الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
عبق التراث والآثار ✿ ثقافَات منقوِِله جَديدَه أو قديمهِِ تَطِـلْ مِـن حاضراًومستقبلاً. ﹂ ✿ |
|
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بناء مدينة بغداد
بناء مدينة بغداد
وابتدأ المنصور سنة ست وأربعين في بناء مدينة بغداد، وسبب ذلك ثورة الراوندية عليه بالهاشمية، ولأنه كان يكره أهل الكوفة، ولا يأمن على نفسه منهم. فتجافى عن جوارهم وسار إلي مكان بغداد اليوم، وجمع من كان هنالك من البطارقة، فسألهم عن أحوال مواضعهم في الحرّ والبرد والمطر والوحل والهوام، واستشارهم فأشاروا عليه بمكانها. وقالوا تجيئك الميرة في السفن من الشام والرّقة ومصر والمغرب إلي المصرات. ومن الصين والهند والبصرة وواسط وديار بكر والروم والموصل في دجلة. ومن أرمينية وما اتصل بها في تامر حتى يتصل بالزاب. وأنت بين أنهار كالخنادق لا تعبر إلا على القناطي والجسور. وإذا قطعتها لم يكن لعدوك مطمع، وأنت متوسط بين البصرة والكوفة وواسط والموصل، قريب من البر والبحر والجبل. فشرع المنصور في عمارتها. وكب إلي الشام والجبل والكوفة وواسط والبصرة في الصنّاع والفعلة واختار من ذوي الفضل والعدالة والعفة والأمانة والمعرفة بالهندسة، فأحضرهم لذلك، منهم: الحجاج بن أرطاة، وأبو حنيفة الفقيه. وأمر بخطها بالرماد، فشكلت أبوابها وفضلانها وطاقاتها ونواحيها، وجعل على الرماد حب القطن. فأضرم ناراً ثم نظر إليها وهي تشتعل، فعرف رسمها وأمر أن تحفر الأسس على ذلك الرسم. ووكل بها أربعة من القواد يتولى كل واحد منهم ناحية. ووكل أبا حنيفة بعدّ الآجر واللبن. وكان أراده على القصاء والمظالم لأبى. فحلف أن لا يقلع عنه حتى يعمل له عملاً، فكان هذا. وأمر المنصور أن يكون عرض أساس القصر من أسفله خمسين ذراعاً ومن أعلاه عشرين، وجعل في البناء القصب والخشب، ووضع بيده أّول لبنة وقال بسم الله والحمد لله والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. ثم قال ابنوا على بركة الله، فلما بلغ مقدار قامة جاء الخبر بظهور محمد المهديّ، فقطع البناء وسار إلي الكوفة حتى فرغ من حرب محمد وأخيه، ورجع من مدينة ابن هبيرة إلي بغداد واستمر في بنائها، واستشار خالد بن برمك في نقض المدائن والإيوان. فقال: لا أرى ذلك لأنه من آثار الإِسلام وفتوح العرب، وفيه مصفى عليّ بن أبي طالب، فاتهمه بمحبة العجم، وأمر بنقض القصر الأبيض، فإذا الذي ينفق في نقضه أكثر من ثمن الجديد فأقصر عنه. فقال خالد: لا أرى إقصارك عنه لئلا يقال عجزوا عن هدم ما بناه غيرهم، فأعرض عنه ونقل الأبواب إلي بغداد من واسط ومن الشام ومن الكوفة، وجعل المدينة مدورة، وجعل قصره وسطها ليكون الناس منه على حد سواء. وجعل المسجد الجامع بجانب القصر وعمل لها سورين، والداخل أعلى من الخارج. ووضع الحجاج بن أرطاة قبلة المسجد، وكان وزن اللبنة التي يبني بها مائة رطل وسبعة عشر رطلاً وطولها ذراع في ذراع، وكانت بيوت جماعة من الكتاب والقواد تشرع أبوابها إلي رحبة الجامع، وكانت الأسواق داخل المدينة فأخرجهم إلي ناحية الكرخ لمّا كان الغرباء يطرقونها ويبيتون فيها، وجعل الطرق أربعين ذراعاً، وكان مقدار النفقة عليها في المسجد والقصر والأسواق والفضلان والخنادق والأبواب أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف وثلاثة وثلاثين ألف درهم. وكان الأستاذ من البنائين يعمل يومه بقيراط، والروز كاري بحبتين، وحاسب القواد عند الفراغ منها فألزم كلاَّ بما بقي عنده، وأخذه حتى أخذ من خالد بن الصلت منهم خمسة عشر درهما بعد أن حبسه عليها. العهد للمهدي وخلع عيسي بن موسي كان السفّاح قد عهد إلي عيسى بن موسى بن عليّ وولاه على الكوفة فلم يزل عليها، فلما كبر المهديّ أراد المنصور أبوه أن يقدمه في العهد على عيسى، وكان يكرمه في جلوسه فيجلس عن يمينه والمهدي عن يساره، فكلمه في التأخر عن المهديّ في العهد فقال: يا أمير المؤمنين كيف بالإيمان التى عليّ وعلى المسلمين وأبى ذلك، فتغير له المنصور وباعده بعض الشيء. وصار يأذن للمهديّ قبله ولعمه عيسى بن عليّ وعبد الصمد. ثم يدخل عيسى فيجلس تحت المهديّ واستمر المنصور على التنكر له وعزله عن الكوفة لثلاث عشرة سنة من ولايته، وولى مكانه محمد بن سليمان بن علي، ثم راجع عيسى نفسه فبايع المنصور للمهديّ بالعهد، وجعل عيسى من بعده. ويقال: إنه أعطاه أحد عشر ألف ألف درهم، ووضع الجند في الطرقات لأذاه وإشهاد خالد بن برمك عليه جماعة من الشيعة بالخلع تركت جميعها لأنها لا تليق بالمنصور وعدالته المقطوع بها فلا يصح من تلك الأخبار شيء. خروج استادسيس كان رجل ادعى النبوَّة في جهات خراسان فاجتمع إليه نحو ثلثمائة ألف مقاتل من أهل هراة وباذغيس وسجستان، وسار إليه الأخثم عامل مرو الروذ في العساكر، فقاتل الأخثم وعامة أصحابه، وتتابع القواد في لقائه فهزمهم. وبعث المنصور وهو بالبرداق خازم بن خزيمة إلي المهديّ في إثني عشر ألفاً، فولاه المهدي حربه فزحف إليه في عشرين ألفاً. وجعل على ميمته الهيثم بن شبة بن ظهير، وعلى ميسرته نهار بن حصن السعدي، وفي مقدمته بكّار بن مسلم العقيلي، ودفع لواءه للزبرقان. ثم راوغهم في المزاحفة وجاء إلي موضع فخندق عليه وجعل له أربعة أبواب، وأتى أصحاب أستادسيس بالفؤس والمواعيل ليطموا الخندق، فبدؤا بالباب الذي يلي بكّار بن مسلم، فقاتلهم بكّار وأصحابه حتى ردّوهم عن بابهم. فأقبلوا على باب خازم وتقدم منهم الحريش من أهل سجستان، فأمر خازم الهيثم بن شعبة أن يخرج من باب بكّار ويأتي العدو من خلفهم، وكانوا متوقعين قدوم أبي عون وعمر بن مسلم بن قتيبة وخرج خازم على الحريش واشتد قتاله معهم. وبدت أعلام الهيثم من ورائهم، فكبر أهل العسكر وحملوا عليهم فكشفوهم، ولقيهم أصحاب الهيثم فاستمر فيهم القتال، فقتل سبعون ألفاً وأسر أربعة عشر، وتحصّن أستادسيس على حكم أبي عون، فحكم بأن يوثق هو وبنوه ويعتق الباقون، وكتب إلي المهديّ بذلك فكتب المهديّ إلي المنصور. ويقال: إنّ أستادسيس أبو مراجل أم المأمون وابنه غالب خال المأمون الذي قتل الفضل بن سهل.
الساعة الآن 05:37 AM
|