ننتظر تسجيلك هـنـا

الأدارة ..♥ مَملكتنا مَملكة الياسمين، يلتهبُ الشجنُ ويَثْمِلُ الحرفُ بالآهات ، حروفُنا الخالدةُ كفيلةٌ بأنْ تأخُذَكم إلى عَالمِ السَحَر ، تَحْدِي بِكُم وتَمِيلُ فهي مميزةٌ بإدخالِ الحبِّ إلى القلوب ،ولكي لا تتَعرَضَ عُضويَّتكَ للايقافِ والتشهيِّر وَالحظر فِي ممْلكتِّنا .. يُمنع منْعاً باتاً تبادل اي وسَائل للتواصل تحْتَ اي مسَّمئ او الدَّعوه لمواقعِ اخْرى ، ولكم أطيب المنى ونتمنى لكم وقت ممتع معنا

❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆  


العودة   منتديات عبق الياسمين > ..::ღ♥ღ عبق المنتديات الإسلامية ღ♥ღ ::.. > اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿

الملاحظات

اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ بـِ حُـبْ آلله نَلْتَقـيْ ﹂ ✿

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-05-2019, 03:37 AM
روح أنثى غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 781
 اشراقتي » Jul 2018
 كنت هنا » 04-07-2021 (06:14 PM)
آبدآعاتي » 403,068[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
نور البيان في مقاصد سور القرآن



نور البيان في مقاصد سور القرآن

"سلسلة منبريّة ألقاها فضيلة شيخنا الدكتور عبد البديع أبو هاشم رحمه الله، جمعتها ورتبتها وحققتها ونشرتها بإذن من نجله فضيلة الشيخ محمد عبد البديع أبو هاشم".

سورة المائدة
الحمد لله رب العالمين، نحمدك ربنا ونستعينك ونستهديك ونتوب إليك ونستغفرك، ونعوذ به سبحانك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ولن تجد له ولياً مرشداً.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه وخليله؛ نشهد أنَّه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وكشفت الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهادٍ حتى أتاه اليقين، فصلي يا ربنا وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين.

أمَّا بعدُ:
يا أحباب القرآن فهذا حديثنا حول مقاصد سور القرآن الكريم، من خلاله نتعرف على السورة القرآنية، ما اسمها، متى كان نزولها، ما موضوعاتها، ما هدفها؟

وهكذا مما يطلعنا على سور القرآن بإطلالة عامة وبنظرة عامة شاملة، وأقول للحق: إن هذه النظرة العامة لا ترى كل ما في السورة ففي كل سورة من سورة القرآن دروس وعِبَر وأحكام لا ينبغي أن نغفلها، وتحتاج إلى تفسير ووقفات عديدة، ولكن هذه فقط نظرة شاملة عامة من بعيد على كل سورة وحدها، عسى الله أن يجعل لنا في ذلك علماً نافعاً وهدايةً رشيدة، إنه نعم المولى ونعم المجيب.

أيها الأحبة الكرام، سورتنا اليوم إنها سورة المائدة، حسبما اشتهرت بين الخلق وحسبما سجلَّت في المصحف الشريف، سورة عظيمة، سورة مباركة، وكل القرآن خيرٌ وبركة، وكل القرآن كلام الله أحسن الحديث، وكل القرآن بكل سوره معجزٌ لا محالة، هذه سورةٌ من السور، سميت بالمائدة لما ورد في آخرها من فعل الحواريين مع عيسى عليه السلام حين سألوه أن يُنزِّل عليهم مائدةً من السماء ﴿ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 112]، فسميت السورة باسم هذه المائدة؛ لِما أنها لم تذكر في سورة أخرى، فكان هذا تمييزاً لهذه السورة بهذا الاسم.

والمائدة: هي ما يوضع عليه الطعام، يسمَّى قديماً خُواناً[1]، ولذلك تقرءون في الأحاديث: «ما أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خُوانٍ أو على خِوانٍ قط»[2]، يعني: ما أكل أبداً طعاماً وضعه على شيء مرتفع عن الأرض، إنما كان يضع طعامه على الأرض ويأكل منه، تواضعاً من النبي عليه الصلاة والسلام وسلوكاً رشيداً، وهو ما يسمّى اليوم أو قبل اليوم بقليل طبلية، وما يسمَّى اليوم سفرة، وصارت ركناً من أركان البيت الجديد الذي يؤسس، لا بُدَّ من سفرة ولا يأكل الناس عليها، فهي خُوانٌ معطّل.

على كل حال المائدة هي ما يوضع عليه الطعام عند تناوله، ما استعمله أبداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرفع الطعام عن الأرض، وفي ذلك بالتأكيد حكمةٌ بليغة رشيدة.
وتسمَّى هذه السورة -أيضًا- بسورة العقود[3].

والعقود: جمع عَقْد[4]، وهو ما تعاقد عليه شخصان فأكثر؛ الشيء الذي تعاقد عليه اثنان فأكثر، عقد زواج بين ولي وزوج، عقد بيع بين بائع ومشترٍ، عقد هبة بين واهب وموهوب إليه.. وهكذا، عقد اتفاق معين موثق مشدد بين طرفين فأكثر، وقريبٌ منه العهد -بالهاء- وليس بالقاف، لكن العهد قد يكون بين الإنسان ونفسه، بين شخص بمفرده يعاهد نفسه على شيء معين، يعاهد نفسه أنه لن يشرب السجائر أبداً بعد اليوم، هذا عهد ولا بُدَّ أنْ يوفيّ به ليكون صادقاً مع نفسه، عاهد أنَّه لن يفعل المعصية الفلانية التي تعود عليها، عاهد نفسه أن يقيم الليل، عاهد نفسه أن يقرأ كل يوم جزءاً من القرآن، هذا يسمى عهداً ولا يسمَّى عقداً[5]، لأنه تعاهدٌ بين شخص ونفسه، هو طرف واحد انتزع من نفسه طرفاً آخر ليتعاهد معه، لكن ليس هناك طرفان أو ليس هناك شخصان.

وسميت سورة العقود؛ لما بدأها الله تعالى بقوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] هذا هو، فسميت بأول شيء فيها تمييزاً لها عن غيرها، وهذه عادة العرب في تسمية قصائدهم وخطبهم، كان الشاعر يسمِّي قصيدته هذه قصيدة كذا بأغرب شيء ورد فيها، أو بأوَّلِ شيء ورد فيها، فذكر العلماء أن السور سميت كذلك، ولكن لِمَا عرفناه من قبل في السور الماضية ويبقى معنا إلى آخر القرآن وطول العمر – إن شاء الله – أنَّ أسماء السور القرآنية -على أرجح الرأيين- هي من عند الله -تبارك وتعالى-، الأسماء التي اشتهرت بها السور وعرفت بها السور أسماء توقيفية من عند الله، أوقفنا الله عليها بالوحي، علَّمنا إياها فليس للأمة أن تغير أو تبدل، إنِّما يضيف بعض العلماء أحياناً بعض الأسماء من باب إبراز موضوع معين في القرآن، الإشارة إلى درسٍ مهم في السورة، الإشارة إلى شيء غريب في هذه السورة، فيضيف العالم المجتهد من أهل التخصص اسماً جديداً بجوار الاسم الذي أنزله الله -عز وجل-.

