الأدارة ..♥ |
سولاف الخواطر والقصيد وغيم حرف ممنوع المنقول با اقلامكم فقط✿ للخَواطِر مسرحاً مكشوف ترَقص فيه النُجوم أي نص سبق له النشر خارج مملكة عبق بقلم العضو ﹂ ✿ |
#1
|
||||||||||||||||||||||
ومـــات !
الإهداء: ومات ! إليه حين مات ، وإليها حين متُّ أنا ... وإلينا معاً حين ضاقَ بنا رحِم الحياة من أن يجمعنا ! 1 احتضرَ على يديَّ، وأنصتت أنامل روحي لآخر خشخشات الدم في أوردته. احتفلنا معاً على طريقة الأموات قبل أن نجيء إليه بدفاترنا الخضراء فدقّت النواقيس إعلان لموته. توقّفَ كل شيء هناك في ساعته وتاريخه، وراح كلٌ منّا يبيع لحاويات الحياة قليلاً من الإفرازات التي لا تلدُ عادةً إلا عندما يزداد الأنين خارج الوطن، ويتحوّل كاهل الحزن إلى شيخ عِمامته أهدابنا. رمقته قبل أن أواسيه، وواساني الأطباء فيه بعدَ سبعة أيامٍ من غياب الوطن، فبهتت تلك الرمقات التي قلت أحتفظُ بها متى فاتني الاحتفاظ به. مات وخفّف عنيّ بموته جهد انتظار آمال كبرى لعودته معي. مات لأحمله جسداً هادئاً لا حاجة له في الحِراك الوطنيّ الصحراوي الجاف، ولا مناخات التزاحم الحارقة، ولا تذبذبات سوق سهامِ الدنيا. كل شيء تركه وفرّ هارباً إلى حيثُ الظلام، إلى حيثُ جوع النبضات، إلى حيثُ الاحتياج الكبير لإجابات على تساؤلاتٍ لن يتكرر اختبارها إذا ما التقمته مطارق العذاب. مات وترِكَته الوحيدة الهموم والأحزان التي غرسها خنجراً في صدري ومضى. مات على أرضٍ خلاف أرضه، وعادَ بلا أمتعة، ولا خوذة نجاة .. تلك الخوذة التي تساءل عنها قبل وقوعه الكبير من فوق سقفِ كفايته المميت. عادَ وحيدًا بالخلف بعد أن كان بالأمام في حالة إخلاءٍ طبي مُحكمة. عادَ في تابوته الذي اختارهُ له الوطن كآخر هِباته، وآخر حظوظه من كنوزه الوافرة. عادَ متاعاً بعد أن كان هو صاحب المتاع، وأما أنا فعدتُ أواجهُ ثقباً جديداً عليَّ أن أمارس مجاوزته بمفردي؛ فلا أحد يملك القدرة على الدخولِ معي إلى نزعِ أنبوب التفاؤلات من صدره التي مارسها حتى آخرِ طرقةٍ من طرَقاتِ قلبه على أبواب الحياة. ها أنذا اليوم أعود إليك أيها الوطن قبل أن أغادرك مرة أخرى، أعود لأحفر قبراً يليق بجلال وعظمة هذا الكائن البشري الذي خاطته الأوجاع وانسدادات الرئة المفاجئة، وكدمات السقوط الأخير، ولا شيء يشبه الموت غيره. كان أقرب ما يكون للقبر منه. كان يغادر من بين يديّ دون أن يعطيني إنذاراته الأخيرة ونصائحه الحاسمة. فرحماك يا إلهي بي فأنا عبدٌ تجففتْ منابت دموعه من أصول أرضه الغارقة بالوجع. 