عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-04-2020, 02:45 AM
حكآية روح غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 106
 اشراقتي » Apr 2017
 كنت هنا » 08-09-2021 (03:34 AM)
آبدآعاتي » 719,463[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
علماء الهند وإلغاء الخلافة الإسلامية".



علماء الهند وإلغاء الخلافة الإسلامية:
إن من يقرأ كيف تفاعلت الهند وعلماؤها مع أحداث إلغاء الخلافة ليأخذه الإكبار على فهمهم العميق والمشرق لأهمية الخلافة في حياة المسلمين، ولوعيهم الكامل لدورها في جمع المسلمين وتحقيق أهداف الإسلام، ولمدى خطورة هذا الحدث عليهم، ويلفته كذلك موقفهم من تلك اليد المجرمة التي طعنت الأمة الإسلامية في قلبها "الخلافة"، تلك اليد التي هي بريطانيا التي سخرت أيدي الخونة من أبناء المسلمين الذين غمسوا أيديهم في دماء إخوانهم.

حركة الخلافة في الهند:
بدأ في سبتمبر 1919م مولانا محمد علي جوهر وأخوه شوكت علي بالمشاركة مع أبي الكلام أزاد، ودكتور مختار أحمد أنصاري وحسرت مهاني، بدأوا منظمة جديدة باسم (حركة الخلافة) في الفترة (1919م - 1924م). كان هدفهم المعلن عمل كل ما يمكن عمله من أجل حماية الخلافة. فنظموا مؤتمرات خلافة في عدة مدن شمال الهند. ومن الملاحظ أن العلماء والنشطاء الذين كونوا حركة الخلافة جاؤوا من مذاهب متعددة وخلفيات فكرية مختلفة. فمولانا أبو الكلام أزاد مثلًا معروف أنه يجتهد ولا يقلد، حيث كان يعتقد أن تقليد المذاهب حرام. أما مولانا محمود حسن فكان ديوبنديًا يتبع المذهب الحنفي، ومع هذا اتحدوا معًا تحت هدف العمل للحفاظ على الخلافة.

وفي عام 1919م لما بدأ مصطفى كمال يسرِّب إمكانية فصل الخلافة عن السلطنة أي عن الحكم، أعلنت لجنة الخلافة في بومباي هدفين تنظيميين مهمين وهما: "الأول هو الحثّ على احتفاظ سلطان تركيا بوصفه خليفة بسلطاته الدنيوية. أما الثاني فهو ضمان استمرار سيادته على الأماكن الإسلامية المقدسة»"

نشر مولانا أزاد عام 1920م كتابًا بعنوان (مسألة الخلافة) حيث قال فيه: "بدون الخلافة لا يمكن وجود الإسلام، ويلزم أن توجّه كل جهود المسلمين في الهند من أجل هذا الهدف".

أصدر مولانا أبو الكلام أزاد فتوى نشرت في الجريدة اليومية "أهل الحديث" الصادرة في أمريستار في 30 تموز / يوليو 1920م، حيث حثّ في هذه الفتوى على الهجرة من الهند كخيار بديل لعدم التعاون مع البريطانيين.

ذكرت فتوى مولانا عبد الباري "بأن كل مسلم مقيم هنا عليه تبني عدم التعاون، ولكن إذا كان مستحيلًا فعليه أن يشرع في الهجرة". وأصدر مولانا شوكت تصريحًا باسم لجنة الخلافة المركزية "يعبر عن الأمل بأن يبقى المسلمون الملتزمون في الهند، وأن يعملوا من أجل عدم التعاون. ولكنه فقط في حالة عدم نجاحهم في ذلك يمكنهم النظر في اللجوء إلى خيار الهجرة". كان تأثير الفتوى مثيرًا لدرجة أن آلافًا من المسلمين فضلوا مغادرة دار الكفر حيث انتهِكت حرمة حقوقهم الدينية المتمثلة في منصب الخليفة العثماني.

وقد أفصح مولانا شوكت عن عاطفته في خطابه الرئاسي في الاجتماع العاشر لمؤتمر الخلافة لكل الهند في 27/12/1923م قائلًا: "طالما كان هناك بوصة واحدة من جزيرة العرب تحت نفوذ غير المسلمين فلن يهدأ بال المسلم". (مسلمو الهند، شان محمد، ميناكشي براكاشان، 1981م، المجلد السابع، صفحة 209).

وقد شدّد محمد عاصف على أهمية الواجب الشرعي في وجود الخلافة في كتاب بعث به إلى محرر صحيفة الرفيق (كومريد) في 2 تشرين ثاني / نوفمبر عام 1921م، حيث قال: "هيبة تركيا تتطابق مع هيبة الإسلام، ووجود الدولة العثمانية ضروري للتقدم الحياتي (الدنيوي) للسلالات (الشعوب) الإسلامية .. وسيختفي الإسلام كقوة حضارية بحلّ الدولة العثمانية .. وإذا سقطت تركيا فالإسلام لا يستطيع الصمود. لذلك فإن تركيا هي العمود الفقري للإسلام". وأيّد وجهة النظر هذه مولانا محمد علي الذي أكّد بأنّ هذا الموقف يعكس أيضًا الرأي العام لعامة المسلمين.

وجاء في كلمة ألقاها مولانا محمد علي في باريس عام 1920م: "تعتبر الخلافة أكثر مؤسسة ضرورية للأمة الإسلامية في العالم. والأغلبية الساحقة من المسلمين في العالم يعترفون بسلطان تركيا كأمير للمؤمنين وكوريث لخليفة نبيهم. وكجزء جوهري من هذا المعتقد أن يكون للخليفة، أمير المؤمنين، أقاليم كافية ومقدرات عسكرية وبحرية مناسبة وموارد مالية ملائمة".

وقال سيد حسين الذي شارك محمد علي منصة اجتماع باريس: "إذا كان للإسلام أن يوجد في العالم فمن الضروري تمامًا أن يكون للإسلام خلافة. هكذا كان التاريخ والعرف في الإسلام منذ نشأته قبل 14 قرنًا".

وقال مولانا محمد علي جوهر أيضًا: "كان حاكم تركيا هو الخليفة وخليفة النبي وأمير المؤمنين، ومن الضروري أن تكون الخلافة همّنا الديني شأنها شأن القرآن وسنة النبي". (حياتي شظية، محمد علي جوهر، ص41).

وعلى خلاف ما يقوله بعض علماء (مشايخ السلاطين) اليوم من انفصال السياسة عن الإسلام، فإن علماء ذلك الزمان أكدوا ارتباطهما الذي لا ينفصم. وقبيل هدم الخلافة عقدت الندوة الرابعة لجمعية علماء الهند في جايا في 24/12/1923م، حيث اجتمع في تلك الندوة العلماء الفقهاء ومعلمو الإسلام من كل أطراف الهند، وبحثوا باستفاضة القضية المتعلقة بالمستقبل السياسي للأمة الإسلامية. وبعد مباحثات مضنية توصلت الندوة بالإجماع إلى وجهة النظر القائلة بأن السياسة والدين جزءان من الإسلام لا ينفصلان. وبعد مشاهدته للتأثير الواسع لحركة الخلافة، فإن الهندوسي، أبو حكومة الهند الحالية، مهاتما غاندي التحق بالحركة وأصبح عضوًا في لجنتها المركزية.

ولكن بعد هدم الخلافة على يد مصطفى كمال في 3/3/1924م ماتت الحركة، ورأى الكثيرون استحالة إعادة الخلافة، فركزّوا على كيفية تحرير الهند من الاستعمار البريطاني. وبعد إلغاء الخلافة بيوم واحد قال مولانا محمد علي جوهر كما ورد في صحيفة التايمز اللندنية يوم 4/3/1924م: "من الصعب توقع الآثار الحقيقة لإلغاء الخلافة على عقول المسلمين في الهند. أؤكد بكل ثقة أنها ستكون مأساةً للإسلام وللحضارة. إن قمع المؤسسة التي كانت تحظى بالاحترام والتي اعتبرت عبر العالم الإسلامي رمزًا للوحدة الإسلامية سيكون سببًا في تفكك المسلمين..".

كم كانت كلمةً صائبةً! فبعد إلغائها شاهد العالم الإسلامي ما قاله تمامًا. واليوم وبعد أكثر من ثمانين عامًا على هدمها، أصبحت الخلافة ثانيةً كلمةً ذات وقع مؤثر في وسائل الإعلام على جميع الأطراف، فمن ناحية يخاف السياسيون والمفكرون والقادة في الغرب من عودتها، ومن ناحية أخرى يتوق المسلمون لإعادة إقامتها. فقد قال رئيس الولايات المتحدة جورج بوش الابن في مؤتمر صحفي أمام البيت الأبيض يوم الأربعاء 11/10/2006م: "يحاول المتطرفون إرعاب الناس العقلانيين من أجل إسقاط الحكومات المعتدلة لبسط الخلافة. لا يمكن أن تكون المخاطر في العالم الذي نعيشه أعظم خطورة من ذلك، كما سبق أن قلت. هناك عناصر متطرفة تستعمل الدين من أجل تحقيق أهدافها. ونحن لن نترك الوقوف ضد أهدافهم، ولن نمكنهم من إسقاط الحكومات المعتدلة، إنهم يريدون بسط خلافة مبدئية لا مكان لفكرة الحرية في عقائدها".

يجب على الغرب أن يدرك أن الخلافة جزء أصيل من الإسلام، وأنها لا بد قائمة بإذن الله، فلو كانوا حكماء لفكروا في كيفية بناء علاقات معها مستقبلًا بدلًا من شجبها وحياكة المؤامرات ضد قيامها. إن الخلافة ستعود بإذن الله، وستحرر شبه القارة الهندية مرة أخرى





 توقيع : حكآية روح




رد مع اقتباس