لقد جاء الإسلام بالعديد من الإصلاحات الاجتماعية والإنسانية، ونجح النبي محمد في إحداث مجموعة من التغييرات الإيجابية التي كانت آنذاك تغييرات جذرية. وقد شملت هذه التغييرات قضايا المرأة والنوع الاجتماعي. ويُجمع المؤرخون على أن حقوق المرأة شهدت نقلة نوعية في عهد النبي محمد. فإن العرب قبل الإسلام تعاملوا مع المرأة كما لو كانت ملكية خاصة للأزواج يمكن توارثها. فجاء الإسلام ليبطل هذا الاعتقاد ويؤكد على أن الرجال والنساء بعضهم أولياء بعض . ومنح الإسلام للمرأة حقوقاً عدة من بينها الرفق والعدالة في المعاملة، وحق الملكية، وحق التعليم، وحق الميراث، والحق في الطلاق، وحضانة الأبناء، وحق العمل. وقد مارست المرأة العديد من الأدوار، فقد وجدنا من بين زوجات النبي، وبناته، وبين نساء المسلمين في عهده ومن بعده من تسهم في نواحٍ متعددة وأدوار عديدة في المجتمع: سواء في دور الأم أو الفقيهة أو سيدة الأعمال أو المحامية أو من تعمل في دباغة الجلود، وكذلك وجدنا من تلعب دوراً سياسياً أو تمنح حق اللجوء السياسي، ومن تشرف على السوق، وغيرها من الأدوار.
وإذا نظرنا إلى الإسلام ممثلاً في كلام النبي وأفعاله، نجد التأكيد على حماية حقوق المرأة، وتمكينها والحرص على تقدمها وتحقيق العدالة لها. لقد كان النبي "شخصية مناصرة لحقوق المرأة" . لكن للأسف إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم في العديد من أنحاء العالم، بما في ذلك العالم الإسلامي، نجد المرأة تعاني من الظلم والتمييز الممنهج والعنف الموجّه وحرمانها من حقوقها الأساسية. ويُستخدم الإسلام في العديد من المجتمعات الإسلامية كمبرر وذريعة لدعم أشياء هي في حقيقة الأمر مناقضة تماماً لرسالة الإسلام الحقيقية. فقد حظر الإسلام على سبيل المثال وأد الإناث منذ ما يزيد على ألف عام، ورغم ذلك لا يزال يمارس في العديد من المجتمعات الإسلامية. ولا تزال المرأة في العديد من الأماكن محرومة من حقها في التعليم رغم التأكيد النبوي على أهمية طلب العلم كما جاء في الحديث الشريف "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ".
للأسف يبدو أن روح الإصلاح التي بثها النبي محمد قد توقفت الآن، بل انتكست في العديد من الأحوال، وإلا فلمَ تغفل العديد من المجتمعات المسلمة في أيامنا هذه تعاليم النبي التي تحث على صيانة حقوق المرأة ومعاملتها بالعدل والإحسان؟ ألم يأن الأوان لنا جميعاً أن نحيي هذه السنة؟ كيف نجعل الإسلام والمجتمعات المسلمة تسهم في تحسين وضع المرأة والتخفيف من معاناتها؟ ما الذي يمكننا فعله أسوة بالنبي محمد لتحسين أحوال المرأة؟