عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 22-05-2020, 04:38 AM
حكآية روح غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 106
 اشراقتي » Apr 2017
 كنت هنا » 08-09-2021 (03:34 AM)
آبدآعاتي » 719,463[ + ]
 مواضيعي » 22204
 نقآطي » 13463298
هواياتي »
تم شكري »  8,505
شكرت » 3,724
رصيدي » 14387
 نقاط التحدي » 0
تلقيت »  11124
ارسلت » 5505
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
تفسير آيات وصف الجنة في سورة الرحمن".



تفسير آيات وصف الجنة في سورة الرحمن


في هذا المبحث وصف الجنة في سورة الرحمن وصفًا تفصيليًّا طبقًا للآيات الكريمة التي ذكرت في القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 46، 47].


قال مجاهد: هو الرجل يهمُّ بالمعصية فيذكر الله عندها، فيدعها، فله أجران.

وذُكِر عن الفراء أنه قال: جنتان أراد به جنةً واحدةً، وإنما ذكر ﴿ جَنَّتَانِ ﴾ للقوافي، والقوافي تحتمل الزيادة والنقصان ما لا يحتمل الكلام[1].

وقيل: إنه الوقوف بين يدَيْه في ساحة فصلِ القضاء يوم القيامة، فأطاعه بأداء الفرائض واجتناب المحرمات[2].

وجنتان[3]؛ أي: بستانان.

﴿ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾، أبإثابةِ أحدكم الذي إذا همَّ بالمعصية ذكر قيامَه بين يدَي ربِّه فتركها فأثابه الله بجنتين؟[4].

وهذه الآية تدل على أمرين:
الأمر الأول: لَمَّا ذكر أحوال النار ذكر ما أعدَّ للأبرار، والمعنى: خاف مقامَه بين يدَي ربِّه للحساب، فترك المعصية، وقيل: خاف قيامَ ربه؛ أي: إشرافه واطِّلاعه عليه.

الأمر الثاني: هذه الآية دليلٌ على أن مَن قال لزوجِه: إن لم أكن من أهل الجنةِ فأنت طالق، لا يحنث، إن كان همَّ بالمعصية وتركها خوفًا من الله وحياءً منه[5].

وذكر المقام اسم مكان، ومقامه تعالى موقفه الذي يقف فيه العباد والحساب، كما قال: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 6]، فالإضافة للاختصاص الملكي؛ إذ لا ملك يومئذٍ إلا لله تعالى[6].

وقيل: إن الجنتين نوعان: جنة للخائف الإنسي، وجنة للخائف الجني، فإن الخطاب للفريقين، والمعنى: لكل خائفين منكما، أو لكل واحد جنة لعقيدته وأخرى لعمله، أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعصية، أو جنة يثاب بها وأخرى يتفاضل عليه، أو روحانية وجسمانية[7].

وقيل: إحدى الجنتين منزله والأخرى منزل أزواجه كما يفعله رؤساء الدنيا[8]؛ حيث يكون له قصر ولأزواجه قصر.

قال القرطبي: إنما كانتا اثنتينِ ليُضاعفُ له السرورُ بالتنقُّل من جهة إلى جهة[9].

إذًا فإن هذه الجنة للسابقين المقرَّبين، وهم يكونون في مرتبة عالية، ونفهم من هذه الآية أن آخر العذاب جهنم، وأول مراتب الثواب الجنة، ثم بعدها مراتب وزيادات ثانية[10].

ويتَّضِح مما سبق أن الله سبحانه وتعالى لَمَّا أراد أن يُكرِّم مَن يخافُ مقامَه من خلال تنفيذ الأوامر أو ترك ما نهى الله عنه، فإنه يُجازِيه بجنتين، وهذا ما ورد في قول الله عز وجل: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46].

وفي وصفٍ آخر في سورة الرحمن يقول سبحانه وتعالى: ﴿ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 48، 49]؛ أي ذواتا أغصان، وأغصان جمع غصن، وخص الأفنان؛ لأنها هي التي تُورِق وتُثمِر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتنى الثمار، أو أفنان جمع فن؛ أي: له فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين[11].

وقيل: إنها ذات ألوان متعددة وفنون من الملاذِّ، وقيل إن كل غصن فيها يحتوي على فن من فنون الفاكهة[12].

