ننتظر تسجيلك هـنـا

الأدارة ..♥ مَملكتنا مَملكة الياسمين، يلتهبُ الشجنُ ويَثْمِلُ الحرفُ بالآهات ، حروفُنا الخالدةُ كفيلةٌ بأنْ تأخُذَكم إلى عَالمِ السَحَر ، تَحْدِي بِكُم وتَمِيلُ فهي مميزةٌ بإدخالِ الحبِّ إلى القلوب ،ولكي لا تتَعرَضَ عُضويَّتكَ للايقافِ والتشهيِّر وَالحظر فِي ممْلكتِّنا .. يُمنع منْعاً باتاً تبادل اي وسَائل للتواصل تحْتَ اي مسَّمئ او الدَّعوه لمواقعِ اخْرى ، ولكم أطيب المنى ونتمنى لكم وقت ممتع معنا



 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 22-02-2020, 12:50 AM
غرآم الروح غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 1494
 اشراقتي » Dec 2019
 كنت هنا » 08-10-2023 (01:54 AM)
آبدآعاتي » 240,105[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الرسم الهندسي
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
افتراضي دموع في.. ليالي القمر!!



دموع في.. ليالي القمر!!
........................................


في ليـلة من ليـالي القمر، عندما تبرد نسمات السَّحر، والقمر يسير وئيدا نحو مخدعه، حيث اللحظة التي سيـطفئ بها سناه وتتواري هالاته قبل أن تطويها بقسوة شمس الشروق، وتمحو معها كل بقايـا بريق تألق في سواد صفحة الليل، ولن تكون بعدها إلا الزرقة الفيروزية في صفاء قبة السماء.
- كم تقتلني مرارا مواقف الوداع!

وقبل كل هذا كان البدر ينظر إليّ، ينتظر مني نظـرة الوداع، فـهززت رأسي أسفا وأساً! وأنا تشقيني تلك اللحظات، وترديني في طيـاتٍ من الحزن ودوائـر من الضياع.

فتساءلت:
- وهل هذه اللحظة تليـق بالدموع؟
- هل أودعــه بالدموع؟ وأنا قلبي يرقص فــرحا لقرب رؤية حبيب؟
أم أودعه مبتهجــا؟ أيليق هذا بـه؟ أو منّي؟
- أن أكون جاحد للـود؟ .. وناكرا للجميل الى هذا الحد؟
- ألن أكون في هذا قاسيا، وربما ظـالما؟ أو مجرما؟

كم أنسْتُ به، في لياليه، كليـلتي هـذه، وكم خفـف عن قلبي حمى أشواقي وخفف عني من عذاب الانتظـار!
كان لي رفيقــا، في رحلـة الليـالي، نحو حبيب الفجـر، وكان لي نديما جميلا وحفيظا للسر، ولطيف المعشر!
حتى أحببته، وقـد بلغت بي محببتـه، واعتدت عليه، ولكن! في غمرة عشقي والهيام نكون وصلنا معـا إلى تلال أفق الفجر، وهي مشارف أبواب قدوم، ورحيل لكثير!
وعندها أكون مرهقـا حقا بما حملت في ليل المسير واحتملت من الأشواق، وبلغ مني العطش للتلاقي ويا حبذا الأحضان والعناق! بعد أن أنهكني السهر في السفر، فأسعد بطلائع الفجر تقبل مرحبة لاحتضاني من جديد، ثم أجدها تمزج لي كاس المصير المؤلـم!
هو كالذي مزج للفجر! وكما قد مزج له القضاء!

فأصبح مزيجا بين الليل والنهار! من الظلمة والنور! من البريق والعتمة! ومن الموات والحيـاة!

فجعل لي الفجر مثل هذا هدية استقبال! فمزج بكأسي التعاسة والسعادة! فكان الشقاء في أسعد لحظـاتي!
مزج لي لوعة الوداع بروعة اللقـاء!
ودموع الـفـراق مع بهجـة الـعناق، ومريـر الحزن في الـفرحة والبكاء مع الابتسام، ونذر اليأس في تباشير الأمل، في لحظة رحيل وتلاقي!
جمع وقدم لي باقات من هذه الأضداد في كأس واحدة مترعـة، لأتجرعها في نهاية رحلة العطش!
وجعل من تلك الكأس مصير، أبتلع ما فيهما في آن، وفي كل فجـر من ليالي القمر!
حيث يسقيني كل السـعادة ولكن بقدح ملوثة بالشـقاء.
- لأن لي به حبيـب .. حتمـا سأودعه!

