عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 13-04-2024, 01:32 AM
انسكاب حرف
ابتسامة الزهر متواجد حالياً
 
 عضويتي » 27
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (09:27 PM)
آبدآعاتي » 4,103,655[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي شرح حديث: "إن الله كتَبَ الإحسان على كل شيءٍ"





شرح حديث: "إن الله كتَبَ الإحسان على كل شيءٍ"


• عن أبي يعلى شدَّاد بن أوسٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتَبَ الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتَلتُم فأَحسِنوا القِتلةَ، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذبحة، وليُحِدَّ أحدكم شفرته، وليُرِحْ ذبيحته))؛ رواه مسلم.




قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:

قال المؤلِّف النوويُّ رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب الحلم والرفق والأناة في سياق الأحاديث الواردة في ذلك، نقل عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتَبَ الإحسان على كل شيء، فإذا قتَلتُم فأحسِنوا القِتلةَ، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذبحة)).

كتبه على كل شيء: يعني في كل شيء، كتب الإحسان في كل شيء، يعني أن الله عز وجل شرَعَ الإحسان في كل شيء، حتى في القتل، وحتى في الذبح، وفي غير ذلك من الأمور، عليك أن تكون محسنًا لما تقوم به.

((فإذا قتَلتم فأحسِنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذبحة))؛ وذلك لأن إزهاق النفوس يكون بالقتل أحيانًا، وبالذبح أحيانًا.

فالذبح والنحر يكون فيما يحلُّ؛ أي: فيما يؤكل، ويكون النحر للإبل، والذبح فيما سواها، والنحر يكون في أسفل الرقبة مما يلي الصدر، والذبح يكون في أعلى الرقبة مما يلي الرأس، ولا بد في الذبح والنحر من قطع الودجين، وهما العِرقانِ الغليظان اللذان يجري منهما الدم ويتوزع على بقية البدن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أنهَرَ الدمَ وذكر اسم الله عليه، فكُلوا))، ولا ينهر الدمَ إلا قطعُ الودجين، فالشرط في حِلِّ المذكَّى أو المنحور أن يُقطع الودجان، أما الحلقوم الذي هو مجرى النفَس، والمريء الذي هو مجرى الطعام، فقطعُهما أكملُ في الذبح والنحر، ولكن ليس ذلك بشرط.

وأما القتل فيكون فيما لا يحلُّ أكلُه، فيما أُمِر بقتله، وفيما أُبيح قتلُه، ومما أُمِر بقتله الفأر، وكذلك العقرب، وكذلك الحية، وكذلك الكلب العقور، فتُقتَل هذه الأشياء، وكذلك كلُّ مؤذٍ فإنه يُقتَل.

وعند العلماء قاعدة تقول: ما آذى طبعًا قُتِل شرعًا، يعني ما كان طبيعته الأذى فإنه يُقتَل شرعًا، وما لم يؤذِ طبعًا ولكن صار منه أذية فلك قتلُه، لكن هذا الأخير مقيَّد، فلو آذاك النمل في البيت، وصار يحفر البيت ويُفسِده، فلك قتلُه وإن كان منهيًّا عنه في الأصل، لكن إذا آذاك فلك قتلُه، وكذلك غيره مما لا يؤذي طبعًا ولكن تعرض منه الأذية، فاقتله إذا لم يندفع إلا بالقتل؛ فمثلًا إذا أردت أن تقتُل فأرة - وقتلُها مستحبٌّ - فأَحسِنِ القِتلةَ، اقتُلْها بما يُزهِق روحها حالًا، ولا تؤذها، ومن أذيتها ما يفعله بعض الناس حيث يضع لها شيئًا لاصقًا تلتصق به، ثم يدعها تموت جوعًا وعطشًا، وهذا لا يجوز، فإذا وضعت هذا اللاصق، فلا بد أن تكرِّر مراجعته ومراقبته، حتى إذا وجدت شيئًا لاصقًا قتَلتَه.

أما أن تترُكَ هذا اللاصقَ يومين أو ثلاثة، وتقع فيه الفارة وتموت عطشًا أو جوعًا، فإنه يُخشى عليك أن تدخل النار بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((دخَلَتِ النارَ امرأةٌ في هِرَّةٍ حبسَتْها حتى ماتت، لا هي أطعَمتْها، ولا هي أرسَلتْها تأكل من خَشاشِ الأرض)).

المهم أن ما يُشرَع قتلُه فاقتُلْه بأقرب ما يكون من إهلاكه وإتلافه، ومن ذلك الوزغ الذي يُسمى السام الأبرص، ويسمى البرصي أيضًا، اقتله واحرص على أن تقتله بأن يموت في أول مرة، فهو أفضل وأعظم أجرًا وأيسَرُ له، وكذلك بقية الأشياء التي تُقتَل.

ومن ذلك من يقتل قصاصًا، لكن الذي يقتل قصاصًا فإنه يُفعَل به كما فُعِل في المقتول، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رُفِع إليه قضية امرأة أتاها يهودي، وكان معها حلي، فقتلها وأخذ الحلي، لكن كيف قتَلَها؟ وضع رأسها على حجر وقتَلَها بالحجر الثاني، فرضَّ رأسها بين حجرين، فأتي إليها وفيها رمق من حياة، فقيل لها: مَن قتَلَك؟ فلان، فلان، فلان، حتى ذكروا اليهودي، فأشارت برأسها أنْ نعم، فأخذوا اليهودي فاعترَف، فأمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُرَضَّ رأسه بين حجرين، فوضع رأسه على حجر ثم ضُرِب بالحجر الثاني حتى مات؛ لأن هذا قصاص، والله عز وجل يقول: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194].

