الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ يختص بالدفاع عن حبيبنا رسول الله وسيرته العطرةوالخلفاء الراشدين وكذلك الصحابيات رضوان الله عليهم وارضاه ﹂ ✿ |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أسباب ترتيب آيات القرآن الكريم الجزء (2)
الخلاصة: أن من أسباب ودواعي ارتباطِ وترتيب الآيات غير المستقلة الآتي: التقرير والتأكيد: فقد تكون الآية مقررةً ومؤكدة لمضمون ما قبلها من الآيات، وهذا السبب كثيرٌ في القرآن الكريم. التفسير والبيان: فقد تكون الآيةُ مفسرةً ومبيِّنةً لما قبلها من الآيات، وهذا السبب كثيرٌ أيضًا في القرآن الكريم. الاعتراض: فقد تكون الآية معترضةً بين الآيات لحكمةٍ وهدفٍ معين. التخلص: فقد تكون الآية يُتخَلَّص بها إلى ما بعدَها من الآيات. التكميل: فقد تكون الآية مكمِّلة لمضمون ما قبلها. التعليل: فقد تكون الآية مُعلِّلةً لما قبلها. البدل: فقد تكون الآية بدلًا مما قبلها. الحال: فقد تكون الآية حالًا مما قبلها. النعت: فقد تكون الآية نعتًا لما قبلها. عطف البيان: فقد تكون الآية بيانًا لما قبلها. ثانيًا: الآيات التي لا يظهر أسبابُ ودواعي ارتباطها (المستقلة عن بعضها)؛ إما أن تكون معطوفة على ما قبلها بحرف مِن حروف العطف المقتضي التشريك في الحكم، أو لا تكون. الآيات المستقلة المعطوفة على بعضها لا بد لها من سبب ورابط يربط بينها كالآتي: أولًا: التنظير أو التشريك في الحكم، وذلك كقوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 30، 31]، فقد ذكر سبحانه وتعالى - بطريقِ العطف بالواو - ما يتعلَّق بالمؤمنات من أحكام غض البصر، وحفظ الفروج، وإبداء الزينة... إلخ، بعد أن ذكر ما تعلَّق بالرجال من أحكام غض البصر وحفظ الفروج، وهذا من باب ذكر النظير بعد النظير. وأما التشريكُ في الحكم، فكقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْإنسان خُلِقَ هَلُوعًا *إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا *وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا *إِلَّا الْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ *وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ *لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ *وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ *وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ *إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ *وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ *أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 35]، فالله عز وجل يُقرِّر في هذه الآيات أن الجَزَع عند الشر، والمَنْع (البخل) عند الخير - وكلاهما تفسيرٌ للهلع - أبعدُ ما يكون عن المصلين الذين يُداومون على صلواتهم ويحافظون عليها، وهذا الحكم أيضًا للمؤدِّين زكاةَ أموالهم، وللمصدِّقين بيوم الدين وما فيه من أهوال وأحوال، وللخائفين من عذاب الله، وللحافظين فروجَهم من الزنا، وللمراعين أداءَ الأمانات، وللقائمين بأداء الشهادات من غير زيادة أو نقصان، والذي أفاد ذلك عطفُ هذه الأصناف على المصلِّين بالواو، ثم حكَم لهم جميعًا بالجنة، فقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 35]. ثانيًا:وقد تكون العلاقةُ بين الآيات المستقلة المعطوفة هي التضاد، وذلك كذكر آيات الرحمة بعد آيات العذاب، أو الترغيب بعد الترهيب، أو العكس بينهما، وهذا واضح جليٌّ في كثير من الآيات القرآنية؛ كسورة الواقعة. ثالثًا: ذكر التحلية بعد التخلية، وهذا كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ *وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 113، 114]، فقد جاء الأمر بالصلاة بعد النهي عن الركونِ إلى الذين ظلموا من باب التحلية بعد التخلية. رابعًا: وقد تكون الآية مخصِّصة لعموم الآية التي قبلها؛ كقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [النور: 6، 7]، فهاتانِ الآيتان مخصصتان لعموم الآية التي نزلَت في حد القذف، وهي قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4]، وأن البَعْل إذا قذف زوجتَه بالزنا، ولم يكن له أربعةُ شهداء على ذلك، فإنه لا يُحَد حدَّ القذف ولا يعاقب بعقوبته إذا لاعَنها على ذلك. هذا وقد تأتي الآية معطوفةً على ما قبلها، ويُشكِلُ وجهُ الارتباط والجمع بينهما، فيحتاج إلى إعمال فكرٍ وإمعان نظرٍ، وقد ذكر الزركشي طرفًا من ذلك، فليراجعه مَن يشاء[20]. أما الآيات المستقلة غير المعطوفة على بعضها، فلا بد من قرائن معنوية تؤذِن باتصالها، وجودة ترتيبها والربط بينها؛ حيث تنزل الثانية من الأولى منزلة جزئها الثاني[21]. أولًا: من هذه القرائن: التنظير؛ أي: إلحاق النظير بالنظير، وهذا دأب العقلاء؛ كقوله تعالى: ﴿ كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ﴾ [الحجر: 90] عقب قولِه تعالى: ﴿ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ﴾ [الحجر: 89]، فالكاف بمعنى (مثل)، و(ما) بمعنى الذي، والمعنى: قل يا محمد لقومك ولأهل مكة: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، مثل العذاب الذي نزَل على الذين أقسموا بالله (المقتسمين) من قوم صالحٍ ليُبيتوه (يقتلوه ليلًا) صالحًا، فنجَّاه الله من شرهم[22]. ثانيًا: المضادة: كالآيات التي تحدَّثت عن حال أصحاب الشِّمال من سورة الواقعة (41 - 56)، بعد الآيات التي تحدَّثت عن حال أصحاب اليمين في السورة نفسها (17 - 40)، و(الواو) هناك في أول الآيات استئنافية، ولا يُظَنُّ أنها عاطفةٌ. قلت: وهذا المثال يصلح أيضًا مثالًا لنظم الموضوعات في السورة الواحدة، وفي المبحث القادم إن شاء الله سيأتي مزيدُ بيانٍ لهذا النوع من أنواع النَّظْم. ثالثًا: الاستطراد[23]؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [آل عمران: 110، 111]. قال الزمخشري: (فإن قلتَ: ما موقعُ الجملتين؛ أعني: (منهم المؤمنون)، و(لن يضروكم)؟ قلتُ: هما كلامان واردان على طريق الاستطراد عند إجراء ذكر أهل الكتاب؛ كما يقول القائل: وعلى ذكر فلانٍ، فإن مِن شأنه كَيْت وكَيْت، ولذلك جاء من غير عاطف)[24]؛ ا. هـ. قلت: وكذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 112]، ذكرت أيضًا على سبيلِ الاستطراد، ولذا جاءت أيضًا غيرَ معطوفة بالواو. رابعًا: الإرشاد إلى ما ينبغي (اجتهاد من الباحث)؛ كقوله تعالى: ﴿ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88] عقب قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الحجر: 87]، فإنه سبحانه لما ذكر منَّته ونعمته على نبيِّه صلى الله عليه وسلم بالقرآن، أرشده إلى عدم النظر إلى الدنيا؛ ليَستغني بما آتاه من القرآن عن الدنيا. خامسًا: قد تكون الآية واقعةً مِن التي قبلها موقعَ الإيضاح بعد الإبهام؛ كقوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 52، 53]، فقوله تعالى: ﴿ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 53] هو إيضاحٌ لقوله تعالى: ﴿ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]، وعدل عن إضافةِ صراطٍ إلى اسم الجلالة ابتداءً؛ لقصد الإجمال الذي يَعقبه التفصيل بأن يُبدل منه بعد ذلك صراط الله؛ ليتمكَّن بهذا الأسلوب المعنى المقصود فضلَ تمكنٍ، وإجراء وَصْف اسم الجلالة باسمِ الموصول وصلته؛ للإيماء إلى أن سببَ استقامة الصراط الذي يهدي إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه صراط الذي يَملِك ما في السماوات وما في الأرض، فلا يَعزُب عنه شيء مما يليق بعباده، فلما أرسل إليهم رسولًا بكتابٍ، لا يُرتابُ في أن ما أرسل لهم فيه صلاحهم[25]. سادسًا: قد تكون الآية ممهِّدةً للآية التي بعدها؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾ [الصافات: 4]. قال أبو السعود: ﴿ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾ [الصافات: 4] جوابُ القسم، والجملة تحقيق للحق الذي هو التوحيدُ بما هو المألوف في كلامهم من التأكيد القسمي، وتمهيد لما يَعقُبه من البرهان الناطق به؛ أعني: قوله تعالى: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾ [الصافات: 5]، فإن وجودَها وانتظامها على هذا النمط البديع مِن أوضح دلائل وجود الصانع وعلمه وقدرته، وأعدل شواهد وَحدته[26]؛ ا. هـ. سابعًا: قد تكون الآية سببًا وتعليلًا للآية التي قبلها؛ كقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 23، 24]، فهذه الآيةُ تُبيِّن وتُوضِّح منقصةً من نقائص اليهود، أو مِن نقائص أهل الكتاب عمومًا، وهي أنهم بعدَ علمِهم بما في كتب الله مِن شرعِه ثم يُدْعَون لتحكيمِ هذا الشرع فيما بينهم - ترى فريقًا منهم يمتنعون عن ذلك ويأبَوْنَه بقلوبهم، والسبب الذي حملهم على هذا التولِّي وهذا الإعراض أنهم قالوا: ﴿ لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [آل عمران: 24] أربعين يومًا، أو سبعة أيام، ﴿ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 24]؛ أي ثبَّتَهم على دينهم الباطل ما خَدَعوا به أنفسهم من زعمهم أن النار لا تمَسُّهم بذنوبهم إلا أيامًا معدوداتٍ، أو ما ادَّعوه من قولهم: ﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المائدة: 18][27]. وبعد: فهذه بعض أسباب ودواعي الارتباطِ والترتيب بين الآيات القرآنية، وأمثلة لها وبإمعان النظر وإعمال الفكر، تجدُ أن هذه الدواعي وتلك الأسباب منتشرةٌ بين جميع الآيات في السور القرآنية، وفي وجهة نظري أن هذه الأسباب والدواعي هي أعظم دليلٍ على أن ترتيب الآيات القرآنية ترتيبٌ توقيفي. والله أعلم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 09:49 AM
|