في هذا الصباح ذهب الأستاذ أحمد عبد الرحمن الى مكتبه مبكرا على غير عادته....
لم يحضر بعد ساعي المكتب ولا سكرتيرته المسنة التى أختارتها زوجته له بعناية حتى لا يفكر أن ينظر اليها او بالتعبير البلدي أن يلعب بذيله ...!!
وبعد فاصل يومي من الشد والجذب ثم الى مشاحنة كبرى أستيقظ على أثرها كل سكان العمارة....والسبب أن سلوى أرادت أن تذهب في زيارة الى أمها وبالطبع لا بد من شراء بعض الهدايا والاحتياجات التي تحتاج اليها أمها...
وحيث أن الاستاذ أحمد عبد الرحمن المحامي لم يكن ليمتلك في هذا التوقيت بالذات في جيبه سوى القليل من الجنيهات التي بالكاد سوف تكفيهم لحين وقت الحصول على مصاريف القسط الاول من الأتعاب التى سوف تدفعها موكلته الحسناء كمقدم اتعاب في القضية التى سوف يرفعها لها ضد زوجها..
وعلي هذا أعتبرت الزوجة أن زوجها البخيل الذي يبخل عليها فلا يريد لها أن تشتري بعض الهدايا لامها .نعم هي تعرفه جيدا تعرف انه يكره أهلها والدليل أنه لا يريد أن يعطيها أية نقود ...!!
الاكثر من ذلك أن سلوى زوجته تعرف حالته المادية جيدا وانه لا يملك من النقود التي تكفيهم وتكفي مصاريف الرحلة التى خرجت فكرتها فجأة وبدون اية مقدمات في رأس زوجته...!!
خلاصة الامر أن السيد أحمد عبد الرحمن المحامي قد خرج مسرعا دون أن يكمل أفطاره ولم ينسي وهو يغلق باب البيت وراءه بعنف.. أن يلعن الزواج واللي بيتجوزوه ويلعن معه اليوم اللي شاف فيه هذه المرأة النكدية...ويختمها بالعبارة التقليدية اليومية...يا ساتر هو فيه ستات كده...أعوذ بالله..!!
في هذه الأثناء وجد جرس الباب يرن.. ثم يتوقف ثم يعاود الرنين وهو في ذهوله لا يريد أن يتحرك من مكانه..
أضطره جرس الباب أضطرارا أن يذهب كي يفتح الباب وعلى لسانه كم من السباب الذي سيوجهه لهذا الساعي الغبي الذي بالتأكيد نسي مفتاح المكتب في البيت
- أنا مش قلت لك يا بني آدم أنت ....ولم يكمل جملته فقد وجد أمامه موكلته الحسناء وجها لوجه....!!
يا ربي هذه امرأة والأخرى امرأة ولكن شتان بين المرأتين ..سبحان الله في خلقه...!!
خرجت الكلمات من بين شفتي سيدة قد تكون في نهاية العشرينات جميلة في منتهي العذوبة والرقة والنعومة...
أنا أسفة يا أستاذ اذا كنت قد جئت على غير موعد...!!!
أبدا يا أستاذة أنا باعتذر أفتكرت أن الساعي هو من يرن الجرس..
أبدا أبدا أتفضلي...أعتذر لك المكتب ما زال لم ..الساعي لم ي...شاي ....تاخدي قهوة معي..
تلعثمت الكلمات والجمل على لسان الأستاذ الذي لم يكن يتوقع أن يكافئه الله بهذه الهدية بعد ما حدث معه هذا الصباح مع زوجته النكدية...!!
طيب يا أستاذ بصراحة انا قلت أخد قهوتي معاك عندكم بن حلو جدا في المكتب...
طيب استأذنك تفضلي في المكتب وأنا بسويها لك بنفسي للأسف الساعي لم يصل بعد..!!
بعد أن تناولا القهوة معا في جو هاديء تخللته نظرات من الأستاذ لموكلته ونظرات اخرى على استحياء من الجانب الآخر...
لا أعرف يا أستاذ...لقد أصابتني حالة دائمة من الحزن ..أبكي كثيرا على ما وصلت له مع زوجي...لا أعرف هل أخطأت في الزواج منه ...لقد أحببنا بعضنا البعض خمسة سنوات كاملة ومثلهم في الزواج...هل صرت أحب زوجي كما قبل الزواج...هل أحب عملي كياني ومستقبلي...هل أحب نفسي التي تاهت مني في زحمة الحياة..؟؟؟
عندما أجلس في مكتبي وحدي أتسائل في صمت جنوني كل ما حولي يدفعني للإحباط
أشخاص حولي مليئة قلوبهم بالنميمة والحقد...لا تستهويني صفحات الفيس والتواصل الاجتماعي...أشخاص تافهين ..أقنعة مزيفة...!!
سيدتي لم تحدثيني بما فيه الكفاية عن زوجك..وما هي الاسباب الحقيقية التي تريدين من أجلها الإنفصال...؟؟
لا اعرف يا سيدي أين ذهب كل ما كان من حب بيني وبين زوجي...؟
أراه أنسان تافه جدا لا يستمع الي جيدا ...يهتم بعمله أكثر مني ..أصبحت كم مهمل...
يتهمني بأني لا أريد أن أنجب له أطفالا ولقد حاولت ..أكثر من مرة
ثلاث مرات من الحمل والفشل الذريع حتى تعبت فيها جدا .وما زال يريد المزيد من المحاولات...