2 العائدون بالتوابيت كثيرًا ما يكتبون رسائلهم ثم يبقونها بحوزتهم خوفاً على الذين اختاروهم من الحياة شركاء الجسد، والسرير، والرباط المقدّس، خوفاً عليهم من الحزن، وانتقاص حالات الهدوء والأمان بداخلهم، فالذي اختار روحاً للزفاف المقدّس عليه أن يخلق لها مواسم مختلفة من الأفراح. عليه خلق كل السعادات، كل الأمنيات كما تمنياها معاً بإيمانهما التام، ويقينهما المولود من رحم الاستخارة. عشقناهم يارب، وحملناهم بأرواحنا، وفصلتنا عنهم الأقدار.. ولأن الأقدار هي من تدخل: لم نطالبهم حال غيابهم غير تساؤلٍ، أو محاولاتٍ لا تدفع بهم إلى الموت بمقدار ما تدفع بنا إلى الحياة. ولكن سؤالهم تأخر كثيرًا .. لتتأكد لدينا آيات قراراتهم وأنهم لم/ ولن يكونوا يومًا لنا، لا ولم يكونون جنتنا الدنيا التي أردناها واخترناها لنسكن إليها أكثر من حياة. عشقناهم يارب، ووحدك تعلم كيف حملناهم في داخلنا، وما الذي أعطيناهم منّا، وما الرباطُ المقدّس الذي اقتسمناهُ واخترناه معاً، وعشنا عمرنا نروح ونجيء بحثاً له عن أمانٍ في صدورنا، وولهنا، وجنون مشاعرنا بكلينا. عشنا حالمين بأن نرتزق من شهوتنا طفلاً يقلّصُ عنّا أتعاب الحياة يوم نشيخ. وما زلتُ أستعدُّ للحياة على يدي التي لم تهدأ من حفر القبور، وربما لن تتجاوز الحياة قبل أن تلفظ روحها بإحدى هذه الحفر البرزخية. فياربِ أبلغها أنني لم أحلمْ بغيرها، ولم أعشق كثيراً من النفوس مثل ما احتوتني نفسها. اللهم إني حملتها معي انتظاراً سألتك إياه كثيراً ولكنها لم تأتِ. وبعدَ هذا الصمت الصوتي، وموت مخارج الحروف بيننا آمنت بقرارها واحتملتُ كل شيء! وما زالت تمارس دور الموتى رغم الحياةْ. اللهم آتني بها كما أتيت بكواكب يوسف ساجدين. 3 لقاء كل الذي مضى شعرتُ بالموت كما مات. متّ وبذّرت بقايا أماني واستقراري لهذا الانتظار ولم يجيء. متّ يا إلهي بذنبٍ هو الاختيار، وقاتلني (اختلاف النسب)! متّ وأنا على قيد الحياة، ولا شيء يشبه الحب . وحدك يا إلهي من علم مقدار عشقي لها، مقدار ما أحببتها، وحجم تمنياتي لها.. وعلمك بهذا أراحني؛ لأنك العادل والحاكم. اللهم اخبرها أنني عشقتها كثيراً، وتمنيتها المحراب الذي أمارسُ فيه كل طقوس صلاحي، وتقاتي. وحدها لم تكن أحد أسراري أبدًا.. كلهم يعرفون أننا لنا.. ومع هذا كله لم نفلح في الارتباط المقدّس أولاً، ثم لم ننجح في إبقاء العشق على أرضنا.. إلا أننا نجحنا في إبقاء روحينا معلقتين بك يداً إلى السماء، وأخرى إلى الصدور. فيا إلهي ارحمنا، واحفظ أرواحنا لنا؛ حتى نجيء كما خُلقنا بياضا وكما خلقَ كفنٌ عزيزٌ على صدري خارج حدود الأرض والسماء التي ولدنا بها. 4 برغم هذا الموت، ورغم هذا الانتظار ما زال حبها يقسو على صدري؛ فهي الحنطة التي دخلتُ المحراب ساجداً لأجلها وقلتُ: أحبك رغم هذا الموت فاجعلها يا إلهي من نصيبي. ومنذ تلك السجدة والإجابة لم تتحقق؛ فماتَ النصيب، وراحت تدوسنا أقدام الفيلة العاتية ومات كل شيء وما زلت على قيد الحب... 2014-11-19 م نيودلهي - الهند جابر محمد مدخلي اللهم ارحم قلبي
آخر تعديل جابر محمد مدخلي يوم 11-04-2020 في 11:03 AM.
الساعة الآن 03:44 AM
|