أمـــــواج الســــنين

قالت أمه: لما جاءتني خالتك شعرت برغبة انك تتقهوى معنا وقلت الله يصرف عنك شرار خلقه فالتفت للفتاة ورآها قد دخلت البيت ليدرك أنها ممن صرفها الله عنه أخذ يضحك كثيراً وقال: ما لقيتي إلا هالدعوة يا أمي وأغلق هاتفه بعد أن إطمأنت عليه ... ولم يبق له سوى نصف ساعه على الموعد فانطلق مسرعاً لنفس المكان ليصل إلى المقهى وقرر أن يجمع المغرب مع العشاء وقت العشاء خوفاً من فوات الموعد ... وأوقف سيارته ونزل وطوال الطريق وهو يتحسّر على عدم إعطاء تلك الفرس رقمه ولا يزال ذهنه يتأمل جمال عينيها وسحر نظراتها وكل ما حوته من أنوثة وغنج وتكوين جسدي تمنى أن يجده في فاتن وفي المقهى وجد الفاتن تلك الفتاة التي لا يبدو عليها أنها تخرجت من الجامعه أو أنها جاهزة للزواج ولم يجد سوى فتاة لولا العباءة ولثامها لظن أنها ولد لم يتجاوز عمره 17 ونحيفه فلا يبدو أن الجمال مرّ بجسدها يوماً ... إقترب من طاولتها فوجد إبتسامةً في عينيها المجهدة وكأن حزناً طويلاً إحتوى تلك العينين ولم يجد شيئاً من جمال سوى في نظرة العيون وملمس يدها التي اختفت ملامحها في يده وربما نبرة صوتها الأنثوى هو ما أكّد له أنها أنثى وأخذه فكره مرة أخرى لتلك الفرس التي حرمته أمه منها بدعاءها ... وأخذ فكره يتمنى لو تبادلا الجمال بينهما ليخفّف من إعجابه بها وفجأه تنطلق الفاتن في حديثها والذي يبرهن مدى سعادتها بمعرفته غير أن فكره ظل متجاهلاً حديثها وثناءها على كتاباته وقصصه وخواطره ... وسألته سؤالاً عميقاً عن علاقتك بسعاد ومها وأنكر أن يكون له علاقة بهما ليجدها تبحث عن شيئاً في عينيه ولم تستطع أن تستمر متماسكه لتبوح له أنـا مها وسعاد والفاتن وأنـا قبل عشر سنوات كنت أتابعك وأقرأ لك ودفعتني مراهقتي أن أعمل المستحيل كي أحظى بك عشيقاً لي مغرمٌ بي لوحدي فبحثت عنك كثيراً بالمنتديات العامه ولم أستطع الوصول إليك هناك فتوجهت إلى صديقك المسجل في صفحة أحد المنتديات بتويتر وتعرفت عليه وأخبرته أن يقوم بدخول المنتدى الأدبي عند تواجدك يوماً بجانبه ويطلب مني أن أقوم بتسجيلك وخشيت أن يكتشف تعلّقي به من يجلس أمامي الآن يا إلهي عشر سنين مضت وأنتي لا تزالين تبحثين عني أخذ ينظر إليها نظرةً وكأنه يقرأ كميّة الحب في عينيها أخفض رأسه ينظر لقهوتها والأحمر الذي التصق بالكوب قال لها ممازحاً : كان خدّي أولى من هذا الكوب البارد قالت وإبتسامة حياءٍ على ملامحها : لا يزال ساخناً ربما ازداد سخونةً ودفئاً وفرحاً بتلك القبله اللذيذة أدرك أن الحياء قد نال من أناملها فبدت ترتعش تلك اليد الصغيرة وشعر بتلك النبضات في قلبها الهشّ وكيف لها بعد تلك السنين أن تتحقق أمنيتها مجدداً بكريّم وبرؤيته تمنّت لو قرأ حروفها التي كتبتها له فهناك كل مشاعرها فجأه لم تتماسك نفسها فانهارت باكيه وقامت من مقعدها لا تعلم أين تذهب وتركت المكان وبقى كريّم ينازع فكره بين أن يلحق بها أو يتركها حتى لا يظن النادل أنهما هربا من دفع ثمن الحلى والقهوة التي طلبتها له وحاسبت عن الجميع ... تركته في المقهى لوحده وانتظر ربما تعود لكنها إختبأت في سيارتها لعدم قدرة يديها على وضع المفتاح في مكان التشغيل وأمضى كريّم يوماً كئيباً في جده يشتكي لساحل البحر عاطفة سعاد الهشّة التي غادرت مكانه دون أن تودعه وبدأ يقرأ عن معلوماتٍ كتبتها إحدى صديقاتها وعتابها لها ببيع دار النشر بخسارة نتيجة إستغلال تلك الدار من القائمين عليها من العمالة الأجنبية لتتعطل الدار التي طبعت أجمل قصص الفتاة التي غابت وكثرت القصص عن مرضها وانقطع التواصل مع الجميع حتى أنه زار تلك الدار وعلم أنها باعتها منذ فترة وشعر مع ذلك الغياب أنه تعلّق بها كثيراً ويفتقدها وربما كسر حرفه لها فلا يكتب عن الغياب إلا من ألم غيابها عنه وكثرت الكلمات التي صمت عنها حين ماتت الحروف في فمه وشعر أن الماضي معها بدأ يتدافع الحنين إليه وتمنى لو ألبسه أجمل مما كان سابقاً من تهميش عاطفي لها وأدرك أن العشر سنوات في فقدها له تتطلب عشر سنين صبراً في إنتظارها لم يمكث منها سوى ثلاث سنوات إنتهت القصة ... أرجو أن تنال إعجابكم

المصدر : منتديات عبق الياسمين

 

اللهم انصر أهل غزة بنصرٍ من عندك