وتوصف بأنها أغصان نضرة حسنة، تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة.

قال عطاء الخراساني وجماعة: إن الأفنان أغصان الشجر، يمس بعضها بعضًا.

وقيل: فنون من الملاذِّ، كل غصن يجمع فنونًا من الفاكهة، وأن ﴿ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ﴾ واسعة الفناء.

وقال قتادة: ﴿ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ﴾؛ يعني: بسَعَتِها وفضلها ومزيتها على ما سواها[13].

وصفٌ للجنتين بأنهما جمع فَنَن لون أفنان[14]، وأنها أنواع من الأشجار والثمار، أو أغصان لينة، وهو ما دقَّ ولانَ من الغصن[15].

وهنا يصف الله سبحانه وتعالى الأغصان والأشجار والثمار وطبيعتها، في هذه الآية الكريمة، ليعلم الناس أن الجنة وأشجارها وأغصانها وثمارها مختلفةٌ عن الأشجار والأغصان والثمار الموجودة في الحياة الدنيا، وأيضًا في الجنة هناك اختلاف في الأنواع والأشجار والثمار فيما بين بعضها البعض.

وعندما يصف الله سبحانه وتعالى الجنة من خلال العيون الجارية نرى أن سبحانه وتعالى يقول: ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 50، 51]؛ أي: إن في الجنتين عينينِ تجريانِ بالماء العذب الزلال الصافي، خلال تلك القصور والأشجار.

عندما يذكر ﴿ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾، فتكرَّر هذا اللفظ بتكرار النعيم، وذلك للتقرير، أو التوبيخ والحث على الشكر بالعبادة والتوحيد فيها[16].

كما أن في جنة المقربين عينينِ تجريان، أما في جنة أصحاب اليمين فتكون العين غير جارية، فمن المعلوم أن الماء الجاري هو الذي يسقي الأشجار، وأن الجري يكون أقوى من النضح، وأنه أفضل من الذي لا يجري.

قال الحسن البصري: إن هاتين العينين إحداهما يقال لها تسنيم، والأخرى السلسبيل.

قال عطية: إحداهما من ماءٍ غيرِ آسن، والأخرى من خمرٍ لذَّة للشاربين[17].

وأما العينان اللتان تجريان، فإن حصباهما الياقوت الأحمر والزَّبَرجد الأخضر، وترابها الكافور، وحصاتها المسك الأَذْفَر، وحَافَتُاهما الزعفران[18].

وهاتان العينان فيَّاضتان فوَّارتان بالماء العذب، فهناك جنتان تجريان بالأنهر، وجنتان فوارتان[19].

هذا ما وصف الله به الجنتينِ اللتين ذُكِرتا، لكنه فصل بين الأغصان والعيون والفواكه، بذكر العينين الجاريتين على عادة المتنعِّمين، فيذكر الله تعالى ما يتم به النزهة، وهو خضرة الأشجار وجريان الأنهار، فسبحان مَن يأتي بالآيات بأحسن المعاني في أبين المباني.

ثم ينتقل قال سبحانه وتعالى في وصف الجنة في سورة الرحمن بعد ذلك: ﴿ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 52، 53].

ذكر الله سبحانه في سورة الرحمن سرد أوصاف النعيم المادية للمتقين الخائفين من الله، ومَن ترك المعاصي خوفًا منه، ففي الآيات التي ذكرت - والتي سوف نذكرها - يُبيِّن ثوابَ الخائفين (جنتان)، وأنهما تختلفان في المرتبة والفضيلة، لكنهما وصفتا بأنهما خضراوان في الآية السابقة، وأنهما فوارتان بالماء، وأما في هذه الآية، فقد بيَّن الله سبحانه اشتمالَها على أنواع الفواكه اللذيذة والخيرات الحسان، وهذا يدل على أنه يكون في كل فاكهة في هذه الجنة زوجان أو صنفان: حلو وحامض، رطب ويابس، أحمر وأصفر[20].

