الشخص مفرط الحساسية
كيف تهدئ انفعالاتك، وتكتشف قوتك؟
منذ أن تُرجِمَ كتاب "الشخص مفرط الحساسية.. كيف تنجو في ظروف العالم الصعبة".. لعالمة النفس الأمريكية "إلين آرون" وقد أحدث صدى بين قراء العربية؛ فالكتاب لا يسلط الضوء فحسب على معاناة الأفراد شديدي الحساسية، ولكنه يكشف كيف أنهم يمتلكون مميزات نفسية تجعلهم أشخاصًا أقوياء في الواقع، وليسوا خجولين أو ضعفاء أو غريبي الأطوار كما يظن الكثيرون منا.
وقد ارتبط مصطلح "الشخص مفرط الحساسية" بـ"إيلن آرون" التي توضح أن هؤلاء الأشخاص لديهم ما يُعرف علميًّا بـ"حساسية المعالجة الحسية" نتيجة لزيادة حساسية جهازهم العصبي المركزي، ما يجعلهم يظهرون حساسية عاطفية متزايدة وتفاعل أقوى مع المؤثرات ليست النفسية فقط، ولكنهم حساسون كذلك للألم والجوع والفوضى والأضواء الساطعة.
وفي الوقت نفسه يرتبط فرط الحساسية بمميزات كبرى مثل: المستويات العالية من الإبداع، والقدرة على تكوين علاقات شخصية ثرية، وتقدير أعمق للجمال.
✨ هل فرط الحساسية اضطراب نفسي؟
يتمتع الفرد بالحساسية النفسية العالية نتيجة عوامل وراثية، ولكن بيئات الطفولة المبكرة قد يصبح لها "تأثير فوق الجينات" بمعنى: أن تؤثر على الجينات المرتبطة بفرط الحساسية، وفقًا للتجارب العملية.
وبحسب ما توضحه "آرون" فإن فرط الحساسية ليس اضطرابًا نفسيًّا أو عقليًّا؛ فهو مثل أي سمة شخصية أخرى موجودة في كل فرد ولكن بدرجات متفاوتة؛ وعلى الرغم من ارتباط فرط الحساسية ببعض العوائق النفسية أو الاجتماعية، لكن الأدلة العلمية تشير إلى أن الحساسية المفرطة قد توفر للفرد سمات جيدة تجعله أكثر قدرة على التكيف مع واقعه.
✨ علامات فرط الحساسية النفسية والبدنية:
يظهر فرط الحساسية في جوانب مختلفة من حياة الفرد، سواء فيما يتعلق بمشاعره أو استجابته للمحفزات في بيئته بالأصوات أو الأضواء أو الفوضى؛ وذلك على النحو التالي:
- التحفيز المفرط: فالبيئة من حولهم قادرة على التأثير بشدة في الأشخاص مفرطي الحساسية واستجابتهم النفسية والعصبية.
- الاستجابة الشديدة للمنبهات: فالأصوات العالية والفوضى يصبح لها تأثير أكبر على الشخص مفرط الحساسية.
- التعاطف: يتمتع الأفراد مفرطو الحساسية بقدرة استثنائية على ملاحظة إشارات لا يلاحظها مَن حولهم، كما أن مزاج الآخرين يؤثر عليهم بشدة.
- الحساسية للألم البدني واللمس: لأن جهازهم العصبي يتمتع بنشاط زائد، فالأشخاص مفرطو الحساسية يشعرون سواء باللمس أو الألم بصورة أكبر.
- أعراض انسحابية: فالشخص مفرط الحساسية قد يحتاج للانسحاب وقضاء بعض الوقت بمفرده، إذا كانت البيئة من حوله غير مثالية أو محفزة لجهازه العصبي أكثر من اللازم.
✨ نقاط القوة لدى الأشخاص مفرطي الحساسية:
على عكس ما يتوقع البعض منا بأن الأفراد مفرطي الحساسية دائما منطوين أو غريبي الأطوار؛ لكنهم في الواقع يمتلكون نقاط قوة قد لا يتمتع بها الأفراد العاديون، وذلك مثل:
- المهارات الاجتماعية: نعم، فالأفراد مفرطو الحساسية لديهم قدرة أكبر على ملاحظة أشياء لا يلاحظها غيرهم، وفهم لغة الجسد، وحتى الإشارات التي قد تخفى على الآخرين؛ ما يساعد الفرد شديد الحساسية على بناء علاقات اجتماعية قوية.
- التعاطف مع الآخرين: فهؤلاء الأفراد يحسون بشدة بمشاعر الآخرين وأمزجتهم، ويستطيعون إدراك دوافع الآخرين وميولهم بسهولة؛ ما يجعل مفرطي الحساسية بارعون في التفاوض والإدارة والقيادة.
- الحساسية تجاه البيئة: فحتى حساسية هؤلاء الأشخاص للمحفزات البيئة هي ميزة كبرى تساعدهم على الشعور بوجود خطر ما، واكتشافه، بينما لا يلاحظه الآخرون.
✨ كيف تتأقلم مع محيطك كشخص مفرط الحساسية؟
فرط الحساسية قد يجعلك صديقًا جيدًا أو شخصًا مبدعًا أو مديرًا كفئًا يعرف كيف يحفز فريقه جيدًا؛ لكن الحساسية الشديدة يأتي معها بعض التحديات التي تسبب لك توترًا كبيرًا؛ ولكن هناك بعض الطرق لمساعدتك على تهدئة هذه الضغوط الناتجة عن التحفيز الشديد لجهازك العصبي؛ وذلك على النحو التالي:
- تعرف على ما يثير أعصابك: وذلك بالتركيز على الأشياء التي تُشعرك بالتوتر الشديد، هل هي الأصوات المرتفعة؟ أم الفوضى؟ أم الأضواء الساطعة؟ أم بعض سلوكيات الآخرين وردود أفعالهم؟
- أوجد ملاذًا آمنًا: وهو مكان متاح تستطيع فيه الاسترخاء وتهدئة مشاعرك سواء أكان منزلك أم غرفتك أو غير ذلك، المهم أن يكون المكان هادئا ولا يحتوي على شيء يثير أعصابك، أو يحتوي على أشياء قادرة على تهدئتك.
- ضع حدودًا مع الآخرين: والمقصود بها الحدود المكانية أو النفسية في علاقاتك وتعاملك مع الآخرين، فكما أنت بحاجة إلى مساحة مكانية للحفاظ على حدودك الجسدية، فأنت بحاجة أيضًا لتتعلم كيفية إدارة المشاعر والتوتر الناتج عن تفاعلك مع المحيطين بشكل سليم.
- استعن بمعالج أو طبيب نفسي: وذلك لمساعدتك على فهم ذاتك، والتدرب على مهارات إدارة المشاعر والضغوط بطريقة صحيحة.