الموضوع: شهادة المرأة
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 30-05-2020, 05:11 PM
فريال سليمي متواجد حالياً
 
 عضويتي » 3
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (07:02 PM)
آبدآعاتي » 1,258,905[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الرسم
موطني » دولتي الحبيبه Algeria
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي شهادة المرأة



شهادة المرأة


بسم الله، والحمد لله، والصلاة على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن ولاه.



اللهم إنا نعوذ بك من الجبن والبخل، ونعوذ بك من أن نُرَدَّ إلى أرذل العمر، ونعوذ بك من فتنة الدنيا، ونعوذ بك من فتنة القبر.



أثار أعداءُ الإسلام والشَّاكُّون فيه تساؤلاتِهم المريبة:

لماذا جعل القرآن شهادةَ الرجل معادِلةً لشهادة امرأتين؟

أليس في هذا تنقيصٌ لكرامة المرأة، وإهانة لإنسانيتها، أو تقرير للأوضاع الجاهلية السائدة قبل الإسلام في النظرة الدولية لها؟!



لقد جاء مبدأُ توثيق الحقوق وإثباتها عن طريق الكتابة والشهادة في آية المداينة، فقال -تعالى-: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ [البقرة: 282]، ولا يخفى أن الحديث في الآية حول توثيق الحقوق لئلا تضيع، ولا علاقة لها بإنسانية المرأة وكرامتها وأهليتهما، والسبب في عد الإسلام شهادة امرأتين مقابل شهادة رجل واحد، يعود إلى ما يأتي:

1- يريد الإسلام للمرأة أن تكون رسالتُها الاجتماعية مقصورةً على شؤون الأسرة، وهذا ما يقتضيه لزوم بيتها في أغلب الأوقات، وهذه الرسالة يجعلُها غيرَ مهتمة بما عدا ذلك فيما يتعلق بالمعاملات المالية وما شابهها، بل تكون ممارستُها لها أو حضورها لمجالسها لا يقع إلا قليلاً؛ لذلك تكون ذاكرتها في هذه الجهة ضعيفةً، بعكسها في الأمور المنزلية، فإنها تكون فيها أقوى من ذاكرة الرجل؛ ذلك أن من طبيعة البشر ذكورًا وإناثًا أن يَقْوَى تذكُّرهم للأمور التي تهمهم، ويكثر اشتغالُهم بها، ولا تنخرم تلك القاعدة بممارسة عدد من النساء للأعمال المالية؛ لأنها قليلة، والأحكام العامة إنما تُناط بالأكثر في الأشياء وبأصلها، دون الشاذ منها.



2- جعل الله طبيعة المرأة تتميَّز من الرجل برهافةِ الحس، وقوة الوجدان، ورقَّة القلب، وقد جعلها اللهُ بهذه الطبيعة لتؤدِّي وظيفتَها الأساسية من الحضانة والأمومة على خير وجهٍ؛ لذلك جاءت عاطفتُها أقوى من تفكيرِها، وتطغى عليه في كثيرٍ من تصرُّفاتها؛ لذا جاء استبعادُ شهادتِها في القضايا الخطرة كالحدود والدماء، وفيما عداهما قبلت مع شهادة رجلٍ، بشرط أن تكون معها واحدة أخرى؛ حتى إذا نسيت إحداهما ذكَّرتْها الأخرى، ثم أخذ بشهادتها وحدَها في الأمور التي لم يطَّلع عليها غيرها.



3- إن الشهادة تحملاً وأداءً بحاجةٍ إلى الصلابة والشجاعة، والقدرة على الخروج من نطاق العاطفة، في حين أن المرأة تهلع أمام الشدائد من الجرائم، وترق أمام الأحزان، فلا تملك رباطة الجأش لرؤية القتل مثلاً، حتى تشهد أمام القاضي، ولا يأمن من جانب عاطفتِها حينما ترى المتَّهم في قفص الاتهام ينتظر الحكم بالموت مثلاً من أن تشفق عليه، فتبدل الشهادة، أو تحجم عن أدائها؛ لذا جاء الإرشاد إلى الاستشهاد وَفْقَ الآية المذكورة.



يقول أحد الكتَّاب المسلمين: "ليس اعتبار شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد دليلاً كذلك على أن المرأة تساوي نصف رجل، إنما هي إجراء رُوعِيَ فيه توفير كل الضمانات في الشهادة، سواء كانت الشهادة لمصلحة المتهم أم ضده، ولما كانت بطبيعتها العاطفية المتدفقة السريعة الانفعال مظنَّةَ أن تتأثَّر بملابسات القضية، فتضل عن الحقيقة؛ رُوعِي أن تكون معها امرأةٌ أخرى؛ أن تضل إحداهما فتذكَّر إحداهما الأخرى، وقد يكون المشهودُ له أو عليه امرأة جميلة تثير غيرةَ الشاهدة، أو قد يكون فتى يثير كوامن الغريزة، أو عاطفة الأمومة، إلى آخر هذه العواطف التي تدفع إلى الضلال بوعي أو بغير وعي، ولكن من النادر جدًّا حين تحضر امرأتان في مجال واحد أن تتفقا على تزييفٍ واحدٍ، دون أن تكشف إحداهما خبايا الأخرى، فتظهر الحقيقة.



4- لا تعني الآيةُ عدمَ الأخذ بشهادة المرأة الواحدة مطلقًا، بل أجاز الإسلام الأخذ بشهادة امرأة واحدة أو امرأتين من دون الرجل في الحوادث الفجائية، أو في الحالات التي إن لم تؤخذ بشهادتها ضاعت الحقوق، وكذلك يؤخذ بشهادتها دون الرجل في الحوادث التي لا تشهَدُها إلا النساء، وقد دلَّ القرآن على قَبول شهادة اثنين من الكفَّار على وصية المسلم الذي يدركه الموت فيوصي ولا يجد أحدًا غير الكفار للإشهاد عليها، وذلك بقوله -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ﴾ [المائدة: 106]، فإذا كانت شهادة الكفار على وصية المسلم نافذةً، كما قال بذلك عدد من الصحابة والفقهاء، وأحمد بن حنبل، وابن تيمية، والقرطبي، فمما لا شك فيه أن شهادة المسلم رجلاً كان أم امرأةً أَوْلى بالأخذ من شهادة الكافر.



ذكرنا من قبلُ أن آية المداينة لا تعني عدمَ الأخذ بشهادة المرأة في تبيينِ الحق؛ لأن البيِّنة - كما حقَّقها ابن القيم - أعمُّ من الشهادة المقيَّدة بالشاهدينِ، أو الشاهد واليمين، وطلب توثيق العقود المالية المؤجَّلة بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين جاءت في آية المداينة في مورد الإرشاد للطريقة المثلى في التوثيق والإثبات؛ لذلك ذهب الظاهرية، وابن تيمية، وابن القيم، وبعض المحدثين من فقهاء العصر؛ كالعلامة محمد جليزادة، ومحمد عزة دروزة، إلى قَبولِ شهادة المرأة في جميع المسائل حتى في الحدود والدماء والعقود كالنكاح وما شابهه؛ استنادًا إلى الآيات المتعلقة باستشهاد الشهداء بصفة عامة دون تمييز بين أن يكون الشاهد ذكرًا أم أنثى؛ ومن ذلك قوله -تعالى-: ﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [الطلاق: 2]، وقوله -تعالى-: ﴿ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 15]، وقوله -تعالى-: ﴿ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ [النور: 4]، فقد قصد بالشهداء في هذه الآيات الرجال والنساء؛ لعدم وجود قرينة تدل على أن المراد شهادة الرجل فقط دون المرأة.



كما أنه من المتفق عليه أن شهادة المرأة وحدها تُقبَل في أمور اختصاصها؛ كشهادتها في الرضاع، والبكارة، والثيوبة، والحيض، والولادة، وكذلك جماعات النساء والأعراس، ونحو ذلك مما كان تختص بمعرفته النساء، بل هي في هذه الأمور تعدُّ شهادتها أحق من شهادة الرجل.



كما أن القرآن قد نصَّ على المساواة في الشهادة بين المرأة والرجل إذا اتَّهم الرجل زوجتَه بالسوء بأن يشهد كلٌّ منهما أربع شهادات، قال الله -تعالى-: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 6 - 9].



والإسلام لم يكتفِ باحترامِ إنسانية المرأة، وأنها كالرجل في هذه الإنسانية، بل احترم رأيها، فمنحها حق الانتخاب، فقد ذهب كثيرٌ من المفكرين المسلمين المعاصرين إلى جواز إعطاء المرأة حق الانتخاب (ناخبة ومنتخبة) مستدلِّين بالأدلة الآتية:

1- قوله -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 12]، تدلُّ الآية على مشروعية مبايعة النساء للرسول -صلى الله عليه وسلم- كمبايعة الرجال له.



2- قوله -تعالى-: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ [آل عمران: 61]، ففي هذه الآية الدلالةُ الواضحة على مشاركة النساء للرجال في الاجتماعات والأمور العامة، وعدها كالرجل في ذلك.



3- قوله -تعالى-: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1]، تدلُّ الآية على أن للمرأة الحقَّ بمطالبة حقوقها، والدفاع عنها، ومجادلة أولي الأمر فيما يقع عليها من حرمان وإهمال.



4- قوله -تعالى-: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]، الآية واضحةُ الدلالة على مشروعية إبداءِ رأيِها، أو توجيه النصح للحاكمين، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متى كانت عالمة بما تقول.



5- اشتراك المرأةِ في بيعة العقبة الأولى وبيعة العقبة الثانية؛ حيث اشتركت في الأولى: عفراء بنت عبدالله بن ثعلبة، وفي الثانية: عمارة وأم منيع.



6- عمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإشارة زوجته أم سلمة يوم الحديبية، وقد كان أنكر حال المسلمين، فدخل عليها قائلاً -صلى الله عليه وسلم-: ((هلك المسلمون؛ أمرتُهم مرارًا فلم يُجِبْني أحد))، فقالت: لا تلُمْهم؛ فإنهم قد دخَلَهم أمرٌ عظيم مما أدخلت على نفسِك من المشقَّة في أمر الصلح، ولكن اخرج ولا تكلم أحدًا منهم، وانحر بُدْنَك، واحلق رأسك، فإنهم يفعلون كما فعلت، فكان الأمر كما قالت، وسميت بذلك مستشارة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي هذا ما يدل أيضًا على تسويغ الإسلام للمرأة بالعمل في مجال السياسة، والتي منها حق الانتخابات.



7- مناقشة امرأة مسلمة للخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما نهى فوقَ المنبر عن الإكثار من صداق النساء، فقالت له: يا أمير المؤمنين، نهيتَ عن الزيادة في مهور النساء؟ فقال: نعم، فقالت: أما سمِعْت ما أنزل الله في القرآن: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 20]، فقال عمر: اللهم غفرانًا، أكلُّ الناسِ أفقهُ من عمر؟ ثم رجع فركب المنبر وقال: كنتُ نهيتُكم ألا تزيدوا في المهور على أربعِمائةِ درهمٍ، فمن شاء فليفعل.



ولو أخذنا بلغة العصر لقلنا: إن الإسلام يجيز للمرأة أن تكون عضوًا في البرلمان وأن تشارك في وضع القواعد العامة؛ لأن من حقها أن تؤمَّ المساجد، والمسجد كان برلمان الأمة الإسلامية.



واستنادًا إلى الأدلة السابقة، فقد ذهب فريقٌ من المفكِّرين المسلمين المعاصرين - من بينهم الأستاذ محمد أبو زهرة - إلى أن المرأة هي الأحقُّ من الرجل وأصلح منه لأن تتولى الوزارة التي تحتاج إلى الشفقة والرحمة؛ كوزارة الشؤون الاجتماعية، أو أية وزارة تتخصص لشؤون المرأة وحماية مصالحها.



أما قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لن يفلح قوم ولَّوا أمْرَهم امرأة))، قصد به - والله أعلم - الإمامة العظمى أو الخلافة العظمى؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الحديث عندما سمع بتنصيب الفرس (بوران) ملِكةً عليهم بعد وفاة أبيها (شيرويه بن أبرويز) كسرى العجم؛ لذا لا يشمل الحديث غير الرئاسة العامة.



فالإسلام لم يفرِّق بين المرأة والرجل في القضايا الإنسانية، فقد ساوى بينهما مثلاً في حق التملك، وساوى بينهما في حق اختيار الزوج دون إكراه، وساوى بينهما في حق العمل، وساوى بينهما في حق طلب العلم والتعلم والتعليم، وغير ذلك من الأمور الإنسانية، بل من الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة، مما لم تجده في دساتير مَن ينادون بحقوق المرأة، حق أمانها، ويقصد بالأمان: الجِوار (بكسر الجيم)، وهو إعطاء غيرك ذمة، فيكون بها جارك فتجيره، وهذا وارد في قوله -تعالى-: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ ﴾ [التوبة: 6]، واستدل جمهور الفقهاء على جواز الأخذ بأمان المرأة بما يأتي:

1- أخرج البخاري بسنده عن أم هانئ ابنة أبي طالب، تقول يوم الفتح في حديث طويل: "فقلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي عليٌّ (تعني أحد إخوتها، وهو علي بن أبي طالب) أنه قاتلٌ رجلاً قد أجرتُه؛ فلان بن هبيرة، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أجَرْنا مَن أجرتِ يا أم هانئ))، والحديث واضح الدلالة على جواز أمان المرأة، وأن مَن استجار بها وأستأمنها فأجارته وأمَّنَتْه، حرُم قتله.



2- أخرج البيهقي بسنده عن أم سلمة زوجةِ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل إليها زوجها أبو العاص بن الربيع أن خُذي لي أمانًا من أبيك، فخرجت فأطلعتْ رأسَها من باب حجرتها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الصبح يصلي بالناس، فقالت: أيها الناس، أنا زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإني قد أَجَرْتُ أبا العاص، فلما فرغ النبي -صلى الله عليه وسلم- من الصلاة، قال: ((أيها الناس، إني لم أعلم بهذا حتى سمعتموه، ألا وإنه يجير على المسلمين أدناهم)).



3- وكذلك استئمان أم حكيم بنت الحارث بن هشام زوجها عكرمة بن أبي جهل يوم الفتح من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وموافقته على ذلك، وإرجاعها زوجها من اليمن على هذا الأساس.



4- وأخرج البخاري بسنده عن علي - رضي الله عنه - (حول ما ورد في الصحيفة، والتي منها) ما قاله -صلى الله عليه وسلم-: ((وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا (أي: نقض عهد مسلم)، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل)).



5- روى الترمذي بسنده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن المرأة لتأخذ للقوم))؛ يعني: تجير على المسلمين.



فقد احترم الإسلام رأيَ المرأة حتى في أخطر القضايا السياسية والعسكرية، وهو قبول استئمانها لأي عدوٍّ كان من أعداء الإسلام، ومن دونِ أن تستشير السلطة الإسلامية في ذلك، بل وجب على السلطة الإسلامية العليا وعلى الأمة بأسرها - وبأمر من الكتاب والسنة - قَبولُ هذا الأمان، فلا يجوز أن يمس سلطانُ الدولة الإسلامية بسوء رجلاً أمَّنتْه امرأةٌ مسلمة، واستجار بها فأجارته، ولو كان هذا الرجل عدوًّا للسلطان وللدولة.



وهذا من المزايا التي انفردت بها الشريعة الإسلامية، فليس هناك قانون في أي دستور كان من دساتير أوروبا والغرب ينصُّ على إعطاء المرأة مثل هذا الحق.



اللهم بصرنا نساءً ورجالاً بأحكام شرعك، وزدنا جميعًا يقينًا على يقين، اللهم




 توقيع : فريال سليمي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
مواضيع : فريال سليمي


رد مع اقتباس