الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ بـِ حُـبْ آلله نَلْتَقـيْ ﹂ ✿ |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
آيات من سورة النور بتفسير الزركشي
آيات من سورة النور بتفسير الزركشي
د. جمال بن فرحان الريمي قال الله عز وجل: ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النور: 1]. قوله تعالى: ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا ﴾ [النور: 1] إما أن يُقدر "فيما أوحينا إليك سورة" أو "هذه سورة"[1] ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 1، 2]. قوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ﴾ [النور: 2] عامٌ في الحرائر والإماء، ثم خصه بقوله: ﴿ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [النساء: 25] [2] وقدم في الزنى "المرأة"؛ لأن الزنى فيهن أكثر[3]. قال ابن فارس: كل عذاب في القرآن فهو: التعذيب إلا قوله عز وجل: ﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ﴾ [النور: 2] فإنه يريد الضرب[4]. قال الزمخشري[5]: سيقت الآية: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ ﴾ [النور: 2] لعقوبتهما على ما جنيا، والمرأة هي المادة التي نشأت منها الخيانة؛ لأنها لو لم تُطمِع الرجل [ولم تومِض له] وتُمكِّنه لم يطمع ولم يتمكن، فلما كانت أصلاً وأولاً في ذلك بدأ بذكرها، وأما الآية: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ﴾ [النور: 3] فمسوقة لذكر النكاح؛ والرجل أصلٌ [فيه] لأنه هو الراغب والخاطب يبدأ الطلب[6]. ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4]. قال رحمه الله: لقد جاءت آيات في مواضع اتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها، كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أمية، ونزول حد القذف في رماة عائشةك، ثم تعدى إلى غيرهم، وإن كان قد قال سبحانه ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ﴾[النور: 4] فجمعها مع غيرها؛ إما تعظيمًا لها إذ أنها أم المؤمنين، ومن رمى أمَّ قوم فقد رماهم، وإما للإشارة إلى التعميم، ولكن الرماة لها كانوا معلومين فتعدى الحكم إلى من سواهم، فمن يقول بمراعاة حكم اللفظ كان الاتفاق هاهنا هو مقتضى الأصل، ومن قال بالقصر على الأصل خرج عن الأصل في هذه الآية بدليل[7]. ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 6]. قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ ﴾ [النور: 6]، لو كانت "إلا" للاستثناء لكان من غير الجنس؛ لأن أنفسهم ليس شهودًا على الزنا؛ لأن الشهداء على الزنا يعتبر فيهم العدد ولا يسقط الزنا المشهود به بيمين المشهود عليه. وإذا جُعِل وصفًا فقد أمن فيه مخالفة الجنس، فـ "إلا" هي بمنزلة "غير" لا بمعنى الاستثناء؛ لأن الاستثناء إما من جنس المستثنى منه، أو من غير جنسه، ومن توهم في صفة الله واحدًا من الأمرين فقد أبطل[8]. ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 10]. قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 10]. فإن الذي يظهر في أول النظر أن الفاصلة "تواب رحيم"؛ لأن الرحمة مناسبة للتوبة وخصوصًا من هذا الذنب العظيم، ولكن هاهنا معنى دقيق من أجله قال: ﴿ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 10] وهو أن يُنَبِّه على فائدة مشروعية اللعان وهى: السِّتر عن هذه الفاحشة العظيمة وذلك من عظيم الحكم، فلهذا كان ﴿ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 10] بليغًا في هذا المقام دون "رحيم"[9]. وقال الواحدي: قال الفراء[10]: جواب "لو" محذوف؛ لأنه معلوم المعنى، وكل ما عُلِم فإن العرب تكتفي بترك جوابه، ألا ترى أن الرجل يشتم الرجل فيقول المشتوم: أما والله لولا أبوك... فيُعلم أنك تريد: لشتمتك. وقال المبرِّد: تأويله - والله أعلم- لهلكتم، أو لم يبق لكم باقية، أو لم يصلح أمركم، ونحوه من الوعيد الموجع، فحذف لأنه لا يُشكل. وقال الزَّجَّاج[11]: المعنى لنال الكاذب منكم أمر عظيم، وهذا أجود مما قدّره المبرِّد[12]. ﴿ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [النور: 13]. قال رحمه الله: من معاني "لولا": التوبيخ والتنديم، فتختص بالماضي نحو: ﴿ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ [النور: 13] [13]. ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15]. قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15].أي: في حكمه تعالى[14]. ﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 16]. قال رحمه الله: من معاني "كان": ينبغي، كقوله: ﴿ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا ﴾ [النور: 16] أي: لم ينبغ لنا[15]. ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 20]. قال رحمه الله: "لولا" في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 20]، جوابها محذوف وقدره بعضهم: لعجل عذاب فاعل ذلك، وسوغ الحذف طول الكلام بالمعطوف، والطول داع للحذف[16]. ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]. قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى ﴾ [النور: 22] خاطب بذلك أبا بكر الصديق[17]؛ لما حَرَم مسطحًا[18] رفده حين تكلم في حديث الإفك[19]. وقوله: ﴿ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22]: أحبوا [20]. وقد يكون معنى "ألا": العرض وهو الطلب بلين[21]. من أسباب الإبهام: تعظيمه بالوصف الكامل دون الاسم كقوله: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ ﴾ [النور: 22] والمراد: الصديق[22]. ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [النور: 26]. قوله تعالى: ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ ﴾ [النور: 26] يريد الزناة[23]. قوله تعالى: ﴿ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ [النور: 26] يعني: عائشة[24]م وصفوان[25] وقد أوقع ﴿ أُولَئِكَ ﴾ [النور: 26] وهو "جمع" على عائشة وصفوان بن المعطل؛ لأن الاثنين جمع في المعنى[26]. ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]. قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]، حكى ابن فارس عن جماعة أن "من" هنا: للتبعيض؛ لأنهم أمروا بالغض عما يَحرُم النظر إليه[27] وقد تقدم الأمر بغض الأبصار على حفظ الفروج في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30]؛ لأن البصر داعية إلى الفرج، لقوله صلى الله عليه وسلم:«العينان تزنيان.. والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»[28] وقال الزمخشري[29]: قدم غض البصر؛ لأن النظر بريد الزنى ورائد الفجور، والبلوى به أشد وأكثر، ولا يكاد يُقدر على الاحتراس منه[30]. وجوَّز الأخفش[31] زيادة "مِنْ" في الإثبات[32] كقوله: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30] أي: أبصارهم، وهذا ضعيف، بل هي للتبعيض؛ لأن النظر قد يكون عن تعمد وغير تعمد والنهي إنما يقع على نظر العمد فقط ولهذا عطف عليه قوله: ﴿ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30] من غير إعادة "مِنْ"؛ لأن حفظ الفروج واجب مطلقًا، ولأنه يمكن التحرز منه، ولا يمكن في النظر؛ لجواز وقوعه اتفاقًا، وقد يباح للخطبة وللتعليم ونحوهما[33]. ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]. قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، فإنه لم يذكر الأعمام والأخوال وهم من المحارم وحكمهم حكم من سُمِّي في الآية، وقد سئل الشعبي[34] عن ذلك فقال: لئلا يضعها العم عند ابنه وهو ليس بمحرم لها، وكذا الخال، فيُفضيَ إلى الفتنة[35] والمعنى فيه أن كل من استثني مشترك بابنه في المحرمية إلا العم والخال، وهذا من الدلائل البليغة على وجوب الاحتياط في سترهن. ولقائل أن يقول: هذه المفسدة محتملة في أبناء بعولتهن، لاحتمال أن يذرها أبو البعل عند ابنه الآخر، وهو ليس بمحرمٍ لها، وأبو البعل ينقض قولهم: إن من استثنى اشترك هو وابنه في المحرمية[36]. قوله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [النور: 31]قيل: يَرِدُ الخطاب بذلك باعتبار الظاهر عند المخاطب؛ وهم المنافقون، فإنهم كانوا يتظاهرون بالإيمان، كما قال سبحانه: ﴿ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [المائدة: 41] [37]. قوله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [النور: 31]، يدل على أنهم كل المؤمنين على العموم والاستغراق فيهم[38]. وقوله تعالى: ﴿ أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [النور: 31] أي: القوم المؤمنون[39]. ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 33]. قوله تعالى: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا ﴾ [النور: 33] إنما أراد - والله أعلم - الشيء الذي يُنكَح به من مهرٍ ونفقةٍ وما لا بد للمتزوج منه[40]. وقوله: ﴿ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ﴾ [النور: 33]أي: امتناعًا من الزنا، جيء بلفظ الماضي، ولم يقل "يردن" إظهارًا لتوفير رضا الله ورغبةً في إرادتهن التحصين[41]. وقوله: ﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ﴾ [النور: 33]، معلوم أنه لا إكراه على الفاحشة لمن لا يريد تحصنًا لأنها نزلت فيمن يفعل ذلك[42]. ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]. قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35] الآية فإن فيها خمس تخلُّصات؛ وذلك أنه جاء بصفة النور وتمثيله، ثم تخَلَّص منه إلى ذكر الزجاجة وصفاتها، ثم رجع إلى ذكر النور والزيتُ يَسْتَمِد منه، ثم تخَلَّص منه إلى ذكر الشجرة، ثم تخَلَّص من ذكرها إلى صفة الزيت، ثم تخَلَّص من صفة الزيت إلى صفة النور وتضاعفه، ثم تخَلَّص منه إلى نعم الله بالهدى على من يشاء[43]. قوله تعالى: ﴿ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ﴾ [النور: 35] فإنه سبحانه أراد تشبيه نوره الذي يُلقيه في قلبِ المؤمن، ثم مثله بمصباح، ثم لم يقنع بكلِّ مصباح، بل بمصباحٍ اجتمعت فيه أسباب الإضاءة؛ بوضعه في مشكاة؛ وهي الطاقة غير النافذة؛ وكونها لا تنفذ؛ لتكون أجمع للتبصّر، وقد جعل فيها مصباح في داخل زجاجة؛ فيه الكوكب الدري في صفائها، ودُهن المصباح من أصفى الأدهان وأقواها وقودًا؛ لأنه من زيت شجر في أوسط الزجاج لا شرقية ولا غربية، فلا تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار بل تصيبها أعدل إصابة، وهذا مثل ضربه الله للمؤمن[44] ويمكن أن يكون المشبه به في قوله ﴿ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ﴾ [النور: 35] أقوى؛ لكونه في الذهن أوضح، إذ الإحاطة به أتم[45]. يتبع 8
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 01:04 AM
|