ننتظر تسجيلك هـنـا

الأدارة ..♥ مَملكتنا مَملكة الياسمين، يلتهبُ الشجنُ ويَثْمِلُ الحرفُ بالآهات ، حروفُنا الخالدةُ كفيلةٌ بأنْ تأخُذَكم إلى عَالمِ السَحَر ، تَحْدِي بِكُم وتَمِيلُ فهي مميزةٌ بإدخالِ الحبِّ إلى القلوب ،ولكي لا تتَعرَضَ عُضويَّتكَ للايقافِ والتشهيِّر وَالحظر فِي ممْلكتِّنا .. يُمنع منْعاً باتاً تبادل اي وسَائل للتواصل تحْتَ اي مسَّمئ او الدَّعوه لمواقعِ اخْرى ، ولكم أطيب المنى ونتمنى لكم وقت ممتع معنا

❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆  



الملاحظات

عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ يختص بالدفاع عن حبيبنا رسول الله وسيرته العطرةوالخلفاء الراشدين وكذلك الصحابيات رضوان الله عليهم وارضاه ﹂ ✿

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 28-03-2020, 12:57 AM
مرافئ الذكريات غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 25
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » 18-09-2023 (09:13 PM)
آبدآعاتي » 33,982[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
عناق المفاجآت » سجل الهدايا رحيق المفاجات
 
مزاجي:
 
افتراضي أسباب ترتيب آيات القرآن الكريم الجزء (1)





أسباب ترتيب آيات القرآن الكريم

إذا كان المقصودُ بنظم الآيات القرآنية هو ترتيبها كما هي موجودة في المصاحف الآن، فإن هذا الترتيب له أسباب داعية إليه، وروابطُ تقتضيه، وهو ما يُسمَّى بالمناسبة بين الآيات والسور، وقد أُلِّفت فيه مؤلفات متعددة؛ منها: (البرهان في تناسب سور القرآن)؛ لأبي جعفر بن الزبير الغرناطي، و(نظم الدُّرر في تناسب الآيات والسور)؛ للبقاعي، و(أسرار ترتيب سور القرآن)؛ للسيوطي، كما عُنِي بذلك الرازي والآلوسي في تفسيرَيْهما، وترتيب الآي في السورة الواحدة كترتيب السور القرآنية، لا بد أن يرجع إلى معنًى ما يربط بينها، عام أو خاص، عقلي أو حسي أو خيالي، أو غير ذلك من أنواع العلاقات أو التلازم الذهني؛ كالسبب والمسبب، والعلة والمعلول، والنظيرين والضدين، ونحوه، أو التلازم الخارجي؛ كالمرتَّب على ترتيب الوجود في باب الخبر[1].


وذلك حتى تصيرَ الآيات آخذةً بأعناق بعضها البعض، فيقوَى الارتباط بينها، وحتى يكون النظم القرآني حاله حال البناء المحكم المتلاحم اللَّبِنات والأجزاء.


وينبغي للباحث عن أسباب ارتباط الآي أن ينظرَ أولًا في الآية هل هي مكمِّلة لما قبلها أو مستقلَّة عنها؟ وإذا كانت مستقلَّة عنها، فما وجهُ مناسبتها لما قبلها؟ ولِمَ جيءِ بها بعدها؟
هذا، والآية إما أن تكونَ ظاهرة الارتباط بسابقتِها (غير مستقلة عنها)؛ لعدم تمام الكلام بالآية الأولى، أو تكون الآية أو الآيات اللاحقة مؤكِّدة، أو مفسِّرة، أو تكون معترضة بين الآيات المترابطة، أو لا تكون الآية ظاهرة الارتباط بسابقتها[2].

أولًا: الآيات التي يظهر أسباب ودواعي ارتباطها، وبعض هذه الأسباب (غير المستقلة):
تقدَّم أن من هذه الأسباب:
(1)عدم تمام الكلام بالآية الأولى.
(2)كون الثانية مؤكدة للأولى.
(3)كونها تفسيرًا للأولى.
(4) كونها معترضةً بين الآيات لعلة وهدف.
(5)كونها كالعلة لما قبلها.
(6) كونها بدلًا من التي قبلها.
(7)أو نعتًا من الأولى... إلخ.



مثال: الآية المؤكدة (المقررة)، والمفسرة (المبينة)، والمعترضة، والمكملة: قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 16 - 23]، المولى تبارك وتعالى بعدما بيَّن في الآيات السابقة على هذه الآيات إهلاكَه لأهل القرى بسبب ظلمهم وتكذيبهم، فقال تعالى: ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 11 - 15] - بيَّن سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنه فعل ذلك بأهل القرى عدلًا منه وعقوبةً لهم على ما فعلوه، فقد كَثُر في القرآن الاستدلال بإتقان نظامِ خلق السماوات والأرض وما بينهما، على أن لله حكمةً في خلق المخلوقات وخلق نظمِهما وسننها وفطرها[3]، فقال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 16]؛ أي: خلقناهما لفوائد دينية ودنيوية.


قلت: فكما أنه سبحانه وتعالى لم يخلُقِ السماوات والأرض لهوًا وعبثًا، بل خلقهما لحِكَم جليلة، فهو كذلك ليس لاعبًا في عقابه لأهل القرى، وأن ما حلَّ بهم من العذاب من مقتضيات تلك الحِكَم ومتفرِّعاتها حسب اقتضاءِ أعمالهم إيَّاه.


وقيل: إن الغرض من هذا تقرير نبوَّةُ النبي صلى الله عليه وسلم، والردُّ على منكرِيه؛ لأنه سبحانه وتعالى أظهر المعجزة على يدَيْه صلى الله عليه وسلم، فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم كاذبًا كان إظهارُ المعجزة على يديه من باب اللعب، وذلك مستحيل في حقه سبحانه وتعالى، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم صادقًا، فهو المطلوب، وحينئذٍ يَفسُدُ كل ما ذكروه من المطاعن[4].
وقيل: هو تخلُّص[5]إلى وعيد المخاطبين[6].

قلت:والوجه الثاني هو ما رجَّحه الآلوسي[7]وانتصَر له، وفي نظري أن الوجهين الأول والثاني راجحان، وهذا مثال للآية أو الآيات المستقلة عما قبلها، ومع ذلك فالمناسبة بينهما واضحة بيِّنة فهى كالعلة لها.


ثم يُقرر سبحانه وتعالى مضمون قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 16] بقوله تعالى: ﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 17]؛ تقريرًا بالاستدلال على مضمونها، وتعليلًا لنفي أن يكون خلق السماوات والأرض لعبًا؛ أي: عبثًا: لأن اللعب ليس من شأنه سبحانه وتعالى، وإذا أراد سبحانه وتعالى أن يتَّخِذ لهوًا لاتخذه بقدرته في أشرف العوالم (السماء)، وهذا ما أفادَتْه الظرفية المجازية في قوله: (لَدُنَّا)؛ أي: من جهة قدرتنا، وجملة ﴿ إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾؛ إما أن تكون شرطيةً، وجوابها محذوف دل عليه ما قبله، والمعنى: إن كنا فاعلين لذلك لاتخذناه، أو هي نافية مستأنفة لتقرير الامتناع المستفاد من (لو)، والمعنى: ما كنا فاعلين لهوًا[8].


قلتُ: هذا مثال للآية المؤكدة (المقررة) لمضمون ما قبلها، وهذا هو الأرجح في نظري في تأويل الآية كما يتَّضح من سياق الآيات، وإن كان بعض أئمتنا فسَّر (اللهو) بالمرأة أو الولد، وجعله ردًّا على مَن ادَّعَوْا بُنوَّة المسيح عليه السلام، وعُزَير عليه السلام [9]؛ ولأن المولى سبحانه وتعالى ردَّ عليهم بعد ذلك قولهم هذا قائلًا: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ *يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 26 - 29].


ثم بيَّن سبحانه بطريق الإضراب الإبطالي أن اتِّخاذَ اللهو واللعب ليس مِن صفاته سبحانه وتعالى، وأن مِن صفاته وشأنه سبحانه وتعالى دفع الباطل بالحق في استعارة تمثيلية بديعة؛ فقال سبحانه: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 18]؛ أي: ولكم العذابُ والهلاك بوصفكم المولى سبحانه وتعالى، والرسولَ صلى الله عليه وسلم، والقرآنَ الكريم - بما لا يَليق.



قلت:وهذا أيضًا تقريرٌ لعدم إرادة اتِّخاذ اللهو، وخلق السماوات والأرض بالحق، وختم الآية بتهديدِهم لوقوعهم في أمر النبوات والقرآن بما لا يليق.
ولما حكى سبحانه وتعالى كلامَ الطاعنين في أمر النبوات والقرآن وافتراءاتهم ابتداءً من قوله تعالى: ﴿ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴾ [الأنبياء: 3 - 5]، وأجاب عنها وبيَّن أن غرضهم من تلك المطاعن هو التمرُّد وعدم الانقياد لأوامر الله - بيَّن سبحانه وتعالى أنه مُنزَّه عن طاعتهم، وأنه هو المالك لجميع المحدَثات والمخلوقات، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 19].


قلت: هذا ما رجَّحه الرازي في وجه تعلُّق الآية بما قبلها من الآيات[10].
وقال الطاهر بن عاشور[11]: وهو تخلص إلى إبطال الشرك بالحجة الدامغة بعد الإفاضة في إثبات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وحجية القرآن[12].
قلت: القولان راجحان عندي والله أعلم، والتخلص سببٌ من أسباب ارتباط الآي المستقلة، والمعنى: أن كل مَن في السماوات والأرض من العقلاء وغير العقلاء ملكُه وعبيدُه، فهو الخالق لهم، والمُنعِم عليهم بأصناف النعم، مخلوقون لعبادته وقَبول تكليفه، والملائكة كذلك ملكُه وعبيده مخلوقة لطاعته، لا تَستكبر عن تلك العبادة ولا تَستحسر.



وقوله تعالى: ﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 20] تفسيرٌ وبيان (مثال للآية المفسرة) لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾، والاستحسار: هو التعب الشديد الذي يقتضيه عملهم العظيم؛ أي: لا يقع منهم ما لو قام بعملهم غيرُهم لتعب منه تعبًا شديدًا، وهذا تعريضٌ بالذين يستكبرون عن عبادته سبحانه ويعبُدون الأصنام والأوثان.


ثم ينتقلُ سبحانه وتعالى بأسلوب الإضراب الانتقالي (أَمْ) المنقطعة التي بمعنى (بل) و(الهمزة) إلى إبطال الشرك، بعد أن أثبَت صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وحجية القرآن، وذلك بعد أن هيَّأ الأسماعَ لذلك بالآيتين السابقتين، فيقول سبحانه: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 21]، وهذا الإضراب الانتقاليُّ لإبطال الشرك وقع معترضًا بين قوله تعالى: ﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 20]، وقوله تعالى: ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23][13].


قلت: وهذا مثال للآية المعترضة، والهدف من ذلك هو التمحُّض لغرض إبطال الإشراك وإبطال تعدُّد الآلهة[14].

وقوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22] بيانٌ للإنكار الذي في قوله تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 21]، ولذلك فُصِلَت ولم تُعطَف، وهو استدلال على بُطلان عقيدة المشركين؛ إذ زعموا أن الله جعل آلهة شركاءَ له في تدبير الخلق بعد أن خلق السماوات الأرض، ولذا كانوا يقولون في التلبية: (لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تَملِكه وما ملَك)[15]، فالآية مَسُوقة لإثبات الوحدانية.
قلت: وهذا مثال للآية المفسرة والمبينة أيضًا.


ثم جاء قوله تعالى: ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22] بعد إقامة الدلالة القاطعة على الوحدانية مُوشحًا الفاصلة[16]، وفائدة هذه الفاصلة التنبيهُ على نكتةٍ خاصة بعَبَدة الأصنام، وهي أنه كيف يجوزُ للعاقل أن يجعَلَ الجماد الذي لا يَعقِل ولا يُحِسُّ شريكًا في الألوهية لخالق العرش العظيم، ومُوجِد السماوات والأرَضين، ومُدبِّر الخلائق أجمعين[17].


وقوله تعالى: ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23]، قال ابن عاشور: (والأظهر أن هذه الجملة حالٌ مكملة لمدلول قوله تعالى: ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ*يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 19، 20][18].


والمعنى: أن مَن عنده وهم المقرَّبون من المخلوقات، هم مع قربهم يُسأَلون عما يفعلون، ولا يسألونه عما يفعل؛ أي: لم يبلغ بهم قربهم إلى حد الإدلال عليه وانتصابهم لتعقُّب أفعاله، والمقصود أن مَن عنده مع قربهم ورِفعة شأنهم يُحاسبهم الله على أعمالهم، فهم يخافون التقصير فيما كُلِّفوا به من الأعمال، ولذلك كانوا لا يَستحسرون ولا يَفترون[19].
قلت: وهذا مثال للآية المكملة.
مثال على الآية التي تكون نعتًا أو بدلًا مِن التي قبلها، وهو قوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ *وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 7]، (فويل للمصلين) مبتدأ وخبره، و(الفاء) فصيحة أو للسببية، (الذين) اسم موصول في محلِّ جر نعت (للمصلين)، (وهذا محتمل؛ لأنه يجوزُ فيه الرفع والنصب أيضًا) مخصصًا له لأنه نكرة، (هم) مبتدأ، (عن صلاتهم) جار ومجرور متعلق بساهون، (ساهون) خبر، والجملة لا محل لها صلة الموصول، (الذين) الثانية بدلٌ من الأولى، أو نعت (للمصلين)، (هم) مبتدأ، (يراؤون) فعل وفاعل في محل رفع خبر، والمبتدأ والخبر (الجملة الاسمية) لا محلَّ لها صلة الموصول، (ويمنعون الماعون) فعل وفاعل ومفعول، معطوفة على صلة الموصول الثاني.


مثال آخر على الآية المعترضة، والمفسرة، وهو قولُه تعالى: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ *فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ [البلد: 11 - 14]، فقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴾ آيةٌ معترضة مقحَمةٌ لبيان العقبة، مفسِّرة ومبيِّنة لمعنى الإبهام، وقوله تعالى: ﴿ فَكُّ رَقَبَةٍ... ﴾: آيتان مفسرتان ومبيِّنتان وموضحتان لاقتحام العقبة، ومثل هذا المثال قوله تعالى: ﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ﴾ [الهمزة: 4 - 6].


مثال آخر على الآية التي يُتَخلَّص بها إلى ما بعدها، وهو قوله تعالى: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [يوسف: 3]، فهذه الآية يُتخلَّص بها إلى قصة يوسف عليه السلام بعد أن بدأت السورة بالحديث عن القرآن.


مثال على الآية الواقعة عِلةً لما قبلها، وهو قوله تعالى: ﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾ [المدثر:17، 18]، فقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾ تعليلٌ لاستحقاقه الوعيد المتقدِّم، وهو تكليفه مشقَّةً من العذاب.


مثال على الآية الواقعة بدلًا مما قبلها، وهو قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ﴾ [الهمزة: 1، 2]، فقوله تعالى: ﴿ الَّذِي...﴾ بدلٌ من (كل) في محل جر، ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره هو، على أن الآية استئناف بياني.


مثال على الآية الواقعة حالًا مما قبلها، وهو قوله تعالى: ﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾ [الهمزة: 3]، فقوله تعالى: ﴿ يَحْسَبُ... ﴾ في محلِّ نصب حال من فاعل (وعدَّده)، ويجوز أن تكون الآية استئنافًا بيانيًّا.


مثال على الآية الوقعة نعتًا لما قبلها، وهو قوله تعالى: ﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴾ [الهمزة: 6، 7]، فقوله تعالى: ﴿ الَّتِي تَطَّلِعُ... ﴾ نعتٌ ثانٍ لـ﴿ نَارُ اللَّهِ ﴾ بعد النعت الأول ﴿ الْمُوقَدَةُ ﴾.


مثال على الآية الواقعة جوابًا للقسم، وهو قوله تعالى: ﴿ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾ [الصافات: 1 - 4]، فقوله تعالى: ﴿ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾ هو جوابٌ للقسم.
قلت: وهذا أيضًا من الآيات المكملة لمضمون ما قبلها
.




 توقيع : مرافئ الذكريات

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع ¬ آلمنتدى ✿ مشاركات ¬ آخر مشآرگة ✿
معجزة ترتيب سور القرآن الكريم سمو الملكة عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ 25 28-05-2025 05:19 AM
مطابقة الحقائق العلمية للآيات القرانية غرآم الروح اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 24 28-12-2024 07:47 AM
ما هو عدد سور وآيات وكلمات وحروف القرآن الكريم روح أنثى اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 41 06-12-2024 03:37 PM
المنهج الرباني القويم في التعامل مع القرآن الكريم غرآم الروح اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 20 09-10-2024 06:06 PM
الإعجاز الرقمي في سورة يس همس الروح اسلَامِي هُو سِرُّ حَيَّاتِي✿ 22 04-07-2024 01:48 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 12:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.