بين المجهول والمعلوم

نسمع دائما عن جبال الجليد الموجودة في المحيطات لا يُرى منها سوى القمم

يعتقد البعض بأنها جبال صغيرة فيما هي ضخمة .....بحيث إنها تسبب في كوارث

بين الكتب وقفت وفي الندوات التي عُقدت بمناسبة معرض الكتاب في أبو ظبي تأملت

وتخيلت العلاقة بين المجهول والمعلوم كتلك العلاقة بين جبال الجليد وقممها

فما هو معلوم لنا أو دعوني أقول علمنا الذي تعلمناه يبدو ضئيل وصغير كقمم الجبال

عندما نقارنها بحجم الجبال التي تغطيها المياه.....فما تعلمناه ونعرفه لا شيء عندما يُقارن بما لا نعرف

من هذه النقطة انطلق أدب الخيال ....فهو يستشرف أحداثا ووقائع تبدو في حكم المستحيل

وتأتي المعرفة أو حب المعرفة بعد عقود تجعل المستحيل ممكن

ماذا لو علم اجرهام بل عن المحمول في عصرنا هذا

نعم هناك مساحة من الوهم بين ما نعلم وما نجهل ....ويتعلق البعض أحيانا بالوهم وكأنهم

على يقين بأن هذا المستحيل سيصبح يوما ممكنا ....فهناك من الأوهام سيبقى أوهاما

وهنا يأتي دور الخيال الإنساني ليقرب المسافة ما بين المعلوم لدينا والمجهول عندنا

كما كان يحدث معنا في الرياضيات ....نجد في بعض المسائل صعوبة ولكن عندما

نبحر فيها ونتمعن نجدها سهلة ونستطيع إثبات ما هو مطلوب إثباته

المعلوم .....تصيبه الرتابة إذا جمدناه عند ذاته ولا نضيف إليه الجديد بين فترة وآخري

اما المجهول فهو جذاب يثير دائما فينا الفضول ويدهشنا وأحيانا كثيرة يثير فينا الحمية لنعرف

هنا اعتقد بأن الإنسان الذي لا يثير جهله خياله لم ولن يتمتع بعلمه ....ومهما تعلم الإنسان منا

لا بد وان يدعى عدم المعرفة بينه وبين نفسه ....حتى لا تصيبه الرتابة ويتمكن منه الغرور

تعظيم الجهل في النفس يحث الإنسان منا على حب المعرفة والبحث عن كل ما هو جديد

الشك فيما تعلمنا مطلوب لتتطور المعرفة ....آو بمعني آخر استصغار ما تعلمناه

أمام ما نجهله يجعل فكر الإنسان منا مشغول حتى وان كان هذا الفكر أحيانا خيال

طبيعة نفس الإنسان أمارة بالخوف من جديد المعرفة الذي قد يفسد كسلا تعودنا عليه

الإنسان الأول عاش على صيد الحيوان .....قاده خياله إلى السهم والرمح ...واهتم ببعد واحد

كان هو الذي يوفر له الحياة هو طول المسافة بينه و بين ما يريد أن يصطاد

ثم تعلم الإنسان الزراعة وكان عليه أن يحدد المسافة التي يرغب بزراعتها فأضاف إلى طول الأرض

التي يرغب في زراعتها إلى بُعد آخر هو العرض وظلا الطول والعرض هما البعدين التي يستخدمها

في حياته ومعيشته...........ثم قاده خياله إلى المأوي الذي يقيه من حرارة الشمس وبرد الشتاء

فأضاف له خياله بُعد ثالث ....وهو ارتفاع سقف ذاك المأوى ....وصار الطول والعرض والارتفاع

هم أبعاد حياة الإنسان

وكان في حاجة ملحة لبعد رابع ليقيس بها منجزاته .....وظل كثيرا يبحث عن هذا العامل

ولم يهتدي إليه لفترة طويلة من الزمان إلى أن هداه خياله إلى أهم مقياس إلى عصرنا هذا

وكان هو عامل الزمن أو الوقت ....وأصبحت حياتنا كلها مرتبطة بالزمن والوقت

لولا شكوك الإنسان بما يعلم لما أحب وبحث عما يجهل ....ولوقف الإنسان منا عند ما يعلم

ومهما علمنا يبقي ضئيل إذا قارناه بما نجهل ....وبين حقيقة ما يعلم والبحث عما يجهل تتراوح حياة الإنسان الناجح

في هذه الحياة......علينا أن نطلق العنان لخيالنا بحثا عما نجهل حتى لا نموت قهرا مما نجهل

ما أعظم قول الرحمن سبحانه وتعالى ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )

بقلمي...........ابن الجبل

reda laby ,غَزَلْ عُذْريّ❥ ,عبير الليل معجبون بهذا

المصدر : منتديات عبق الياسمين