فسورة المائدة هي اسمها سورة المائدة، وردت كذلك بهذا الاسم في كلام السلف -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم-، في كلام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مما يدل على أنَّها سميت بهذا منذ عهد النبوة وعهد نزول القرآن الكريم، فالله هو الذي سمَّاها هكذا، وسمَّى كل سورة باسمها؛ إذًا لا بُدَّ لهذا الاسم من دلالة بعيدة لا تقتصر على آية واحدة في السورة، آية مائدة بني إسرائيل وإنِّما بالتأكيد له دلالة لهذا الاسم دلالة تشمل السورة كلها، يُعرف هذا بشيء من التدبر، وذلك أنَّ كلمة مائدة مأخوذة من ماد يميد إذًا اضطرب وتحرك حركةً غير منضبطة[6]، إذًا ماد الشيء وتحرك واضطرب حركة غير منظمة غير منضبطة؛ فيضيع ويخسر وتغرق السفينة وتطيح الدابة وما إلى ذلك.

والسورة جاءت بموضوعات مهمة لا تستقيم حياة الناس إلا بالوفاء بهذه العقود، فإنها عقودٌ تنظم حياة الناس، وتقيم حياة الإنسان إقامةً متزنة مستوية طيبة هادئة مستقرة، بدون هذه الأحكام التي أوردتها هذه السورة وغيرها كذلك، بدون هذه الأحكام الشرعية والتزامها تضطرب الحياة، لا تتزن، ومن أجملها وأوضحها أنَّ السورة جاءت بعقد من العقود بيننا وبين الله أن لا نشرب الخمر أبداً ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]، إذًا شربنا الخمر، إذًا سكر الناس كيف يكون حالهم؟ وكيف تكون حياتهم؟ أظن وأعتقد أن هذه أوضح صورةٍ في الحياة على الاضطراب وعدم الاتزان؛ فإن السكران ربما يغيب عن باب بيته، ويلتبس عليه طريقه إلى بيته الذي عرفه وتعوده، ربما تضيع من أمامه ملامح الأشخاص فيرى الإنسان على غير صورته، ويهذي هذيان الأطفال والمجانين، فهذه عقودٌ تتزن بها الحياة وبدونها تميد الحياة، وكأن الله يشير بهذا الاسم إلى ذلك المعنى العظيم الذي يشتمل السورة بكاملها، الحياة المائدة المضطربة المختلفة الملتبسة المظلمة الظالمة، بدون أحكام شرعية، بهذه الأحكام تضبط الحياة المائدة، وتضبط الحياة المضطربة المهتزة، تجعل الصورة ثابتة، تجعل الصورة واضحة، تعرف للمسلم شخصيته وهويته، وتعرف للمجتمع الإسلامي صفته التي إذًا حُكِيت في مكان ومجتمع آخر كانت قدوةً لهم وكانت إغراءً لهم بدين الله.

فالاسم التوقيفي على هذه السورة: المائدة، ولكن سمَّاها البعض بالعقود؛ لأنَّها بُدأت بكلمة العقود، وسميت كذلك بالمنقذة؛ أنَّه قد ورد في بعض الآثار: "أن قراءة هذه السورة والتزامها ينقذ صاحبها وقارئها من ملائكة العذاب يوم القيامة؛ فهي تنجِّي من العذاب، فسميت بالمنقذة، وتسمى كذلك عند العلماء بسورة الأخيار، لماذا؟

لأن الأخيار أكثروا من قراءتها، وأهل الفضل من أهل العلم والصلاح والمؤمنين كانوا يكثرون من قراءة سورة المائدة، فسميت وعرفت بين الناس بسورة الأخيار، وكان العرب قديماً في أيامهم بعد نزول هذه السورة وقراءتها وكذا، كان من ضمن الكنايات التي يكنّى بها عن سوء الشخص؛ إنسان غير متزن، غير ملتزم، لا يوفي بالعهد.. وهكذا، فيُعبَّر عنه بأن يقال: فلانٌ لا يقرأ سورة الأخيار[7].

هذه الكلمة بينهم عند الناس كانت تعني أن فلاناً هذا لا عهد له، لا يصدق، يفعل بعض المعاصي، لا يلتزم بالطيبات؛ لأنَّه لو قرأ سورة الأخيار وهي سورة العقود وسورة المائدة، لو قرأها والتزم بما فيها من أحكام لكان شخصية نبيلةً فاضلة سامية كما رسم الله حدود الشخصية المسلمة، فسيكون أحسن من ذلك، فلأنه لم يقرأ السورة؛ لم يعرف الأحكام التي فيها فلم يلتزم بها فظهر بهذا السوء في المجتمع.

إذًا هي سورة المائدة -هذا هو الأصل-؛ ويقال لها: سورة العقود، ويقال لها: المنقذة، ويقال لها: سورة الأخيار، هذه السورة متى نزلت؟

نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة[8]، فقد ثبت أن بعض آياتها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في عودته من صلح الحديبية[9]، وشيئاً آخر من آياتها نزل بعد فتح مكة[10]، وشيئاً آخر من آياتها نزل بعد آيات سورة النساء[11].

سورة النساء فيها عن الخمر النهي عن الاقتراب من الصلاة حال السكر، صلى أحد الصحابة بأصحابه يوماً فقرأ والتبس عليه القرآن في القراءة، فقال مثلاً: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، وقيل: قرأ غير هذه الآية وأخطأ فيها، خطأٌ مثل هذا فاشتد الأمر على الصحابة كيف يقول إمامنا في صلاته: يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون! هي لا أعبد بالنفي؛ لكنه قرأها بالإثبات، وهذا في الظاهر كفر -والعياذ بالله- لو كان قلبه مطمئناً بذلك، فشكوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأنزل الله قوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا... ﴾ [النساء: 43] إلى آخر الآية[12]؛ فدل هذا على أن الخمر ليست محرمة مطلقاً وإنما ضيّق الله على شاربها بعض الشيء كما فعل قبل ذلك، فلا يصلي إلا وهو واعٍ، ولا يسكر قبل الصلاة حتَّى يصلي بعلمٍ واطمئنان، لكن الآية التي في سورة المائدة تحرِّم الخمر نهائياً؛ إذًا لا بد أن تكون هذه الآية التي أغلقت باب الخمر وحرمتها تحريماً نهائياً؛ لا بد أن تكون نازلةً بعد آية سورة النساء، كما نزلت منها آية في حجة الوداع، مشهورة ومعلومة وهي قول الله تعالى: ﴿ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]؛ حتى قال بعض العلماء، بل كثيرٌ من العلماء: أن هذه الآية هي آخر آية نزلت من القرآن مطلقاً، ولكن هذا الكلام غير صحيح، وهناك أصحّ منه؛ وهو أن الآية التي خُتم بها نزول القرآن كله إنما هي في سورة البقرة ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، أما آية سورة المائدة ﴿ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ [المائدة: 3]؛ كانت من أواخر الآيات التي نزلت[13].

من الأواخر ولكن ليست هي الأخيرة المطلقة؛ ولذلك تجد هذه السورة المباركة -سورة المائدة- تجدها نازلةً بعد الهجرة على فترةٍ من الزمان، يعني استغرق نزولها عدة سنوات، وهذا شأن السور الطوال، يفتتح الله السورة ثم ينزل منها آياتٍ فآياتٍ فآيات حتى تُختم بعد سنوات، حدث هذا لسورة البقرة - كما علمنا- وسورة آل عمران، وهذه المائدة، وكذلك كانت سورة النساء، فاستغرق نزولها سنوات، والصحابة -رضي الله عنهم- ما كانوا يهتمون بالتاريخ قدر ما يهتمون أن يقرءوا السورة الجديدة التي نزلت، والآيات التي أنزلت اليوم، وأن يتعلموها، ويعرفوا معناها، وأن يعملوا بأحكامها، كان هذا هو جُلَّ اهتمامهم، فلم يدققوا متى نزلت هذه الآية بالتحديد، ومتى نزلت هذه السورة بالضبط، وجدوا أن هذا يُستغنى عنه، لكن الذي لا يُستغنى عنه المعرفة الصحيحة الواقعية للقرآن الكريم، أنْ أعرف ماذا يريد الله مني في هذه الآية؟ وماذا يريد مني في هذه السورة؟ وهكذا حتى أعمل بما أراد الله.

فسورتنا -سورة المائدة- سورة مدنية بالإجماع؛ لم ينازع أحد من العلماء في ذلك، مدنية نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن تنوع نزولها في أماكن عدة وتباعد نزولها في سنوات مديدة.

سورتنا تحدثت عن موضوعات كثيرة، ويُجملها اللفظ الأول فيها الذي قاله الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]؛ فهي مشتملة على عقود كثيرة، تعاقد الله بها مع الفئة المؤمنة، ومع الأمة المسلمة التي قبلت الإيمان بالله، طالما رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، إذًا ينبغي عليَّ أنْ أقبل تفاصيل الإسلام، وأنْ ألتزم بأحكام الإسلام، وإيماني بالله وثقتي في صدق وأمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجبان عليَّ أن ألتزم، وإن لم أفهم، أن أعمل، وإن لم أتعلم الحكمة، لماذا كلفنا الله بكذا؟ لماذا أراد الله كذا؟ لماذا نفعل كذا؟

لا تقل: لماذا؛ افعل أولاً ثم تسأل عن الحكمة ستجدها إن شاء الله، وأجلُّ حكمة نقولها في تبرير العقود التي تعاقد الله عليها معنا، لماذا أوجب الله كذا؟ لماذا حرم كذا؟ لماذا كلفنا بكذا؟ لماذا أمرنا بكذا؟ نهانا عن كذا؟ أفضل حكمةٍ تقولها يا مسلم الجواب؛ لأنَّ الله أمر بهذا؛ لأنَّ الله شرع هذا؛ لأنَّ الله كلفنا بهذا، وسلِّم لله، الدين اسمه الإسلام بمعنى الاستسلام، استسلم لله -تبارك وتعالى- وإن لم يدرك العقل الحكمة من وراء هذا الفعل، فلثقتنا بأن الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، وثقتنا في أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام كما قال عن نفسه: ﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ﴾ [الأنعام: 50]، وكما وصفه ربه ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، هذه الثقة تجعلني أقول مباشرةً لدى الأمر والنهي سمعنا وأطعنا، لا أقول غيرها، سمعنا وأطعنا وإن لم يدرك عقلي ما وراء هذا الأمر، وما حكمة هذا النهي، لأنه خيرٌ لا محالة إن شاء الله، فالله لا يريد بي إلا الخير واليسر، والنبي صلى الله عليه وسلم يحبني جداً ويحبك وبحب هذا وهذا، ويتمنى لنا الخير، وهو الذي قال وهو النبي المصطفى المجتبى صلى الله عليه وسلم، هو الرسول المبعوث إلى الناس كافةً وعامة صلى الله عليه وسلم، هو صاحب الحوض والمقام الرفيع المحمود، وصاحب الشفاعة العظمى و.. و..، قل فضائله ولا تيأس فالقول كثير، ومع ذلك يقول يوماً عن أمثالنا وبين يديه أصحابه الأحباب الأطهار المهاجرون والأنصار، الذين لا يأتي أحدٌ في الأمة مثلهم أبداً، ولا يبلغ مِعْشارهم، ومع ذلك يقول بينهم: «وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا»، وددت مودة، تعلق، شوق، تمني، «وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا»، قال الصحابة متعجبين: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ، قال عليه الصلاة والسلام «أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ»[14] وسكت، إلى متى من بعدنا؟ إلى يوم القيامة، كل من يؤمن ويسير على هذه الطريق القويمة، خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من إخوانه الذين تمنى أن يراهم، تخيل في نفسك أن النبي صلى الله عليه وسلم بمقامه هذا تمنى يوماً من الأيام أن يراك، هل تمنين أن تراه؟ وهل يتمنى النبي عليه الصلاة والسلام أن يرى مثلي؟ وهل هذا يسعده؟ هل هذا يسره؟ هل هذا يشرِّف شيئاً فيه؟ والله لا أظن ذلك، لكن يسعدنا ويشرِّفنا ويرفع رؤوسنا ويقيم هاماتنا أنْ نرى رسول الله عليه الصلاة والسلام، مجرد رؤية فقط، نسأل الله أن يحشرنا معه في الجنة اللهم آمين.

فهذه السورة أحبتي الكرام تناولت عقوداً كثيرة، تعاقد الله عليها مع عباده المؤمنين، آمنتم؟ نعم يا ربنا، إذًا يا أيها الذين آمنوا بحكم إيمانكم بي افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا، واعلموا وأيقنوا أن هذه العقود لمصلحتكم أنتم، لتنظيم حياتكم حتى لا تكون حياةً مائدة مضطربة تغرق بكم السفينة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم تأكيداً لهذا المعنى: «مثلي ومثلكم كمثل قوم استهموا على سفينة»؛ مثل النبي عليه الصلاة والسلام ومثل الأمة « مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا» -يعني: يا ليتنا نفعل ذلك أحسن، نخرق خرقاً في أسفل السفينة ونأخذ حاجتنا من الماء ولا نؤذي إخواننا الذين فوق السفينة-، فيقول النبي عليه الصلاة والسلام عن الذين يسكنون فوق: «فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ»؛ لو تركوا الذين في أسفل السفينة يخرقونها، «فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا»[15]؛ الكل سينجو، حين أقول لك: اتق الله يا أخي، وتقولي لي: اتق الله يا أخي؛ فكأن الذي هو في المعصية هو الذي سكن أسفل السفينة لا يرى النور، لا يرى الشمس، في باطن البحر داخل السفينة، وبالتالي هؤلاء أهل عصيان من المؤمنين، ولما كانوا أهل عصيان صاروا أهل غفلة لا يحسنون التفكير، يفكرون لكي يعفوا إخوانهم من الأذى، وإذًا بهم سيغرقون الدنيا كلها، فما بالك لو كان كافراً، فيما يتسبب من الضرر، فلذلك الله -تعالى- عقد هذه العقود حفاظاً على حياتنا لا لمصلحة يحققها لنفسه؛ لأنه هو الغني الحميد، كان من تلك العقود عقوداً تتناول المآكل، بعض الأكل الحرام والأكل الحلال؛ ﴿ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ [المائدة: 1]، ثم فسر الله قوله ﴿ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ في قوله ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ﴾ [المائدة: 3]، وهكذا، وأحلَّ لنا؛ ﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ﴾ [المائدة: 5]، طعام اليهود والنصارى تأكل منه؛ أي: ذبيحتهم، إن كان يعترف بأنَّه يهودي، وذاك يعترف بأنَّه نصراني؛ فذبيحته حلالٌ لك، نفسك لا تقبلها هذا من باب الورع لا تأكل منها، لكن يجوز لك أن تأكل منها، من التوسعة التي وسعها الله -تعالى- على الناس، إن كانوا يذبحون.

أما إن كانوا يقتلون الدابة قبل ذبحها؛ فالله ما أحل إلا الذبائح فقط، ولذلك المفسرون يقولون في قول الله تعالى: ﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 5]؛ يعني: ذبائحهم[16]، ما ذبحوه حلال لنا، وما نذبحه حلالٌ لهم.. وهكذا.

هناك - أيضًا - تناولت هذه السورة عقوداً في المشارب؛ المشرب الحلال، والمشرب الحرام، وأمر الخمر واضحٌ جداً في ذلك، فقد حرم الله تعالى الخمر.

ونلاحظ في القرآن كله أن الله تعالى يذكر المحرمات؛ المحرمات في الأطعمة، والمحرمات في النساء، والمحرمات في الذبائح، والمشارب.. وهكذا، ولا يذكر تفاصيل المباحات الحلال، لماذا؟
لأن الحرام قليلٌ جداً يمكن أن يحصره العدد، وأن يحصيه العد.

أما الحلال؛ فكثير جداً، لو أن الله عدده لنا وأفرده بالذكر لكان المصحف أضعاف أضعاف ذلك، فيحرِّم الشيء وعند الحلال يقول: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ﴾ [النساء: 24]، كل شيء حلال بعد ذلك، هذا فقط حرام وما وراءه حلال؛ ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ﴾ [الحج: 30] كم نوع؟ وكم صنف؟

كلها حلال، إلا ما يتلى عليكم فقط هذا هو المحرم، فعدَّه الله تعالى؛ لأنه قليل، تناولت هذه العقود عقوداً في المناكح؛ يعني: ما يجوز الزواج به وما لا يجوز الزواج به، وقد سبق الحديث عن هذا في سورة البقرة، وفي سورة النساء بشيء مفصل وبصورة كبيرة، ولكن بقي شيء، هل يجوز لي أن أتزوج من الكتابية؛ اليهودية والنصرانية؟

فأباح الله هذا في هذه السورة: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [المائدة: 5]؛ إذًا شرط الله فيها فقط أن تكون من أهل الكتاب، وأن تعترف بنصرانيتها، لا ترضى بذلك بديلاً، كما أفتى بذلك الشيخ الشعراوي؛ حيث إن القرآن ذكرهم لنا بهذا العنوان، فمن غير عنوانه فلا نعرفه، إنما نحن نعرف الذين كلمنا الله عنهم وهم النصارى، فمن رضي بهذا الاسم؛ فهذا حكمه عندنا، وغيره لا يذكر في كتابنا؛ فلا شأن لنا به.

ثانياً: أن تكون محصنةً؛ سواء من المؤمنين أو من غيرهم، مؤمنةً أو كتابيةً ينبغي أن تكون محصنة؛ بمعنى: عفيفة؛ لأنها في دينها الحالي بما عندهم من حريات تستبيح لنفسها بعض المحرمات، فربما فرطت في عرضها وعفتها، فلا أتزوجها بحجة أنها نصرانية أو يهودية وإنما لا بُدَّ أن تكون محصنة، كافرةٌ نعم في دين الله عندنا، ولكن هي تحصِّن فرجها، وتعف نفسها، ولا ترضى بالمعاشرة الحارم، فسيرتها في هذا الجانب سيرةٌ طيبةٌ مصونة، هذه يجوز الزواج بها.

أما تلك التي فكت الأسوار وفتحت الأبواب وراودت ورُوِدَت؛ فهذه لا تنفعنا وليست طريقنا أبداً، لا من المؤمنات أو المسلمات ولا من غيرهن.

تناولت هذه السورة -أيضًا- بعض العقود والاتفاقات بيننا وبين الله أنَّه لا يُعبد إلا الله في مجال العقيدة، ولذلك ورد فيها الإنكار والتكفير لمن ادعى لله الولد، كاليهود الذين قالوا: العزير ابن الله، والنصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله.

كذلك أنكرت على من عدد الآلهة، وقال: إن الآلهة ثلاثة بينما هو إلهٌ واحد؛ ﴿ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الأنعام: 19]، وهذه عقيدةٌ وسط بين من أنكر الألوهية تماماً كالشيوعية والمادية؛ قالوا: لا إله، والحياة مادة، ما في شيء اسمه إله، هكذا يقولون، فهذا طرف متطرف منحرف بعيداً.

وطرفٌ آخر مقابله على الجهة الأخرى عددوا الآلهة، كالذين قالوا: الله ثلاثة، وكأهل الجاهلية الأولى كانوا يعبدون أصناماً لا حصر لها، وله أن يتخذ فوق ذلك عدداً، جاء الإسلام وأثبت الألوهية التي ألغاها هؤلاء، ووحد الإله ولم يعدده كهؤلاء، فكان طرفاً وسطاً، أو حداً وسطاً بين الطرفين، ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143]؛ شهداء على هؤلاء الذين أنكروا نقول لهم: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 28]، ونقول لهؤلاء الذين عددوا الآلهة؛ ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [الأنبياء: 22]، هذا باطل وذاك باطل والحد الوسط هو الخير، وخير الأمور أوساطها، كذلك كان لله بعض العقود في هذه السورة مع المؤمنين في العبادات، كما تكلم عن بعض العبادات في الصلاة ونحوها، كان لله تعالى عقودٌ وهذا أكبر عقد موجود في هذه السورة، كانت لله عقودٌ في هذه السورة حول المعاملات الإنسانية بين المسلمين وبين غيرهم، فهذا منزلقٌ خطير، ومنحدر جارف للكثير من الناس، والناس فيه طرفان كذلك، بعض الناس يقول: هذا كافر لا أتعامل معه لا بيعاً، ولا شراءً، ولا جواراً، ولا صحبة، ولا أكلمه، ولا يكلمني، ولا أجيب عليه، وعرضه حلالٌ لي، وماله حلالٌ لي؛ لأنه كافر.

وطرفٌ آخر يقول: يا أخي هو صاحب دين مثلك تماماً، كيف تعامله هكذا، ودينه صحيح كما أن دينك صحيح، ويعامله على أنه صاحب دينٌ حق، كما أن الإسلام حق، وأنه صاحب رسولٍ كما أنك صاحب رسول، -عليهم جميعاً الصلاة والسلام-، ولكنه يكفر برسولنا، ويكفر بمن قبله، لا يؤمن إلا برسوله، ونحن نؤمن بجميع الرسل لا نفرق بين أحدٍ من رسله، فكنا وسطاً بين هؤلاء وبين هؤلاء، الكافر نعامله ولكن معاملةً دنيوية، في الحقوق المادية، أعامله بيدي وبلساني وبعيني وكذا معاملةً إنسانية كريمةً فهو مخلوق لله، وإنسانٌ له حق الحياة، نتعايش معاً في سلامٍ وأمان أحفظه ويحفظني، وأدافع عنه ويدافع عني بحكم الجوار، بحكم القرابة، بحكم الصحبة، صاحبي في العمل، قدراً ما بيدي، صاحبي في الدراسة، زميلي في الفصل، في مدرج الدراسة في الجامعة، في سفرٍ لفترة طويلة مثلاً عدة ساعات وكذا، فُرض عليّ بحكم الأوضاع الاجتماعية الموجودة، لا بد أن أحفظ هذا الصاحب، والله تعالى يقول: ﴿ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ [النساء: 36]، فرض علينا حسن الصحبة مع الصاحب بالجنب، ليس صاحبي، ليس صديقي، ليس ممن أتودد إليهم ويتوددون إليّ، ولكن هو صاحب لفترة له حقٌ علي، أؤدي له هذه الحقوق، وقعت معه في خصومة، لا أظلمه، ولا أحكم عليه بالحق دائماً؛ لأنه كافرٌ وأنا مسلم؛ لا، إنما قال الله تعالى: ﴿ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ﴾ [المائدة: 8]، كما قال في هذه السورة -أيضًا-: ﴿ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا ﴾ [المائدة: 2]؛ كافر، لا تعتدي عليه، ولا على حقوقه، كافر، لا تظلمه في الخصومة والحكم، إنما تقضي معه بالحق وتكون قواماً لله بالحق وإن كان خصمك كافراً، كما قال تعالى: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6]، وكما في الآية الكريمة العظيمة في سورة الحجرات: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى ﴾ [الحجرات: 13]؛ يا أيها الناس جميعاً إنا خلقناكم كلكم من ذكر وأنثى؛ أبوكم واحد وأمكم واحدة، إذًا أنتم أسرةٌ واحدة، بينكم أخوةٌ إنسانية تربط بينكم وتضمن لكم الحياة في سلامٍ حقيقي عادل شامل للجميع، ليس سلاماً خاصاً بجنسيةٍ ولا بفئة، ولكن للجميع، كلكم سواءٌ في ذلك في أمور الحياة، هذا يضمنه الإسلام عندنا، ولا نضمنه عند غيرنا، لكن هذا موجود بحمد الله تعالى، إذًا أعطينا للكافر حقه كإنسان مخلوق يعيش في الحياة ولكن لا أعطيه قلبي، لا أعطيه مودتي، لا أعطيه ولائي، فليس من أهل ديني فلا أأمنه، ولا أضمنه، والعهد عنده منقوض، والعقد عنده مفروط، ولذلك كيف أضع رقبتي في يده! كيف أضع يدي في يده!

والتاريخ البشري قد أثبت هذا على مر العصور، في حق كل أنواع الكافرين أياً كان كفرهم، أثبت أنهم ينقضون العهد ولا عهد لهم ولا ذمة، وخاصةً مع المؤمنين ﴿ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ﴾ [التوبة: 8]، لا قرابة ولا عهد، حتى لو كنت قريبه يخونك، لو كنت صاحبه يخونك، فلا تأمن، ومع ذلك علمنا من قبل أنَّ منهم أفراداً أو بعض أسر صالحة كأسرة آل عمران: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾ [آل عمران: 75] عنده أمانة، هؤلاء منهم، بعض لكن ليس الكل، فديننا علمنا من خلال هذه السورة ومن خلال عقودها كيف نتعامل مع الآخرين معاملةً وسطاً، تحفظ له إنسانيته وآدميته، وتضمن له حقوقه كإنسان، لا نبخسه شيئاً من ذلك، لكن القلب، والمحبة، والموالاة، والمناصرة، والمودة، وهي أن أتمنى أن أراك، أشتاق إليك إلى بعدت، هذه المعاني المتعلقة بالقلب إنما تصرف فقط للمؤمنين، قال الله تعالى في سورة التوبة: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [المائدة: 51] هم مع بعضهم أولياء، لكن أنت لا يدخلونك في دائرة الولاية فلا تُقحم نفسك، لا تُقحم نفسك أن تكون من المجتمع الفلاني، أن تكون من الرابطة الفلاني، وكلها منهم فلن يقبلوك، وإذا قبلوك أو إن قبلوك لن يقبلوك إلا بشروط تحقق لهم منافع في الدين قبل الدنيا، فاحذر على دينك.

ولذلك كان - أيضًا - من عقود الله في هذه السورة أن حذرنا من الفتن، نسأل الله العصمة منها، حذرنا من الفتن، ومن الفتن: مساومات الكافرين للمسلمين على الدين، ادخلوا معنا ولكن افعلوا كذا، تنازلوا عن كذا، وهكذا يطلبون تنازلات دينية شرعية، الذي لا يقدر الدين قدره يتنازل ويرضى بهذا الاتفاق، والذي يعرف قيمة الدين لا يتنازل أبداً، ولكن بغضه هذا وعدم حبه لخصمه لا يدفعه يوماً إلى الاعتداء عليه، ولا إلى ظلمه في الخصومات.

هكذا تعاقد الله معنا بهذه العقود، وهي مفصلة بشيء كبير ولغةٍ عظيمة في هذه السورة، لكن هذه موضوعات السورة؛ وسورةٌ تسمى المائدة إذًا كأنها تهدف إلينا وتقول لنا ملخصاً في هدف قصير: حياتكم مائدة، مضطربة، مهتزة، إلا أن تُوفُّوا لله بالعقود، إلا أن تُوفُّوا لله بالعقود، فأوفوا بالعقود تستقر حياتكم، تطمئن حياتكم، تضمنون معايشكم، ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا ﴾ [الأعراف: 96].

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين الصادقين المصدقين، وأن يرزقنا خير ذلك في الدنيا والآخرة، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وارضى اللهم عن آل بيت النبي، والصحابة الكرام، والأربعة الخلفاء، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

صلي يا ربنا على نبينا محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك عليه كما باركت على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.

أما بعدُ:
أيها الإخوة المسلمون الكرام، هذا حديثٌ مجملٌ سريعٌ عن السورة، ولكن في السورة عِبَر عظيمة جداً، اقرءوا فيها موقف بني إسرائيل مع موسى عليه السلام حين عصوه، وقد كتب الله لهم مدينة مقدسة، قدر الله أن تكون لهم، وفرض الله أن تكون حقهم، بشرط بسيط، بعمل يسير جداً فالدين يسر، وطاعة الله سهلة، شرط الله عليهم وعقد الله معهم أن يدخلوا باب المدينة، فلو أنهم تخطوا باب المدينة إلى داخلها بخطوة واحدة، وقالوا: اللهم حط عنا خطايانا، وخضعوا لله، وسجدوا لله، بدون مواجهة عدو، بدون اشتباك في حرب، بدون رفع سلاح؛ الله تعالى سيلقي في قلوب الأعداء الرعب، ويسلم المدينة لهذه الفئة المؤمنة مع موسى -عليه السلام-، ولكن بني إسرائيل كما استمعتم في سورة البقرة -أعني اليهود- هؤلاء كانوا قوماً مطلاً، ما سارعوا إلى الاستجابة لذبح بقرة، وراوغوا فيها بما علمتم، فكيف يقولون في مواجهة جبارين في مدينة القدس؟ طبعاً نكلوا وتراجعوا ورفضوا الأمر، حتى قالوا قولتهم التي قبحهم الله بها: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24]، لا حول ولو قوة إلا بالله، كلامٌ في جرأة على الله وعلى رسوله موسى -عليه السلام-، وهكذا موقف يقرأ وفيه عِبر جميلة وعظيمة جداً.

اقرءوا في هذه السورة قصة ولدي آدم، واطلب من نفسك أن تكون مسامحة، واطلب من نفسك أن تكون راضية، وانظر ماذا قال ولد آدم الطيب الذي هو هابيل عليه رحمة الله، يقول: ﴿ لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾ [المائدة: 28]؛ لو ضربتني لن أضربك، لن أرد السيئة بالسيئة، ولكن: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ﴾ [المؤمنون: 96]؛ يعني: ادفع السيئة بالتي هي أحسن، فقدم المطلوب وأخَّر المدفوع، قال: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 96]، وفي الآية الأخرى: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]، آثارها طيبة، ومع ذلك قتله، نعم فقد الحياة ولكن حي عند ربه، ذهب إلى ربٍ كريم، خيره عظيم، وحياة فاضلة أفضل من حياة الدنيا، ذهب إلى ربه وهو راضٍ عنه، في حالة قبول قربانه، نعم الوفاء، حسن الختام، أحسن الله ختامنا جميعاً، بينما مات أخوه القاتل بأجله وقبل أن يموت وبعد أن مات وإلى قيام الساعة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ»[17]، تخيل كل نفس تقتل في الجرائم الكبيرة في هذه الأيام، مدافن جماعية، وجرائم جماعية، وقتل جماعي بيد الظالمين في كل زمان وفي كل عصر، هذا كله في ميزان سيئات قابيل؛ لأنه أول إنسان قتل، فعلَّم أولاده القتل، تعلموا منه وإن لم يعلمهم، أخذوا طريقه.

قصة في منتهى الروعة، في منتهى الجمال، مع إيجازها وقصرها، وتعلم من ذلك حكمة أن الله حرّم القتل، لماذا حرم الله القتل؟ ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا... ﴾ [المائدة: 32] إلى آخر هذه الآيات.

انظر في هذه السورة إلى كثير من الآيات والأحكام، ولكن الوقت يضيق، نهايةً ذلك الموقف الغريب، (الدقيقة 47:32 يوجد جزء مفقود بالتسجيل)، الحواريون هؤلاء مع عيسى -عليه السلام- كانوا بمقام الصحابة مع نبينا عليه الصلاة والسلام؛ يعني: هم أقرب الأمة إلى نبي الله، ملتصقون به، ملازمون له، ومع ذلك طلبوا آية عجيبة، طلبوا معجزة، الحمد لله نحمد الله تعالى على الثبات ونسأله الثبات إلى أن نلقاه، نحن نؤمن الآن ولا نطلب معجزات، كفانا بالقرآن معجزةً؛ أن أحداً من الخلق لا يستطيع أن يأتي بمثله، وها نحن أولاء نرى لم يستطع أحدٌ أبداً أن يأتي بمثل سورة من القرآن، وكل كلام الناس يدنو وكلام الله يعلو ولا يُعلى عليه، لكن لم نطلب يا رب أرنا معجزةً، لم نطلب يا ربنا أنزل لنا من السماء كذا، أخرج لنا من الأرض كذا، بحمد الله، وهذا التسليم لله، لكن هؤلاء الحواريون قالوا لعيسى كلاماً حكاه الله في القرآن: ﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا ﴾ [المائدة: 112]؛ لأن كلامهم وطريقة سؤالهم طريقةٌ كلها خطأ، فيها آثارٌ من الجينات اليهودية التي كانت في آباءهم وأجدادهم، طغت عليهم في هذا السؤال، هل يستطيع ربك؟! كان يمكن أن يقال أحسن من ذلك، يا عيسى اسأل ربك أن ينزل علينا مائدةً من السماء، نحن نصدق ونؤمن أنه يقدر ويستطيع ولكن نريدها، اسأل ربك أن ينزِّل علينا مائدة، ولكن انظر كيف كان السؤال، هل يستطيع ربك؟ أليس ربكم أنتم أيضًا، قولوا: هل يستطيع ربنا، وانسبوا الرب إليكم اعترافاً بربوبيته، وأنتم تطلبون شيئاً من ربوبيته وألوهيته، فانسبوه إليكم وتشرفوا بذلك، ولكن اللفظ يوحي بمعاني غير محمودة، هل يستطيع؟ نعم يستطيع؛ إنه على كل شيء قدير، فما كان لكم أن تسألوا بهذه الصيغة، ثم يقولون: ربك؛ وكأن له ربٌ غير ربهم، أو أنهم اتخذوا رباً غير هذا الرب، ويريدون أن يروا آثار رب عيسى عليه السلام، فالأسلوب غير محمود، ﴿ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً ﴾ [المائدة: 112] هذه نفسٌ ضيقة، كما أقول في جينات أجدادهم الذين كان الله يطعمهم المنّ والسلوى بكل راحة وهدوء، ينزل من السماء، لا يتعبون في تجهيزه ولا في إخراجه ولا جمعه ولا شيء، طعامٌ جميل، وشرابٌ غذاءٌ شفاءٌ عظيم، ومع ذلك سئموا من الخير العظيم، ملت نفوسهم من هذا النعيم، فلم يطلبوا تغييره بل طلبوا أدنى منه: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ ﴾ [البقرة: 61] كان يمكن أن يقولوا مما تنزِّل السماء، فيطلبون من أعلى -أيضًا-، لكن نظرتهم تحت التراب، تحت الطين، هذه نظرتهم قصيرة ودانية، يخرج لنا مما تنبت الأرض من تفاحها ولؤلؤها ومرجانها ودررها، الأرض فيها كنوز عظيمة جداً، ولكن انظر ماذا طلبوا مما تنبت الأرض ﴿ مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ﴾ [البقرة: 61]؛ أشياء يعني لو زرعها أي إنسان في أي مكان تخرج بإذن الله، أنت تستطيع أن تفعلها وهو يستطيع أن يفعلها.. وهذا.. وهذا، ما تحتاج إلى سؤال من رب عظيم، ﴿ مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ﴾ [البقرة: 61] قثاء وفول وعدس وبصل، ما هذا؟! أتطلب من الله العظيم فولاً وبصلاً وثوماً؟! هذه نظرة ساقطة جداً، نظرة قصيرة دانية، ليس فيها سمو، كذلك يقول أحفادهم مع سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً ﴾ [المائدة: 112] بالله عليك لو أتيحت لك فرصة أن تجلس مع معالي الوزير أو معالي الرئيس، أتطلب منه شقة سندوتش!! إنك تهينه بهذا، فإن قدراته وإمكاناته أكبر من ذلك، اطلب شقة في مكان فاخر، اطلب شقة سكن في مدينة جديدة؛ فإنه يقدر أن يعطيك وأن يهبك، يملك من الصلاحيات القانونية أن يعطيك هذا، لكن تطلب منه طلباً صغيراً كهذا، تستطيع أن تحصل عليه بمنتهى اليسر، فكأنك تستهين بشخصه، وتستهين بمكانه، ولله المثل الأعلى، يطلبون من الله ويطلبون شيئاً كهذا، مائدة من السماء، هذا كان سؤالهم سؤالاً ليس محموداً.

آخر شيء في الذكر وليس في السورة؛ ففيها كثيرٌ كما اتفقنا وقلنا، لكن من المواقف الصعبة في السورة ما أخبر الله به أنه سيوقف عيسى بن مريم عليه السلام يوم القيامة ليسأله؛ ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 116]، والله يعلم إن كان قد قال أو لم يقل، ولكن يسأل الله ليقيم العدل، فيسأل الرسل، ويسأل الأمم، كلٌ يُسأل سؤال حساب ومراجعة حساب، ونبينا عليه الصلاة والسلام يُسأل -أيضًا- عن أمته وعن غيرهم؛ ﴿ فَكَيْفَ إذًا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قيل: هؤلاء أمته، وقيل: هؤلاء أي الخلق جميعاً يوم القيامة، يُسأل عنهم، فيسأل الله عيسى -عليه السلام-؛ ﴿ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 116]، حتى يجيب عيسى على ملأ من الناس، على أتباعه ومن قبل أتباعه ومن بعد أتباعه، فيفتضح الكاذب على ملأٍ من العالمين، ويظهر الصادق: ﴿ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ﴾ [المائدة: 119] هذه آخر آيات السورة، فيظهر الصادق من الكاذب، يقول: سبحانك؛ تنزهت يا رب كيف أقول هذا؛ ﴿ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ﴾ [المائدة: 116] أنا أستشهد بعلمك أنت، دليلي هو علمك ﴿ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ﴾ ما أخبئه في نفسي أنت تعلمه ﴿ وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 116، 117].

ذُكر في التفسير أن عيسى -عليه السلام- حين يوجه إليه هذا السؤال يُسمع لعظامه صوت، يُسمع لعظامه صوت من هول السؤال، كما نقول في لغتنا: "عظمه يطأطأ" من شدة السؤال وهول السؤال عليه يسمع لعظامه صوت، ومع ذلك ما أرحم الرسل، قد اختار الله فئةً رسلاً من عنده إلى الناس، هم أرحم الناس بالناس، هم ألطف الناس بالناس، رغم ما عرِّض إليه عيسى -عليه السلام- بسبب من يدّعون محبته إلا أنه يختم مقالته مع الله: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ﴾ [المائدة: 118] هذا شأنك، الخلق خلقك والأمر أمرك وأنا لا دخل لي، ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]؛ كأنه يطلب من بعيد على استحياء، لأنه متهم الآن بتهمة، فلذلك يطلب الرحمة لأتباعه ولأمته: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، نبينا عليه الصلاة والسلام شخصيته اشتملت كل الأنبياء، أقام ليلةً كاملة يصلي لله، ولا يقرأ إلا بهذه الآية أو قل بهذه الدعوة يدعو بها لأمته، يدعو بها لنا ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118] ويكررها صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء.

الأنبياء أرحم الناس بالناس، وانظر كم يتسبب الأمم في تعريض أنبياءهم لمشكلات وإيذاءٍ في الدنيا، ولحرج بين يدي الله يوم القيامة، اللهم لا تحرجه بنا، وارزقنا محبته، ومعونته، ومؤازرته يا رب العالمين، واجعلنا من أنصاره وأتباعه، وأتباع الرسل أجمعين، إنك على كل شيء قدير.

ربنا انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وأعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع.
اللهم زدنا علماً نافعاً، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا ربنا سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات ورافع الدرجات.
اللهم يا ولي يا نصير، يا قوي يا متين، كما فرضت علينا هذه العقود فجعلنا يا ربنا من الموفِّين لها، الموفين بها، كما وفّى لك نبيك وخليلك إبراهيم الذي وفى.
اللهم أعنا على الوفاء بها، اللهم أعنا على الوفاء لك بها، خالصين مخلصين يا رب العالمين.
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمالنا أواخرها، وأوسع أرزاقنا عند كبر سننا، وخير أيامنا يوم نلقاك يا أرحم الراحمين.
عباد الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم.. وأقم الصلاة.

[1] الصحاح: 5/ 2110، مادة: [خ و ن].

[2] رواه البخاري: 7 /75، في باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون، من كتاب الأطعمة، برقم (5415)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

[3] الإتقان: 1/ 192، ومعترك الأقران: 3/ 197.

[4] بفتح فسكون. تاج العروس، للزبيدي: 8/ 395.

[5] انظر: الفروق اللغوية، لأبي هلال العسكري، ص: 57.

[6] معاني القرآن وإعرابه، للزجاج: 2/ 220، ونواهد الأبكار وشوارد الأفكار، للسيوطي: 3 / 319.

[7] التحرير والتنوير، لابن عاشور: 6/ 69.

[8] الدر المنثور: 3/ 3.

[9] وهو قوله: قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196]. الدر المنثور: 1/ 514.

[10] وهو قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]. الإتقان: 1/ 75.

[11] وهو قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]. الدر المنثور: 1/ 605، 606.

[12] رواه البزار في مسنده: 2 /211، برقم (598)، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا، فَدَعَانَا فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مِنَ الْخَمْرِ، فَلَمَّا أَخَذَتِ الْخَمْرُ فِينَا، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ أَمَرُوا رَجُلًا، فَصَلَّى بِهِمْ، فَقَرَأَ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ [الكافرون: 2]، وَلَكِنْ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، يَعْنِي: فَخَلَطَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ، وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء: 43].
وانظر: أسباب النزول، للواحدي، ص: 153، 154، ولباب النقول، للسيوطي، ص: 57، 58.

[13] البرهان في علوم القرآن: 1/ 209، وما بعدها، والإتقان في علوم القرآن: 1/ 101، وما بعدها.

[14] رواه مسلم: 1/218، في باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، من كتاب الطهارة، برقم (249)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[15] رواه البخاري: 3 /139، في باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه، من كتاب الشركة، برقم (2493)، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.

[16] النكت والعيون، للماوردي: 2/ 17، والجامع لأحكام القرآن الكريم، للقرطبي: 6/ 76.

[17] متفق على صحته، رواه البخاري: 4 /133، في باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته، من كتاب أحاديث الأنبياء، برقم (3335)، ومسلم: 3 /1303، في باب بيان إثم من سن القتل، من كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، برقم (1677)، عن ابن مسعود رضي الله عنه.






 توقيع : روح أنثى

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ روح أنثى على المشاركة المفيدة:
قديم 01-05-2019, 02:24 PM   #2


فريال سليمي متواجد حالياً

 
 عضويتي » 3
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (07:57 PM)
آبدآعاتي » 1,258,915[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الرسم
 اقامتي »  في قلب الحياة
موطني » دولتي الحبيبه Algeria
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 SMS ~
بعد المسافات .. لا يضعف نبض القلوب الوفية عن المحبة .
 الاوسمة »
وسام وسام وسام وسام 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : فريال سليمي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
مواضيع : فريال سليمي



رد مع اقتباس
قديم 01-05-2019, 04:41 PM   #3


رهينة الماضي متواجد حالياً

 
 عضويتي » 815
 اشراقتي » Aug 2018
 كنت هنا » اليوم (08:53 PM)
آبدآعاتي » 1,438,225[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
 اقامتي »  عبق الياسمين
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 الاوسمة »
وسام وسام المئوية الرابعة بعد المليون وسام وسام 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : رهينة الماضي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-05-2019, 08:14 AM   #4


مـخـمـلـيـة غير متواجد حالياً

 
 عضويتي » 735
 اشراقتي » Jun 2018
 كنت هنا » 24-04-2024 (01:18 AM)
آبدآعاتي » 1,719,914[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
 اقامتي »  الــوجــدان
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 SMS ~
 الاوسمة »
وسام ملكة العبق وسام وسام سراج العبق وسام الهمة والنشاط 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : مـخـمـلـيـة

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
مواضيع : مـخـمـلـيـة



رد مع اقتباس
قديم 03-05-2019, 12:28 AM   #5


همس الروح متواجد حالياً

 
 عضويتي » 525
 اشراقتي » Dec 2017
 كنت هنا » اليوم (02:36 AM)
آبدآعاتي » 1,567,547[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » القراءة..والرياضة.. والطبخ
 اقامتي »  
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 الاوسمة »
وسام وسام وسام وسام 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : همس الروح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 04-05-2019, 12:03 AM   #6


♥..αмαℓ غير متواجد حالياً

 
 عضويتي » 1056
 اشراقتي » Jan 2019
 كنت هنا » يوم أمس (08:30 AM)
آبدآعاتي » 1,282,906[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » -اللهُم الهُدوء والأمَـان و السَلام المُستديم ..
 اقامتي »  
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 الاوسمة »
وسام وسام وسام وسام 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : ♥..αмαℓ

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 04-05-2019, 10:50 AM   #7


قهوة المسا متواجد حالياً

 
 عضويتي » 956
 اشراقتي » Dec 2018
 كنت هنا » اليوم (05:30 PM)
آبدآعاتي » 696,818[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » كوب قهوة وكتآب
 اقامتي »  
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 الاوسمة »
وسام وسام وسام وسام 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : قهوة المسا

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 04-05-2019, 02:49 PM   #8


روحي تبيك غير متواجد حالياً

 
 عضويتي » 344
 اشراقتي » Sep 2017
 كنت هنا » 29-03-2024 (12:41 PM)
آبدآعاتي » 106,922[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
 اقامتي »  
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 الاوسمة »
وسام اختر فانوسك واربح معنا مشارك مميز فعالية ملك الردود وسام وسام 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : روحي تبيك

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 04-05-2019, 02:49 PM   #9


روحي تبيك غير متواجد حالياً

 
 عضويتي » 344
 اشراقتي » Sep 2017
 كنت هنا » 29-03-2024 (12:41 PM)
آبدآعاتي » 106,922[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
 اقامتي »  
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 الاوسمة »
وسام اختر فانوسك واربح معنا مشارك مميز فعالية ملك الردود وسام وسام 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : روحي تبيك

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-05-2019, 08:30 PM   #10


˛ ذآتَ حُسن ♔ متواجد حالياً

 
 عضويتي » 290
 اشراقتي » Aug 2017
 كنت هنا » يوم أمس (04:21 PM)
آبدآعاتي » 454,372[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » دنِيَــِا مَآ تِسِـِوَىَ ذَرَة . . [ آهتِمَآم «~
 اقامتي »  آلآـأإمآرآت ..
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا » ألبومي مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 الاوسمة »
وسام وسام 1 وسام وسام 1 
 
افتراضي رد: نور البيان في مقاصد سور القرآن




لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )
اسم العضوية
كلمة المرور


 
 توقيع : ˛ ذآتَ حُسن ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع ¬ آلمنتدى ✿ مشاركات ¬ آخر مشآرگة ✿
التوزع الدقيق لحروف القرآن وتين اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 29 22-11-2022 08:12 AM
اعجاز القرآن الكريم فريال سليمي اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 26 10-06-2022 03:47 PM
أعظم سورة في القرآن فريال سليمي اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 23 09-06-2022 11:24 PM
الإعجاز الرقمي في سورة يس همس الروح اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 21 09-06-2022 09:33 PM
من بركات القرآن الكريم نسر الشام اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 22 09-06-2022 07:45 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 09:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.