المقال الثاني:* مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقلم أبو نورة حصري.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت شبه الجزيرة العربية تشهد حالة سياسية ودينية متشعبة ومتنوعة فقد كان للعرب تقاليدهم الخاصة وعاداتهم الفريدة التي كانت تعكس ثقافتهم وهويتهم الخاصة ولكل قبيلة في المنطقة دينها الخاص وآلهتها المصونة.
كانت الجزيرة العربية تضم العديد من القبائل المستقلة التي كانت تسيطر على مناطق محددة وعادة ما تتعدد العلاقات بين هذه القبائل بين التحالفات والحروب كانت هناك استعدادات مستمرة للقتال والدفاع عن الأراضي والموارد وكان للشجاعة والقوة دور كبير في تلك الاستعدادات والحروب.
فيما يتعلق بالجانب الديني كان للعرب تلك الآلهة المصونة التي كانت تؤمن بها القبائل وتعبدها وعادة ما يكون لكل قبيلة آلهتها المحددة والتي تعتبرها المقدسة وتعبدها قد يكون لهذه الآلهة أشكال بشرية أو حيوانية أو طبيعية ويعتقد العرب أنها تتحكم في الحياة اليومية والقوى الطبيعية.
هذه الأديان المتنوعة قد تؤثر على العلاقات السياسية بين القبائل حيث أن النزاعات المتعلقة بالأراضي أو الموارد قد تنشأ بسبب الفروقات الدينية ولذلك كانت الحروب والتحالفات تعتبر جزءا حيويا من الحياة العربية قبل مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
لكن على الرغم من هذه التعددية والتنوع كانت هناك بعض القيم المشتركة بين العرب. كانت الشجاعة والكرامة والعدل من أهم القيم التي تميزت بها القبائل العربية تُعزز هذه القيم من خلال الشعر والأدب حيث كان الغزل والقصائد لها دور هام في تعزيز هذه القيم وتعليقها في وجدان العرب.
بالإضافة إلى ذلك كانت الجزيرة العربية تعتبر مركزًا تجاريا هاما في العصور القديمة كانت تمر بالمنطقة طرق تجارية تربط بين الشرق والغرب مما جعل الجزيرة العربية محطة للتجار القادمين من مختلف أنحاء العالم.
في الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل سنة 571 ميلادي وُلدت السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي في مكة المكرمة حيث توفي والدة* النبي صلى الله عليه وسلم وهو جنين في بطن أمه..
وقد كان هذا اليوم مميزا بطابع خاص إذ شهد مولده صلى الله عليه وسلم العديد من المعجزات التي تعتبر من أعظم العجائب والروائع في تاريخ البشرية.
تُعتبر معجزات مولد النبي مصدر إلهام للمسلمين حيث جاءت تلك العجائب لتبرهن على عظمة هذا الحدث الهام في تاريخ الإسلام
فعندما ولد النبي صلى الله عليه وسلم في جوف مكة المكرمة حدث العديد من العجائب فقد ولد النبي صلى الله عليه وسلم في العام المعروف بـ"عام الفيل" وهو العام الذي حاول فيه جيش أبرهة هدم الكعبة
ولكن الله تعالى أرسل طيرا أبابيل تسقط عليهم حصى* ما أدى إلى هلاك الجيش..
و هذه الحادثة حدثت قبل مولده ﷺ* والتي نزلت فيها سورة من القرآن الكريم و هي سورة الفيل قال تعالى: " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5)
كذلك من المعجزات عندما رأت السيدة آمنة رؤية انه يخرج من بطنها نورا عظيما ينبعث ويتسع على أرض الشام كذلك ذكرت امنه انها خلال فترة حملها لم تشعر بالوجع أثناء مرحلة الولادة وكأن النور الذي ينبعث من جنينها قد أذهلها ودهشها وعندما ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم خرج من بطن أمه نورا أشبه بشعاع الشمس حيث قام هذا النور بإضاءة المكان المظلم الذي وُلد فيه وأذهل الحاضرين بهذا الحدث العجيب لقد شعر الجميع بالدهشة والتعجب من رؤية طفل حديث الولادة يتمتع بنور خارق.
واستمرت المعجزات في يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم حيث قام الطفل بوضع يديه على الأرض ورفع رأسه صوب السماء وبهذا الفعل البسيط أعطى النبي صلى الله عليه وسلم إشارة واضحة بأنه جاء ليكون رسولا من الله وحجة على البشرية وقامت السيدة فاطمة بنت عبد الله بنقل رؤيتها لتلك الليلة حيث كانت تشاهد النور في البيت ولم ترى ما هو حولها سوى النور حتى إنها كانت تشاهد النجوم تقترب منها لدرجة أنها كانت تخاف أن تقع عليها هذه الشهادة هي مؤشر آخر على تفرد وغرابة ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي اللحظة التي خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم للعالم حضر جدَّه عبد المطلب ونظر إلى حفيده بفرح كبير ثم أخذه بين يديه ودخل به الكعبة المشرفة حيث قام بالدعاء وشكر الله تعالى على ما من به من نعم ثم خرج به من الكعبة وسلمه إلى والدته ومن هنا جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم السمة المميزة لاسمه فقد سمي "محمدًا" وعندما علم الناس بتسمية الطفل بهذا الاسم تعجبوا وتساءلوا عن سبب الاسم الذي لم يكن مألوفاً بين العرب في ذلك الوقت فأجاب جده عبد المطلب قائلاً: "أردت أن يحمده الله في السماء وأن يحمده الخلق في الأرض"* معبرا عن أن الله تعالى اختار اسمه ليكون محمودا في السماء وعند الناس.
كما حدث في الليلة التي ولِد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثت أحداث عجيبة ومذهلة تؤكد عظمة هذا الحدث السماوي وتسلط الضوء على قوة وتأثير رسالته.
تشير الروايات التاريخية إلى أنه في هذه الليلة التاريخية ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربعة عشرة شرفة منه إيوان كسرى هو جزء من قصر الشاه الساساني القائم في ساسان . وقد صدم الحكام الساسانية* بهذا الحادث المفاجئ والغير متوقع فكانوا يعتبرون أنفسهم حماة الملكية وأن السلطة الإلهية تحميهم لكن بقوة الله سبحانه وتعالى وتأثير رسول الله عليه الصلاة والسلام وبمجرد ولادته في تلك الليلة المباركة التقطت قضبان الإيوان وسقطت الشرفات على الأرض كما لو أن الله سبحانه وتعالى قد قرر تدمير رموز قوة الحاكم الظالم وإظهار برهان عظمة وقدرة الرسول.
وكانت هذه الأحداث ليست الوحيدة التي حدثت في تلك الليلة المبهجة بل حدثت حادثة أخرى مذهلة في الكعبة المكرمة ففي ذلك الوقت كانت الكعبة مليئة بالأصنام التي كانت تعتَبر رموزا للعبادة الوثنية في الجزيرة العربية قبل قدوم الإسلام كانت هذه الأصنام تمثل آلهة من حضارات مختلفة وكان الناس يذهبون إلى الكعبة لأداء الطقوس التقليدية والتبرك بوجود تلك الأصنام
ولكن في تلك الليلة المباركة تساقطت الأصنام الموجودة داخل الكعبة على وجوهها كان هذا الحدث رمزيا ومثيرا للدهشة بالنسبة للأقوام العربية إذ كانوا يعتبرون الأصنام رموزا للقوة والحماية والتمكين ولكن بمجرد ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم وتجلى قوته وعظمته سقطت هذه الأصنام على وجوهها مما دل على نفاذ قوتها وضعفها في مواجهة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته.
حدث أيضا في تلك الليلة انهيار بحيرة ساوة وهي البحيرة التي كانت تستخدم للملاحة من قبل السفن في العصور القديمة غاضت هذه البحيرة وجفت مياهها تماما مما أدى إلى تجفيفها وضمورها وقد تفسر هذه الحادثة الغريبة على أنها علامة على أن عصر الجاهلية والرذيلة السابقة قد انتهت وقدوم عهد جديد للإسلام.
كما ظهرت لمولده صلى الله عليه* وسلم مجموعة من الآيات التي تشير إلى عظمته ونبوته الكبيرة ومن بين هذه* أن إبليس حُجب عن خبر السماء وأنه رن صراخا عظيمًا عند خروجه من الجنة وعند لعنته وأيضا عندما ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وعند نزول الفاتحة
كما حدث في تلك الليلة وجود الشياطين في السماء وقذفها بالشهب يعكس القدرة العظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم وصفوته عند الله فقد كانت هذه الرؤية إشارة من الله بأنه يسانده ويحميه من أعدائه ويرى بعض العلماء أن الشهب التي ألقيت هي رمزية للتأكيد على قوة النبي صلى الله عليه وسلم

على دروب الخير دائما نلتقي

بقلم أخوكم أبو نورة حصري

المصدر : منتديات عبق الياسمين

 

وجود القارئ الجيد لا يعني إن الكاتب جيد ولا القراءة القاصرة تعني إن الكاتب كامل..
الكاتب الجيد هو من يفتح أبواب عدة لكل تفكير وهم وتطلع..
أن مهمتي أن أكتب وأنت وضميرك لا أن تحكم بل لتشرف منارة قولي بوهج رأيك..


عبدالله بن سعد السهلي

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور