عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 03-03-2023, 02:10 AM
وتين متواجد حالياً
 
 عضويتي » 47
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (12:22 AM)
آبدآعاتي » 1,577,754[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي الشيخوخة المتمردة....مقال ادبي لمصطفي لطفي المنفلوطي






الشيخوخة المتمردة


يجسّد لنا المنفلوطي في مقالته (الشّيخوخة المتمرّدة) مثالين حيّين عن رجل و امرأة، أحدهما طمع فيم ليس له فيه حق، فنال عقابًا قاسيًا، و آخر ضحّى بسعادته في سبيل إسعاد غيره، فكان حظّه في السّعادة كحظّ من ضحى من أجله.

القصّة الأولى لشيخٍ سبعيني أراد أن يخطب لولده الفتاة التي أحبّها، و اختارها زوجةً له. فلما وقع نظر الأب عليها استحسنها، و تمنّاها لنفسه، و سرعان ما خطبها من أبيها لا ليفرح ابنه، بل ليرى نفسه عريسًا من جديد، فماكان من أهل الفتاة إلى أن زوّجوها للأب بدل الإبن، لأنه ذو ثروة و حظوة. فما إن وصل خبر زواج حبيبته بوالده، هجر الفتى هجرًا لم يعد من بعده. و ما إن انقطعت أخبار ولده عنه، حتى ندم ذلك الشيّخ ندمًا شديدًا، و علم أنّ عهد الودّ و القرابة بينه و بين فلذة كبده قد ولّى دونما رجعة. ثمّ ما لبثت الفتاة أن عادت إلى بيت أهلها، ليجد ذلك الشّيخ نفسه وحيدًا على كبره و عجزه. فكان في ذلك أقسى عقوبة له، لأنّه مدّ يده إلى ما ليس له، فلاقى مقابل ذلك ما يستحقّه.

أما القصّة الثانيّة، فهي لامرأة فقدت زوجها في حادث و هي لا تزال شابة صغيرة لم تتجاوز الخامس و الثلاثين من عمرها. فلم تجد طريقًا لنسيان آلام وحشتها و ترمّلها في مقتبل عمرها، غير أن ترتاد بعض الأنديّة و الملاعب، علّها تخفّف عنها مصابها. و هنالك تعرّفت على شاب يصغرها بخمس عشرة سنة، فتقرّبت منه و تقرّب منها، و لازالا على حالتهما تلك حتى نزل في قلبها منزلة لا ينزلها إلّا الحبيب من قلب محبّه. فدعته إلى زيارتها في منزلها حتى إذا فعل التقى بابنتها فأُعجبَ كلّ منهما بالآخر. و لازالا على حالتهما تلك، كلّ منهما يُكبِر الآخر في عينه و قلبه، حتى وقع كلّ منهما في غرام الآخر قبل أن تكتشف الأم ذلك، فتنصدم و لا تدري ماذا تصنع! أتُضحّي بسّعادتها في سبيل إسعاد ابنتها؟ أم تؤثر نفسها عليها؟ و لا زالت تتصارع بين تلك الأفكار حتى ثاب إليها رشدها، و رأت الرأي كلّه أن تجمع بين ابنتها، و بين الرّجل الذي أحبتاه اثنتيهما، فكان لها ما أرادت، و ما هي إلى بضعة شهور، حتى تزوجا و رُزِقا بطفلة كالبدر في جمالها وًحلاوتها.



مقال ادبي لمصطفي لطفي المنفلوطي









رد مع اقتباس