الشاعر أحمد مطر
أحمد مطر شاعر عراقي ولد عام 1954م في قرية من قرى شط العرب في البصرة جنوب العراق اسمها التنومة، وكان له عشرة أخوة من ذكور وإناث، عاش الشاعر أحمد مطر طفولته في قرية التنومة، ولهذا كان هذه القرية حاضرة في أشعاره، وصفها بالرقة والبساطة والطيبة، هذه القرية التي تضج بالنخيل والقصب والبيوت المصنوعة من الطين، وقد بدأ أحمد مطر قول الشعر في سن الرابعة عشرة من عمره، فكان كغالب الشعراء يكتب الغزل بحس رومانسي بدائي لطيف، قبل أن تتطور نظرته إلى الحياة ويتحوَّل شعره إلى المضمار السياسي كاشفًا ما خفي من صراع السلطة والناس.[٢] كانت التفاتة الشاعر أحمد مطر للشعر السياسي أشبه بقفزة في قرص نار لصعوبةِ التكهُّنِ بمصيرِ القافز، ولكنَّ نفسه التي لا تعرف السكوت ولا الخنوع ألقته في مهب الريح عاريًا إلَّا من شعره، وصامتًا إلَّا من قول الحق، فكتب قصائد عنفوانية، همُّها التحريض والشجن وتعديل موقف المواطن من السلطة، فدارت الدوائر عليه؛ حيث اضطر أحمد مطر إلى مغادرة البلاد مجبرًا إلى الكويت هربًا من براثن السلطة عدوِّه الأول، وفي الكويت عمل الشاعر أحمد مطر كمحرر ثقافي في جريدة القبس الكويتية، وعمل مدرسًا للصفوف الابتدائية، وفي رحاب مجلة القبس الكويتية التقى أحمد مطر بالفنان ناجي العلي، هذا اللقاء الذي كان بداية لعلاقة صداقة حميمة قائمة على تشابه بكير في الأفكار والانتماءات والآراء والميولات.[٢] هذه العلاقة الطيبة بين الشاعر أحمد مطر والفنان ناجي العلي كانت تظهر في أعداد مجلة القبس التي كانت تبدأ بقصيدة لأحمد مطر وتُختتم برسمة كاريكاتيرية لناجي العلي، وكان أحمد حادًّا في نقده للسلطة، قاسيًا في كلامه وشعره، وصريحًا في انتقاداته، مما أثار غضب السلطات عليه وعلى صديقه ناجي العلي، فنُفيا خارج الكويت لينتهي بهما المطاف في لندن حيث توفِّي ناجي العلي وبقي أحمد مطر وحيدًا في شوارع لندن يكابد أسى لا يفارقه روحه وخاطره، وقد خرجت بعض الإشاعات التي تشير إلى وفاة الشاعر أحمد مطر في لندن، ولكنَّ هذه الأخبار لم تزل مجرد إشاعات بعد أن أكَّد بعض أقربائه أنَّه يعيش في لندن حتَّى هذا اليوم.[٣]
السخرية في شعر أحمد مطر
تُعدُّ السخرية في الشعر طريقة من طرائق التعبير عن الشيء، يستخدم فيها الشاعر ألفاظًا خاصَّة تشير هذه الألفاظ إلى عكس ما يقصد الشاعر تمامًا، وهي في هذا تشبه التورية، وغالبًا ما يكون القصد من السخرية هو النقد وإظهار العيوب وتعرية السلبيات، وقد برع الشاعر أحمد مطر في هذا الأسلوب، فكان شاعرًا ساخرًا متهكمًا، دفعتِ السخريةُ الناسَ إلى متابعته وقراءة أشعاره التي كان ينقد فيها السلطة ويسلِّط الأضواء على الفجوة الكبيرة بين السلطة والشعوب في البلاد، فكان يفضح آليات السياسة واستراتيجيَّاتها بأسلوب ساخر لاذع، مما أثار غضب السلطات العربية عليه وإعجاب الشعب العربي كلِّه، ومن الأمثلة التي تظهر فيها السخرية جليَّة في شعر أحمد مطر قوله:[٤] مَـرّةً، فَكّـرتُ في نشْرِ مَقالْ عَن مآسِيْ الاحتِلالْ عنْ دِفاعِ الحَجَرِ الأعزَلِ عَن مدفَـعِ أربابٍ النّضالْ! وَعَنِ الطّفْـلِ الّذي يُحـرَقُ في الثّـورةِ كي يَغْـرقَ في الثّروةِ أشباهُ الرِّجالْ! قَلّبَ المَسؤولُ أوراقي، وَقالْ: إجتنبْ أيَّ عِباراتٍ تُثيرُ الانفِعـالْ ومن الأمثلة على السخرية في شعر الشاعر أحمد مطر ما قاله عن بعض الحكام، الذين كان يرمز إليهم بألفاظ خاصة، لا تخلو هذه الألفاظ من السخرية والتهكم أيضًا، كأنْ يقول: الوالي، الحاكم، ومن هذه القصائد قوله:[٤] قرر الحاكم إصلاحَ الزِّراعةِ عيَّنَّ الفلَّاحَ شرطيَّ مرورٍ وابنة الفلَّاحِ بياعةَ فولر وابنه نادل مقهًى في نقابات الصناعة وأخيرًا عيَّن المحراثَ في القسم الفولوكلوري والثور مديرًا للإذاعة قفزة نوعية في الاقتصاد أصبحت بلدتنا الأولى بتصديرِ الجرادْ وبإنتاج المجاعةْ
وفاة الشاعر أحمد مطر
إنَّ ظهور الشاعر العراقي أحمد مطر على وسائل الإعلام من صحافة وتلفاز، جعل الشائعات التي تدور حول موته كثيرة، فبين الفينة والأخرى تخرج بعض الأخبار التي تؤكِّد الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر في مقرِّ إقامته في لندن، ولكنْ سرعان ما تأتي الأخبار التي تكذِّب هذه الشائعات من خلال تأكيد المقربين منه ومن عائلته أنَّ الشاعر أحمد مطر ما زال حيًّا يعيش مع عائلته في لندن وهو حيٌّ يُرزق حتَّى اليوم، ولم تزلْ الأخبار متضاربة حول خبر وفاته، أمَّا فيما يتعلَّق بسبب انتشار هذه الشائعات، فلعلَّ أبرز أسباب انتشار الشائعات هو قلَّة خروج الشاعر من عزلته وحديثه مع الإعلام، إضافة إلى انقطاعه التام عن كلِّ الأجواء الثقافية العربية، وانعزاله عن الناس أبدًا سوى عائلته ومن حوله، والله أعلم.[٥]