الأمور، إلاّ بالله، أي: إلاّ بعون الله وتوفيقه وتسديده.

• من معانيها أنه لا تحول للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوةَ له على طاعة الله إلا بتوفيق الله.



• من معانيها أنه لا تحولَ من الوَهن إلى القوة، ولا من النقصان إلى الزيادة ولا من القلة إلى الكثرة إلاّ بالله، ولا تحولَ من الحزن إلى الفرح إلا بالله وبإذن الله، ولا تحولَ من الذُّل إلى العِزة إلا بالله، ولا تحولَ من الهزيمة إلى النصر إلا بالله، ولا تحولَ من المرض إلى الشفاء إلا بالله، ولا تحولَ من الفقر إلى الغنى إلا بالله، ولا تحولَ من الفشل إلى النجاح إلا بالله، ولا يُعين على هذا التحولِ إلا الله، ولا قوةَ للعباد على القيام بشأن من شؤونهم، أو تحقيق أمرٍ إلاّ بالله العلي العظيم، فما شاء الله كان كما شاء في الوقت الذي يشاء، وعلى الوجه الذي يشاء من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ ولا تقدّمٍ ولا تأخر، وما لم يشأ لم يكن.



كل أمور الكون يَصرفها كيف يشاء ويقضي فيها بما يريد بقضائه وقدرته ولا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه، له الخلق والأمر، وله الملك والحمد وله النعمة والفضل وله الثناء الحسن، شمِلت قدرته كلَّ شيء: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].



• ومن مقاصد هذه الكلمة: أن كل ما يجري في هذا الكون فهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى ولا يخرج عن إرادته وعلمه وقدرته، قال ربنا: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].

وقال سبحانه: ﴿ للَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12].



• ومن مقاصدها أنها كلمة إسلام واستسلام وتوكل خالص، وتفويضٍ وتبرّؤٍ من الحول والقوّة إلاّ بالله، واعترافٍ بالإذعان له، وأنَّ العبد لا يملك من أمره شيئاً، وليس له حيلةٌ في دفع شر أو ضُر، وليس له قوةٌ في جلب خير أو نفع إلاّ بإرادة الله تعالى ومشيئته، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا قال العبد لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، قال الله: أسلم عبدي واستسلم). استسلم لعظمة الله، وفوَّض أمورَه كلَّها إليه، وتبرء من الحولِ والقوةِ إلاّ بالله.





الخطبة الثانية

معاشر العباد: الله جل جلاله تعبّد عباده بذكره بهذه الكلمة العظيمة - لا حول ولا قوة إلا بالله - والتي تعني الاستعانةُ بالله وحده، والإخلاصُ في ذلك.



ولكن المؤسف، إذا تأملنا حالنا وحياتنا نجد أنفسنا أن قلوبنا قد تعلقت بالأسباب، وانصرفت عن مسبب الأسباب، ومالك الأرض والسماء، ومدبر شؤون العباد كلِّها بأمره وحكمته.



المؤسف أننا نسينا، بل أننا تناسينا وتغافلنا عن قول ربنا في سورة الفاتحة: ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]. وإياك نستعين نرددها ما يفوق العشرين مرة في اليوم والليلة في صلواتنا ولا نجد لها تأثيرا لا على جوارحنا ولا في حركاتنا ولا سلوكياتنا.



الناظر لحالنا أيه الأحباب يجد العجب العجاب، فمنا من يتعلق قلبه بالمال، ومنا من يتعلق قلبه ببعض الأشخاص لكي يقضوا حوائجه، ومنا من يتعلق قلبه بقوَّتِه وحولِه في قضاء أموره وبسط سلطانه على الناس.. والطالب يتعلق قلبه بمذاكرة الدروس والاجتهاد فيها ويظن أن ذلك فقط هو سبيل نجاحه وتفوقه، والتاجر يتعلق قلبه بحنكته وخبرته في التجارة والفلاح يتعلق قلبه ببذل مجهوده على الأرض.. ومنا من يتعلق قلبه بمكانته وسلطته ويظن أنها سبيله إلى العلو والمفاخرة بين أبناء جنسه وهكذا دواليك.. وقد نسينا أو تناسينا أن الأمر بيد الله أولا وآخرا، وأن شؤونَ الخلق مُدبرةٌ تحت مشيئته وقوَّته وحكمته، وأنه لا حولَ ولا قوة إلا بالله.



النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم يا أمة النبي الحبيب للتذكير يُرَغبنا في الاكثار من كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله التي هي استعانة بالله تعالى، وهي من أجلِّ العبادات وأفضلها والتي أمر الله بها عباده للحصول على عطائه وكرمه.



فالمُوَفق من وَفقه الله لهذا العطاء والكرم، قال ربنا: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]، فإنه هو المعين وإليه نفوض أمورنا وهو ثقتنا، وعليه يجب أن يكون اعتمادنا في أمورِنا كلِّها.








 توقيع : فريال سليمي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
مواضيع : فريال سليمي


رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ فريال سليمي على المشاركة المفيدة: