قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله:
إِذا كَانَ الْقلب ممتلئا بِالْبَاطِلِ اعتقادا ومحبّة
* لم يبْق فِيهِ لاعتقاد الْحق ومحبّته مَوضِع
كَمَا أَن اللِّسَان إِذا اشْتغل بالتكلم بِمَا لَا ينفع
لم يتَمَكَّن صَاحبه من النُّطْق بِمَا يَنْفَعهُ
إِلَّا إِذا فرغ لِسَانه من النُّطْق بِالْبَاطِلِ،
وَكَذَلِكَ الْجَوَارِح إِذا اشتغلت بِغَيْر الطَّاعَة لم يُمكن شغلها بِالطَّاعَةِ إِلَّا إِذا فرّغها من ضدها
فَكَذَلِك الْقلب المشغول بمحبّة غير الله وإرادته والشوق إِلَيْهِ والأنس بِهِ لا يُمكن شغله بمحبة الله وارادته وحبه والشوق إِلَى لِقَائِه إلَا بتفريغه من تعلّقه بِغَيْرِهِ، وَلَا حَرَكَة اللِّسَان بِذكرِهِ والجوارح بخدمته إِلَّا إِذا فرّغها
من ذكر غَيره وخدمته،
فَإِذا امْتَلَأَ الْقلب بِالشغلِ بالمخلوق والعلوم الَّتِي لَا تَنْفَع لم يبْق فِيهَا مَوضِع للشغل بِالله وَمَعْرِفَة أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وَأَحْكَامه
وسر ذَلِك أَن إصغاء الْقلب كإصغاء الْأذن فَإِذا صغى إِلَى غير حَدِيث الله لم يبْق فِيهِ إصغاء
وَلَا فهم لحديثه، كَمَا إِذا مَال إِلَى غير محبّة الله لم يبْق فِيهِ ميل إِلَى محبّته فَإِذا نطق الْقلب بِغَيْر ذكره لم يبْق فِيهِ مَحل للنطق بِذكرِهِ كاللسان.
*** كتاب الفوائد (ص29).