حبيب كان سار معي طيلة ليلي، نسابق مسارات النجوم نتخطى أبعاد السماء، ظل فيها هو الأنيس والعزوة..
ورفقة السفر عهـد ووفـاء!
وبلغ معي إلى حيث الفجر الحبيب!
من أسـافر إليه ليالي القمر، وفي قلبي أحمال من الآمال، وأثقال من الأماني، ومخزون لهفـة أشـواقي للـقاء محبوبة الفجر!
- وهو حبيب! لأن لي فيه حبيب!

***
والآن!
وبوصولي للفجر، في نهاية رحلتي، ستسكب عيناي دمعتين!
دمعـة سعادة ببلوغ الفجر وقرب استقبال حبيب! ودمعـة حزن! للـوداع والرحيل والانفصال عن حبيب!
دمع كقطرات النـدى! تتساقط في كمين يمزجه الفجر، للماء، وللهواء، من الساخن والبارد!
وكان مني مثلها، مما مزج لي في اللقاء والوداع!
فتخلقت وتقاطرت فيهما الدمعات!
لأنها الممكن، والممكن فقط!
ونتاج المزيج دمعة وداع ساخنة، مع دمعة فرحـة لقـاء ضاحكة سعيدة!
- أيـَـا فجر!
ما أقسـاك!
أأرحل ليلتي باشتياقي لسعادة اللقاء بالأحبة وتستضيفني بحتمية هـذه الكأس المسمومة؟
فأودع فيك حبيبـا وأنا أســتقبل في لحظاتك حبيب؟
- أتـنـهي عنـاء رحـلتي بسـعادة بـاكيـة؟
- أهل هذه اللحظات تـليـق بالدموع؟
- أيا فجر!
- أتيت اليـك اللحظة مسافرا بآمالي، وبأشواقي، لأستقبل فيك
أغلى حبيب، وها أنت تُكرهني على وداع لفراق أرق
وأصدق رفيق!
- أفي هـذه اللحظـة تليـق الدموع؟

***
أخيرا!
وقفت مـرهقـا، مثقـلا، بهواجسي، وممزقـا أخلاقيا وحتى أدبيا لأودع مكرها حبيبي القمر!
فكان الاعتذار حتمية أخلاقية، وطلب الـصفح يفرضه التأدب.
لذا استدرت بكليتي، متجها ببدني وأنظاري نحو الشرق!
إلي حيث عما قليل ستدور هناك، الملحمة الأزلية!
حيث الصراع العظيم، حيث يلتحم أعظم الأضداد، انه صراع البقاء القديم، بين الظلام والنور، وبين الحياة والموت وربما بين النـار والماء، ولن تنتهي المواجهة إلا حاسمة بالهزيمة!
فلابد من رحيل أحدهما، بأن ينهزم الخاسر!
فهناك!
هي ساحة الالتقاء، سيتقدم النهار، على مركب الشمس وتلوح طلائعه وتتسلل حزم الضياء، وكأمواج المد سيطارد فلول الليل، حتى أقصى أطراف السماء، وسيسجل على صفحة ذلك اليوم انـتصار "النـور مبـدد الظلمات"!
وها هي اللحظة تقترب ويزداد تـوتـري!
أصبحت مشوش الذهن، مضطرب الأفكار محموم المشاعر! ومع كل ذلك أشـعر بشيء من الارتياح، بخدر التفاؤل، بإحساس يقين، أنه لابد وأن لحبيبي الـقمر قلبـا كـبيـاض لـونـه النـاصع، الـذي أحببته فيـه، ولا شك أنه رقيق وكريم، وهو يغدق به على الأرض، يسكبه، ضياءً فضية، تكسو السهول والجبال والأشجار، مزيلا وحشة الليل، والمخاوف، وتملأ عيون وقلوب العاشقين بالرضا والبهجة، بما يملأها بالسعادة والامل وبالبهجة طوال ليل كان سيطول بهم كئيبا بالأحزان، وعندها!
أحسست بدبيب نشوة، أو ثورة اعتراض عارمة أزلت بها حجب تشل الأفكار، وتثبط العزيمة، فبددت رواسب صمت ثقيلة جثمت بيننا للحظات وأنا أتشجع منرجلا حماس مشاعري ومرتجلا دفق عواطفي لأقول له:

