الموضوع: أوراق الخريف
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 14-01-2020, 08:29 PM
قلب المها غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 1417
 اشراقتي » Oct 2019
 كنت هنا » 22-01-2020 (10:10 PM)
آبدآعاتي » 980[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الاحساس والرومانسية لزوجي
موطني » دولتي الحبيبه Syria
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
أوراق الخريف



تأخر قدوم فصل الخريف هذا العام، للأسباب المعروفة والمعلومة، والتي لم يتفق السادة على وضع الحلول الناجعة لها!!
تأخر الخريف قليلاً، لكنه قدم رويداً رويداً، مثل إنبلاج الفجر، أوراق الأشجار، لم تتأخر عن ملاقاته... الأوراق الصفراء تخلت عن غصونها، وراحت تتراقص قبل أن تلامس التراب، الذي رواه مطر تشرين... من راقب الأوراق الصفراء وهي تتبختر لترتمي بعد هنيهة بين أحضان الأرض، يظن بأنه أمام مشهد عشق، لا أبهى ولا أحلى.. أما أوراق أشجار الصفصاف فقد تراقصت وتمايلت، راسمة مشهداً رائعاً للغواية! ولكن من يغوي من؟ أهي الأرض المتلهفة للحظة اللقاء، أم تلك، التي من عليائها تمارس ما يفعله المتصوف بخشوع ورجاء ولهفة..
رائعة تلك اللحظات وأروع ما فيها إن ما في نفسك من صفاء ونقاء يترقرق كماء عذب..
لكن كل شيء يتبدل ويتغير في برهة، وأنت واقف كالمذهول، تراقب، تحدق، تنظر، تتأمل، وكأنك في حفل فرعوني، تجمعت في عيون راقصاته دهشة تشبه السحر، قبل أن تُلقي عروس النيل بنفسها على صدره... يرافق هذا المهرجان الآسر، رذاذ يتحرل إلى مطر غزير، يغسل وجه الطبيعة بمائه المقدس، ثم يختلط بالتراب حيث يغور والأوراق الصفراء إلى أعماق الأعماق..
ملحمة مستمرة منذ فجر البداية ولا زالت تتكرر ما دامت الشمس تشرق، والقمر يهل والمياه تجري والدماء تنبض في العروق، ملحمة تُلهم الفكر والعقل والخيال والعاطفة واليراع والريشة والوتر...

أما البحر فله قصة أخرى، لأن وحدته ستطول، وسيفتقد عشاقه وأحبته والثرثرات وأصوات الأطفال وتنهدات الأحبة وشباك الصيادين وصراخهم حين تهب عواصف الشتاء، وهم في مراكبهم بعيداً عن شاطئ الأمان...
هذا العالم الجميل الذي يغرينا... هذا العالم الساحر يدفعنا لأن نتساءل مع كل عشاق الحياة:
لماذا يُصرّ الأشرار على اغتيال كل شيء جميل يزين كرتنا الزرقاء؟ مرّة بتلويث الهواء، ومرة بإزالة الغابات، ومرة بقتل الكائنات الحيّة، ومراراً بحروبهم التي لا تنتهي وبتجاربهم النووية وسواها وكأن المطلوب إبادة كل مخلوق على وجه الأرض خارج حدود سيطرتهم... وكأني بالنازية قد استردت روحها، وتقمص الحمقى أشخاصها، لكن بأساليب أشد فتكاً مما شهده العالم مع ذلك المجرم هتلر الذي تسبب بحرب كونية لم تمحُ السنون آثارها السيئة على البشر والحجر حتى الآن..
أُناس جدد.. أدوات مختلفة... شعارات زائفة، ضحيتها حتماً أمنّا الأرض التي لم تخذلنا منذ طلع النهار الأول وأشرقت شمسه وغردّت طيوره...
نزار سيف الدين




 توقيع : قلب المها



رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ قلب المها على المشاركة المفيدة: