الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ بـِ حُـبْ آلله نَلْتَقـيْ ﹂ ✿ |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ثم ماذا بعد رمضان ؟
ثم ماذا بعد رمضان ؟ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم . ها هو الضيف الكريم و الذي حلَّ عزيزاً غالياً ، عظيم الأجر جميل الذكر يغادرنا ؛ تودعه القلوب و الدموع و الجموع فطوبى لمن أحسن ضيافته و كان فيه من المقبولين ، و يا خسارة من ضيعه و أمسى من المحرومين . و لما كان رمضان يمثل مدرسة لإعداد النفوس ، و تهيئة القلوب كان لابد من طلب استدامة ذلك بعد مُضيّ أيامه و تصرّمها ؛ لأنّ مَن استفاد من رمضان و اغترف من نهره الجاري و تجول في بستانه يكون حاله بعد رمضان أفضل منه قبله ، يقول ابن الجوزي عن رمضان : ( شهرٌ جعله الله تعالى مصباح العام ، و واسطة النظام ، و أشرف قواعد الإسلام ، المشرف بنور الصلاة و الصيام و القيام ) كتاب بستان الواعظين . و لذلك لابدّ من وقفات للتأمل و المدارسة و التزود ، و ذلك كالتالي : ١ - تواصل الظروف الاستثنائية : جاء رمضان هذا العام و أحوال العالم لا تزال بين الخوف و الرجاء من تواصل فيروس كورونا فتبدلت أحوال الناس في شكل العبادة و كيفية أدائها ، و تغيرت معايشتهم الاجتماعية لبعضهم ؛ ومع ذلك فقد أدوا مشاعرهم و شعائرهم بصورة أفضل من العام الماضي . و نحمد الله أن شريعتنا السمحاء تتسع أمام كل ضيق ، و أن طاقة المسلم بمقدورها أن تحتمل الكثير مما يجعل من ذلك زاداً لمزيد من تطويع النفس و تعبيدها لسيدها و مولاها من بعد رمضان . و هو درس إيجابي ينبغي أن نجتهد دوماً في استصحابه سيما ما يقابل أمتنا من تحديات تستهدف قيمها و ثوابتها ، و تغيرات إقتصادية كبيرة ستجتاح العالم عما قريب ، و غاشيات تنتاش الأخلاق و الأسر ؛ و أمتنا قادرة بإذن الكريم على تجاوز ذلك إن أحسنت توظيف ما عندها من الثوابت و القيم و ما لديها من ثراء مقاصدي يستوعب التعامل مع تلك المتغيرات . ٢ - علامات القبول : أهمية النظر لعلامات قبول العمل و التي من أهمها : أن يُوفَّق العبد لأعمال صالحة بعدها و الاستقامة على الخير ، و ظهور أثر العمل على سلوك العبد ، و إخلاص القلب و عمل الجوارح ، فليكن رمضان نقطة انطلاق و منبع للخيرات ، و ليكن ما بعده امتداد و نتيجة للتنافس في الصالحات . قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه : ( كونوا لقبول العمل أشدّ هماً منكم بالعمل ، أَلَمْ تسمعوا الله عز و جل يقول ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين ) ؟ ) الإخلاص و النية لابن أبي الدنيا . قال عبد العزيز بن أبي رواد : ( أدركتُهم يجتهدون في العمل الصالح ، فإذا فعلوه وقع عليهم الهمّ أيقبل منهم أم لا ) لطائف المعارف . ٣ - تنوع أحوال العباد : تتنوع أحوال المسلمين بعد رمضان لأصناف ، فمنهم الموفَّق و السعيد المستمر على طاعة الله ، و منهم من لم يكن لرمضان أي أثر أو بصمة في حياتهم و سلوكهم ، حتى صار صيامه عادة و صلاته روتين ، بل بعضهم عياذاً بالله يكون عليه رمضان ثقيلاً جداً يتمنى انقضاءه ليعيث في الأرض فساداً ، و يرجع أسيراً لشهواته و ملذاته و شياطين الإنس و الجن ، فالانتكاس داء خطير و مرض عضال ، فإياك أن يصل فتورك بعد رمضان حد الانتكاس و التقهقر و اقتراف الخطايا و الآثام ، قال ابن القيم : ( فالكاذب ينقلب على عقبيه و يعود إلى رسوم طبيعته و هواه ، ورالصادق ينتظر الفرج ولا ييأس من روح الله و يلقي نفسه بالباب طريحاً ذليلاً مسكيناً مستكيناً ) مدارج السالكين . و قال يحيى بن معاذ - رحمه الله : (عملٌ كالسراب ، و قلبٌ من التقوى خراب ، و ذنوبٌ بعدد الرمل و التراب ، ثُمَّ نطمعُ فِي الكواعب التراب ، هيهات أنت سكران بغير شراب ، ما أكملك لو بادرت أملك ، ما أجلك لو بادرت أجلك ، ما أقواك لو خالفت هواك ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي . ٤ - المداومة على الصالحات : يجب أن يعلم المسلم كيفية المداومة على العمل الصالح ، فإنه لما كان للنفوس إقبال و إدبار بحسب الزمان و المكان و الحال ؛ ينبغي أن نحافظ عليها حال الروحانية و نتعهدها تقويماً و تثبيتاً ساعة الركود و الفتور ، و إياك أن تكون من عُبَّاد رمضان ، فالله رب رمضان و شوال و سائر الشهور . و ليكن شعارك المداومة على الأعمال الصالحة بمواسم الخيرات و بعدها إلى أن تلقى الله عز و جل ، يقول عليه الصلاة و السلام : ( إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ ، قِيلَ : وما يَستعمِلُهُ ؟ ، قال : يفتَحُ لهُ عملًا صالحًا بين يدَيْ موتِه حتى يرضَى عليه مَنْ حَوْلَهُ ) صحيح الجامع . و مما يعين على المداومة على العمل الصالح بعد رمضان : أ ) إخلاص العبادة لله ؛ إذ هو طريق الدوام ، فـ ( ما كان لله دام و اتصل و ما كان لغير الله انقطع و انفصل ) كما قال بعض السلف . ب ) الإكثار من مجالسة الأخيار و صحبتهم ، و التعرف على سير الصالحين ، و الحرص على مجالس الذكر ، فإنها تبعث في النفس الهمة و العزيمة . ج ) المواظبة على أداء الفرائض الخمس بأوقاتها في المسجد ، و المداومة على قراءة وِرْد قرآني يومي مع تدبر الآيات و معرفة المعاني ، و الإكثار من ذكر الله عز و جل . د ) طلب العون من الله و الاستعانة به و حسن الالتجاء إليه ، و كثرة الدعاء بالثبات . هـ ) الإبتعاد عن مفسدات القلب من الصحبة ، و السماع ، و النظر ، و آفات اللسان من كذب و غيبة و مجالس اللغو ، و الخوض في الباطل ، و ضياع الأوقات . و ) المداومة على القليل ، فعندما سئل عليه الصلاة و السلام : ( أيُّ العملِ أحَبُّ إلى اللهِ ؟ ، قال : أدْومُه و إن قَلَّ ) مسلم ، قال عز و جل : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) الحجر : ٩٩ . ٦ - رمضان مركز الأعمال : يجب أن نتامل حال السلف مع رمضان فقد جعلوه مركزاً لأعمال السَّنة طلباً لادراكه و دعاءً لقبوله ، فكانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعون فيما تبقى بأن يتقبل منهم ، فالعام كله تفكير و اهتمام في رمضان و ما يتعلق به ، إما استقبالاً و استثماراً لأوقاته ، و إما الدعاء و الابتهال بأن يتقبل منهم ، و هذا ناتج عن فقه عميق بحقيقة الصيام و شهر الخير و الإنعام . فليكن رمضان مركزاً لعبوديتنا ، نستلهم عبره و فوائده و دروسه و زاده و نتائجه . ٧ - العمل الجامع : أن نتذكر أن شهر رمضان جمع العديد من أركان الإسلام ، و به مفاتيح السعادة كلها ، فهو نقطة انطلاق و بداية الطريق ، و فيه مدرسة التوحيد و الإيمان ، الصبر و التقوى ، الطهور و الصدقة ، الشكر و المحبة ، الصدق و الإخلاص ، يقول ابن القيم : ( قد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحاً يفتح به ؛ فجعل مفتاح الصلاة الطهور كما أن مفتاح الصلاة الطهارة ، و مفتاح الحج الإحرام ، و مفتاح البر الصدق ، و مفتاح الجنة التوحيد ، و مفتاح العلم حسن السؤال حسن الإصغاء ، و مفتاح النصر و الظفر الصبر ، و مفتاح المزيد الشكر ، و مفتاح الولاية و المحبة ) حادي الأرواح . و لما جمع رمضان كل هذه المعاني ، فهو بحق مفتاح و بداية لكل خير يوصل إلى الله ؛ فلنتأمل هذه الحقيقة التي مَن وفق لها فهو الموفق و مَن استثمرها و وظفها فهو السعيد . ٨ - همم و عزمات : المسلمون في رمضان سارَعوا للطاعات ، و أنفَقوا الأموال ، و قرأوا القرآن ، نفوسهم مطمئنة ، و صدورهم منشرحة ، وقلوبهم مقبِلة ، همتهم كقمم الجبال ، فهل سنتعاهد على ما كنا عليه من خير و إقبال و نحاسب أنفسنا على تقصيرنا ؟ أم نُصاب بالفتور و نرجع لِما كنا عليه قبل رمضان من اللهو و ضياع الأوقات و التفريط في العبادات ؟! حتى قيل قديما : ( قدر الرجل على قدر همته ، فمن كان عالي الهمة ، كان عالي القدر ) . و إذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً ** تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ و الناس متفاوتون بالهمم ، يقول ابن القيم : ( و أعلاهم همةً و أرفعهم قدْراً من لذته في معرفة الله و محبته ، و الشوق إلى لقائه ، و التودد إليه بما يحبه و يرضاه ، فلذته في إقباله عليه و عكوف همته عليه . و دون ذلك مراتب لا يحصيها إلا الله ، حتى تنتهي إلى مَن لذته في أخس الأشياء من القاذورات و الفواحش في كل شيء من الكلام و الفعال و الأشغال ) الفوائد . قال تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) النحل : ٩١ - ٩٢ . ٩ - و الله المعين : و ختاماً فإن العبد لا حول له ولا قوة ، و عليه لابد من الاعتماد على ( إيّاكَ نَستَعِين ) لتحقيق ( إيّاكَ نَعبُد ) و الموفق مَن وفقه الله ، و المخذول مَن تخلت عنه إرادة مولاه ، فمن اعتصم بالله هُدِيَ إلى صراط مستقيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . اللهم أحسن ختامنا ، و تقبل قليل عملنا ، و اغفر كثير زللنا يا كريم .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 07:13 AM
|