الدكتور على حسن
24-09-2024, 08:24 PM
الراحةُ هي المبتغَى الذي لا يبلغ في الدنيا،
والسعادة هي الغاية المأمولة من الحياة بأسرها،
والرضا هو السبيل إليهما معا.
فكثير من الناس غير راضين على أحوالهم،
ولا عن أنفسهم، ولا عن شيءٍ قد حققوه في حياتهم،
فهم متأسفون على ما مضى؛
إذ لم يجمعوا مالًا ولم يصيبوا جاهًا،
ولو جمعوا مالًا أو أصابوا جاهًا فهم ساخطون
على أفعالهم فيهما، وكثير من الناس
غير راضين عن شئونهم ولا أرزاقهم
ولا زوجاتهم ولا أولادهم، وربما نما
السُّخط على أنفسهم، فهم يتقلبون ليلًا ونهارًا
بين مشاعر سُخطٍ وأفكار أسفٍ،
لا يعرفون للرضا طعمًا ولا يتذوقون له لذة!.
فالرضا بالحال يجلب لصاحبه طمأنينةَ النفس
وهدوء البال، ويشيع البهجة
في حياته فرحًا بكل قليل.
أما السُّخط فما يزيد الإنسان إلا اضطرابًا دائمًا،
وتمرّدًا وحقدًا وحسدًا وكآبةً مهما تعددت
عنده الخيرات، فهو دائمًا يريد المزيد،
بل ويشعر داخل نفسه أنَّه لا يملك إلّا القليل.
والشعور بالرضا على الحال مقدورٌ
ممكن وهو ممدوح غاية المدح،
وهناك وقفات مهمة في هذا السبيل:
1- علينا أن ننظر لأحوال الآخرين خاصة
المهمومين والمكروبين وأصحاب المصائب
المختلفة، فمن تفكر في أحوال هؤلاء
هان عليه كل ما هو فيه من مشاق،
وإلى هذا يلفتنا الرسول صلى الله عليه وسلم
فيما أمرنا من دعاءٍ عند رؤية أهل البلاء:
« الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به».
2 - علينا ألا ننظر إلى الوراء، وألا نندم
على ما فات من أعمارنا دون تحقيق ما نريد،
بل يجب الاهتمام بالأيام القادمة
مهما كانت قليلة فالأعمال بالخواتيم،
فلا قيمة للنَّدمِ المجرَّد إلا أن يكون
ندمًا على معصية الله - سبحانه -
وعزمًا على الطاعة فهذا مرادٌ حسن،
لكن الندم على مافات من كسب الدنيا
لا يؤثر بشىءٍ إلّا جلب الأحزان
والقعود عن النجاح.
3 - لا نغتر بالدنيا، فكلنا يحبها ويتمسك بها،
ويسعى للشبع منها، وقد ضرب الله تعالى لها مثلًا؛
حيث قال:
﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ
أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ
الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾
[الكهف: 45]
فلماذا لا نعتبر بمن سبقونا!
فأين الملوك الذين أثاروا الأرض وعمروها؟
وأين الجبارون الذين كان لهم الغلبة
والنفوذ والاستبداد؟ قد انهار بهم الحال،
وصاروا رميمًا، فغادروها وتركوها
ولم يبق غير أعمالهم، وأصبحت الدنيا دنيا لغيرهم،
وبقينا نحن بعدهم.
قال عثمان رضي الله عنه
في آخر خطبه له: « إنَّ الله إنما أعطاكم
الدنيا لتطلبوا بها الآخرة ولم يعطكموها
لتركنوا إليها، إن الدنيا تفنى والآخرة تبقى،
لا تبطرنَّكم الفانية، ولا تشغلنكم عن الباقية،
وآثروا ما يبقى على ما يفنى،
فإن الدنيا منقطعة،
وإن المصير إلى الله».
4 - التأمل في نعم الله تعالى علينا،
وحمده سبحانه:
﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾
[التكاثر: 8]
فنحن نمتلك من النعم الكثير ولكن لا نشعر بها،
ولكي تدرك قيمة النعم تفكَّر: لو أنك حرمت منها يومًا،
عندها ستعلم قدرها
وتستشعر فضل الله عليك بها.
5 - الثقة بالنفس تمنح الإنسان الرضا،
فالثقة تدفع صاحبها إلى الأمام
وإلى علو همته والسعي للارتقاء،
وللعمل الجاد، وتحقيق أهدافه،
والثقة بالنفس لا نصل إليها إلا بتمام الثقة
بالله سبحانه، فأنت إذن بثقتك بالله سبحانه
ثم ثقتك في خطواتك تستطيع أن تعوض
ما فات مهما مرت الايام، ولئن فاتت
الأيام على شىء لا يمكن استرجاعه
فلا بأس فإن هناك غيره، والتوكل
على الله وإيكال الأمر إليه
سبحانه خير في كلِّ حالٍ.
