رابعًا: فطنة الوجدان
إنّ مواجهة الحياة هي مواجهة الناس، ومواجهة الناس تحتاج إلى فطنة.. والفطنة شيئ أعلى من الذكاء.. الفطنة رؤيّة كليّة شاملة.. والفطنة ليست نشاطًا ذهنيًا فحسب ولكنّها أيضًا نشاط وجداني. أي ما يُسمى بذكاء العاطفة أو ذكاء الوجدان.. فأنتَ لا تتعامل مع الناس بالحسابات الذهنيّة البحتة، بل تتعامل معهم بقلبك وإحساسك ومشاعرك. تتعامل معهم بوجدانك. ونجاحك في التعامل مع الناس يتوقف على مدى ذكائك الوجداني أو بتعبير أدق فطنة وجدانك.
فهناك وجدان غبي ووجدان فطن، وجدان بليد وخامل، ووجدان نشط ومتحرك، وجدان مُنطفئ، ووجدان يشعُ بالدفء والحب، وجدان سطحي ووجدان ناضج، والوجدان هو الذي يُعطي القيمة الإنسانيّة الحقيقيّة للإنسان، والوجدان هو وسيلتك للوصول إلى الناس والتأثير عليهم، لا تفاعل إنساني إلّا من خلال نشاط وجداني، الوجدان هو الذي يحب ويكره ويغضب ويسخط ويتألّم ويفرح ويحزن ويتحمّس ويفتر، ويستحسن ويشمئز، ويفخر ويشعر بالخزى والعار ويخاف ويتشجّع.. كل تلك النشاطات وجدانيّة يتحقّق من خلالها اتصال ما بالبشر في محيطك.
إذن النضوج الوجداني يُمكن حصره في خمس نقاط:
وعي وجداني ذاتي دقيق وموضوعي.
ضبط النفس.
ضمير إيجابي.
بصيرة صائبة.
واقعيّة ذاتيّة للإنجاز.