عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 14-02-2020, 04:48 AM
عذبة المعاني متواجد حالياً
 
 عضويتي » 895
 اشراقتي » Oct 2018
 كنت هنا » اليوم (05:35 PM)
آبدآعاتي » 1,884,172[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » عَيْنَاهُ والرَُوْحُ سَوَاءَ .
موطني » دولتي الحبيبه Palestine
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي ذات مُقيّدة حوّل عُنُقُ امْرَأة / 6



بسم الله الرحمن الرحيم

توكلتُ على الله


،


فَقدُ ذّات

العَرق يتصبب من مسامات صدغه النابض فيه عِرق يكاد يخترق جلده من نُفورِه،لُهاث أنفاسه يخرج مُستَلاً معه رُّفات روحه المنسية على باب حُلم...،جسده يرتعش بأكمله و أقصى ارتعاشاته تُعانق يده العائشة زلزالها الأعظم..ازدرد ريقه للمرة الألف و الصوت يعود ليزيد من ثورة ارتباكه..

،:اطلق

أغمض عينيه يَهرب من المشهد..رجلاه تتخبطان على الأرض و جانب جسده يميل باجتذابٍ لقاعٍ لا نهاية له..فتح تلك الغائبتين في بحر لُجِيّ لا مد له يُفرغ صبيبها المالح..زَفرَ بحرارة وصوت نبضاته صمَّ طبلة أُذنه..

،:انتهز الفرصة و اطلق

صَرخ و القهر ينفلت من لسانه بكلمات فقدت صِبغة صبرها،:لا استطيــع،لستُ بمجنون لأقتل روح
اقترب منه بإبتسامة زادت من غضبه..إبتسامة تلوي شفتيه مُكَوِنة خطوط صغيرة حول فمه بين طيَاتِها جليد جارح..،رفع ذراعه التي انخفضت بضعف،ثبت السلاح في يده و رأسه يقترب هامساً في أُذنه
،:رَكز،فقط تذكر ما تعلمته خلال الشهور الماضية..لا تخف فَكُل بشر على هذه الأرض تأتيه لحظة ينسى فيها إنسانيته..يستستلم للشيطان و يبدأ بتطبيق تعليماته
فتح فمه يُريد أن ينطق،أن يُعارض كلماته الخالية من الصحة لكن ذاك واصل بثبات
،:حدد هدفك،و تناسى ضميرك الذي لن ينفعك و الموت ينظر لك بعينيه الشرهتين "و بإصرار" اطلق

ببطئ ارتفعت يده اليُسرى ليستقر السلاح على باطنها..و كأن كلماته مُخدراً أصاب عُروقه بتبلد وليد اللحظة..

،:اطلق

ضغط بأصابعه وسبابته باهتزاز تحسست الزناد..تذكر الصفائح و إصابته للهدف..تذكر الصراخ و الضرب..حتى الرائحة حملتها الرياح وهاجمت شُعيرات أنفه لتَفتح الجرح من جديد..

و كأنه يقرأ أفكاره،:تذكر و اطلق

أغمض عينيه يُصارع ضميره القريب من قبرٍ سيتوسده قريباً،فتحها و وجوه تداخلت عليه مشوشةع ليه الرؤية..نفسه تُجاهد نفسه..و ما اصعب جهاد النفس !

،:اطلق

كلمته حركت عضلة سبابته..أصمَّ أُذنيه عن أصوات تصرخ داخله..ضغط على الزناد ليتراجع خطوة للخلف و السلاح ينفلت من يديه..

صوت إطلاق النار اخترق الغشاء الذي أحاط ضميره..انفلتت منهُ شهقة أدمت حلقه و جَوفه أفرغ التأنيب دماً تناثر على ملابسه..سقط على رُكبتيه و عيناه شاخصتان برُعب على الجسد المُلقى أمامه..هَمس و الضياع رسم بؤسه على وجهه الشاحب بفزع..

،:ذبحــته !





الجزء السادس

تذكرتان للمَنفَى..!

هذه الجملة التي نطقها عقله فور استلامه للتذكرتان اللتان ستقلّانه هو و من أصبحت بين ليلة و ضُحاها عُنصراً خامل يتسكع بين ساعات يومه ببرود دون إرسال أي شرارات أنثوية قد تُحفز رجولته...،رُبما هذه السفرة قد تُحدِث تفاعلاً يُنَشطها و يقضي على التثبيط القابع بينهما..،قرر أن يُنفَى معها،أن يبتعدان عن كُل ما يُحَفِز ذكريات ليلتهما الأولى..تلك الليلة التي بدأت وانتهت دون أيّ اقتراب يُذكَر..،

ابتسم لسخافة أفكاره وهو يلتفت نِصف التفاتة للتذكرتان المَرميتان بعدم ترتيب على المقعد بجانبه..،تُشارِكانِه الفوضى و الإهمال..
زَفَرَ و أصابعه تطرق المقوّد بتفكير حاصره في الأيام الماضية.. شجار الأب و ابنته لا تزال علامات إستفهامه تَحُطُّ على رأسه..،بدأت المُشكلة بينهما وانتهت وهو الجزء المخفي فيها..،لا يَعلم ماهيّتها ولا أسبابها..،فقط شَهِد على فصل يبدو من لقاء الاسبوع الماضي أنهُ الأخير فيها..

رَفضها لِأن تُزف ،انعكاس سواد عباءتها في عينيه ليلة عُمرهما..،بُكاءها و تَجاهلها الواضح..،كُل هذا تجمع في عقله التي بدأت خيوط أفكاره تُحيك وشاحَاً سيتخذ من عُنُقِه ملجأً للإلتفاف لخنق النفَس تحت بوابة الشك !

الشك الذي جاهده و صارع أسوار سِجنه بكل قوّته،تجاهل كلمات أخته المُنهمرة على مسامعه..تغاضى عن الجلّيد المُكتنز في مقلتيّ تلك الغريبة..،حَاولَ أن يُخلق الأعذار،أن يعجنها صلصال بين كفيّه،يُصيّرها بالشكل الذي يُرخي عقله ويكبح أفكاره الغازية قلبه بلا رحمة..،

توقفت سيّارته في موقفها في باحة المنزل..،نزل منها حاملاً التذكرتان في يمينه..و يساره اختبأت في جيب بنطاله الخلفي،يخفي البوّح الذي قد تُترجمه خطوطها على شكل كلمات تُسطَر في الصفحة الخاطئة..،دقائق و أصبح أمام باب جَناحه الخاص..فتحه بهدوء، تحركت عينيه على المكان الساكنة حركته..،بحث عن أثر لها في غرفة الجلوس لكن لم يَجد شيء...كالعادة !

توقع أنها في الغرفة..لذلك تحركت خطواته ناحيتها..لكن عينيه تحسست ضوء ينبعث من غرفة أخرى..ارتفع حاجبيه بعدم تصديق و التوت شفتيه بإبتسامة ذات معنى،همس لنفسه وقدمه تحركت إلى هناك..

،:و أخيــراً !



انتهت من ترتيب ما اشترته قبل أيام مع حــور..تراجعت للخلف قليلاً و يدها اليُمنى مُستندة على حافة خزانتها و اليُسرى استقر ظاهر أصابعها على خصرها النحيـل..مدت شفتيها للأمام و رأسها يميل ليسارها و نظراتها تتحرك على ملابسها المُكدسة بترتيب..تحتاج إلى خزانة أكبر..،

أغلقت باب الخزانة و ابتعدت لمرآتها..رتبت ملابسها البسيطة..ملابس منزلية ناعمة،بنطال ضيّق أبيض يصل حتى أسفل ركبتيها تُزينه نقشات لزهور صغيـرة وردية فاتحة كلون سترتها الخفيفة ذات الأكمام القصيرة..رفعت شعرها حتى قمة رأسها وثبتت خصلات غُرَّتها الطويلة بعد أن طوت طرفها القريب من مُقدمة رأسها في جهتين مُتفرقتين ليُضفي على وجهها طفولية تُناقض تضاريس جسدها الأنثوية..

خرجت من غرفتها ليستقبل أنفها رائحة الطعام الشهية..ابتسمت بحنان لوالدتها التي كانت تَهُم خارجة من المطبخ وفي يدها الطبق لتضعه على السفرة فوق الأرض..انضمت لها تُساعدها في نقل بقيّت الأطباق..،جلست معها على الأرض بعد أن وضعت الماء و الكأسان..سمّت بالله و قرّبت الشوكة من فمها تمضغ قطعة الدجاج الغارقة بالجبن السائل..سمعت صوت والدتها وهي تزدرد اللقمة

،:شصار على سُميّة..صح هذا اسمها ؟

هزت رأسها بالإيجاب،:ايي سُمية "اتبعت جوابها بتنهيدة ثمَّ واصلت" ما صار شي،البنت مو راضية تتكلم

وهي تأكل،:زين يا بنتي يمكن البنية عندها ضغط أو صادها عدم فهم للمقرر خلى نتايجها تنزل

حركت رأسها بالنفي وهي تقول بثقة،:لا يُمـه انا متأكدة الشي ماله دخل بفهمها و بالمقررات.. الموضوع سببه شي ثاني

ابتسمت لها ورأسها يميل وبمُزاح،:و شنو هالسبب يالمُحامية ملاك ؟

ردّت لها الإبتسامة و برفعة حاجب نطقت بكلمة واحدة،:ابــوها

بتعجب،:ابوها ؟! و شفيه ابوها ؟

تربعت في جلستها وهي تقول،:الله يسلمش انا لحقت على اختها الا اكبر منها بسنتين..و كانت مثلها شاطرة و متفوقة،بس كانت غير عن سُمية فيها شطانة"ضحكت بخفة ثم أردفت" وعلى قولة بعض المُعلمات فيها هبالة شوي ..كانت كله تردد أن نهايتها البيت مقابلة زوجها و اولادها لا جامعة ولا هم يحزنون !

و بلَبابَة قالت والدتها،:يعني ابوها من الرافضين لفكرة الجامعة

اتسعت ابتسامتها،:بالضـــبط..و انا اقول ملاك طالعة على من ذكية

ضحكت على ابنتها،:كملي كملي

ضربت بخفة على فخذها براحة يديها،:المهم..انا شاكة ان البنت جاها نوع من التَبلُد من رفض والدها..فعقلها قام يقول لها شالفايدة من الدراسة ما دام نهايتها البيت ؟..ما دام مافي حلم ليش التعب اللحين ؟ لا تقدير ولا اهتمام ولا تحفيز،ففضلت الاستسلام و لا انها توصل للنهاية و تصطدم بالرفض الأكيد

تناولت لُقمة ثم قالت،:زيـن وانتِ شنو بتسوين "و بتحذير وهي حافظة لتفكير ابنتها" ملاك ارجوش لا تتدخلين بين البنت و ابوها..سوي الا تقدرين عليه بس بدون مشاكل

إبتسامة جانبية ذات معنى ظهرت على شفتيها وهي تقول بثقة،:لا تخافين يُمه ملاك تقدر تحلّها بهدوء و بدون مشاكل

بتنهيدة،:اكلي يُمه و الله يسهل امورش



تغسل صحنها بعد أن أفرغت نصف مُحتواه في سلة المهملات..،لم يستطع حلقها تقبل الطعام الذي أعدته،فلسانها استطعم مرارة الضيق الذي شاركها إعداد العشاء..،كُلّما زارها الملل و ترك مُخلفاته في روحها الوحيدة عاد شعور الندم و استحوذ عليها..،ليتها أكملت دراستها الجامعية و تخرجت بشهادة تُساعدها على العمل الذي قد يشغلها لنصف يومها بعيداً عن فوضى المشاعر التي تنتصر عليها في وحدتها...مالت شفتيها للأسفل وهي تُفكر في اقتراح ملاك الذي عرضته عليها قبل فترة وصمتت عنها بعد أن واجهتها بالرفض..حالياً هي تحتاج لمُحرّك يزيد من سرعة حياتها المُتأرجحة على ظهر سُلحفاة تجاوزت المئة عام ! و الدراسة أقرب مُنقذيها..و في الدراسة فوائد جمَّة...عشرون في واحد ! و العشرون تتعلق بذلك المُسَمَّى شريكها..

ارتفع حاجبها عندما لمحتهُ بطرف عينيها يدخل المطبخ،ابن حلال !

سمعت همس سلامه وردت هي بذات همسه..جففت الصحن الذي استغرق غسلها له أكثر مما يحتاج..،وضعته في مكانه ثم ابتعدت عن المغسلة مُشغلة نفسها في تجفيف يديها..،نبضها تحفز لحركته،و نَفَسها بدأ مقطوعته المُزعجة..،كانت تشعر بخيال طيفه المُتحرك بسرعة في المطبخ،تناول المغلاة وغسلها..وضعها على الفُرن وهو يتلفت يبحث عن شيء ما..تراجع مُبتعد واصطدم بمنضة المطبخ..رفعت عينيها ليتضح أمامها بكامل هيئته..تجاهلت حديث نفسها و بدأت بالتركيز على حركاته الغريبة..،

فتح الثلاجة مواصلاً بحثه..حاستها الأنثوية التي ظلّت تُراقب تصرفاته الخارجية طيلة سنوات زواجهما همست لها مُفصِحَة عن الذي يبحث عنه..تنهدت وهي تقترب خطوة وبصوت احتواه هدوء مهزوز نطقت

،:في الباب..على يمينك

استدار لها بحركة مُفاجأة جعلتها ترجع الخطوة التي تقدمتها..تنفست بثقل وهي تُعيد جملتها و اهتزاز صوتها فُضِح..

،:على يمينك

أعاد رأسه للأمام وهو يستدير بنصف جسده لباب الثلاجة المُتعدد الأرفف..،تناول الحليب وأغلقه وهو يعود إلى الفُرن..،ملئ المغلاة بيّد انعقد لرجفتها حاجبيها المرسومين..،حاول ان يُشعِل النار لكن انسلال القوة من أصابعه لم يُساعده...
اقتربت منه ببطئ..مدت يدها عندما توقفت بجانبه،تُفصلهما خطوتان من غُربة و ذكريات !
و بضغطتان أشعلت النار..

،:مشكورة

لم تُعَقّب على شُكره الهامس،نبرة الصوت العزيزة على قلبه..فعيناها تعلقتا بوجهه المُتصلّب،لا أثر لخطوط تتبعها لعلَّها بقرآتها لها تستيطع استنباط سرّ من أسراره..عينيه بهما ذبول مُوحِش،يعيشان فصل جفافهما ببؤس جليّ..أهدابه تنسدل بنُعاس أشبه بهروبٍ من الواقع إلى حُلم قابع في ذاكرته...لم تستطع رؤية عدسته،فجفناه انحازا لصالحه و اختارا أن يُخفيا انعكاس دواخله وهو في غُمرة أفكاره..جبينه يخلو من تقطيبة حلَّ مكانها بُقعة لونها بين الأزرق و الأخضر واضحة على طرفه.. !
رفعت حاجبها وعيناها واصلتا بحثهما لتتوقفان هذه المرة على شفتيه..مائلتان للأسفل بضيق تقوده فكرة تبدو مُسيطرة كُلياً على عقله،السب الأول في رجفته و انحسار سيطرته على تحركاته..عادت عيناها و ارتفعت إلى عينيه...،

تصلّب فكها وحـرارة التهمت تفاصيل وجهها المُتَيَقنة بأنه أصبح كلون ثوب نومها الأحمر..تضارب شهيقها بزفيرها و عيناه الناعستان مُتعلّقتان بعينيها ببرود..رمشت بارتباك لم تُطِق أن يظهر مواجهاً بروده المُستَفز..ازدردت ريقها و عيناها تهربان من جليده

،:حــور

تحمحت ويدها ارتفعت تُرجِع خصلات وهمية خلف أذنها أسيرة احتلال احمرار خجلها الفضيع..ببحة أجابته

،:نـ ـ احم نعـ م

رفع ذراعه أمامها،:مُمكن ؟

انتبهت للمكان الذي أشارت إليه إصبعه..ابتعدت بجسدها للخلف وهو تقدم خطوة مُتناولاً كوبه ليُفرِغ فيه حليبه الساخن..كان ظاهر يده اليُسرى المُمسكة بالكوب أمامها..انعقاد قريباً سيُنحَت أثره بين حاجبيها ظهر و و هي تُلاحظ آثار جراح بدأت بالإلتئام على مفاصل أصابعه،بسرعة ارتفعت عيناها لجبينه.. و عقلها يُخبرها بأن صلة قرابة تربط بين الأثرين !

انتبهت إليه يبتعد إلى الباب ليَخرج..بسرعة تقدمت و لسانها نطق بإسمه قبل أن يتلبسها التردد

،:يــوسف لحظة

توقف ثم استدار لها بذات البرود..نظرت إليه وهي تُقابله..ارتفعت ذراعيها لتنعقد فوق صدرها الذي يترفع وينخفض بارتجاف تُوَلّده نبضاتها..رفع حاجبيه و رأسه ينخفض قليلاً يحثّها على قول الذي استوقفته من أجله..

ازدردت ريقها قبل أن تقول،:شفيها يدك،وو و جبينك بعد ؟

نــار اشتعلت في حدقتيه المُتوسعتين..،أو ذلك ما خُيّل لها ؟! اشتدت ملامحه ناشرة الفزع داخلها..أطبق شفتيه حتى استوت خطاً يحكي مدى حَنَقه من تساؤلها وقبضة يده الحُرَّة تزداد في تكوّرها..

بدأت قدميّها في التراجع للخلف و ريح أنفاسه المُتقدة افلتت عُقدة ذراعيها لتحتضن رجفة جسدها..ازدردت ريقها و هي تشتم نفسها داخلها على فضولها..و ما دخلها هي وإن اختفى جسده بأكمله تحت الجراح..ليموت ولتصمت هي عنه !

التوت عضلة في بطنها وعينيها برمشيها المضطربين تنظران برُعب للكوب الذي يقترب من الإنكسار في يده النافرة عروقها..،اصطدم ظهرها بطاولة الطعام الصغيرة وتوقفت قدماها عن إنقاذها من خَطر الذي أمامها..عضت على طرف لسانها تُؤنبه..تَوجَعه ليتذكر الألم مُستقبلاً اذا أراد يوماً التدخل في هذه الزوبعة المُحتدمة أخطارها...،

خفف من قبضته وأرخى أصابعه نافراً خاطر وسوَسَهُ لهُ عقله الغامض..

احمرّت أطراف أصابعها لضغطها على ذراعها وصوته الهامس يصلها من خلف ظهره الذي قابلها..

،:حـادث بسيط..تصبحين على خير

تنفست الصعداء وجسده بتناقضاته التي تُخلخل كل خلاياها الساكنة في غيابه يترك المكان..حُضوره يُربِك أضعف عِرق نابض في قلبها..بهمسه الفحيحي و تحركات جسده الرجولي المَنسية رائحته الطبيعية فوق أريكة ذات فجرٍ احتوت جسده المُرتعش،الغارق في بحرٍ من العرق بعد إنهاكٍ كان نتَجاهُ صَدمة و ذكرى مبتورة الألوان !

مسحت على وجهها وأصابعها تخللت خصلاتها لتُحَرّر شعرها من ربطته الصغيرة..نثرته ببعثرة..حركت يدها أمام وجهها تُخفف الاشتعال الذي أوقده ويدها الأخرى استقرت على خصرها المائل..استنشقت نفس عميــق مُغمضة عينيها لوَهلة لتفتحها و زفيرها يُحرّر معه شحنات سلبية اجتذبتها روحها من ماء نهره العكر..المُتَوَحِلة فيه أتربة إن تراكمت على القلب أوقفت نبضه..و إن اختزلتها الروح لتَقوى على حَملها أخنَقَتها،فلا ثَغرة تتلصص منها ذرة هواء هربت قبل أن يُوقِظ مَجهول سِرّه..

أعادت ربط شعرها ببطئ ثمَّ أرخته على كتفها..اقتربت من المغسلة بعد أن تناولت المغلاة وهي تتذكر رَجفة يده المجروحة..،زمّت شفتيها و الـ "حادث بسيط" لم يَتقبلها عقلها الحاضر..،رفعت كتفيها للأعلى بخفة وهمست تُنَحي فضولها و شيءٌ آخر لم تُترجمه..

،:يمــوت..مالي دخل فيه



ماضٍ

أدخل آخر قميص...كان هدية منها،نظر لهُ قبل أن يُغلِق الحقيبة..ابتسم ابتسامة أقرب لليأس ولون القميص ينعكس في عينيه التي بدأت تظهر أمامها ذكرى ليلة اكتمال القمر...،يعلم انها كانت مُتقصّدة ان يكون لونه كلون السماء في الليلة التي اعترف لها بحبه المجنون..حُب لم يعلم أنه سيكون أشد وجعاً من الموت،بل أن الموت ليس موجع أبداً،هو راحة و خلاص من حب يطعن القلب ليلاً ونهارا،يستل سيفه كُلّما بانت عينيها أمامه ليقطع عِرقاً آخر كان ينبض باسمها...

زفر بضيق و أغلق الحقيبة ولون السماء تلاشى من عينيه،أنزلها على الأرض مع دخولها،تأمل وجهها الشاحب كغيمة أفرغت حمولتها و سقت أرضها امطاراً،احمرار واضح يُحيط بعينيها،انقبض قلبه عندما استوعب عقله ان تلك العينين سيُحرم من رؤيتهما كيفما شاء،ستغيبان عنه،ستظلان في خياله فقط...لن ينام وهما آخر ما يراه ولن يستيقظ وهما أوّل ما يراه،كانتا البداية و النهاية في كل شي في حياته..

عقّدت حاجبيها الخفيفين عندما انتبهت للحقيبة قُربه،خرج صوتها مبحوحاً مُغلَّفاً بنغمة بكاء،:وين رايح ؟ ليش الشنطة ؟!

ماذا يقول ؟ فتح فمه أراد أن ينطق لكن الحروف تبعثرت على لسانه المُتَلَعثم..أنزل عينيه يهرب من عينيها المتفحصتين اللتان تبحثان عن جواب يُحلّ المعادلة المعقدة في عقلها المُتعب..استدار ليُلقيها ظهره،رفع معطفه الأسود و ارتداه وبذات الحركة الآلية أخذ شاله الصوفي كلون رماد حريقٍ سيشتعل قريباً،أحاط به عُنُقِه ليصله صوتها و البحة تبدلت الى حدة تجرح حبالها الصوتية..

،:اكلمك..ليش شايل هالشنطة وين رايح ؟!

شعر بيدها الناعمة تُمسك معصمه بقوة أنثى يعشقها..استدار لها بنفسه،فهي وان حاولت لن تستطع ان تُديره اليها...تركت معصمه و أعادت سؤالها ولكن هذه المرة الحدة كان بها انكسار..غياب صوتها وراء حشرجة البكاء أوجعته بشدة،شعر بنَفَسه يتخبط في صدره،أخرجه بارتعاشة وهو يقترب منها وعينيه تستقر على ذقنها الذي يهتز بضعف...أنزل رأسه و بخفة أراح شفتيه على جبينها طابعاً قُبّلة يُصاب بالقشعريرة كُلما تذكرها،صوت بكاءها الذي ارتفع ورجفتها التي باتت واضحة جعلته يرفع رأسه بسرعة قبل أن يضيع في رائحة أنفاسها ...نظر وعينيه في عينيها و إبتسامة حُب مقتول على شفتيه..بهمس كان كزلزال أصمّ أذنها،كرصاصة غدر استقرّت في قلبها


،:انتِ طـــالق



حاضر

قبل ساعات

انتهت من صلاتها ثم انصرفت لتجفيف شعرها المغسول قبل ساعة..كانت تتحرك بملل و عيناها تنظران لإنعكاسها ببرود..،منظرها بعيــد جداً عن منظر عروس ! تأفأفت وهي ترمي ما بيدها على تسريحتها..التقطت عدستاها مساحيقها المصفوفة بترتيب يعكس شخصية والدتها..ابتسمت وهي تتذكر حديثهما قبل أيام،تناولت بطرف أصابعها كحلها الأسود..فتحة قارورته الصغيرة وهي تسحب الفرشاة بخفة لتضعها أمام عينيها..رفعت نظرها للمرآة تتأمل رسمة عينيها الواسعتين..آخر مرّة وضعت الكحل قبل أسبوع،ليلة زفافها المشؤوم !

حركت رأسها بخفة تُبعِد الأفكار عن عقلها و بسرعة قبل أن تتبدد رغبتها قرَّبت وجهها من المرآة وبدأت برسم عينيها بدقة..،دقيقتان و انتهت..ابتسمت برِضى للسواد المُلتوي نهاية جفنها ببراعة..التواء كَيد أُنثى في داخلها تفجرت رغبة بفرض ذاتها..،رفعت حاجبها المرسوم و يدها تُشاركانِها الرغبة و تناولت أحمر شفاه داكن بلون دم غزال يقفز برشاقة على أوتار قلب رَجُل يعيش قصة هو بطلها..بَطل يَجهل مدى إمكانياته القادرة على جَبر كَسِر أُنثى..! ابتسمت بسخرية بعد أن انتهت من شفتيها اللتان اشتلعتا إثارة و إغراء..تأملت فستانها..أسوّد يضيق على جسدها كاشفاً عن إنحناءَته الأنثوية..تَوَرَّدَ خديّها بخجل..لا تستطيع أن تجلس أمامه بهذا الفستان..بل لا تتخيل أن تقع عيناه عليها وهي ترتديه..اتجهت إلى غُرفة الملابس وأبدلته ببنطال أسود و قميص ذهبي أنيـق و واسع أكمامه تضيق حتى نصف ذراعيها...عادت إلى مرآتها واضعة يدها في شعرها تُحرّك خصلاته تُضفي عليها الحيوية..رشت عطرها الخفيف و توجهت إلى الباب قاصدة غرفة الجلوس...،

رفعت حاجبيها و الغرفة أمامها لا يُشغل حيّزها ذاك الذي اتخذ من عقلها الحيّز الأكبر ! حرّكت فمها بعدم اهتمام وهي تمشي مُبتعدة..توقفت و أربعة أبواب تُقابلها..للتوّ انتبهت لوجودهم،ابتسمت لغبائها وهي تتقدم للأولهم..فتحته كانت الغرفة مُظلمة..رفعت يدها للجدار بجانب الباب من الداخل تتحسسه..أضاءت المصابيح لتتضح لها غرفة خالية سوى من مكتبة تبدو قديمة تنحشر في أرففها صناديق ورقية اختفى لونها من الغبار..أغلقت الباب بعدم اهتمام و اتجهت للغرفة الأخرى..كانت مجلس كبير نسبياً..بأثاث حديث الطراز ألوانه ما بين العنابي و الفضي..الملاحظة الجديدة التي ضمتها الى قائمة مُلاحظاتها المُستَهلة بعنوان "بسـام و حقائقه"
أن ذوقه راقـي جداً في التأثيث..إلى الآن لم تعثر على خطأ في الجناح على الرغم أنها تتصيد منه أي هَفوة !

بَقِيَ لها بابان..وضعت يدها على مقبض الثالث منهم..فتحته و بأصابعها أضاءت الغرفة ليسقط الضوء على عينيها مُسبباً احتراق ضخ الدمع فيهما..

رائـحة ماضٍ أريجه حبات سُكر ناعمة تذوب على لسانها..حلوى "غزل البنات" و عطر العود المُشَبع بالبخور الأصيل..ضحكة أنثوية سعيـدة تعبرها هتافات تشجيع وتصفيق صداه يتردد بحماس..ثَقَل نَفسَها وارتعش لِتَكَسُّر الأُكسجينات في صدرها المرتفع و المنخفض برجفة..،قاومت الدمع و شهقة مُتَعثرة باغتت حنجرتها ورجليها تتحركان الى الداخل،تغوصان في الذكرى و شعورها يتخذ من اسمها معناه..

انعكست صورتها على الجدار المُصَمم على شكل مرآة كبيــرة..رفعت يدها تتحسس العمود المصنوع من خشب القَيقَب المُثبت على المرآة بطريقة عرضية..تتحسس ملمسه الناعم و أعصاب حسها تستذكر الإحساس الأشبه بنسيم بـارد كان يُرجِف أوصالها توتراً قبل كُل مُسابقة..ابتسمت و رأسها يرتفع للإضاءة الصفراء الخفيفة..و أحذية من الحرير تتدلى من السقف بجمالية مُتناهية..

توقفت قدماها أمام جدار أبيض..محفوف بإطارات احتوّت ما التقطته عدسة الذكرى..،تشابكت أصابعها ليستقر فوقهم ذقنها المُهتز من زعزعة المشاعر..تنفست بعُمق و الشهيق أذهله روعة الماضي البريئ..عيناها تتأملان الصور المُنتشرة بفوضوية مُبدعة..هُنا كانت مُسابقتها الأولى..و فستان الباليه الأول..كانت ترتدي البحر و اللؤلؤ يُعانق معصمها الصغير..ابتسامتها واسعة تشق وجهها من الخد الأيمن إلى الخد الأيسر..طريـق إبتسامة بمقاس طريق قصدته دَمعة من عينيها..إحدى الصور وهي تُكرَّم لفوزها بالمركز الأول،ضحكت بدموع فالدرع كان ثقيلاً و أكبر من حجم يدها ذات الستّ سنوات...،جالت عينيها على الصور و مع كل صورة تنخرط دمعة جديدة مُحَمَّلة بمذاق اللحظة التي التُقطت فيها..غابت على سَحابة إلى سماء شمسها تتراقص أشعتها على موسيقى بُحيرة البجع راسمة في الهواء حلقة تدور داخلها الشمس مُحتَكِرة الربيع ليكون فصلها الأوحد..،

،:عجبتش الغرفة ؟

استدار رأسها لصوته الذي أسقطها من سَحَباتها..صوتاً احتواه حائط قديم، زاويته ابتلعتها خيوط عنكبوت تفصل ماضٍ كان فيه الصوت العُنصر الصامت عن حاضرٍ لم يستفق من الصدمة بَعد..،انفصلت أصابعها ويديها تنحفضان للأسفل..أنزلت عينيها وهو يتقدم منها بخطوات ثابتة..يد في جيبه و الأخرى مُمسكة بشيء لم تُمَيزه..سأل مُجدداً

،:عجبتش ؟

رفعت رأسها و عينيها على صدره و ببرود مُتقن،:ايــي "و تساءلت" انت مسويها ؟

فَتحَ فمه ليُنطق لكن أغلقه للحظة ثم فتحه مُجدداً و نطق لسانه وعيناه تبتعدان عن زينة مُقلتيها للصور،:فكرة عمي و عمتي،و أنا وافقتهم عليها

همهمت بتفهم دون جواب..اقترب هو أكثر و رفع يده أمامها ليقول،:هذي تذاكر..عقب يومين سفرنا

عقّدت حاجبيها وعيناها ارتفعتا بحدة له مُتحررة من برودها..رددت كلمته الأخيرة بعدم فهم،:سفرنا ؟!

هزّ رأسه بالإيجاب،:اي سفرنا..أو مثل ما يقولون شهر العسل

صدر من أنفها صوت ساخر وهي تقول،:شهـر عسل ؟! شهالتفاهة !

ضاقت عينيه من كلمتها،:عفــواً !

كتَّفت ذراعيها وهي تُقَلب عينيها بملل مُتجاهلة نبرته،:آسفة بس ما ابي اسافر

اقترب خطوة لم تُحرّكها..لكن قشعريرة باغتت فقرات ظهرها حتى عُنُقِها وهي تشعر بإبهامه تحت عينها اليُسرى.. ارتفعت عيناها باتساع إلى وجهه و إبهامه يتحرك بخفة على طرف جفنها السفلي،يمسح آثار كحلها الذي بعثرته الدموع وهو يهمس و عيناه مُركزة في عملها..

،:أنا الا آسـف لان بتسافرين..انا جاي اعطيش خبر مو آخذ رايش

ركز عيناه في عينيها بعد أن أبدل إبهامه بالسبابة و الوسطة ، رَبَّت بخفة على خدها و كأنه يُحادث طفلة بإبتسامة خفيفة شدت شفتيه بنفور،:مفهــوم بابا ؟




 توقيع : عذبة المعاني





في قُلوبنا غصّة تخفى عن الناس
ولا تخفى عليك ياربّ .
اللهم انصر أهلنـا في غزة واخمد النار التي تتأجّج فينا مع
كُل ضربة تطال مقدّساتنا وأهلنا هناك، اللهم استودعناك
غزة، سماءها وأرضها، رجالها ونساءها، أطفالها
وشبابها، وكل شبر فيها يا قويّ يا عزيز.







مواضيع : عذبة المعاني


رد مع اقتباس