فاصل ونتواصل
فى الجزء الثانى من موضوعـنا
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتــور علـى
والسعادة هي الغاية المأمولة من الحياة بأسرها،
والرضا هو السبيل إليهما معا.
فكثير من الناس غير راضين على أحوالهم،
ولا عن أنفسهم، ولا عن شيءٍ قد حققوه في حياتهم،
فهم متأسفون على ما مضى؛
إذ لم يجمعوا مالًا ولم يصيبوا جاهًا،
ولو جمعوا مالًا أو أصابوا جاهًا فهم ساخطون
على أفعالهم فيهما، وكثير من الناس
غير راضين عن شئونهم ولا أرزاقهم
ولا زوجاتهم ولا أولادهم، وربما نما
السُّخط على أنفسهم، فهم يتقلبون ليلًا ونهارًا
بين مشاعر سُخطٍ وأفكار أسفٍ،
لا يعرفون للرضا طعمًا ولا يتذوقون له لذة!.
فالرضا بالحال يجلب لصاحبه طمأنينةَ النفس
وهدوء البال، ويشيع البهجة
في حياته فرحًا بكل قليل.
أما السُّخط فما يزيد الإنسان إلا اضطرابًا دائمًا،
وتمرّدًا وحقدًا وحسدًا وكآبةً مهما تعددت
عنده الخيرات، فهو دائمًا يريد المزيد،
بل ويشعر داخل نفسه أنَّه لا يملك إلّا القليل.
والشعور بالرضا على الحال مقدورٌ
ممكن وهو ممدوح غاية المدح،
وهناك وقفات مهمة في هذا السبيل:
1- علينا أن ننظر لأحوال الآخرين خاصة
المهمومين والمكروبين وأصحاب المصائب
المختلفة، فمن تفكر في أحوال هؤلاء
هان عليه كل ما هو فيه من مشاق،
وإلى هذا يلفتنا الرسول صلى الله عليه وسلم
فيما أمرنا من دعاءٍ عند رؤية أهل البلاء:
« الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به».
2 - علينا ألا ننظر إلى الوراء، وألا نندم
على ما فات من أعمارنا دون تحقيق ما نريد،
بل يجب الاهتمام بالأيام القادمة
مهما كانت قليلة فالأعمال بالخواتيم،
فلا قيمة للنَّدمِ المجرَّد إلا أن يكون
ندمًا على معصية الله - سبحانه -
وعزمًا على الطاعة فهذا مرادٌ حسن،
لكن الندم على مافات من كسب الدنيا
لا يؤثر بشىءٍ إلّا جلب الأحزان
والقعود عن النجاح.
3 - لا نغتر بالدنيا، فكلنا يحبها ويتمسك بها،
ويسعى للشبع منها، وقد ضرب الله تعالى لها مثلًا؛
حيث قال:
﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ
أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ
الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ
وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾
[الكهف: 45]
فلماذا لا نعتبر بمن سبقونا!
فأين الملوك الذين أثاروا الأرض وعمروها؟
وأين الجبارون الذين كان لهم الغلبة
والنفوذ والاستبداد؟ قد انهار بهم الحال،
وصاروا رميمًا، فغادروها وتركوها
ولم يبق غير أعمالهم، وأصبحت الدنيا دنيا لغيرهم،
وبقينا نحن بعدهم.
قال عثمان رضي الله عنه
في آخر خطبه له: « إنَّ الله إنما أعطاكم
الدنيا لتطلبوا بها الآخرة ولم يعطكموها
لتركنوا إليها، إن الدنيا تفنى والآخرة تبقى،
لا تبطرنَّكم الفانية، ولا تشغلنكم عن الباقية،
وآثروا ما يبقى على ما يفنى،
فإن الدنيا منقطعة،
وإن المصير إلى الله».
4 - التأمل في نعم الله تعالى علينا،
وحمده سبحانه:
﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾
[التكاثر: 8]
فنحن نمتلك من النعم الكثير ولكن لا نشعر بها،
ولكي تدرك قيمة النعم تفكَّر: لو أنك حرمت منها يومًا،
عندها ستعلم قدرها
وتستشعر فضل الله عليك بها.
5 - الثقة بالنفس تمنح الإنسان الرضا،
فالثقة تدفع صاحبها إلى الأمام
وإلى علو همته والسعي للارتقاء،
وللعمل الجاد، وتحقيق أهدافه،
والثقة بالنفس لا نصل إليها إلا بتمام الثقة
بالله سبحانه، فأنت إذن بثقتك بالله سبحانه
ثم ثقتك في خطواتك تستطيع أن تعوض
ما فات مهما مرت الايام، ولئن فاتت
الأيام على شىء لا يمكن استرجاعه
فلا بأس فإن هناك غيره، والتوكل
على الله وإيكال الأمر إليه
سبحانه خير في كلِّ حالٍ.
فاصل ونتواصل
فى الجزء الثانى من موضوعـنا
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتــور علـى