لكن لو وجب قتله بالحرابة، يعني أنه صار يقطع الطريق على الناس، يأخذ الأموال، ويقتُل الناس، فهذا يُقتَل، لكن يُقتَل بالسيف، إلا إذا كان قد مثَّل بمن قتَلَه فيُمثَّل به حسب ما فعَل، يُفعَل به كما فعَل.

فإن قال قائل: ما تقولون في الرجل إذا زنا وهو محصن، فإنه يرجم بالحصى؛ أي: بالحجر الصغير، حتى يموت، وهذا يؤلمه ويؤذيه قبل أن يموت، فهل يعارض ذلك هذا الحديث؟
فالجواب: لا، لا يعارضه؛ لأنه يُحمَل على أحد أمرين:
الأول: إما أن يراد بإحسان القتلة ما وافق الشرعَ، وحينئذٍ يكون الرجم من إحسان القتلة؛ لأنه موافق للشرع.

والثاني: إما أن يقال: هذا مستثنى دلَّت عليه السُّنةُ؛ بل دلَّ عليه القرآن الذي نُسِخ لفظه وبقي حكمه، ودل عليه صريح السنة.

فالزاني المحصن الذي تزوَّج وجامَعَ زوجته، إذا زنا - والعياذ بالله - فإنه يؤتى به، وتؤخذ حجارة صغيرة أقل من البيضة ومثل التمرة تقريبًا أو أكبر قليلًا، يضرب ويرجم حتى يموت، ويتقى المَقاتل؛ يعني لا يضرب في موضع يموت به سريعًا؛ بل يضرب على ظهره وبطنه وما أشبه ذلك، حتى يموت؛ لأن هذا هو الواجب.

والحكمة من هذا أن البدن الذي تلذَّذ بالشهوة المحرَّمة، عمَّتِ الشهوةُ جميعَ بدنه، فمن الحكمة أن تعم العقوبةُ جميعَ بدنه، وهذا من حكمة الله عز وجل.

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وليحد أحدكم شفرته))، اللام هنا للأمر، ويحد: يعني يجعلها حديدة سريعة القطع، والشفرة: السكين.

يعني إذا أردت أن تذبح فاذبح بسكين مشحوذة؛ أي: مسنونة، بحيث يكون ذلك أقرب إلى القطع بدون ألم.

((وليرح ذبيحته)) هذا أمر زائد على شحذ الشفرة، وذلك بأن يقطع بقوة، يضع السكين على الرقبة ثم يجرها بقوة، حتى يكون ذلك أسرع من كونه يجرها مرتين أو ثلاثًا، وبعض الناس يوفِّقه الله من مرة واحدة حتى يقطع الودجين والحلقوم والمريء؛ لأنه يأخذ السكين بقوة، وتكون السكين جيدة مشحوذة، فليسهل على الذبيحة أو المنحورة الموت.

ومن إراحة الذبيحة أن تضع رِجلَك على رقبتها، وتمسك الرأس باليد اليسرى وتذبح باليمنى، وحينئذٍ تكون مضجعة على الجنب الأيسر، ودع القوائم اليدين والرِّجلين وخلها تتحرك بسهولة؛ لأنك إذا أمسكت بها فإن هذا ضغط عليها، وإذا تركتها تتحرك بيدها ورجليها كان هذا أيسر لها، وفيه أيضًا فائدة وهي تفريغ الدم بهذه الحركة؛ لأنه مع الحركة والاضطراب يتفرغ الدم أكثرَ، وكلما تفرغ فهو أحسن.

وأما ما يفعله بعض العامة من أنه يأخذ بيدها اليسرى ويلويها على عنقها، ثم يبرك على قوائمها الثلاث رجلٌ ويمسك بها حتى لا تتحرك أبدًا، فهذا خلاف السُّنة، السُّنة أنك تضع الرجل على الرقبة ثم تدع القوائم تتحرك؛ لأن ذلك أيسر لها وأشدُّ فراغًا أو تفريغًا للدم.

فالشاهد من هذا الحديث قولُه صلى الله عليه وسلم: ((إذا قتَلتم فأحسِنوا القِتلةَ، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذبحة))؛ فإن هذا من الرفق.

ولننتبه إذا قُتِل الإنسان بحدٍّ، يعني قُتِل وهو زانٍ أو قُتِل قصاصًا، فإنه يصلَّى عليه، ويُدعى له بالرحمة والعفو مثل سائر المسلمين، لعل الله أن يعفو عنه ويرحمه.

أما من قتل كافرًا مرتدًّا، فإنه لا يدعى له بالرحمة، ولا يُغسَّل؛ مثل أن يُقتَل إنسان لا يصلِّي، فإنه يُقتَل مرتدًّا كافرًا، هذا لا يُغسَّل ولا يُكفَّن، ولا يصلَّى عليه، ولا يُدفن مع المسلمين، ولا يدعى له بالرحمة، ومن دعا له بالرحمة فإنه آثمٌ متَّبِعٌ غيرَ سبيل المؤمنين؛ لقول الله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].


المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 594- 599)





 توقيع : ابتسامة الزهر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس