ننتظر تسجيلك هـنـا

الأدارة ..♥ مَملكتنا مَملكة الياسمين، يلتهبُ الشجنُ ويَثْمِلُ الحرفُ بالآهات ، حروفُنا الخالدةُ كفيلةٌ بأنْ تأخُذَكم إلى عَالمِ السَحَر ، تَحْدِي بِكُم وتَمِيلُ فهي مميزةٌ بإدخالِ الحبِّ إلى القلوب ،ولكي لا تتَعرَضَ عُضويَّتكَ للايقافِ والتشهيِّر وَالحظر فِي ممْلكتِّنا .. يُمنع منْعاً باتاً تبادل اي وسَائل للتواصل تحْتَ اي مسَّمئ او الدَّعوه لمواقعِ اخْرى ، ولكم أطيب المنى ونتمنى لكم وقت ممتع معنا

❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆  



الملاحظات

عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ يختص بالدفاع عن حبيبنا رسول الله وسيرته العطرةوالخلفاء الراشدين وكذلك الصحابيات رضوان الله عليهم وارضاه ﹂ ✿

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 16-11-2020, 02:12 PM
حسن الوائلي غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 68
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » 15-07-2025 (07:02 PM)
آبدآعاتي » 2,693,366[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » القراءة وكتابة الخواطر
موطني » دولتي الحبيبه Iraq
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
عناق المفاجآت » سجل الهدايا رحيق المفاجات
 
مزاجي:
 
حاجة البشرية إلى الوحي



لحظة مهيبة أعتقد أنها الأهم في تاريخ الأرض بكاملها، وكانت تتكرَّرُ كلَّ عدَّة سنوات، غير أنها في هذه المرَّة كانت قد انقطعت عن الأرض أكثر من ستمائة عام، وأعني بها لحظة التقاء الوحي بالبشر؛ إنَّ هذه اللحظات لمهيبة بشكل عامٍّ؛ لكن أعتقد أنَّ أكثرها مهابة كانت المرَّة التي التقى فيها وحي السماء عن طريق جبريل عليه السلام مع رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

لحظات مهيبة
ولعلَّ هذه المهابة الخاصة تعود إلى أمرين؛ أما الأمر الأول فهو حالة الضياع الشديدة التي كانت تعاني منها الأرض بكاملها، وأما الأمر الثاني فهو عموم هذه الرسالة الجديدة، فرسالة رسولنا صلى الله عليه وسلم لا تتقيَّد بزمان أو مكان، وهي باقية إلى يوم القيامة، وهي العامة لكلِّ البشر في شتى قارات الدنيا، وبكل عرقيات الناس؛ ولذلك فهذه اللحظة تهمُّ كل إنسان يعيش على الأرض في زمانه صلى الله عليه وسلم، وكذلك تهمُّ كل إنسان سيعيش على هذه الأرض إلى يوم القيامة؛ ولذلك ينبغي أن نقف طويلاً أمام هذه اللحظة، ونتدبَّر فيها.

ما الوحي ببساطة؟
الوحي هو "رسالة" من الله خالق هذا الكون إلى البشر، هذه الرسالة فيها أوامر ونواهٍ.. فيها بشرى وإنذار.. فيها إخبار بما كان، وما هو كائن، وما سوف يكون في الدنيا إلى يوم يبعث الله عز وجل الخلائق أجمعين.. فيها تعريف بمستقبل الدنيا إلى آخر لحظاتها..

الوحي هو هداية الناس بشكل عامٍّ في حياتهم بكاملها؛ فالناس في حيرة، وفي ضلال، فيأتي الوحي ليأخذ بأيديهم إلى الطريق المستقيم، وإلى النور المبين؛ يقول ربنا تعالى في كتابه الكريم: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16]. ويقول تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].

الوحي نعمة من الله للإنسان
ينبغي أن ننظر إلى الوحي بهذه الرؤية، وينبغي أن ننظر بهذه الرؤية -أيضًا- إلى حياته صلى الله عليه وسلم، فلم تكن هذه الحياة إلا وسيلة من وسائل توصيل ما أراده الله عز وجل من عباده؛ لذلك اختزل سبحانه تعريفه صلى الله عليه وسلم في هذه الكلمة: "رسول". فقال تعالى واصفًا رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} [آل عمران: 144]، هكذا.

ولهذا فالإنسان الذي يجتهد لكي يجد الحجة لنفسه وللناس كي يتحرَّرُوا من توجيهات الوحي هو في الحقيقة إنسان أحمق؛ لأنه لا يضرُّ إلا نفسه في المقام الأول، ثم يضرُّ أهله وقومه بعد ذلك، وهو إنسان رافض للمنَّة التي مَنَّ الله عز وجل بها عليه؛ قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]. فواقع الأمر أن الوحي مِنَّة من الله عز وجل لإنسان عاش –كما وصف القرآن الكريم– في ضلال مبين، فجاء الوحي وأرشد هذا الإنسان إلى ما فيه صلاحه في الدنيا والآخرة.

ومن هنا فإنَّ مَنْ يُفَرِّط في هذه النعمة هو في الحقيقة إنسان فاقد لعقله؛ فقد كان من المفترض أن يهديه هذا العقل إلى ما ينفعه، وكان من المفترض أن يُدرك به الحقائق، ويقرأ الأحداث، فإذا بهذا العقل يدفعه إلى هلكته؛ فصار بذلك أقلَّ من الحيوانات؛ لأن عقول الحيوانات -وإن كانت بسيطة بالمقارنة بالإنسان- لا تدفع الحيوان أبدًا إلى هلكته، إلا دون قصد أو إدراك؛ لذلك قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].

فهؤلاء الغافلون الذين لم يستخدموا قلوبهم ولا أعينهم ولا آذانهم في مهمَّتها الرئيسية؛ وهي مهمَّة التدبُّر في الوحي، وفَهْم ما أراده الله عز وجل من الإنسان، وإدراك أننا إليه سبحانه راجعون، وإدراك أننا سنقف بين يديه فنُسأل عن كل صغيرة وكبيرة، وفَهْم أننا في هذه الدنيا تائهون، وليس لنا دليل إلا الشريعة، أولئك الذين لم يفهموا كل هذه الأمور هم في الحقيقة كالأنعام؛ ثم يقول ربنا عز وجل: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179]؛ لأن الأنعام تؤدي وظيفتها بحسب عقولها وإمكانياتها، ولكن الإنسان أعطاه الله عز وجل عقلاً أعظم، وكرَّمه وعظَّمه وقدَّمه، ومع ذلك يتصرَّف كالحيوانات، أو أقل منها.. هذه هي الطائفة التي لا تهتمُّ بالوحي، ولا تصرف من وقتها شيئًا لتدرسه وتعرف ماذا أراد الله عز وجل منها، ولا لتعرف طريق الهداية في هذه الصحراء القاحلة التي يعيش فيها الإنسان.

الوحي إذن ليس تكاليف مرهقة يطلبها الله عز وجل من الإنسان؛ إنما هو في الحقيقة نصائح له ترشده إلى طريق السعادة، والإنسان في النهاية حرٌّ في اختياره، يقول تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]. ويقول: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]. هذه هي حقيقة الوحي.

الوحي تكريم للإنسان
وواقع الأمر أننا ينبغي أن ننظر إلى الوحي كذلك على أنه أعظم لحظات تكريم الله عز وجل للإنسان، فالله عز وجل قد كرمنا بوسائل شتى لا حصر لها؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: 70]. وقال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34].

لكن تبقى النعمة الأجلُّ، التي رفعت قدرنا وسط الخلائق، هي نعمة الوحي، أو نعمة الهداية؛ لذلك ذكر الله عز وجل في سورة النحل مئات النعم، التي أنعم بها على الإنسان من نعم الرزق، والمطر، والنباتات، والحيوانات، والأزواج، والظلِّ، وغيرها من أنواع النعم المختلفة، ويمكن أن تُراجع السورة؛ وهي سورة طويلة نسبيًّا، ومع ذلك فإن الله عز وجل قدَّم لكل هذه النعم بأجلِّها مطلقًا، وأعظمها قاطبة؛ وهي نعمة "الوحي".

ولنراجع بدايات سورة النحل؛ لكي نُدرك مدى قيمته عند الله عز وجل.. قال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 1-6].

لقد ذكر الله عز وجل في هذه المجموعة من الآيات عدَّة نِعَم، وستستمر الآيات بعد ذلك في سرد نِعَم أخرى كثيرة؛ لكنَّه بدأ بالنعمة العظمى وهي نعمة نزول الوحي؛ فقال: {يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}. هذا هو الوحي الذي جاء من السماء يُعرِّف الناس بربِّهم عز وجل، ويُعرِّف الناس في الوقت ذاته بواجبهم ناحية هذا الإله العظيم، الذي خلقهم، ومَنَّ عليهم بكل هذه المنن الكبرى، فكانت لحظة الوحي بذلك لحظة تكريم كبيرة للإنسان، وفيها من التعظيم ما فيها.

ولكي تعرف قيمة الوحي لا بُدَّ أن تنظر إلى حجم الإنسان بالنسبة إلى الكون، فالإنسان -في الحقيقة- ما هو إلا مخلوق صغير يعيش على الكرة الأرضية؛ والأرض بذاتها كرة صغيرة للغاية مُعلَّقة في الفضاء في المجموعة الشمسية، التي بدورها مجموعة صغيرة كذلك تدور في مجرَّة درب اللبانة، التي بدورها كذلك مجرَّة صغيرة مُعلَّقة بين مجرات هائلة في الكون! إن الإنسان حقيقةً لا يُمثِّل شيئًا في هذا الخلق العظيم، قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [غافر: 57].

ومع ذلك قَدَّر الله عز وجل أمر هذا الإنسان، وأرسل إليه الملائكة بالوحي والإرشاد والهداية؛ بل أكثر من ذلك أسجد له الملائكة العظام تكريمًا له، وتعظيمًا لخلقه، ومِنَّة منه سبحانه عليه، ويكفي أن تنظر إلى حديث من الأحاديث التي تصف هذه الملائكة العظيمة، التي أسجدها الله عز وجل لأبينا آدم عليه السلام؛ حتى تُدرك قيمتك أيها الإنسان في هذا الكون؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ" [1].

والواقع أنني أقف مشدوهًا أمام هذا الحديث؛ لرؤية هذه العظمة التي عليها هذا الملك، وهذه المساحات الضخمة التي يشغلها في الكون، التي قد تزيد على حجم مجموعاتنا الشمسية عشرات المرَّات، وهذا ملك واحد؛ بينما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ أَطَّتِ [2] السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا للهِ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ [3] تَجْأَرُونَ [4] إِلَى اللهِ" [5].

في هذا الحديث اطَّلعنا على كمِّ الملائكة التي تشغل هذا الكون، وينبغي بعد أن رأينا عظمة هذا العدد، وعظمة هذا التكوين، أن ننظر إلى قيمة الإنسان ومكانته من الله عز وجل؛ وذلك عندما أسجد ملائكته الكرام لهذا الخلق الجديد، وهذا -والله!- تكريم ما بعده تكريم؛ لكن يجب لنا أن نُدرك أن هذا التكريم مشروط بتقدير الإنسان للوحي ولعظمته؛ لأن إبليس الذي أبى أن يسجد لهذا الإنسان، وتكبَّر على أمر واحد من أوامر الله عز وجل، طرده الله عز وجل من رحمته إلى يوم الدين، وحُقَّ له العذاب الدائم في جهنم، وكذلك الإنسان الذي يأبى أن يسمع كلام الله عز وجل، ويرفض أن يتَّبع شريعته، ويُشرك به شيئًا، هذا الإنسان يكون مصيره كمصير إبليس، وتكون العاقبة هي جهنم، وبئس المصير.

اتباع الوحي نجاة
إنَّ البشرية -في الواقع- تعيش حياة الضنك والهمِّ والغمِّ، ونجاتها لن تكون إلا في الوحي واتِّباعه؛ يقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 123-126].

هذه الآيات تُلَخِّص لنا بوضوح قصة الوحي في الأرض، وجزاء مَنْ يتبعه، وفي الوقت نفسه توضح عاقبة مَنْ يُعرض عنه، فالذي يتَّبع الوحي يعيش في الهدى والنور في الدنيا والآخرة، والذي يُعرض عنه يعيش حياة الضنك في الدنيا، ويُحشر يوم القيامة أعمى؛ ذلك أنه نسي هذه اللحظة المجيدة، التي سعد بها الإنسان؛ وهي لحظة نزول الوحي إلى الأرض.

ولعلَّنا نلاحظ كلمة الضلال مع مَنْ يرفض الوحي، فهو في الواقع "ضلَّ" الطريق؛ فهو تائه حيران، والوحي يأخذ بيده إلى الطريق المستقيم؛ لذلك في سورة الفاتحة -التي نقرؤها في كل ركعة من صلواتنا- ندعو ونقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6-7]. فنحن في بداية الدعاء نسأل الله عز وجل أن يهدينا إلى الطريق المستقيم، وفي آخره نعوذ به أن نكون من الضالين.

ووصف ربنا عز وجل في سورة الأنعام هذه الحيرةَ التي يُعاني منها أولئك الذين ابتعدوا عن الوحي؛ فقال: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} [الأنعام: 71].

فهذه الحيرةُ وهذا الضلال لا مخرج منه إلا باتباع الوحي.

[1] أبو داود: كتاب السنة، باب في الجهمية والمعتزلة، (4727)، والطبراني: المعجم الأوسط 4/356، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 1/80، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (151).
[2] أطت: صاحت وأنَّتْ وصوَّتت من ثِقَل ما عليها من ازدحام الملائكة وكثرة الساجدين فيها منهم، والأطيط: وهو صوت الرحل والإبل من حمل أثقالها.
[3] الصعدات: جمع الصعيد وهو الطريق.
[4] تجأرون؛ أي: ترفعون أصواتكم وتستغيثون.
[5] الترمذي: كتاب الزهد، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً". (2312)، وقال: حديث حسن. وابن ماجه (4190)، وأحمد (21555)، وقال شعيب الأرناءوط: حسن لغيره. والحاكم (8726)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (1722).




 توقيع : حسن الوائلي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع ¬ آلمنتدى ✿ مشاركات ¬ آخر مشآرگة ✿
إرشاد ذوي الإعاقة البصرية فريال سليمي عبق ذوي الإحتياجات الخاصة✿ 23 08-06-2025 03:14 PM
الإعاقة البصرية سما الموج عبق ذوي الإحتياجات الخاصة✿ 52 09-05-2025 05:07 AM
روايات نزول الوحي على رسول الله حسن الوائلي عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ 33 14-11-2024 11:50 AM
تخصص الموارد البشرية مـخـمـلـيـة عبق التربية والتعليم ✿ 34 23-07-2024 03:40 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 04:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.