الأدارة ..♥ |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
يوميات إنسان ‘ مرمضن ‘ جدا :
الساعة تشير إلى الحادية عشرة نهارا ، استيقظ سمير على وقع صياح صبية يلعبون كرة القدم ، فركل غطاءه بقدمه الفولاذية ، وانتفض مسرعا إلى شرفة المنزل ، وصرخ بأعلى صوته مهددا الصبية بالضرب وتقطيع الكرة إن لم يرحلوا من مكانهم ، ففر الصبية مذعورين من كلمات عمي الغول سعيد ..هكذا لقبّوه . قارب وقت صلاة الظهر ، فتوضأ سمير بعجالة ، ثم قصد مسجد الحي القريب ، هناك لمح بعضا من الصبية الذين طردهم ، فصاح بهم يلعنهم وسط المسجد ، وبأنهم كالجراثيم أينما حلّت تفسد المكان ، وحاول أن يطردهم من المسجد لولا تدخل بعض المصلين ومحاولتهم تهدئته ! في السوق بعد انقضاء الصلاة توجه مكفهرّ الوجه إلى السوق ، فقد طلبت منه زوجته أن يحضر الخضر واللحم ، فقصد بائع السمك وسأله : سمير : كم ثمن السمك ؟ بائع السمك : 20 درهما للكيلو . سمير ( مصدوما ) : اوووووووووووه اووووووووووووووه القيامة ستقوم ..القيامة ستقوم..ما أن يحل رمضان حتى تضعوا قرون الشياطين أيها الباعة ، وتحرقوا جيوبنا بأثمنتكم الباهضة ، ألا تخجلوا من أنفسكم أيها السارقون ..الناهبون.. بائع السمك ( مقاطعا ) : التزم حدودك يا هذا ، ذاك هو ثمن السوق وإن لم يعجبك الأمر اخبط رأسك بالحيط .. عندها انقلبت الأرض بسمير ولم يحس بنفسه إلا وقد نطح البائع نطحة قوية برأسه ، وكأني به كبش أقرن نطّاح فاق كل أقرانه . سقط بائع السمك أرضا متأثرا من شدة النطحة ، ثم تناول كتلة وزن 5 كيلو وحاول أن يشج رأس سمير بها ، وكاد أن يفعل لولا تدخل الناس ، وفكّ اشتباكهما ، وإلا لوقعت جريمة حقيقية . ابتعد سمير وهو يتمتم بكلام كله حنق وغضب ، وفجأة صرخ بأعلى صوته قائلا : إنكم لا تدعون أي أحد يصوم براحته في هذه البلاد البائسة ، تفووووو …تفوووووو . عاد سمير إلى منزله ، فاستقبلته زوجته قائلة : أين اللحم والخضار ؟ فأجابها قائلا : في الجحيم ! فعرفت زوجته أنه في حالته العصبية المعتادة ، فلم ترد عليه ، وعادت إلى المطبخ . أذّن العصر فقصد سمير زوجته قائلا : ماذا أعددت لنا ؟ الزوجة : ماء وخبز ، وقليلا من زيت الزيتون . فانتفض سمير صارخا : ويحك ! ألا تتقي الله في زوجك وتقتصدي في المعيشة ؟!!! علمت الزوجة أنه يعاند فتركته وانصرفت ، وظل واقفا يصول ويجول ، فقرر أخيرا أن يذهب للتسوق . قطع مسافة ماراثونية إلى سوق جد بعيد ، فقد سمع أن أثمنة الخضروات هنالك رخيصة ومعقولة ، ليتفاجأ بعد وصوله أن لا فرق بينها وبين سوق حيهم ، فتمتم بكلمات غير مفهومة ، وأنصت لأصوات بطنه الجائعة ، فخضع للأمر الواقع ، وللحقيقة المرة ، وأحضر قفّة مليئة بالخضر تتوسطها دجاجة صغيرة . وبعد أن وصل إلى المنزل خائر القوى ، أمر زوجته بإعداد إفطار شهي ، في حين استلقى جثة هامدة على فراشه ، يترقب آذان المغرب . جاء الفرج وأذّن المغرب ما إن سمع أذان المغرب حتى انفرجت أسارير وجهه ، فانطلق مسرعا يتناول التمر والحليب ، والابتسامة لا تفارقه ، ثم انطلق إلى صالة الضيوف وصلى المغرب ، تقول الرواية : أن الوقت الذي صلى فيه المغرب كان بسرعة الضوء ، حتى أن زوجته لم تتبين أي سورة قرأها ..بل كيف سجد أو ركع ؟!!! وهاهو سمير يجتمع بمائدة الإفطار ، فيعانقها معانقة المحب لمعشوقته ، ثم بدأت الملحمة ! صمت رهيب على وقع حوافر الأنياب ، وطحن الأضراس ، بيضة مسلوقة بيمينه ، وخبز محشو بشماله ، فجميع الطرق تؤدي إلى معدة سمير . وبعد مجزرة رهيبة ، استلقى الغول على ظهره ، وتجشأ بقوة وقال : الحمد لله ، اللهم تقبل منا الصيام والقيام .
الساعة الآن 11:06 PM
|