العظام
(وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً﴾
[سورة البقرة: 259]
إن من آيات الله الدالة على عظمته هذا الهيكل العظمي الذي هو قوام جسمنا، إنه نسيج متين، يقاوم قوى الشد، ونسيج قاس يقاوم قوى الضغط، متين وقاس، هذا النسيج المتين القاسي أحد وظائفه الكبرى أن يحمي الأجهزة النبيلة، فالدماغ من أنبل هذه الأجهزة، موضوع في كرة عظمية هي الجمجمة، والنخاع الشوكي أيضاً حبل نبيل جداً، موضوع في العمود الفقري، والقلب أخطر هذه الأجهزة، موضوع في القفص الصدري، والرحم موضوع في عظم الحوض، ومعامل كريات الدم الحمراء موضوعة في داخل العظام، ولولا الجهاز العظمي لكان الإنسان كومة من الجلد واللحم لا شكل لها، هذا الجهاز مؤلف من مئتي قطعة، بنيتها قاسية، ومحكمة من الخارج، ومسامية، إسفنجية من الداخل، لو أن بنيتها من الداخل كانت كبنيتها في الخارج لكان وزن أحدنا أربعة أمثال وزنه الطبيعي، لو أن وزن الإنسان سبعين كيلو غراماً يصبح مئتين وأربعين كيلو غرامًا، إذا كانت العظام بنيتها من الداخل كبنيتها من الخارج، من الخارج متينة ثقيلة من الداخل إسفنجية.
يقول العلماء: في بنية العظم يتحقق حد أقصى من النتائج بحد أدنى من اللوازم، فهناك توازن رائع بين البنية المقاومة والوزن الخفيف، الطائرة التي نركبها تزن مئة وخمسين طناً، ووقودها يزن مئة وخمسين طناً، يكفيها أربع عشرة ساعة للطيران، لو أنها صنعت من ثلاثمئة طن من الحديد لاحتاجت إلى ثلاثمئة طن من الوقود، لو كان وزننا أربعة أمثال ما نحن عليه فهناك مشكلات جمالية، وهناك هدر للطاقة بلا مسوغ، أغرب ما في هذا الجهاز أن هناك هدماً وبناءً مستمرين، حقيقة مذهلة، حيث إن الإنسان يتجدد هيكله العظمي خمس مرات في عمر متوسط، كل ست أو سبع سنوات لك هيكل عظمي جديد كلياً، بفعل عملية الهدم والبناء، إن الهدم والبناء مستمر، إذاً يعين على التئام الكسور، وظيفة البناء الأولى أنه يعين على التئام الكسور، فإذا كسر عظم الإنسان، وليس هناك هدم ولا بناء أصبح هذا العظم مكسوراً حتى الموت، وهذه من نعم الله الكبرى، والهدم والبناء المستمر يجعل العظم مخزناً للكلس، بمعنى أن الجنين قد يحتاج إلى مادة الكلس يأخذها من عظم أمه، لأن عظم أمه فضلاً عن أنه هيكل وظيفته أن يكون قوام الإنسان معتمداً على هذا الهيكل فهو مخزن للكلس.