الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ يختص بالدفاع عن حبيبنا رسول الله وسيرته العطرةوالخلفاء الراشدين وكذلك الصحابيات رضوان الله عليهم وارضاه ﹂ ✿ |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
احفظ الله يحفظك
احفظ الله يحفظك
أخرج الترمذي في سُننه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى، أخبرَنا عبدالله بن المبارك، أخبرنا ليث بن سعد وابن لَهيعة عن قيس بن الحجاج، قال: "حدَّثنا عبدالله بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو الوليد، حدَّثنا ليث بن سعد، حدَّثني قيس بن الحجاج، المعنى واحد عن حَنَشٍ الصنعانيِّ عن ابن عباس، قال: "كنتُ خلفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا، فقال: ((يا غلام، إني أعلِّمك كلمات: احفظ الله يحفظْك، احفظ الله تجدْه تجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله، واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء لَم ينفعوك إلا بشيء قد كتَبَه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لَم يضروك إلا بشيء قد كتَبَه الله عليك، رُفعتِ الأقلام، وجَفَّت الصحف)). الحديث في كتب السُّنة: أخرجه الترمذي في سُننه، كتاب صفة القيامة، الحديث رقم (2516)، وقال: هذا الحديث حَسَن صحيح، راوي الحديث الشريف هو الصحابي الجليل عبدالله بن عباس ابن عمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي فازَ بدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفقِّهه الله في الدِّين، وأنْ يُعلِّمه التأويل، فاستحقَّ بذلك ما أُطْلِقَ عليه من أن يكون حَبْرَ الأمة وتُرجمان القرآن الكريم، ولَم تكن نَباهة ابن عباس - رضي الله عنه - فَلْتةً عُرِف بها في كِبَره، وإنَّما كانتْ نَبَاهة قديمة فيه عُرِف بها في صِغَره، وعَبقريَّة لازَمَتْه منذ طفولته حتى آخر لحظات شيخوخته، وقد أدرك فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمارات النباهة وعلامات التميُّز والنبوغ، والْحِرص على ملازمة النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يأْلُ جُهدًا - منذ صِغَره - في اغتنام الفرص من الاستفادة بشرف الاقتراب من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولقد بادَلَه النبي -صلى الله عليه وسلم- حِرْصَه ذلك على المعرفة وتلقِّي العلوم بإتحافه بالخصوصيَّات التي لا تُوْهَب عادة إلا للنابهين من طلاب العلم، وراغبي المعرفة، ويُعَدُّ هذا الحديث الشريف أحدَ المواقف التي ظهرتْ فيها تلك الخصوصيَّة: فقد سَمَح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكونَ ابن عباس رديفًا له على الدابَّة التي كان يركب عليها في بعض مصالحه - يعني: أنه كان يُركبه خلفه على الدابة - وعلى قَدْر ما يُظهر ذلك من مكانة ابن عباس لدى النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه أظهر كذلك تواضُع النبي الكريم، وممارسته شؤونَه الحياتيَّة على نحو ما يتصرَّف الناس ويتعودون، لا يختلف عنهم في شيء من أحوال البشريَّة ومُقتضيات الإنسانيَّة، فهو يأكل ويشرب ويَقضي حوائجَه، ويركب الدواب ويُردِف الناسَ خَلْفه. شرح الحديث: فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات)): لَم يكنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعُ فرصة للتعليم واغتنام الخير إلا ويستثمرها لصالِح المتعلِّمين والعمليَّة التعليميَّة، فالركوب على الدابة يستغرق وقتًا يمتدُّ بامتداد زمن المصلحة التي يُرَاد قضاؤها، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من المصلحة والخير لهذا الغلام أن يتعلَّم في هذا الوقت المتاح أمورًا في دينه تنفعه في الدنيا والآخرة، وهي من أساسيَّات الدِّين وركائز العقيدة، وقد راعى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتحقَّقَ في هذه الأمور يُسْرُ الأداء وقُرْب المعنى، من خلال تركيزه للنصح في مجموعة من الكلمات القلائل، وأن يقدِّمَ للغلام بين يدي نُصحه وإرشاده ما يُهيِّئ به ذِهنه؛ لاستقبال ما يُلْقَى على مسامعه، فقال له: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات))؛ لتساعد هذه التوطِئَة على تهيئة الذِّهْن واستعداده، وقد وردتْ هذه التوطِئة في رواية البيهقي في شكل سؤال، قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يا غلام - أو يا بني - أَوَلاَ أعلمك كلمات ينفعك الله بهنَّ؟))؛ ليكون السؤال ترغيبًا وحافزًا على العمليَّة التعليميَّة، فضْلاً عمَّا يثيره في ذِهْن المتلقِّي من التشويق وحبِّ الاستطلاع، ولعل أهمَّ ما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- توصيله إلى ابن عباس من خلال تلك اللحظات التعليميَّة، هو الْحِرص على الوقت واستثماره فيها يَجْلِب على الإنسان النفْعَ والإفادة. احفظ الله يحفظْك، احفظ الله تجدْه تجاهك: هذه أُولَى الكلمات التي أراد النبي إيصالها تعليمًا إلى ابن عباس، وهو حِفظُ الله -تعالى- والقصد من ذلك حِفظ ما أراد الله -تعالى- أن يحفظَه العبد؛ ليتمَّ له بذلك حفظُ الله -تعالى- له؛ لأن الجزاء من جِنس العمل، وللوقوف على المقصود من حفظِ الله -تعالى- الوارد في الحديث الشريف، لا بدَّ من الرجوع في ذلك إلى ما أورده القرآن الكريم في هذا الصدد، فقد أشار القرآنُ إلى حفظ كتاب الله -تعالى- وشريعته وحدوده، وهي أمانة ألْقَاها الله -تعالى- مسؤولية على الأجيال المتعاقِبة والأمم المتتابِعة، كلٌّ بحسب كتابه، فقال -تعالى-: ﴿ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ﴾ [المائدة: 44]، وقال -تعالى-: ﴿ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 112]. وأشار القرآن الكريم إلى حِفْظ الجوارح وأعضاء الجسد من المخالفات التي تُغْضِب؛ كما قال -تعالى-: ﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]، وقال -تعالى-: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 5]. وأشار القرآن إلى حفظ العهود والمواثيق، وذلك بحفْظ الأيمان من الابتذال؛ كما قال -تعالى-: ﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ﴾ [المائدة: 89]، وأشار القرآن كذلك إلى المحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى؛ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]. وبذلك يتَّضِح لنا المقصود من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: ((احفظ الله))؛ أي: احفظْ ما أمر الله -تعالى- به أن يُحْفَظَ من الأمور التي أبانَ عنها القرآن الكريم، وسبقتِ الإشارة إليها، فإذا صَدَر عن العبد واجبه في الْحِفظ، قابله الله – تعالى، جزاءً له - بِحِفظ خيرٍ من حِفظه، فحفظَ عليه دينَه وعقلَه، وقلبه وصحَّته، وأمْنه واستقرارَه، وحفظ له آخرتَه من أن يكونَ مصيرُه فيها على غير ما يحب، فإذا سأله أعطاه، وإنِ استجار به أجاره، وإن استعاذ به أعاذه، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله، يُعلِّم النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن عباس التوحيدَ من خلال السلوك العملي، فبيَّن له أنَّ الموحِّدين لله -تعالى- لا يسألون غيرَ ربِّهم؛ لأنه في اعتقادهم القادرُ وحْدَه على تحقيق ما سألوه إيَّاه، وليس في وسع أحدٍ غير الله -تعالى- أن يُعينَهم على شيء يطلبونه؛ فبه العون، وهو القادر وحْدَه - جل شأنه - على إجابة السائلين وإعانة الملهوفين. واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء لَم ينفعوك إلا بشيء قد كتَبَه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لَم يضروك إلا بشيء قد كتَبَه الله عليك، هذه العبارة تمامٌ لدَرْس التوحيد السابق، من ضرورة سؤال الله -تعالى- وحْدَه والاستعانة به وحده؛ لأن هذا الإله الواحد في سؤاله والواحد في استعانته، هو نفسه الإله المقدِّر لكل شيء، صاحب النفْع وحْدَه، وصاحب الضُّر وحْدَه، فإن كتَبَ النفع لعبدٍ، فلا يملك أحدٌ حَجْب ذلك النفْع عنه، وإن كتَبَ الضُّر لأحدٍ، فلا يملك أحدٌ أن يدفَعَ ضُرَّ الله عنه، وقد جرتْ بذلك أقلام القُدرة في الأزل البعيد، وهو كائنٌ في الواقع على الهيئة التي أرادها الله -تعالى- فإن حدَثَ نفعٌ عن طريق الناس أو جاء ضُرٌّ على أيديهم، فإنما هو الله -تعالى- في الحقيقة أرادَ نفْعَ عبده، فأجرى ذلك من خلال خَلْقه، وإنْ أرادَ ضُرَّه، أجرى الضُّرَّ على أيديهم، فكانوا صورًا وأشكالاً جَرَتْ من خلالها أفعالُ الفاعل الحقيقي، وهو الله - جل جلاله. رُفِعَت الأقلام وجَفَّت الصحف: قد تكون هذه العبارة كناية عن الثبات والاستقرار، فلا مجال لتبديل الكلام السابق عليها أو تغييره، وقد يكون استعمالُها على وجْه الحقيقة، ويكون المعنى حينئذ: إنَّ قلمَ الأقْدار قد كتَبَ ذلك منذ الأزل على صحف الأقدار، وجَفَّ مِداد الأقلام على الصحف بالهيئة التي قدَّرها الله فيها، فاستقرَّ بذلك في عالَم الغيب، وثَبت وهو واقعٌ في عالَم الشهادة على نحو ما قدَّره الله العليم الخبير. وبالله -تعالى- التوفيق، ومنه العونُ والْمَدد، وعليه التُّكْلان.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 07:11 AM
|