الأدارة ..♥ |
سولاف الخواطر والقصيد وغيم حرف ممنوع المنقول با اقلامكم فقط✿ للخَواطِر مسرحاً مكشوف ترَقص فيه النُجوم أي نص سبق له النشر خارج مملكة عبق بقلم العضو ﹂ ✿ |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مسافة واحدة من الموت...!
مسافة واحدة من الموت... ... نجلس هناك حيث يصبح البقاء وحيدًا كزكاة فطرٍ لم يستطع إخراجها ذلك المؤمن الفقير. نجلس كمن احدودب ظهره من كثرة السجود. نجلس كعابرٍ على رصيفٍ للانتظار -هو- من بناه، ودهنه، وأضاءه بضوء ساطع وظل يرقبه حتى تم هدمه أمامه وهو عاجز عن الحراك أو الاعتراض. نجلس أمام مرايا الروح التي لم تعد تُظهر لنا فيها غير ذكريات تمحو نفسها كجهازٍ تمّ اختراقه وصاحبه عاجزٌ عن إيقاف ذلك الهدر الأليم، والتدخل القاهر لإرادته. نجلس على بعد مسافةٍ واحدةٍ من ذاكرتنا لنحصي كم من السنين قضينا؟ ولنرى تسرّب الأحلام من بين عظام قفصنا الصدري، تلك العظام الرهيفة التي خُلقت مفتوحة مغطّاة بلحمٍ شفّاف؛ لنتمكن من خلالها مس ضلوعنا والطبطبة عليها كلما نزل بنبضاتتا نازلٌ أو أذى!. ... الحياة تتعامل معنا كما لو أننا مكنستها التي صنعها لها العُمر من الخوص وكلما اتسخت أطرافها قطعتها وواصلت كنسنا دون الاهتمام بما بقيّ فينا من حجم أو قدرة على الكنس... نعلم هذا الدور لنا في حياتنا أو حياة الآخرين لكننا نتجاهل ذلك؛ لنبقى على قيد البقاء، وقيد الحياة التي تستخدمنا كما لو أننا أعضاء قابلة للبيع والاستبدال نهايتها الحتمية الموت. نتصرف أحيانًا معها بانفعال، أو غضبٍ، أو جفوة، وإن عجزنا عن مجاراتها وقفنا عن التصرف وبدونا بالنسبة لها بلا قيمة. وهي بالمقابل مستمرة وكذلك نحن. لكن ثمة فروق شاسعة بين استمراريتها واستمراريتنا: فهي تنمو بغيرنا ونحن نعجز عن الحصول على هذا الغير للنمو به أحيانًا. أخطأنا كثيرًا في تعريفات كثيرة لها، وقبلنا تعاريف مختلفة لها رغبةً منّا في البقاء والعيش ليس إلا؛ حتى وإن كانت تلك التعاريف مخالفة ليقيننا... فحين نيأس نلعنها ونسبّها تحت وطأة جهل بعضنا، وغضب بعضنا الآخر أو ضعفه وانكساراته، ولكنها لا تبدي أبدًا ردود انفعال لتشعرنا على أننا نقصدها هي بذاتها. الحياة أقسى من الآخرين علينا لكننا نغفر للآخرين ولا نكاد نشفع ولو لمرةٍ واحدةٍ لها. الحياة بالنسبة لي لم يعد لها أية تعريفٍ يصلح إطلاقه عليها. يمكنني القول أنها مسافة... مسافة فقط. يذهب خلال قطعنا لها كل ما نتوقع أنه بالنسبة لنا جميل وباقٍ، ويبقى خلال مسيرنا فيها كل ما ليس لنا، أو ما نعجز عن امتلاكه مطلقًا. ويصبح فيها الاعتلال راحة أحيانًا، ويتحول فيها القساة والجبابرة إلى رحماء فيما بينهم إلا علينا؛ ربما لأنهم يعون جيدًا أنّ رحمتهم لنا إسقاطًا لسلطتهم وجبروتهم؛ سلطة الحُب والعطاء والغطرسة تلك!. ينسانا فيها من نتذكره، ويتذكرنا فيها من نسيناه. ينام فيها الذين نحبهم ونعشقهم ملأ الجفان، والأعين، والقلوب.. ونسهر نحن في انتظارهم،وفي ولهنا عليهم، في شوقنا إليهم، وحين يستيقظون يبلغوننا أنّ أمزجتهم متعكرة قليلاً، وأنهم لم يهنئوا بنومهم بعد؛ فنعجز عندها عن أي رد، نعجز لأنّنا سنشعر عندها أنّ سلطتهم تحولت من الحُب إلى القسوة، ومن الاهتمام إلى اللا مبالاة!. يا لهذه الحياة المتناقضة؛ إنها دافئة كالنار، ومحرقة كالدفء بعد الغياب. لها لهبٌ وسوط جلاّد .. توجهه كثيرًا على الفقراء، والعشّاق: أما الفقراء فيركضون فيها كامل حياتهم بحثًا عن الكفاف، ولقمة العيش وقد يحصلون عليها يومًا وأيامًا لا تهبهم منها شيئًا فينامون جوعى، ويستيقظون في كامل تفاؤلاتهم، وأما العشّاق فتركض قلوبهم بحثًا عن حضنٍ دافئٍ، وقصةٍ خالدةٍ وتهبهم ذلك أحياناً لكنها تعذّبهم قبلها قليلاً وبعدها كثيرًا، والكثير منهم لا تكتمل لهم قصة مطلقاً... مهما ركضت نبضاتهم أو بذلت!. هذه الحياة لا أحد يمكنه النجاة من أسواطها أبدًا؛ حتى ولو كان صالحًا أو زاهدًا عنها؛ لأنها كلما غضبت انكمشت على من حولها دون النظر لفئاتهم، أو مشاعرهم، أو قنوتهم، أو حتى عبادتهم؛ لأنها تتصرف وفق أوامرها ورغباتها؛ ولأنها تتبع خرائطها السماوية. ... هذه الحياة جغرافيا التيه الأكبر؛ اليوم نعيش في أراضينا سالمين غانمين؛ وغدًا لا تدري نفس بأي أرض تموت... جابر محمد مدخلي
آخر تعديل جابر محمد مدخلي يوم 25-03-2020 في 04:15 AM.
الساعة الآن 06:53 AM
|