الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ بـِ حُـبْ آلله نَلْتَقـيْ ﹂ ✿ |
|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الرفق والرحمة
الرفق والرحمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار. أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين. عباد الله؛ تحفيز الهمة على الرفق والرحمة، تحفيز الهمم، همم الناس، على أن يرحم بعضهم بعضاً. إن الرَّحْمَةَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، والآداب العالية الرفيعة، قَالَ سبحانه وتَعَالَى عن رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]. وَقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]. وَقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ"). (ك) (100)، (مي) (15). وللرحمة والتَّراحم بين الخلائق فَضْلٌ عظيم، وأجر جسيم، فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"). (ت) (1924)، (د) (4941). أيها الناس، أيها المسلمون، تراحموا ولا تُصِرُّوا على العنف والغلظة والقسوة، وأنتم تعلمون أن ما تفعلونه لا يجوز، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ("ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللهُ لَكُمْ، وَيْلٌ لِأَقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"). (خد) (380)، (حم) (6541). (الأقماع) جمع قُمع، وهو: الإناء الذي يُجعل في رأس الظرف ليُملأ بالمائع، شبَّه استماع الذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تَعِي شيئا مما يُفرغ فيها، فكأنه يَمرُّ عليها مُجتازا كما يمر الشراب في القُمع. (وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ)، أَيْ: على الذنوب، العازمين على المداومة عليها. فيض القدير (1/ 607). -أَيْ: يَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ تَابَ، تَابَ الله عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَسْتَغْفِرُونَ (فتح). وقَالَ صلى الله عليه وسلم عن البكاء على الميت بدموع، ولا صراخ فيه، ولا عويل أو لطم، أو شق للجيوب أو نتف للشعر، قال: ("هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ"). (خ) (1224)، (م) (11) - (923). الرحمة؛ أين مكان الرحمة في جسم الإنسان؟ هل هي في قلبه؟ أم هل هي في رأسه؟ أم في كبده؟ أم في رئته؟ يجيب عن ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد ورد عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: (إِنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ، وَالرَّحْمَةَ فِي الْكَبِدِ، وَالرَّأفَةَ فِي الطِّحَالِ، وَالنَّفَسَ فِي الرِّئَةِ). (خد) (547). وأثبت علماء الطب الحديث أن الذي يشرب الخمر يتشمع كبده، وينزع الله من قلبه الرحمة على أولاده -وعلى غيرهم-. فمن يبحث عن لين قلبه والرحمة، فعليه بمسح رؤوس الأيتام ورحمتهم، وإطعامِ المساكين، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: (أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَشْتَكِي قَسَاوَةَ قَلْبِهِ)، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ؟") فَقَالَ: (نَعَمْ!) قَالَ: ("ارْحَمِ الْيَتِيمَ، وَامْسَحْ رَأسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قَلْبَكَ، وَتَقْدِرُ عَلَى حَاجَتِكَ"). أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 214). وفي رواية: ("إِنْ أَرَدْتَ تَلْيِينَ قَلْبِكَ، فَأَطْعِمْ الْمَسَاكِينَ، وَامْسَحْ رَأسَ الْيَتِيمِ"). (حم) (7566). وديننا حثنا على الرَّحْمَةِ بمخلوقات الله سبحانه وتعالى، حتى بِالْحَيَوَانِ وذلك بِإِطْعَامِهِ وَسِقَايَته، وعدمِ القسوة عليه، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشَمٍ رضي الله عنه قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الضَّالَّةِ مِنْ الْإِبِلِ تَغْشَى حِيَاضِي)، -إبل ليس لها صاحب، عندما ترى تجمع الإبل مثلها، وترد على البئر أو الحوض، تأتي هذه الإبل الضالة،- (وَقَدْ مَلَأتُهَا مَاءً لِإِبِلِي)، -الحياض مليئة، وهو تعب وهو ينزع من الماء-، (فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ إِنْ سَقَيْتُهَا؟!) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("نَعَمْ! فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّاءَ أَجْرٌ"). (حم) (17617). (الحرَّاء) من -الْحَرَارَةُ فِي الْأَصْلِ -وهي- ضِدُّ الْبُرُودَةِ، وَأُرِيدَ بِهَا هُنَا الْحَيَاةُ، لِأَنَّ الْحَرَارَةَ تُلَازِمُهَا. نيل الأوطار (10/ 492). ومن الرحمة سقايةُ الكلابِ ونحوها، وفيها أجر ومغفرة من الله سبحانه وتعالى، فـعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه في قصة الرجل الذي سقى الكلب، وأثابه الله سبحانه، قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ! وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْراً؟!) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ"). (خ) (2234)، (م) (2244). (يَأكُلُ الثَّرَى)، أَيْ: يَلْعَق التُّرَاب النَّدِيّ، وَفِي الْمُحْكَم الثَّرَى التُّرَاب، وَقِيلَ: التُّرَاب الَّذِي إِذَا بُلَّ لَمْ يَصِرْ طِينًا لَازِبًا. (فتح الباري). وغفر سبحانه وتعالى لزانية بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل؛ لرحمتها كلبًا كان شديدَ العطش فسقته، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، رَأَتْ كَلْبًا يَلْهَثُ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، يُطِيفُ بِبِئْرٍ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ"). (خ) (3143)، (م) 154- (2245)، (م) 155- (2245). فأين هذا الخُلُق ممن يمنع الناس من حقِّهم في الماء؟ إنَّ حرمان الإنسانِ والحيوانِ مما يحتاجه من الغذاء والشراب؛ جريمةٌ لا تغتفر، ينتقم الله من فاعليها في الآخرة إن نجوا من العقوبة عليها في الدنيا، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("عُرِضَتْ عَلَيَّ جَهَنَّمُ") -رآها صلى الله عليه وسلم- ("يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا")؛ -تعذب في قطة لها- ("فلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ مِنْ الْجُوعِ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، فَهِيَ إذَا أَقْبَلَتْ تَنْهَشُهَا")، -تُعَذَّب بالقطة يوم القيامة- ("وَإذَا أَدْبَرَتْ تَنْهَشُهَا، وَغُفِرَ لِرَجُلٍ نَحَّى غُصْنَ شَوْكٍ عَن الطَّرِيقِ"). (خ) (712)، (1154)، (2236). اعلموا عباد الله! أنّ رحمةَ مخلوقات الله بسقاية الماء أجرها يجري إلى يوم القيامة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ حَفَرَ مَاءً، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ كَبِدٌ حَرَّى مِنْ جِنٍّ، وَلَا إِنْسٍ، وَلَا طَائِرٍ، وَلَا سَبُعٍ، إِلَّا آجَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"). (تخ) (1/ 331)، (خز) (1292)، (حَرَّى): عَطْشىَ، وَهِيَ تَأنِيث حَرَّان. ولا يجوز الاعتداء على الأولاد أمام الأمهات، ولا التفريقُ بينهم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً)، -الحُمَّرة: طَائِر صَغِير -لونه أحمر- كَالْعُصْفُورِ- (مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتْ الْحُمَّرَةُ، فَجَعَلَتْ تَرِفُّ عَلَى رَأسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ("مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟! رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا، رَحْمَةً لَهَا")، (وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا)، فَقَالَ: ("مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟!")، قُلْنَا: (نَحْنُ!) قَالَ: ("إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ"). (د) (2675)، وفي رواية: ("لَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللهِ عز وجل"). (حم) (4018). فكيف بمن يعذب الأبرياء دون وجه حقٍّ؟! وليس من الرحمة تجويعُ الحيوان وإتعابُه، وتحميلُه فوق طاقته، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: (كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ -أي: عند قضاء حاجته- هَدَفٌ) -الهدف: كُلّ بِنَاء مُرْتَفِع مُشْرِف- -من البنيان ونحوه- (أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ)، -مجموعة من النخيل- (فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا) -الْحَائِطُ: الْبُسْتَانُ مِنْ النَّخْلِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، وَهُوَ الْجِدَارُ- (لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؛ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَ سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ) -سراة البعير: أعلى -سنامه وظهره، والذِّفْرَى مِنْ الْبَعِير مُؤَخِّر رَأسه-. فَقَالَ: ("مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْجَمَلِ؟! لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟!")، فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: (لِي يَا رَسُولَ اللهِ!) فَقَالَ: ("أَلَا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا؟! فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ"). (م) 79- (342). تجيعه: لا تطعمه الطعام الكافي، وأدأبه: أجهده بملازمة العمل والإكثار منه، وأتعبه فوق طاقته. وليس من الرحمة إظهارُ السكينِ وسنُّها أمام البهيمة قبل الذبح، والبهيمة تنظر؛ فالبهائم تعرف الموت وأسبابَه، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله -تعالى- عنهما قَالَ: (أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِّ الشِّفَارِ)، -أي سن السكاكين،- (وَأَنْ تُوَارَى عَنْ الْبَهَائِمِ)، -لا يكون على مرأى ولا على مسمع من البهيمة،- وَقَالَ: (إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ). (جة) (3172)، (حم) (5864). يعني يسرع الذبح حتى لا يطول ألـمُها ويكون فيها عذاب لها. فالرحمة مطلوبة حتى عند الذبح، عَنْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسِ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ فَأَرْحَمُهَا)، -يعني أثناء الذبح يرحم-، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ"). (حم) (15630). وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ رَحِمَ وَلَو ذَبِيحَةَ عُصْفُورٍ، رَحِمَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"). (طب) (8/ 234 ح7915). فالرِّفْقُ بِالْحَيَوَانِ مطلوب، وضربُه دون حاجةٍ غير مرغوب، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله -تعالى- عنها قَالَتْ: (خَرَجَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَادِيَةِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَعْطَى نِسَاءَهُ بَعِيرًا بَعِيرًا غَيْرِي)، -كل واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كان من نصيبها بعير، إلا عائشة رضي الله عنها، قالت:- فَقُلْتُ: (يَا رَسُول اللهِ! أَعْطَيْتَهُنَّ بَعِيرًا بَعِيرًا غَيْرِي؟!) وتطييباً لخاطرها قالت: (فَأَعْطَانِي بَعِيرًا آدَدَ صَعْبًا، لَمْ يُرْكَبْ عَلَيْهِ)، -ليس ميسرا للسير، ويقولون ليس مطبَّع- (فَجَعَلْتُ أَضْرِبُهُ)، فَقَالَ لِي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("يَا عَائِشَةُ! ارْفُقِي بِهِ، فَإِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ"). (م) 78، 79- (2594). ولا يجوز اتخاذ ظهور الحيوان منابر لتبادلِ الحديث، هذا راكب حماره، وهذا راكب بغلته، ويتحدثان وهما واقفان، هذه ليست منابر، انزل على الأرض تحدث كما شئت، هذه الدواب جعلت لشيء معين ليس لهذا. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ، فَإِنَّ اللهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ، فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ"). (د) (2567). ارحموا الإنسان وارحموا الحيوان، وارفقوا بالدواب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("أَخِّرُوا الْأَحْمَالَ، فَإِنَّ الْأَيْدِيَ مُعَلَّقَةٌ، وَالْأَرْجُلَ مُوثَقَةٌ"). (هق) (11441)، (طس) (4508)، (أَخِّرُوا الْأَحْمَالَ)، أَيْ: لا تضعوا الأحمال على الدوابّ حتى يَحينَ موعد الرَّحيل لا قبله، وقت الرحيل ضعها، لكن قبل ذلك تبقى واقفة وعليها الحمل، واجعلوا الحِمل وسط ظهر الدابة، فإنه إن قُدِّمَ عليها أضرَّ بيديها، وإن أُخِّرَ أضرَّ برجليها. إن السلف الصالح ذا الشفقة والرحمة على الدواب؛ إذا نزلوا أثناء سفرهم لا يُصلّون حتى يحلّوا الرحال، وينزلوا الأحمال، عن ظهور الدواب والجِمَال: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلاً، لَا نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَالَ". (د) (2551)، (طس) (1376) -قَالَ الْخَطَّابِيُّ -شارحا للحديث-: أَيْ: لَا نُصَلِّي سُبْحَة الضُّحَى -قدر الركعتين- حَتَّى نَحُطّ الرِّحَال -عن الجمال والدواب- وَنُلَجِّم الْمَطِيّ، وَكَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يَطْعَمَ المسافر والرَّاكِبُ إِذَا نَزَلَ حَتَّى يَعْلِفَ الدَّابَّة. عون المعبود (5/ 452). إنّ الرحماء لا يأكلون طعاما، حتى يقدِّموا لدوابِّهم ما تأكله، أين نحن من هذه الأخلاق؟ وإذا كان وَسْم؛ وهو التعليم على الوجه لتُعرف أنها لفلان وَضَرْبُ وَجْهِ الْحَيَوَان لا يجوز، فكيف بتعذيب الإنسان، وضربِه على وجهه؟! عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: (مَرَّ حِمَارٌ برَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كُوِيَ فِي وَجْهِهِ)، -عالجوه بكييه في وجهه بالنار- (تَفُورُ مِنْخِرَاهُ دَمًا)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا، ثُمَّ نَهَى عَنِ الْكَيِّ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ، وَالضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ"). (م) 106- (2116)، (ت) (1710). قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللهُ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ". (س) (4442)، (حم) (3133) فكيف بمن مَثَّل وعذَّب الإنسان؟! أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 07:57 PM
|