عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-04-2024, 05:31 PM
حسن الوائلي متواجد حالياً
 
 عضويتي » 68
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (02:17 AM)
آبدآعاتي » 1,606,723[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » القراءة وكتابة الخواطر
موطني » دولتي الحبيبه Iraq
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
29 الحب والنفس ((اسطورة))



أسطورة الحب والنفس
(آمـور وبسيـشة)

عاش في قديم الزمان ملكٌ وملكة ، كانت لهما ثلاث بناتٍ جميلات ، وخصوصاً أصغرهنّ ، وهي بسيشة ، إذ بلغت حداً من الجمال الفتان ، جعل الكل يسعون إليها للتمتع برؤيتها وعبادتها وكأنها إلهة ، مما أدى إلى إهمال عبادة إلهة الجمال فينوس ونسيانها تماماً . فأخذت الإلهة تفكر في الانتقام لكرامتها مما لحقها من إهمالٍ بسبب منافستها في الجمال . فطلبت من ابنها آمور أن يُوقع منافستها هذه في حُب رجلٍ غير أهل لها وأن يُسلط عليها العذاب والشقاء .
كانت أختاها في أثناء ذلك قد تزوجتا ، أما هي فلم يتقدم إلى خطبتها وطلب يدها أحدٌ من الشبان رغم ما كانت تثيره في نفوس الجميع من إعجاب ودهشة .
فخشيَ أبوها على مستقبلها وقرر أن يستخير الإله في معبد ميليت ، وإذا به يتلقى الأمر بحملها إلى صخرةٍ وتركها فيها ليتقدم إلى طلب يدها خاطبٌ مارد يتسم بالقسوةِ والجبروت .
نفذ الملك ما أُمر به بقلبٍ حزين ، فجاءت ريح غريبة ( زيفيروس ) وحملت بسيشة إلى أحد الوديان ووضعتها فوق العشب الأخضر .
وهناك لمحت قصراً رائعاً ، فذهبت إليه ، وراحت تتأمل روعته وجماله ، وفجأةً سمعت هاتفاً يدعوها إلى التمتع بكلِ ما تراه حولها من نِعمٍ سابغة . وظهرت أمامها مائدةصُفَّ فوقها أشهى الأطعمة وألذها ، وتصاعدت من مكانٍ ما أنغامٌ موسيقية رائعة ، ولكنها لم ترَ في القصر أي كائن بشري .
وعندما هبط الليل بحثت بسيشة عن مكانٍ تنام فيه ، وعندها تقدم منها عريسٌ مجهول ، واشترط عليها ألا تحاول رؤيته ، فإن فعلت ذلك اختفى عنها نهائياً .
ثم مكث عندها متخفياً عنها ، ولم يفارقها إلا عند مطلع النهار ، وتكرر معها هذا لفترة من الزمن .
وكان أبواها في أثناء ذلك قد اعترتهما كآبةٌ حزينة ، فأسرعت إليهما البنتان الباقيتان لمواساتهما . فطلبت بسيشة من زوجها المجهول أن يسمح لها بدعوة أختيها لزيارتها حتى تعرف منهما أخبار والديها ، فاستجاب لطلبها ،
ولكنه حذرها من أن تتأثر بأختيها فتحاول رؤيته لمعرفة شكله . وحين أحضرت الريح الغريبة أختيها ، اندهشتا لما شاهدتاه في القصر من النعيم ، والذي تعيش فيه أختهما ، وأعجبتا به أيما إعجاب ، وثارت في نفسيهما مشاعر الحسد والغيرة ، وعندما تساءلتا عن زوجها ، عرفت بسيشة كيف تراوغهما في الإجابة ، ثم قدمت لهما هدايا كثيرة وصرفتهما عنها وأمرت الريح الغريبة بالعودة بهما إلى بلدتهما ، وعاودت بسيشة طلب حضورهما مرة ثانية وثالثة رغم تحذيرات زوجها لها في كل مرة ، فاستطاعتا في النهاية أن تقنعاها بأن زائرها الليلي المجهول ماهو إلا تنين لن يلبث أن يجعل منها ضحية من ضحاياه .
عندئذ وافقت على قتل زوجها ، فتناولت خنجراً ، ولكنها ما كادت تقترب من فراشه والمصباح في يدها لتنفيذ ما عزمت عليه ، حتى رأت إله الحب بكل جماله الخلاب مضطجعاً أمامها وإلى جانبه فوق الأرض كُنانته ونباله ، فأخذت تنظر إليه مشدوهة ، ونيران الحب والوله تزداد في أعماقها ضراماً ، وإذا بقطرة زيت حارة تسقط من المصباح فوق كتفه اليمنى وتحرقه ، فاستيقظ آمور غاضباً ، وطار بعيداً واختفى في الفضاء .
وحينئذ بدأ زمن العذاب بالنسبة لبسيشة ، فانتقمت لنفسها من أختيها الشريرتين .
وبينما كانت هي تطوف هنا وهناك ، كان إله الحب طريح فراش المرض يعاني من الحرق ، الذي كانت هي سبباً فيه .
لكن نورسةً باحت لفينوس ، التي كانت تسبح في البحر ، بقصة حب ابنها لبسيشة ، فغضبت الإلهة وأسرعت إليه في الحين وأخذت تعاتبه بشدة وتصفه بالتفاهة والوضاعة وتتوعده حتى بحرمانه من الميراث ، لأنه تزوج من عدوتها دون علمها ، ولكن الإلهتين سيريس ويونو وقفتا إلى جانب إله الحب ودافعتا عنه.
ومع ذلك فعندما اقتربت منهما بسيشة أثناء تطوافها وطلبت مساعدتهما ، خيبتا ظنها إذ رفضا مساعدتها في الوصول إلى حبيبها خوفاً من غضب فينوس ، فقررت في حيرتها أن تتوجه بنفسها إلى فينوس لتكون تابعة لها خاضعة .
غير أن الإلهة كانت قد ركبت عربتها التي تجرها الحمائم وتوجهت إلى قصر جوبتر ، لتطلب منه مساعدتها في البحث عن الفتاة الشريرة ، فاستجاب لرغبتها وأسند هذه المهمة إلى عطارد .
فاتجه عطارد إلى المدينة ، وطلب من الجميع البحث عن المكان الذي تقيم فيه بسيشة ، ووعد من يعثر عليها بجائزة تتمثل في سبع قبلاتٍ يأخذها من فينوس نفسها . فتسارع الناس إلى البحث عنها في كل مكان طمعاً في نيل المكافأة ، فكانت من نصيب إحدى خادمات فينوس .
استقبلت فينوس بسيشةَ استقبال الحماة الشريرة لزوجة ابنها ، فسخرت منها سخرية كبيرة ، وسلطت عليها عذاباً جسدياً مريعاً ، ثم طلبت منها القيام بأعمال تبدو مستحيلة لأول وهلة ، فكلفتها أولاً بفرز كومة من الحبوب ، تتكون من :
الشعير والذرة والخشخاش والبازلاء والعدس والفاصولياء ، فوقفت بسيشة حيالها مشدوهةً مشلولة ، لا تدري من أين تبدأ ، لكن نملةً أشفقت عليها ، فدعت أخواتها ليساعدنها بنشاطهن الدؤوب في فرز تلك الكومة .
وعندما عادت فينوس ورأت أنها قد انتهت من عملها ، اتهمتها بأنها ما كانت لتنتهي من فرز تلك الكومة في هذا الوقت القصير لو لم يشاركها غيرها في فرزها .
لذلك كلفتها في اليوم التالي بإحضار جزة من الصوف الذهبي لنعاجٍ متوحشة تعيش في غابةٍ على ضفتي النهر ، وحملها إليها .
فذهبت إليها لا لتحضر الجزة ، وإنما لتلقي بنفسها من أعلى الصخرة فوق الضفة وتضع بذلك حداً لآلامها . وإذا بقصبة خضراء تطلعها عن طريق العزف والغناء على الطريق التي تمكنها من الحصول على الصوف الذهبي .
ومع ذلك لم ترضَ عنها حماتها وسيدتها أيضاً . بل اتهمتها بالسحر ، وكلفتها بمهمة ثالثة تتمثل في إحضار جرة مملوءة بالماء من ينبوعٍ في جبلٍ شاهق يحرسه تنينان ، فأسرع نسر جوبيتر في هذه المرة إلى مساعدتها وملأ لها الجرة من ماء الينبوع .
وكلفتها في النهاية بأصعب عملٍ رأت فيه بسيشة حتفها رأيَ العين . إذ قدمت لها علبة وطلبت منها أن تذهب إلى بروسيبريينا في العالم السفلي وتطلب منها باسمها نصيباً من جمالها ، لأنها قد فقدت شيئاً من جمالها حين أسرفت في السهر على تمريض ابنها . صعدت بسيشة إلى أحد البروج وهمت بإلقاء نفسها منه للتخلص من حياتها ومما هي فيه ، ولكن البرج تحدث إليها وأراها الطريق إلى الجحيم وقدم لها نصائح بهذا الشأن ، ملحاً عليها ألا تفتح العلبة عند عودتها من العالم السفلي .
فتم لها على شيءٍ على ما يُرام ، إلا أن تطلعها إلى معرفة ما في العلبة تغلب عليها عند رجوعها إلى العالم العلوي ، ففتحتها رغبةً منها في أن تخص نفسها بعد معاناتها الطويلة بشيءٍ من الجمال ، لتفتن به زوجها ، وإذا بالنوم يخرج منها ويأخذها وينقلها إلى حالة شبيهة بحالة الموت .
وفي هذه المرة أسرع إليها آمور نفسه ، وكان قد شفي خلال ذلك وفرَّ من سجن أمه ، وأنقذها من النوم ، وأيقظها بلسعةٍ من سهمه ، ومكنها من إيصال العلبة إلى أمه ، وبناءً على توسلات إله الحب كلف جوبيتر عطاردَ بدعوة الآلهة إلى حضور اجتماعٍ به ، وعندما حضروا أعلن بصورة احتفالية زواج آمور من بسيشة ، ومنحها الخلود لتكون جديرة به .
وتمت حفلة الزواج فوراً ، وقد وضعت بسيشة فيما بعد طفلة أطلق عليها اسم
" فولوبتاس وتعني اللذة " .

اتمنى ان تنال اعجابكم




 توقيع : حسن الوائلي











رد مع اقتباس