مقال // سيرة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب .. بقلمي.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن الحمد والشكر لله تعالى الذي أوجدنا وخلقنا وهدانا إلى الصراط المستقيم. فالحمد لله الذي أنزل القرآن كتاباً مبيناً واختار محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون خاتم الأنبياء والرسل، ليكون نوراً للعالمين ورحمة للبشرية.
إن الصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي جاء بالهدى والنور وبين للناس الطريق السوي إنه الذي دعا إلى التوحيد والإيمان ودعا إلى العدل والمساواة ودعا إلى الإحسان والرحمة إنه الذي عاش بين الناس كأنهم شمس تشرق على الكون وكأنها قمر ينير الظلمة. أما بعد

سيرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب

نسبة:
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب*بنِ*سُلَيْمَانَ*بنِ عَلِيٍّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ رَاشِدٍ بنِ بُرَيدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بُرَيدِ بنِ مُشَرِّفٍ بنِ عُمَرَ بنِ مِعضَادَ بنِ رَيِّسَ بنِ زَاخِرٍ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلوِيٍّ بنِ وَهِيبَ بنِ قَاسِمَ بنِ مُوسَى بنِ مَسعُودٍ بنِ عُقبَةَ بنِ سُنَيعٍ بن نَهشَلَ بنِ شَدَّادَ بنِ زَهِيرَ بنِ شِهَابَ بنِ رَبِيعَةَ بن أَبِي سَودٍ بنِ مَالِكَ بنِ*حَنظَلَةَ*بنِ مالك بن زَيدَ مَنَاةَ بنِ*تَمِيمَ*بنِ مُرَّ بنِ أُدُّ بن*طَابِخَةَ*بنِ*إِليَاسَ*بنِ*مَضَرَ*بن*نزار*بن*مَ عدُ*بن*عدنان
في بلدة العيينة في عام 1115هـ في أسرة معروفة بالعلم والصلاح منذ نعومة أظفاره كان ولد الشيخ محمد متميزاً بحبه للعلم وتعلم القرآن حيث حفظ القرآن الكريم قبل بلوغه عشر سنوات.
وقد كان ولد الشيخ محمد موهوباً للغاية حيث كان حاد الفهم وسريع الحفظ كما كان يتمتع بذكاء فائق وقادر على فهم العلوم بسرعة درس ولد الشيخ محمد الفقه على يد والده.


أسرته:
عائلته:
ينتمي الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى أسرة علماء الدين المرموقة والمعروفة في المنطقة بدأت رحلة عائلته في العلم والدين منذ جده سليمان بن علي الذي كان رئيس علماء نجد ومفتي البلاد النجدية وتولى قضاء العيينة وكان يشارك في علم الدين والشريعة مع الشيخ منصور البهوتي الحنبلي واستمرت تلك الرحلة العلمية والدينية بوالده عبد الوهاب الذي كان من علماء الدين وقاضيا شرعيا لمنطقة العينية ثم حريملاء ولقد كان لديه تأثير كبير في تربية وتعليم ابنه الشيخ محمد وأسس له القيم والمبادئ العلمية والدينية التي ساعدته على أن يكون إحدى أبرز الشخصيات في عالم الدين. ن المعروف أن علماء الدين لهم دور كبير في بناء المجتمعات وتوجيه الناس نحو الخير والصلاح،وكانت أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تشتهر بالعلم والتعليم والتوجيه الديني وقد كانت العائلة تحرص على توجيه أفرادها نحو العلم والدين وتعليمهم القيم الحميدة التي تساعدهم على تحقيق النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة.


عقيدتة:
إن كان مذهب محمد بن عبد الوهاب جديداً فهو جديد في الإصلاح والتجديد وليس جديداً في العقيدة أو الشريعة في المذهب الذي أتى به محمد بن عبد الوهاب هو مذهب السلف الصالح الذي يعود إلى القرون الأولى من تاريخ الإسلام حينما كانت الأمة الإسلامية على منهج السلف الصالح في فهم الدين وتطبيقه.
وإذا نظرنا إلى عقيدة محمد بن عبد الوهاب وأتباعه نجد أنها تمتاز بالتوحيد الصافي والتمسك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة دون إضافات أو تحريفات إنهم يدعون إلى ترك الشرك والبدع والعودة إلى الإسلام الأصيل الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن المهم أن نفهم أن محمد بن عبد الوهاب لم يأتي بمذهب جديد بل جاء يصحح المفاهيم الخاطئة والعبادات الباطلة التي انتشرت بين المسلمين وقد قام بذلك بالاستناد إلى الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، دون تأثر بالتقاليد أو العادات البدعية.
ولكن فهم خصوم محمد بن عبد الوهاب بطريقة خاطئة، وقاموا بتشويه صورته ومذهبه، من أجل تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية. فقد أطلق عليه اسم "وهابية" بشكل ساخر ومن دون أساس، للتشويه والتشويه فقط.


العلماء الذين أثنوا على الشيخ محمد بن عبدالوهاب:

منذ زمن بعيد كانت هناك مجموعة من العلماء الذين برزوا فهمهم العميق للدين الإسلامي وقدرتهم على تبيان الحقائق الدينية بوضوح ودقة ومن بين هؤلاء العلماء الذين أثنوا على الشيخ محمد بن عبدالوهاب

قد ثنى الإمامين الصنعاني والشوكاني من أهل اليمن بثناء عاطر على الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي ظهر في نجد وبدأ بدعوته لإصلاح الأمة الإسلامية والعودة إلى تعاليم الدين الحنيف وعبر الشيخ الصنعاني عن اعجابه واحترامه لهذا الشيخ الرائع الذي أعاد للناس تعاليم الدين الإسلامي الصافية.
في قصيدته التي كتبها سنة 1163هـ،
وجاء في قصيدته:
محمد الهادي لسنة أحمد ...** فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي
ومنها:
وقد جاءت الأخبار عنه بأنه** ... يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي

وينشر جهرا ما طوى كل جاهل* ... ومبتدع منه فوافق ما عندي

ويعمر أركان الشريعة هادما* ... مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد.
أشار الشيخ الصنعاني إلى الهدى الذي جاء به الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعا إلى اتباعه والتقرب منه ومن تعاليمه وقد وصف الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنه الهادي والمهدي، الذي يعيد للناس الشرع الشريف ويبين لهم الحقيقة التي طمستها البدع والتحريف.
واستشهد الشيخ الصنعاني في قصيدته ببعض الصفات التي تميزت بها الدعوة الإصلاحية* مثل استنادها إلى الكتاب والسنة النبوية الصحيحة ورفضها للبدع والخرافات التي أثرت في المجتمع وأشاد بجهود الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بناء أركان الشريعة وتوعية الناس بضرورة العمل بأحكام الدين.
وتظهر من جميع هذه العبارات أهمية الدور الذي لعبه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تصحيح العقيدة الإسلامية واستئصال البدع والخرافات التي أثرت في المجتمعات الإسلامية وقد تركت دعوته أثرا عميقا في تاريخ الإسلام واستحق الشكر والتقدير من العلماء والعامة على جهوده المباركة.
إن الدعوة الوهابية لم تكن مجرد حركة انتقامية أو تطرفية بل كانت دعوة إلى تصحيح العقيدة والعمل بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وقد كانت هذه الدعوة محور انتقال الناس من ظلمات الجهل والتخلف إلى نور العلم والحكمة.


قد كتب الشوكاني -رحمه الله- في كتابه "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" عن شيخه محمد بن عبد الوهاب بأسلوب شامل وواضح حيث وصفه بأنه إمام الورى وعلامة العصر وقدوته وأشاد بجهوده وعطاءاته في دعوة الناس إلى التوحيد الخالص وتحذيرهم من الشرك والبدع.
وفي سنة 1215هـ، وصلت إليه مجلدان يحتويان على رسائل لمحمد بن عبد الوهاب تتحدث عن أمور التوحيد والتوعية بضرورة اتباع الكتاب والسنة وتجنب البدع والشرك. ولفت الشوكاني الانتباه إلى جودة تلك الرسائل ودعوتها إلى العودة إلى التوحيد الخالص ورفض الشرك.
وبالنسبة للقصيدة التي كتبها الشوكاني في رثاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب*في أكثر من مائة بيت، ومنها:
إمام الورى علامة العصر قدوتي ... وشيخ الشيوخ الحبر فرد الفضائل
(محمد) ذو المجد الذي عز دركه ... وجل مقاما عن لحوقه المطاول
إلى (عبد الوهاب) يعزى وإنه ... سلالة أنجاب زكي الخصائل.
ومنها:*لقد أشرقت نجد بنور خبائه ... وقام مقامات الهدى بالدلائل.

فتحدث فيها عن عظمته وتأثيره في الناس مشيداً بتأثيره الإيجابي على المجتمع وردة فعله القوية في مواجهة البدع والشرك. وأشار إلى أهمية دوره في توجيه الناس نحو السنة النبوية الصحيحة وتحذيرهم من الابتعاد عنها.
وفي نهاية القصيدة، عبر الشوكاني عن امتنانه واحترامه للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وصفه بأنه سلالة أنجاب زكية الخصائل وذو مجد عز دركه وجل مقاما. وأشار إلى أن نور خبائه قد أشرق في نجد وأنه قد قام بالدلائل على الهدى والحق.
بهذه الكلمات يتضح لنا عظم شخصية الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نظر الشوكاني والتأثير الإيجابي الذي كان له على المجتمع وعلى العقيدة الإسلامية ويظهر أيضا امتنان واحترام الشوكاني لتلك الشخصية العظيمة ودورها الكبير في الدعوة إلى التوحيد وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الدين

أثنى على الشيخ محمد بن عبدالوهاب علامة الهند المحدث محمد بشير السهواني على الشيخ محمد بن عبدالوهاب* ووصفه بأنه لم* الذي لفت انتباه العديد من العلماء والمحدثين بتفسيراته العميقة والمنطقية للعقائد الإسلامية
في كتابه "صيانة الإنسان عن وسوسه الشيخ دحلان " أثنى علامة الهند المحدث محمد بشير السهواني على الشيخ محمد بن عبدالوهاب* ووصفه بأنه لم يعرف له قول انفرد به عن سائر الأمة ولا عن أهل السنة والجماعة منهم. وأشار إلى أن جميع أقوال الشيخ دحلان في توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد العمل والعبادات مجمع عليه عند المسلمين، ولا يخالف فيه إلا من خرج عن سبيلهم.

ومما اثني على احفاد الشيخ وأبناءة* الشيخ في تاريخهم العلمي والديني ومن بعض هؤلاء الذين أثنوا على عائلة الشيخ* هو المؤرخ المصري الجبرتي الذي ذكرهم وشهادتهم في كتابه الشهير "عجائب الآثار". كما أشاد بأحفاد الشيخ وتلاميذه العلامة نعمان خير الدين الأموي والعلامة محمود شكري الألوسي والأمير شكيب أرسلان وغيرهم من أهل الإنصاف الذين قرأوا كتب الشيخ وبنينه وأحفاده واستفادوا منها
فكانت شهادتهم تؤكد على جودة المعرفة والعلم الذي ورثوه من الشيخ وعلى التزامهم بالدفاع عنه بكل إخلاص وعقيدة وقد أشاروا إلى أن الشيخ وتلاميذه كانوا ينتمون إلى التوحيد والسنة ومنهج السلف الصالح وكانوا يقفون صفاً إلى جانب حفظ السنة ومكافحة البدعة




مؤلفاته:
وكان من تلك المؤلفات والرسائل الكثيرة:

1- كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، (وهو من أهم كتب الشيخ وقد اشتمل على (66) بابًا، أولها: باب فضل التوحيد وما يكفر الذنوب)، ولعظيم قدره وُجِدَ ما يَربُو على عشرين شرحًا له.

2- الأصول الثلاثة (التي هي معرفة العبد ربَّه ودينه ونبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم).

3- مسائل الجاهلية؛ (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية، وقد بلغت 120 مسألة).

4- كشفت الشبهات؛ (الشبهات التي أوردها أهل البدع لصد الناس عن الدعوة إلى الحق، أجاب عنها الشيخ بما يشفي العليل ويروي الغليل).

