عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 20-09-2020, 09:07 AM
حسن الوائلي متواجد حالياً
 
 عضويتي » 68
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » يوم أمس (05:16 PM)
آبدآعاتي » 1,625,172[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » القراءة وكتابة الخواطر
موطني » دولتي الحبيبه Iraq
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
هدي النبي في صلاة العشاء



لم تَرِدْ إلا روايات قليلة للغاية تصف السور التي كان يقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العشاء، ومن هذا القليل ما جاء عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أبي هريرة رضي الله عنه العَتَمَةَ[1]، فَقَرَأَ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}[الانشقاق: 1]، فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: «سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ»[2]. ورواية ثانية عن البراء بن عازب رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي العِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ: بِـ{التِّينِ وَالزَّيْتُونِ}[التين: 1]»[3]. ولكن هذه الرواية لا نستطيع أخذها كمقياس لأنها كانت في السفر؛ حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخَفِّف الصلاة بشكل عام عن المعتاد.
لكن بقيت رواية أوضح في تحديد المعيار؛ وهي برواية جابر بن عبد الله الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهما، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ[4] وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوَافَقَ مُعَاذًا رضي الله عنه يُصَلِّي، فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ البَقَرَةِ -أَوِ النِّسَاءِ- فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ، وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ» -أَوْ «أَفَاتِنٌ»- ثَلَاثَ مِرَارٍ: «فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الحَاجَةِ»[5]. ووردت القصة نفسها بألفاظ مختلفة قليلًا؛ حيث ذَكَرَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما أَنَّ معاذ بن جبل رضي الله عنه، كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ البَقَرَةَ، قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً[6]، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا، فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا البَارِحَةَ، فَقَرَأَ البَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ». -ثَلَاثًا- «اقْرَأْ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَنَحْوَهَا»[7].
فهذه القصة وضَّحت لنا المقدار الذي نصح به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة صلاة العشاء، ويمكن أن يقول قائلٌ: إن هذا التحديد كان للظروف المعيَّنة التي حدثت فيها القصة؛ لأن قوم معاذ بن جبل رضي الله عنه ينتظرونه إلى أن يرجع من صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا يعني أنهم يبدءون صلاتهم متأخِّرين؛ لهذا أمر الرسولُ صلى الله عليه وسلم معاذًا رضي الله عنه بالتخفيف لأجل حالتهم الخاصَّة. يمكن أن يُقال هذا، لولا أن هناك رواية أخرى تدعم كون هذا المقدار كان معتادًا في صلاة العشاء للرسول صلى الله عليه وسلم في الظروف العادية، فعَنْ بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «يَقْرَأُ فِي العِشَاءِ الآخِرَةِ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَنَحْوِهَا مِنَ السُّوَرِ»[8]. فبريدة رضي الله عنه يحكي هنا عن عادة نبويَّة، ولا يتحدَّث عن ظرف معيَّن، بدليل قوله: «وَنَحْوِهَا مِنَ السُّوَرِ».
وقد عَلَّق الترمذي رحمه الله على هذا الحديث بقوله: «حَدِيثُ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه حَدِيثٌ حَسَنٌ». وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «قَرَأَ فِي العِشَاءِ الآخِرَةِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ»، وَرُوِيَ عَنْ عثمان بن عفان رضي الله عنه أَنَّهُ «كَانَ يَقْرَأُ فِي العِشَاءِ بِسُوَرٍ مِنْ أَوْسَاطِ المُفَصَّلِ نَحْوِ سُورَةِ المُنَافِقِينَ، وَأَشْبَاهِهَا»، وَرُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالتَّابِعِينَ: أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَأَقَلَّ، كَأَنَّ الأَمْرَ عِنْدَهُمْ وَاسِعٌ فِي هَذَا، وَأَحْسَنُ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَرَأَ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ[9]. انتهى كلام الترمذي رحمه الله.
فهذا هو ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصوص القراءة في صلاة العشاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أي صلاة العشاء.
[2] البخاري: كتاب صفة الصلاة، باب الجهر في العشاء، (732)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة، (578).
[3] البخاري: كتاب صفة الصلاة، باب الجهر في العشاء، (733).
[4] النَّاضِحُ: مَا اسْتُعْمِلَ مِنَ الْإِبِلِ فِي سَقْيِ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ. انظر: ابن حجر: فتح الباري 2/200.
[5] البخاري: كتاب صفة الصلاة، باب إلى أين يرفع يديه، (705).
[6] فَتَجَوَّزُ رَجُلٌ؛ أي انْحَازَ فصلى وَحده. انظر: ابن حجر: فتح الباري 10/516، وفي رواية مسلم: فانحرف رجل فسلَّم، ثم صلى وحده وانصرف. مسلم: كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، (465).
[7] البخاري: كتاب الأدب، باب مَنْ لم يَرَ إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا، (5755)، واللفظ له، ومسلم: كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، (465).
[8] الترمذي: أبواب الصلاة، القراءة في صلاة العشاء (309)، وقال: حديث حسن. والنسائي (1071)، وأحمد (23044)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده قوي. وحسنه النووي، انظر: خلاصة الأحكام 1/388، وحسنه ابن حجر، انظر: نتائج الأفكار 1/461، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن الترمذي 1/183.
[9] الترمذي: أبواب الصلاة، القراءة في صلاة العشاء (309).




 توقيع : حسن الوائلي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس