( مواقف من الحياة 1 : يخاف يظلم بنت الناس )
قابلتُ شابا في في أول العشرين من عمره بعد السلام والكلام سألته هل أنت متزوج ؟! فأجاب بالنفي ، ثم سألته عن الحكمة من الزواج فقال : أن يُكمل المسلم نصف دينه ، فقلت له : أحسنت !
وأخبرته أن للزواج مقاصد وحِكم كثيرة ، فمنها : الذرية ، والعفاف ، والستر وخاصة في هذا الزمن الذي أصبحت فيه الفتن تعج في كل مكان ، ثم تفرقنا .
وبعد فترة من الزمن التقيتُ به مجدداً ، فسألته هل فكرتَ بالزواج فقال : نعم ، 70 % فكرت ، لكن عندي تردد ، فقلت من أي شيء ؟ فهل ينقصك المال مثلا ؟ فقال : لا ، بل ظروفي جيدة ، لكن أخشى أني إذا تزوجت أن أظلم بنت الناس ، قلت من أي شيء تظلمها ؟ قال : الآن ظروفي طيبة وغدا لا أدري ما يحصل لي !
فقلت له : هذا من تلبيس إبليس يريد أن يصدك عن الزواج باختلاق مثل هذه الأمور في نفسك ، فالمستقبل بيد الله وفي علم الله أنت لست مطالبا بأن تنظر لحالك بعد عدة سنوات فتقلق ، ولا تنظر لماضيك فتحزن ، بل عليك أن تعيش حاضرك وتقيس حالك عليه ، وتُقدم بناء على ظرفك الحالي وليس المستقبلي الذي لا تعلم ماذا سيحصل لك فيه ، ولو كل الناس فكروا بهذه الطريقة لن يعملوا شيءٍ في حياتهم .
ولتعلم أخي أن الزواج سبب للرزق والإعانة وهذا أمر بينه الشرع ، ولمسه كل من دخل فيه ، كما قال الله تعالى : {وأنْكِحُوا الأيامى مِنكُمْ والصّالِحِينَ مِن عِبادِكُمْ وإمائِكُمْ إنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ }
فأخبر سبحانه أن الفقير الذي خطب فلا يرد بسبب ذلك ؛ فإن الله تعالى سيغنيه من فضله .
ورُوي عن ابن مسعود - رضي الله عنه عند هذه الآية قوله : " التمسوا الغنى فِي النِّكاح " ويؤيد هذا قول نبينا صلى الله عليه وسلم : " ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمُ : - وذكر منهم - وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ". أخرجه الترمذي
ولا يعني هذا أن يبقى الشاب في البيت ولا يسعى لأسباب الرزق أو الحرص على العمل ، وإنما المراد أن يسعى وسيأتي الرزق إليه مسهلا ميسرا بإذن الله تعالى
ولا ينبغي للمسلم أن يستجيب لنزغات الشياطين الذي يخوفهم بالفقر ، بل عليه أن يحسن الظن بربه تعالى ؛ فإنه واسع الفضل والعطاء كما قال تعالى : {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ ويَأْمُرُكُمْ بِالفَحْشاءِ واللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنهُ وفَضْلًا واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ }
وختمتُ الحديث معه بنصيحةٍ قد تجعله في اطمئنان وراحة البال إذا جعلها نصب عينيه ، فأخبرته أن حسن الاختيار من امرأة ذات دين وخلق تكفل لك الاستقرار بإذن الله تعالى في السراء والضراء لما تتحلى عليه من المعاني والخصال الحميدة تجعلها عونا لك في حياتك وظروفك ؛ لذا حثنا رسولنا صلى الله عليه وسلم باختيار المرأة الصالحة فقال : "فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ" أخرجه البخاري
وبالله التوفيق