عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 13-06-2017, 08:45 PM
وتين متواجد حالياً
 
 عضويتي » 47
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » يوم أمس (09:57 PM)
آبدآعاتي » 1,517,706[ + ]
 مواضيعي » 15633
 نقآطي » 158620763
هواياتي »
تم شكري »  11,546
شكرت » 84
رصيدي » 58202
 نقاط التحدي » 32435
تلقيت »  25389
ارسلت » 11836
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي فلسفة الفهم السائد



فلسفة الفهم السائد .

بقلم : عبدالله البنين

11.ماي.400 ق.م
احتلت فكرة الفهم السائد مرتبة متقدمة في اذهان وحياة كثير من الناس في أغلب المجتمعات على مدى التاريخ وما عرفته البشرية، اذ كان في أغلب حالاته نواة اشاعة ونهج وخبر، فتحول لاحقا ليشكل نمط وهاجسا في حياة مجتمع ما، وربما الى ابعد من ذلك ليكون مظهرا لعادة وسلوك في حياة ذلك المجتمع. خاصة اذا ما عرفنا أن الفهم السائد هو حالة من الضبابية والجمود، قد يتحول فيما بعد بفعل حركة المراجعة والمنطق الى شيء واضح معلوم، وفي مرحلته الانتقالية يُعرَّف بالفهم المعقول. فحين يعتقد الناس ويسلمون لشيء ما ويكونون على درجة واحدة من الاعتقاد والتسليم، بما لا يوجب المراجعة والنقد واستعمال عملية التفكير، يكون هذا هو الفهم السائد المختزل والمختزن في قاع الذهن وظاهر السلوك، مثلما يعتقدون بدون مراجعة، ويجدون أنفسهم أنهم ليسوا بحاجة الى علم حقيقي أو دليل واضح وبرهان، أن الأرض ممتدة الى مالا نهاية، وأن القمر بلورة مضيئة، وأنه لا توجد كواكب أخرى أو مجرات، وتنطبق على حالات الفهم السائد أشياء كثيرة يعتقدها البشر في حياتهم، بغض النظر عن فيما إذا كانت تمثل كل أو بعض الحقيقة أو الخطأ، حتى وإن ذهبت الى حد الاشاعة والخبر، ويكون الفهم السائد على درجة متفاوتة من مجتمع الى آخر، بحسب الوعي ونسبة ودرجة الثقافة وفهم وتوقع الاشياء، المهم في ذلك ان تبقى الفكرة صفة للفهم والاعتقاد السائد. وبطبيعة الحال، تغدو فكرة الفهم السائد بلا شك في أغلب الحالات وبدرجة عالية فرضية أو نظرية خطأ، لأنها لا تمثل نهجا صحيحا ولا تؤكد حقيقة ولا تخضع لعميلة التفكير، وأنها تمر على القلب لا العقل منقولة مسلوقة يقبل بها كما هي. وقد عرف الاغريق فكرة الفهم السائد قبل الميلاد ب 400 سنة تقريبا على يد سقراط، لكنهم رغم ذلك لم يغيروا من طريقة تفكيرهم ولم تستجيب لذلك عاداتهم وسلوكهم في حياتهم، ولم يعملوا بالفلسفة والمنطق على نحو صحيح، الا القليل ممن تأثر بحكمة سقراط، بل على العكس اعتنقوا فكرة حرية العبادة والهوى. فشعب الإغريق رغم محبتهم للحكمة أو الفلسفة آمنوا بحرية الاختيار في أن حرية الهوى، هي الحياة والسعادة الابدية، فكانت حرية الهوى لدى شعب اغريق تمنحهم اختيار الآلهة من الطبيعة للعبادة والتصوف بطريقة خرافية تناسب مشتهى أذواقهم، وهذا ما يعد من ضمن فلسفة الفهم السائد في ذلك العصر، الذي خلق الفوضى في أوصال المجتمع. مما حدا بسقراط الحكيم الذي كان يعتمد في حياته على نهج أسلوب فلسفة العقل والمنطق، أن يشغل مفاهيم كثير من الناس في أنحاء أثينا بإثارة كثير من التساؤلات التي يعرف إجاباتها مسبقا، اذ كان يهدف إلى اثارة عقول الجميع ويشرع أبوابها إلى فهم الواقع بالحقيقة والمنطق وتلاقح المعارف والافكار، لذلك لم يكن سقراط وثنيا أبدا، وكان يؤمن بوجود إله عظيم، ليس من ضمن تلك الالهة التي يعبدها الناس وقتذاك. وبلا شك أن سقراط أسس صرحا من المعرفة، رغم أنه لم يدوّن ولا كتابا في حياته عن الفلسفة ليقرأه الناس، وتم له من وضع لبنة عملية تحرير العقل ببصيرة كرونولوجية بناء وترقية الوعي بالتفكير والتأمل فضلا عن عشوائية وضبابية الفهم السائد، بأداة إثارة التساؤلات أمام العقل البشري لتفكر، لكن الأمر المؤسف أن سقراط وضع حدا لفلسفته ونهاية لحياته بطريقة دراماتيكية المأساة والملهاة، وكانت محبطة لنفوس كثير من الفلاسفة، لأنه أعتمد نهجا القى من بعد بتبعات ثقال على مسار حياته. ونظرا لانشغال سقراط في حياته بتعليم الناس بفلسفة عملية الوعي والتفكير بالمنطق، عاش سقراط نحو 70عاما، ولم يؤكد ولو مرة في فلسفة الحياة، أن المال يجلب السعادة للإنسان، كما تحدث عن ذلك فلاسفة أمثال ابيقور وافلاطون وارسطو بل ظل يؤكد سقراط على الدوم أن حرية العقل من ضغوط الفهم السائد هي قمة السعادة. وبموت سقراط بقيت مسألة الفهم السائد أزمانا أكثر ضبابية القت بظلالها وبتبعات أكثر ثقلا وايلاما من ذي قبل وطغت على ثقافة الناس، ولم تقبل اذهانهم بتحرر يعتمد على تصور العقل للأشياء بطرق أكثر وأدق فهما ومنطقية. ومن هذا المنطلق يظل الفهم السائد منذ نشأته الأولى ثقافة متواترة بشكل مستمر في حياة الانسان بحسب نظرته وتصوره للحياة وبعلاقته مع في ما حوله من الطبيعة والبشر، وهي نشأة لم تتغير كثيرا عن فلسفة حياة مجتمعات كثيرة عاشت من بعد في عهد النبوات، لكن الفارق في نظرية الفهم السائد في زمن النبوات عن زمن العصور التي سبقتها، هو أن المفاهيم في زمن النبوات تظل قابلة للفهم وللمقاربة نوعا ما، نتيجة لوجود عامل ايمان عقدي، وإن اختلفت وجهات النظر.

..





رد مع اقتباس