حبيبي يـا قمر!
أيها البدر الجميل! وصاحب الجميل!
وداعــا!
كم تؤلمني، وتشعرني هذه العبارة بالإحباط والعجز، وكأني أهـوي إلى اللانهاية أو أوشك الارتطام بالفـنـــاء.
كم تـزعجني تلك لحظات الوداع وحين الفراق، ولهي أشـد وأقسى إيلاما متى كانت لحظات افتراق عن حبيب!
مثلك! صديق ومحبوب، ورفيق في السفر، وفي الليل نديـم جـواد، ومؤنسي في السمر!
فآه! كم كان ليلي يحـلوا بـك والسـهر.
وألف آه من شــقوتي بفراقك، ومن عشقك وعذاب انتظار اللقاء بك في قادم الليالي! فبعد لحظات سـتتركني!
وسيترك بي فراقك ألما، ومن أجلك! سيجعله صمودي شــفيقا ورفيقــا ورقيقـا!
وحتى يتجدد لـقــاءنـا .. عله القريب المنـتظر.

أبتسَـم لي! ولوّح مودعـا، بضوء متعب أنهكته رحلة الليل الطويلـة، وبدأ يتسلل ليغـوص الى ما خلف ضياء الشمس، وسارع يتخـلل في عمق زرقـة متباينة في التوهج وفي الألوان، قبل أن يبتلعـه اجتيـاح مركب الشمس العظيم، وزحفه القـادم لحسم الملحمة.
وما هي إلا بعض من الساعة، وستضمحل إلى بضع من الدقائـق، تتلاشي في بضع ثـوان. وتنـفـُق جميعهـا!
ثم هناك!
سيشتعل الأفق كالحـريق، بلونه الدموي الأحمر، كلهيب الجحيم و...

عفوا، عفوا!
اني آسف! لقد ركبت أجنحة الخيال وشطح بي الفكر وخانني الـتعبـير! فأنـا أردت الـقـول:
هناك! حيث سيصحو الفجر، ككل صباح مبتسما!
ووجنـاته تتفتح في الأفـق بلون الـورد، وعبـيره الفواح من حولنا، تنفحه الينا أجنحـة نسمات الفجر في كل عبور بعد أن تخللت أغصان أشجار البساتين المزهرة حول بيوت ضاحية "الحوية"، تحلق بالبهجة وبحملها المثقل بأريج الـورود وعطور الفل والـيـاسمين وعبق اليوسفي وأزهار البرسيم، لتهبها هدية، لكل من أفـاق تلك اللحظات من الخلق والأنام، لهجره عذب المنـام، وتلقيها اليهم تحية إصباحهم الجميل، وفيها أمنيات السلام والأمان وأعذب الأماني، ولكن!

***
لم أزل لا ادري؟
هل أفرح في هذه اللحظة أم أترح ؟
وهل تليق بهذه اللحظات الدموع؟
أأكبت الأنين أم أصرخ! وبصرختي أبـقر بطن الفضـاء!
فالقادم من هناك!
هي لحظات لن أعرف منهـا.. بهـا نـفسي!
أهي مبتهجة أم حزينة؟
فـراق أم لقـاء، ابتســامة أم دموع؟
والحق! وهو الحقيقي!
اني أحبـبتـها!
ومع كل تلك اللحظات، بتناقضاتها، وعيشي بين فرحها وألمهـا! فأنا أحببت تلك الصغيرة حتى الثمل!
بل أريـدها أن تمـتزج بي الآن! وتتحـدَ بي، كـدمي وروحي في جسدي.
آح! انها نسمة باردة!
ولن أهتم! رغم إحساسي برعشات خفيفـة، أخذت تسري وتنتشر بحنـان عبر أوردة جسـدي، فيقشعر كل بدني مع كل تسلل وحصار وكر من نسمات الفجر البـاردة، وأنا بثوبي الداكن الخشن والكسوة الفصلية -الوحيدة- في فضاء مترامي بين بيوت القرية المتباعدة أقرفص على في زاوية على جدار إسمنتي خفيض، تخيلته مرار وقد ارتفع متباهيا بين بيوت الطين، كحائط خارجي لأحدث بيت في القرية من الإسمنت، وكم أخرجتني من جموح خيالي في سكون هذا الصمت الحالك الاختراقات الغير محترمة من "ديك أم شاكر" وساعة توقيته المختلة أو لإحساسه الغبي بجمال صوته فيواصل في كل لحظات صمت بشق سكون الليل بحماس فتتردد معه وبعده أصوات كل ديوك القرية، ولا شك بأنها غير معجبة! بل ساخطة من صوته وتطلب منه الصمت أو ربما هي لعنات مرسلة عليه لحرمانهم من النوم!
وكثيرا ما يخرجني ويجعلني أحيانا أسخر من نفسي ومما أفكر فيه!
وحين أخرجني هذه المرة كنت أكاد وقـبل الأوان أن أسمع صدى صوت دبيب حذائها الصغير اللامع!
إنها ليست وقـع خطى!
بـل! هي قبـلات على خـد الأرض النديـة، وقد فرش الفجر الرمل والحصباء بقطرات الطل وتحولت إلى بلورات ماسيـة براقة، وتلك مما يمزجه الفجر، المتورد الأوجان!

وأما الآن! فلست أهذي من السهر، أو فقدت الصواب بفعل قرصات البرد!
فأنا أرى وأسمع تلك الخطوات حقا!
يا الهي! نعم إنها هي!
لـقد أحصيتها مسبقا، ومرارا وتكرارا!
فقط .. ست قبـلات!
وبعدها تكون محبوبة الفجر قد توارت تماما، وسريعا في جـوف السيارة تلك "الحبـيـبـة والبغيضة" في آن!
فهي! تنطـلق متباهية بهـا في نشوة الصباح، وتمر بها من أمامي، بخبث!
وأنـا مازالت أحترق بأشواق ليلتي، فتؤجج بي أيضا كل عذاب الحريق بغِـيرتي، وبالأضعاف.
لأن مـا أراه بعينيّ .. ليس كما أراه بقلبي، وبمخيلتي!
فـأنـا لا أرى إلا ذك الشقي وهو يختطف محبـوبتي الصغـيرة، ويحضنها في أعماقه، في قلبه، وأنا عاجز عن إنقاذها!
وأراه ينطلق بهـا وأمام عيني بزهو بها، هازئــا بي، ويتراقص بها، فترقص بداخله، ليغيظني، وتتفجر أحقادي!
ثم تبتعد وتختفي بها!
وأراها بمخيلتي، تعدو بها رشـيقة بقية مسافة الطريق، من ضاحية الحويـة إلى البلدة الكبيرة الصاخبـة، وهنا!
أشعر بتبدل كراهيتي لها إلى محبة؟
أشعر وكأن قلبي يشكرها! بأنها تحمي محبوبتي من أخطار الطريق وقسوة الطقس وعناء المسافة، وأنها أمينة حقا في إخفائها لمحبوبتي عن كل العيون المتطفلة وتلك المتربصة في الدروب والزوايا من شباب البلدة الكبيرة، حتى تلج وتخفيهـا بين جدران مدرستها والفصول، وتنتهي رحلات ليالي
القمر في بدايات كل يوم دراسي جديـد، وإحساسي لها بالأمان، وأكون أنا أيضا قـد رحلت!
حاملا حـقيـبة كـتـبـي، وحشرت نفسي في أفواج الطـلاب في الساحة والطرقات وغرفة الدراسة، وتظل تنتزعنـي منهم وبعيـدا عنهـم لحظـات متـواترة، أحلّق فيها مع النسور فوق أسوار مدرستها، وأراها في فصلها بقوة أعين صقر خارقة تخترق الأسقف والجدران، وأخيرا!
ولبقية نهاري، أعيشها الذكريات، استعيد أدق تفاصيل رحـلتي في ليالي الـقـمر، فأتحـرق شوقـا وأمـلا في بحث وانتظار عن اللـقـاء الجديد بأحبتي! البدر، والفجر!
علي أبلغ الليلة بهم اللقاء بمحبوبة الفجر!
****
أتذكر وأستعيد كل ما سبق! أي بعد رحيل كل أحبتي، وفي كل رحلة من ليالي القمر، منذ انكسار نظراتي باختفاء كل أثر لغبار السيارة وأنكفئ راجعا للدار أحمـل بيدي دفـتري، أو "فكري وقـلبي الـدفـتري"!
وهو سجل وقـائع رحـلاتي في الليالي القمرية، ولحـظـة بلحظة، بما رصد بين دفتيه من أخبار سالف الليـالي!
وهي تراكمات لأحاسيسي وآمـالي وآلامـي، وأخبار سكنـاتي وحركاتي، ومنظار لتجليات المستقبل، وسجل يصور ويحلل مزيج ذكريـاتي، بكل حُلـوَها ومرّها.
وبتوالي تلك الصفحات، ومنها القديم والحديث، تظهر على أكثرها وغير آثار البلى تكرار تشوهات معينة في سطورها! حيث اختفت منها أحرف أو زالت كلمات، ويظن أنها فقدت ما فيها أو مدلولها من المعاني، بعد أن غسلت أثـار الحروف والكلمات أو تشوَّهت مـعالمها، على اثر عدوان
دموع تفجرت منهمرة، وسالت فوق الصفحة وعلى الأسطر كطـوفان، وتحدث كثيرا وربما في ليال حالكة، لم يـضيء أعمـاقي بها قمر ولم أهتـدي بها بوميض من آمالي، وكأنه أختلط فيها سواد عينيّ ببياضها وهي تتخضب بحمرة قانية بعنف فيضانات رحلات سهر طويلـة في ليالي القمر، شاركت بها مشاعر وحدة، لم يصاحبني بها تألق ابتسام النديم ولم يسر معي بين طرفي السماء إلا بعض نجوم متقدة متناهية البعد أو باهتة تلهث للصمود، وتسيد فيها الصمت الموحش مما أحدث اضطرابا شبيها بما يحدث بتعكر صفاء السماء في ظلمة ليلة تلبدت بغيوم سواد مثقلة بالمزن، أحاطت بأطراف السواد غيوم بيضاء خف حملها بيضاء تغلفها غـلالة غيوم وردية، فتساقطت أعذب دموعها على صفحة الأرض المشتاقة فاحتضنتها بأشواقها في الأعماق، وما أشبهها بتلبد صفاء قلبي بما ثقل من بطبقات المشاعر العكرة، حتى تخضب حور العيون بحمرة قانية من البكاء والسهر في تلك الليلة الدامعة، وبعـد أن سكبت أدمعا لم يعـد بالإمكان كبحـهـا!
وهذه حقيقة ما حدث لصفحاتي الملتهبة بأحـزاني، والقلم ينوح بها على السطور، ورجعه يتردد أنينـا في صمت الليل، تكثفت اثره في مقلتي سحب الدموع وانهمرت غزيرة، وكان أن اغتسلت أكثر الكلمات والحروف في تلك الصفحات المشتعلة بالأشواق، وتخللتها الـدموع حتى بردت حرارة الوجد، وكان أن أذابت تحتها ومعها معالم تلك الكلمات والحروف، بانحلال وذوبان ألـوان الحبر!

وفي الغـداة تعلن الصفحة النواح على كل فقيد لها من الكلمات والحروف، ولكن! ومع هذا لا أشعر بالقلق والحزن! فدوما أجد العزاء!
أجده في مكانها! تماما في مكان الكلمة الفقيدة وفي بقايـاها، فهي معالم لا تفنى! لأنها تظل على الدوام ملتـهبة، تنبـض بإحساس تلك الكلمة الخطـير، وتبقى المشاعر فيها متوهجة مع الجواهر الثمينة اللامعة، الـتي انتزعتها تلك اللحظات من خزائني، فكل البقايا ببريقها أجده ما يزال يتأجج، ولم يبرح المكان، عصارات درّ مسكوبة، تشرق بحس ومشاعر تلك اللحظة وتضيء في أعماق الكلمات الغامضة البائسة على صفحتي، وكما كانت! قبل أن تغرقها سحب دموع يائسة فرت اليها من شقائي في الليلة الظلماء!
لذا وعلى الدوام أظل أشعـر بذاك الحس، وبالبريق، على الصفحة وفي المكان، الذي أجده ما يزال رطبا بما أرتوى من صدق أحاسيس ليـلتي الملـتهبة، وكأنهـا حدث الساعة أمامي! تتراقص فيها أفراحي، أو تنزف منها جـراحي!
كما أشعر بها ومعها بنفس الألم! الذي أسقط ذلك الدمع لحظات البكاء.
****

منقووول




 توقيع : غرآم الروح




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع ¬ آلمنتدى ✿ مشاركات ¬ آخر مشآرگة ✿
فصل في انشقاق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم عبير الليل عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ 19 20-04-2024 01:42 PM
فصل في انشقاق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم عبير الليل عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ 29 20-04-2024 11:38 AM
كم تبلغ المسافة بين الارض والقمر؟ مـخـمـلـيـة عبق التربية والتعليم ✿ 29 20-02-2024 07:22 PM
بحث عن خسوف القمر ˛ ذآتَ حُسن ♔ عبق التربية والتعليم ✿ 18 20-10-2023 03:17 PM
القمر كان مشتعلا وانطفأ روح أنثى اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 27 24-01-2022 08:07 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 04:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.