5- مفيد المستفيد بكفر تارك التوحيد.

6- القواعد الأربع.

7- فضائل الإسلام.

8- فضل القرآن.

9- آداب المشي إلى الصلاة.

10- مجموع في الحديث على أبواب الفقه؛ اشتمل على ما يقارب (4600) من الأحاديث والآثار معزوَّة إلى مصادرها.

11- وله كتاب أحاديث في الفتن والحوادث؛ اشتمل على (200) حديث.

12- أصول الإيمان؛ اشتمل على (142) حديثًا.

13- الكبائر؛ اشتمل على (258) حديثًا.

وهذا دليل عناية الشيخ الفائقة بالأحاديث والآثار.

14- للشيخ تفسير لبعض سور القرآن وبعض آياته.

15- مختصر زاد المعاد.

16- مختصر السيرة.

17- مختصر الإنصاف والشرح الكبير.



رحلاته وطلبه العلم:

سافر الشيخ محمد إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج والتزود من العلوم والمعارف على يد علماء مكة المكرمة وكانت هذه الرحلة إلى بيت الله الحرام من أجل التقرب إلى الله وتحقيق الشهادة الكبرى وبمجرد وصوله إلى مكة المكرمة بادر الشيخ محمد بأداء فريضة الحج بكل عبادة وخشوع واستمع إلى العلماء والدروس التي تقام في المساجد حول الحياة الدينية والأخلاق الحميدة.
وبعد أن أكمل شيخنا الفاضل مناسك الحج قرر الانتقال إلى المدينة المنورة ليزور المسجد النبوي الشريف ويستمع إلى دروس العلماء الربانيين وهناك التقى بعدد كبير من العلماء النافعين وخاصة الشيخين عبد الله بن سيف النجدي ومحمد حياة السندي اللذين لعبا دورا هاما في بناء فكر الشيخ محمد وتنوير عقله بالعلم.
بعد إكمال زيارته للمدينة المنورة قرر الشيخ العودة إلى العيينة وجلس فيها فترة ثم قرر* الانتقال إلى البصرة حيث درس على يد علماء تلك المدينة الكريمة ولا سيما الشيخ محمد المجموعي الذي شاركه العديد من الدروس والمحاضرات التي زادت من غناه العلمي وثقافته الدينية.
وبعد زيارته للبصرة قرر الشيخ محمد الانتقال إلى الأحساء حيث اتصل بعلمائها وأخذ منهم علما كثيرا واستفاد من خبراتهم ومعارفهم ثم خرج إلى حريملاء حيث انتقل والده إليها واستكمل دراسته وتعامله مع العلماء هناك.

خلال رحلاته وإقامته في هذه المدن المختلفة تعرف الشيخ محمد على أحوال البلاد التي مر بها وشاهد ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية والعقيدة السليمة لذلك عمل بجدية نحو تصحيح العقائد وإصلاح العادات بالرجوع إلى الأصول الإسلامية المعتبرة من خلال دراسة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
فعاد الشيخ محمد إلى مسقط رأسه العيينة محملاً بالمعرفة والعلم النافع ومستعدا لنقل هذه الدروس والتجارب القيمة لأهل بلاده وتوجيههم نحو الطريق الصحيح والدين الحق ترك الشيخ محمد بصمته الطيبة في كل مكان زاره وأثر بأفكاره ومشوراته في قلوب الناس مما جعله قدوة ومثل يحتذى به في سلوك وتعامله مع الآخرين.




دعوة التوحيد وخروجة من العيينة:

انتقل الشيخ محمد بن عبدالوهاب من بلدة حريملاء إلى بلدة العيينة في عام 1154هـ/1741م، وكان لهذا الانتقال أسباب عدة. أحد هذه الأسباب كان النزاع الدائر بين قبيلتين في حريملاء حيث كانت إحدى القبيلتين تحتوي على عبيد يعرفون بالحمّيان وكانوا ينشطون في الفسق والفساد وكان الشيخ محمد يسعى إلى منعهم من هذا السلوك وتعزيز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذلك أراد العبيد الانتقام منه وقتله ليلاً إلا أنهم فشلوا في ذلك وهربوا بعد كشف أمرهم.
بعد ذلك انتقل الشيخ إلى العيينة حيث وجد ترحيباً وحفاوة من أمير المدينة عثمان بن حمد بن عبدالله بن معمر الذي قبل دعوته الإصلاحية بإيجابية كما تزوج الشيخ محمد بنت الأمير عبدالله بن معمر عمة الامير عثمان ما زاد من العلاقة بين الشيخ والأمير وعرض الشيخ على الأمير ما قام به ودعا إليه معبراً عن أمله في أن ينصره الله ويملك نجد أعرابها
بعد دعم الأمير لدعوته قام الشيخ محمد بتطبيق دعوته عملياً لإزالة آثار الشرك في العيينة كان الشيخ الذي كان من أبرز الدعاة في ذلك الوقت يعمل بجد وإخلاص لنشر دين الله وإزالة كل ما يعتبر شركاً بالنسبة لله سواء كان ذلك في الأعمال العبادية أو في الأمور الحياتية اليومية
وبدأ الشيخ وأعوانه بالدعوة في العيينة من خلال التعليم والإرشاد حيث كانوا يقومون بشرح الحقائق الدينية وتوجيه الناس نحو سبيل الله ولكن بمرور الوقت لم يجد الشيخ نتائج ملموسة من عمله الدعوي فبدأ يتحرك على الأرض ليزيل بيده ما تيسر من آثار الشرك
وكان من بين تلك الآثار ما كان على قبر زيد بن الخطاب الشهيد في قتال مسيلمة الكذاب وكان هناك قبة بنيت على قبره وقد طلب الشيخ من الأمير عثمان هدم تلك القبة لأنه لا ينبغي أن يكون هناك أي شرك أو تعظيم لأحد سوى الله وحده.
وكما تمت هذه العملية مع القبر المذكور تم هدم القبة التي كانت على قبر ضرار بن الأزور وأيضاً تم إزالة مشاهد أخرى من الشرك والتعظيم لغير الله.
وبهذه الجهود الجبارة تمكن الشيخ وأعوانه من إزالة الشرك والتعظيم لغير الله من عينة وأعادوا الناس إلى الدين الحق وعبادة الله وحده وإن هذه الجهود تعتبر مثالاً رائعاً على الإخلاص والتفاني في سبيل نشر الحق وتوجيه الناس إلى الطريق الصحيح.
في الوقت الذي كان الشيخ رحمه الله- يستمر في الدعوة قولا وعملا كما تقدم ذكرة* ففي إحدى الأيام جاءت إليه امرأة اعترفت بالزنا عدة مرات فاستفسر عن عقلها وتأكد من عقليتها وسلامتها العقلية حينما رأى إصرار المرأة على الإعتراف قرر أن يطبق الشريعة وبناء على الشريعة أمر الشيخ برجمها..
تأتي هذه الأنشطة لزيادة المعارضة للدعوة الإصلاحية من بعض العلماء في نجد الذين رأوا فيها تهديداً لمكانتهم الاجتماعية خاصة بعد توجيه الاتهامات لهم بأخذ الرشاوى من المتخاصمين ولكن رغم كل هذه المعارضة لم* من الانتشار واستقطاب آلاف الناس إليها مما أثار غضب الأمراء وزعماء بني خالد في الأحساء الذين كانوا يرى تلك الدعوة تهديداً لمصالحهم الاقتصادية.
في ذلك الوقت كانت الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب تنتشر بسرعة في المنطقة وكانت تلقى تأييدا كبيرا من الشعب الذين كانوا يرون فيها إصلاحا للدين وعودة إلى تعاليم الإسلام الأصيلة كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب يدعو إلى التوحيد والابتعاد عن الشرك والبدع وكانت رسائله تلهم الناس والاستقامة والعدل والتواضع
لكن الأمراء والحكام في تلك الفترة كانوا يرون في تأثير الدعوة الاصلاحية تهديدا لسلطتهم واستقرارها فقد كانت الأحساء تعتبر مناطق حيوية للتجارة والاقتصاد وكانوا يخشون أن تؤثر الدعوة الاصلاحية على هذه الأوضاع
ومن هنا جاءت رسالة سليمان بن محمد بن غرير آل حميد إلى صديقه عثمان بن معمر حاكم العيينة بطلبه بقتل الشيخ محمد بن عبدالوهاب أو إخراجه من العيينة* فقد هدد بقطع الدعم الاقتصادي عنه وعن بلدته كما هدد بمنع تجار بلدته من دخول الأحساء إذا لم يتخلص من الشيخ.
وبالفعل قام عثمان بن معمر بدعوة للشيخ محمد بن عثمان وطلب منه الخروج من العيينة وأنه لا يستطيع مواجهة امير الأحساء


تحالفة مع محمد بن سعود ( ميثاق الدرعية ):
خروج الشيخ محمد بن عبدالوهاب من العيينة ووصول إلى بلاد الدرعية قصد بيت ابن سويلم العريني فلما دخل عليه ضاقت عليه داره وخاف على نفسه من*محمد بن سعود بن محمد آل مقرن*فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال:«سيجعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجا وهناك بدأ التزاور بين خصائص أهل العلم من الدرعية ولما اطلعوا على دعوة الشيخ أرادوا أن يشيروا على ابن سعود بنصرته فهابوه فأتوا إلى زوجته الأميرة*موضي بنت سلطان أبو وهطان الكثيري من بني لام وأخيها ثنيان فأخبروهما بمكان محمد بن عبدالوهاب ووصفوا ما يأمر به وينهى عنه فاتبعا دعوة الشيخ وقررا نصرته وحينما دخل*محمد بن سعود بن محمد آل مقرن*على زوجته أخبرته بمكان الشيخ وقالت له: «هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به» فقبل قولها ثم دخل على أخيه ثنيان وأخيه مشاري فأشارا عليه بمساعدته ونصرته أراد أن يرسل إليه فقالوا: «سر إليه برجلك في مكانه وأظهر تعظيمه والاحتفال به لعل الناس أن يكرموه عند وصول الأمير محمد بن سعود إلى بيت ابن سويلم تلقاه الشيخ محمد بن عبد الوهاب بكل حفاوة وقدم له التحية* وأعرب عن فرحته برؤيته وقال له بكل اعتزاز: "أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعز والمنعة"
رد الشيخ محمد بن عبد الوهاب على هذه الكلمات بكل ثقة وإيمان قائلاً: "وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها، وعمل بها، ونصرها ملك بها البلاد والعباد" وأوضح الشيخ أن كلمة التوحيد هي ركيزة الإسلام وأساس بناء الدولة الإسلامية وهي الدعوة التي نقلتها الأنبياء منذ القدم.

يتفق العديد من الباحثين على أنه وقع في العام 1157 هـ/1744م.
ميثاق الدرعية يعتبر أحد أهم الأحداث التي شكلت نقطة تحول في تاريخ الجزيرة العربية حيث جمع بين القوة العسكرية والدينية لتوحيد المسلمين وإقامة نظام إسلامي وقد سمحت هذه الاتفاقية بنشوء الدولة السعودية الأولى
الأمير محمد بن سعود كان حكيما وقائداً عظيما وكان يمتلك رؤية واضحة حول دور الدين في توحيد البلاد وتحقيق العدالة والرخاء للشعب ومن جهته كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب ينشر فكرة التوحيد والتخلص من الشرك والبدع في الدين.
عندما وصل الأمير محمد بن سعود إلى بيت ابن سويلم وجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ينتظره بشغف وكان الشيخ يعلم قيمة وأهمية التحالف بين عائلتي ال سعود وأبن عبد الوهاب لنشر دعوة التوحيد وإقامة العدل والعزة في الجزيرة.
بدأ الحديث بينهما بكلام الرحب والترحيب ثم بدأ الشيخ بشرح دعوته وأهميتها للأمير تحدث عن أن التوحيد هو أساس الدين الإسلامي وأنه يجب على جميع المسلمين التمسك به ونصرته وأكد الشيخ على أنه من واجبهم توحيد الجهود والقوى لنشر هذه الدعوة وترسيخها في قلوب الناس.
وأبدى الأمير محمد بن سعود استعداده التام لدعم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والتحالف بينهما من أجل تحقيق هذا الهدف
لذلك أراد الأمير أن يكون بينه وبين صاحب الدعوة عهد وميثاق فقال له: يا شيخ إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه. وأبشر بالنصرة لك ولما أمرت به والجهاد لمن خالف التوحيد ولكن أريد أن أشرط عليك شرطين اثنين: الأول: نحن إذا قمنا بنصرتك والجهاد في سبيل الله وفتح الله لنا ولك البلدان أخاف أن ترحل عنا وتستبدل بنا غيرنا. الثاني: إن لي على الدرعية قانونا (أي ما يدفعه الضعيف إلى القوي ليحميه ويدافع عنه) أخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول، لا تأخذ منهم شيئأ “.

فأجاب الشيخ محمد بن عبدالوهاب بحكمته وعلمه الواسع قائلاً: “أيها الأمير أما الأول فأبسط يدك الدم بالدم والهدم بالهدم وأما الثاني، فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها” بهذه الكلمات البسيطة والموجزة وافق الشيخ محمد بن عبدالوهاب على التحالف مع الامام محمد بن سعود
ثم بسط محمد بن سعود يده في موقف إيماني وبايع الشيخ محمد بن عبدالوهاب على نصرة دين الله ورسوله والجهاد في سبيل الله وإقامة شرائع الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا الاتفاق الهام نقل تحالفهما إلى مستوى اتفاق رسمي وأصبحت القوى الدينية والسياسية تعترف بهذه الشراكة العظيمة في سبيل تحقيق أهدافهم الإصلاحية.
وبعد هذا الاتفاق، بدأ الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود في نشر الدعوة الإسلامية وتأسيس دولة إسلامية قائمة على أساس الكتاب والسنة النبوية وقد كانت هذه الخطوة الأساسية هي بداية تأسيس دولة السعودية الحديثة التي نجحت في توطيد الوحدة وتحقيق الازدهار.


وفاته:
توفي الشيخ محمد رحمه الله، بعد عمر حافل أمضاها في الدعوة إلى الله تعالى وفي خدمة الدين والمسلمين. كان شيخا علميا وروحياً يتحلى بالصبر والاحتساب ويسعى جاهداً لتوجيه الناس على الطريق الصحيح.
ومع مرور الزمن تزايدت شهرة الشيخ محمد وانتشر صيته في البلاد المجاورة وفي سنة 1206هـ وبعد أن شاهد انتصار دعوته وتحقيق ثمارها توفي الشيخ محمد رحمه الله تعالى كانت وفاته خسارة كبيرة للأمة الإسلامية التي فقدت رجلا عظيما قضى حياته في خدمتها
رحم الله الشيخ محمد وأسكنه فسيح جناته



على دروب الخير دائما نلتقي

بقلم أخوكم أبو نورة .

سبق نشرة في منتدي آخر.

رهينة الماضي ,حسن الوائلي ,سما الموج معجبون بهذا

المصدر : منتديات عبق الياسمين

 

وجود القارئ الجيد لا يعني إن الكاتب جيد ولا القراءة القاصرة تعني إن الكاتب كامل..
الكاتب الجيد هو من يفتح أبواب عدة لكل تفكير وهم وتطلع..
أن مهمتي أن أكتب وأنت وضميرك لا أن تحكم بل لتشرف منارة قولي بوهج رأيك..


عبدالله بن سعد السهلي

---

آخر تعديل طلاع الثنايا يوم 24-02-2024 في 07:59 PM.

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور

طلاع الثنايا معجب بهذا

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور

طلاع الثنايا معجب بهذا

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور

طلاع الثنايا معجب بهذا

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور

طلاع الثنايا معجب بهذا

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور

طلاع الثنايا معجب بهذا

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور

لا يمكنكم مشاهده باقي المشاركة لأنك زائر ...
فإذا كنت مشترك مسبقا معنا  فقم بتسجيل دخول بعضويتك للمتابعة وإذا لم تكن  فيمكنك تسجيل عضوية جديدة مجانا ً ( من هنا )

اسم العضوية		حفظ معلومات الدخول
كلمة المرور