وهذان الصنفان: صنف معروف مألوف، وآخر غير معروف، لكنه في منتهى اللذة والحلاوة[21]؛ إكرامًا وجزاءً وإحسانًا من الله سبحانه وتعالى لعباده الذين زهِدوا في الحياة الدنيا وتركوا ملذَّاتها المحرَّمة ابتغاءَ مرضات الله سبحانه، فجازاهم بهذه الجنة وهذا النعيم.

ومن هذا النعيم الذي أنعم الله سبحانه على عباده أن جعل أنواع الفاكهة صنفين ليتفكَّه المتَّقون، ويتلذَّذوا بتلك الفواكه الكثيرة، والتي وصفها سبحانه بأنها غير مقطوعة ولا ممنوعة[22]، وهي تختلفُ عن ثمار الدنيا، فإن الطازج فيها ألذُّ طعامًا وأشهى مأكلاً.

وقيل: أنواع الثمار مما يعملون وخير مما يعملون، ومما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء؛ يعني أن يبين ذلك بيانًا عظيمًا وفرقًا بينًا في التفاضل[23].

[1] أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي، بحر العلوم، (ت: 373ه)، (ج3/ص386).

[2] أبو بكر الجزائري، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، (دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع)، (ص233).

[3] جنتان تحفَّانه بقصره، أو واحدة عن يمين القصر وأخرى عن شماله، ولا يُعرَف مدى سَعتِهما إلا الله تعالى؛ وذلك لِمَا ثبت أن أحدهم يُعطَى مثلُ الدنيا عشر مرات، واللام في ﴿ وَلِمَنْ خَافَ ﴾ لامُ الملك.

[4]أيسر التفاسير للجزائري، (مصدر سابق)، (ص233).

[5] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، (مصدر سابق)، (ج17/ص176).

[6] الشيخ إسماعيل حقي بن مصطفى الحنفي الحلوقي البروسي، روح البيان في تفسير القرآن، (ت: 2127هـ)، (دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان)، (ص302).

[7] ناصر الدين أبو سعيد عبدالله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، (دار إحياء التراث العربي - بيروت)، ط1 - 1481هـ، (ج5/ص174).

[8] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي،(مصدر سابق)، (ج17/ص 177).

[9] الجامع لأحكام القرآن /للقرطبي، (مصدر سابق)، (ج17/ص177)

[10] أبو عبدالله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التميمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب التفسير الكبير، (دار إحياء التراث العربي)، ط3، 1420هـ، (ج29/ص369).

[11] عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل، (دار المعرفة - بيروت - لبنان)، (ص1196).

[12] تفسير القرآن العظيم لابن كثير الدمشقي، (مصدر سابق)، (ج4/ص432).

[13] المصدر نفسه، (ج4/ص432).

[14] يطلق الفنن على اللون وعلى الغصن، فأفنان الفاكهة: ألوانها المختلفة، وأفنان الشجر أغصانه، قال النابغة:
بكاء حمامة تدعو هديلاً
مُفجَّعةٍ على فَنَنٍ تُغنِّي



[15] محمد جمال الدين القاسمي، تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل، (ت: 1322هـ) (مؤسسة التاريخ العربي - بيروت - لبنان)، (ج15/ص406).

[16] أيسر التفاسير للجزائري، (مصدر سابق)، (ص233).

[17] تفسير القرآن العظيم لابن كثير، (ج4/ ص432).

[18] أبو محمد مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني، ثم الأندلسي القرطبي المالكي، الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره وأحكامه، وجمل من فنونه وعلومه، (مجموعة بحوث الكتاب والسنة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة)، ط1، 1429هـ - 2008م، (ج11/ص 7234).

[19] التفسير الوسيط، الزحيلي، (ص2565).

[20] محمد محمد عبداللطيف بن الخطيب، أوضح التفاسير، (ت: 1402هـ)، (مطبعة مصرية ومكتبتها)، ط6، رمضان 1383هـ - فبراير 1964، (ج1، ص658).

[21] الحجازي - محمد محمود، التفسير الواضح، (دار الجيل الجديد - بيروت)، ط10، 1413هـ، (ج3/ص588).

[22] محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط، (موقع التفاسير)، (ج1/ص4052).

[23] تفسير القرآن العظيم /لأبن كثير، مصدر سابق، (ج4/ص432).






عائشة عامر شوكت







 توقيع : حكآية روح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس