عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 06-11-2017, 09:56 PM
محمد سعد غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 410
 اشراقتي » Oct 2017
 كنت هنا » 20-11-2017 (03:21 PM)
آبدآعاتي » 13,757[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » خير ابادر به لغيري
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي إبليس والشبهة الأولى …




أسامة جربوع
حكاية إبليس ، لعنه الله ، حكاية قديمة قدم الإنسان ، إلا أنها وبالرغم من قدمها مازالت تتمتع بجاذبيتها وأهميتها الرمزية ، ومن ذلك إيرادها لكيفية وقوع أول شبهة في الخليقة !! وماكانت العودة للتذكير فيها ذات جدوى ، لولا وجود ذلك الارتباط العميق لمضمونها القديم ، بما جاء بعده وما ترتب عليه من تقسيمات وتصنيفات مذهبية ، لازالت آثارها ماثلة إلى يومنا هذا !
حكاية إبليس ، وببساطة ، تتلخص : في الإمتناع عن تنفيذه للأمر الإلهي بالسجود لآدم !! ووفقا لكتاب الملل والنحل لأبي الفتح الشهرستاني : عندما سألت الملائكة إبليس عن ذلك قال : إني سلَمت أن الباري تعالى إلهي وإله الخلق ، عالمٌ قادرٌ ، ولايُسأل عن قدرته ومشيئته ، وأنه مهما أراد شيئاً قال له كن فيكون ، وهو حكيمٌ ، إلا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة !
قالت الملائكة : ماهي ؟ وكم هي ؟
قال إبليس : سبعٌ !! وكانت أسئلة إبليس السَبعة تتعلق بالتالي :
- ماهي الحكمة من خلقه ، والخالق يعلم مايصدر عنه وما يحصل منه ؟
- إذا كان قد خلق بمقتضى إرادة الله ومشيئته ، فلِمَ كلَفه الله بمعرفته وطاعته ؟
- ثم لِمَ كلفه الله بطاعة آدم والسجود له ، حيث أن هذه الطاعة لآدم لاتزيد في معرفة الله وطاعته شيئاً ؟
- كان لقول إبليس لله : ” لاأسجد إلا لك ” ، و امتناعه عن السجود لآدم ، السبب في لعنه وإخراجه من الجنَة ، والله لم يخلقه إلا لذلك !!
- ثم لماذا سمح له الله بالعودة إلى الجنَة مرة ثانية ، بعد أن أخرجه منها ، وليوسْوسَ لآدم ليأكل من الشجرة ، ثم يخرجه منها بعد ذلك مع آدم ؟ فلو حصل له هذا المنع لكان آدم في الجنة خالداً فيها !!
- ثم ما الحكمة من تسليطه على أبناء آدم ونسله ، والوسوسة لهم والتأثير فيهم ، فيما هم لايؤثرون فيه بحولهم وقوتهم وقدرتهم واستطاعتهم ؟؟
- وبعد أن كُلـِّفت بما أنا عليه وقمت بعملي ، طُردت من الجنة مرتين لذلك ، وسُـلـِّطْتُ على بني آدم ، وطـَلبتُ من الله أن يمهلني ، فأمهلني !! فما الحكمة من ذلك ، وكان له أن يهلكني ، ويريح آدم والخلق مني ، ولم يبقَ شرٌّ في العالم ؟
أليس بقاء العالم على نظام الخير خيراً من امتزاجه بالشر ؟؟
حجج إبليس التي مرَ ذكرها ماذا كانت تعني ، وفقا لواضع كتاب الملل والنُحل :
- لقد كانت استبدادا بالرأي لإبليس في مقابلة النص !
- وكانت إختيارا للهوى في معارضة الأمر الإلهي !
- وكانت إستكبارا بالمادة التي خلق منها إبليس وهي النار على مادة آدم والتي هي الطين !
كان يمكن لهذه الحكاية أن تبقى في الإطار الذي جرت فيه ، وفي الحدود الزمانية التي انتسبت إليها ، إلا أن التداعيات التي تلت ذلك وعلى مدى قرون عديدة ، والتفسيرات المذهبية التي انطوت عليها قد ربطت أول هذه الحكاية بآخرها ! فقد سارت حجج إبليس التي ساقها في البشرية ، وسرت تلك الحجج في أذهان الناس حتى صارت مذاهب بدعة وضلالة ، أضلَ بها إبليس الإنسان بوسوساته وشبهاته لإنكار الأمر بعد الإعتراف بالحق ، والجنوح إلى الهوى في مقابلة النص !!
لقد حكَّم إبليس العقل على من لايُحْكَم عليه العقل ، واثار موضوع العلَة في الخلق ، والحكمة في التكليف ، وغيرها من الشبهات التي كانت في أساس العديد من المذاهب : كالمعتزلة والمشبِهة والروافض والخوارج …!!
إذًا : البذرة التي ألقى بها إبليس في بداية الخلق ، قد قسمت الناس إلى قسمين : قسم مؤمن طائع غير متسائل في أحكام الله وشرعه ، وذلك سبيله إلى العقل ، وآخر متسائل ومجتهد ومراجع في الشرع ، وذلك العقل سبيله إلى الشرع !!
كيف نوفق بين هؤلاء وأولئك ؟؟ وكيف نجد بين الفريقين المساحات المشتركة والفضاء المشترك الذي يجمع فيما بينهم ؟؟ بل لعله في المسائل العقائدية لاتوجد حلول توفيقية !! فعن أي شيء يتنازل كل فريق ؟؟
ثم ماذا يعني ” الوعي الطائفي ” في هذه الحالة ؟ هل هو سوى عملية ” تلميع ” وإعادة إحياء للطائفية نفسها ؟ ، وهل عملية التشديد عليها ستعني شيئاً آخر سوى تشدد الآخرين في مواجهتها ؟؟
أعتقد أن الفضاء المشترك ” المفقود ” لن يستطيع أن يكون سوى تحت مظلة من نوع آخر ، بعيداً عن الخلافات الطائفية والمذهبية والتي لاتوَلـِّد بحكم طبيعتها غير الخلافيات بين أتباعها ومريديها !
ولندعْ كل تلك العقائديات في مكانها بعيداً عن مظلة الوطن التي نستطيع أن نتفيأ ظلـَّها كمواطنين لاتستطيع شبهة إبليس أن تلحق بنا أو أن تطالنا !!!




 توقيع : محمد سعد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ محمد سعد على المشاركة المفيدة: