الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ يختص بالدفاع عن حبيبنا رسول الله وسيرته العطرةوالخلفاء الراشدين وكذلك الصحابيات رضوان الله عليهم وارضاه ﹂ ✿ |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الدعوة السرية بين الماضي والحاضر
إننا بفهم السيرة النبوية يمكن أن نُطَبِّق بعض المواقف النبوية التي حدثت في الفترة المتقدِّمة من حياة الدعوة في حياتنا الآن، إذا تشابهت ظروف مرحلتنا الحياتية مع ظروف المرحلة النبوية الأولى في مكة، وليس كما يظن بعضهم أنه ما دام الدين قد تمَّ واكتمل، فإنه لا يجوز لنا إلا أن نفعل مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في أخريات حياته عند تمام الدين. ولنضرب مثالاً يُوَضِّح هذه المعنى الدقيق.
المسلمون في الاتحاد السوفيتي وفقه المرحلة عاش المسلمون في الاتحاد السوفيتي -قبل سقوطه- في مرحلة تُشبه هذه المرحلة المبكِّرة في مكة إلى حدٍّ كبير، فالإلحاد في كل مكان، وحمل المصحف أو الاحتفاظ به في البيت جريمة يُعاقب عليها القانون، ومَنِ اكْتُشف أنه يُصَلِّي أو يصوم يُعاقَب ويُعذَّب، وقد يُقْتَل، فكان لا بُدَّ من السرِّيَّة التامَّة في الإسلام، ولو لم يفعلوا ذلك لاختفى الدين من هذه البلاد؛ ولكنهم كانوا يتعلَّمون في ديار كدار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه، وكانوا يحفظون القرآن في سراديب، وفي خنادق، وفي كهوف الجبال. ولله الحمد فقد بَقِيَ الدين، وبَقِيَ المسلمون، ورُفِعَت الغمَّة عن الكثيرين بسقوط الاتحاد السوفيتي، وكان السبب في حفظ الإسلام هو فقه المرحلة، والمطابقة مع أحداث السيرة النبوية. نعم نعلم أن الله هو الحافظ، وهو المعين، وأن كل شيء يجري بقَدَر؛ لكن لا بُدَّ من أخذٍ بالأسباب، والأسباب الصحيحة هي التي أخذ بها النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة نفسها التي عاشها المسلمون؛ ولو أعلن كل مسلم في الاتحاد السوفيتي إسلامه، وجَهَر به، وفتح صدره لنيران الشيوعية، لاختفى ذكر الإسلام من بقاع كثيرة؛ ولكن فِقْه المرحلة كان مهمًّا جدًّا، ووجود المثال النبوي الحكيم في إخفاء إسلامه في أول أمر الرسالة كان مُعَلِّمًا لهم، ومؤيِّدًا لمنهجهم. وستختلف الظروف بعد ذلك في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتبعيَّة سيختلف منهجه في إيصال دعوته إلى الناس، وفي تربيته للمؤمنين، فسيأتي زمان يُعلن فيه البعض إسلامهم ويكتم المعظم، كما سيحدث بعد السنوات الثلاثة الأولى من الدعوة، وسيأتي زمان يُعلن فيه المعظم ويكتم البعض، كما سيحدث بعد إسلام عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما، وسيأتي زمان يُعلن فيه الجميع وتكون التربية علنًا؛ وذلك بعد الهجرة إلى المدينة، وسيأتي زمان سيدعو فيه الرسول صلى الله عليه وسلم زعماء العالم جميعًا إلى الإسلام؛ وذلك بعد صلح الحديبية. ضرورة فقه السيرة النبوية هذا الكلام في غاية الأهمية؛ وذلك حتى لا يُستشهد بفعل من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تباين الظرف عن الظرف الذي نعيشه، وإلا فلماذا كان هذا التنوُّع في سيرته؟ إن هذا التنوع وُجِدَ ليتعلم المسلمون الحكمة، وأعني بالحكمة القدرة على تقليد النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله عند تشابه الظروف؛ فالرسول هو الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يتغيَّر، والإسلام هو الإسلام، لم يتغير أيضًا؛ ولكن اختلاف الظروف يستلزم تغييرًا في طريقة إيصال الدعوة للناس، ويستلزم فقهًا للمرحلة. إذن نخرج بقاعدة مهمَّة من موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بدء الدعوة، وهي أن الدعاة مطالبون بالحفاظ على أنفسهم وعلى جماعتهم، لا لخوفهم من الموت؛ فالموت في سبيل الله في حدِّ ذاته غاية ومطلب وهدف؛ ولكن حفاظًا على الدين، وعلى استمرار المسيرة. هل يجوز فرار الجيش المسلم من مثليه؟ ونفهم من هذا الكلام الحكم الفقهي المشهور، وهو جواز فرار الجيش المسلم من مثليه، ويُوجَد في كتب الفقه باب "جواز الفرار من المثلين"، كما يقول الحقُّ تبارك وتعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66]. فلو كان عدد الأعداء أكثر من الضعف صار الفرار جائزًا، لو رأى القائد أن هذا أفضل، كما قال بذلك الفقهاء؛ لأن احتمال الهلكة كبير، إلا إذا غلب على ظنِّ القائد أنهم سينتصرون بالعدد القليل فيجوز عند ذلك القتال [1]؛ بل إن الإمام مالك [2] رحمه الله قال: الضِّعْف إِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقُوَّةِ لاَ فِي الْعَدَدِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفِرَّ الْوَاحِدُ عَنْ وَاحِدِ إِذَا كَانَ أَعْتَقَ جَوَادًا مِنْهُ وَأَجْوَدَ سِلاَحًا وَأَشَدَّ قُوَّةً [3]. ويوضِّح العز بن عبد السلام [4] رحمه الله هذا الأمر بصورة أكبر فيقول: "التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ مَفْسَدَةٌ كَبِيرَةٌ، لَكِنَّهُ وَاجِبٌ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةٍ فِي الْكُفَّارِ، لأَنَّ التَّغْرِيرَ بِالنُّفُوسِ إنَّمَا جَازَ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ إعْزَازِ الدِّينِ بِالنِّكَايَةِ فِي الْمُشْرِكِينَ، فَإِذَا لَمْ تَحْصُلِ النِّكَايَةُ وَجَبَ الانْهِزَامُ لِمَا فِي الثُّبُوتِ مِنْ فَوَاتِ النُّفُوسِ مَعَ شِفَاءِ صُدُورِ الْكُفَّارِ وَإِرْغَامِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ" [5]. إنه يعني أن الإقدام غير المحسوب سيُؤَدِّي إلى موت المؤمن دون إحداث أثر في الكافرين؛ بل قد يزيد الكفر! بل إنه يقول: "وَقَدْ صَارَ الثُّبُوتُ هَهُنَا مَفْسَدَةً مَحْضَةً لَيْسَ فِي طَيِّهَا مَصْلَحَة" [6]. وقياسًا على ما قاله العز بن عبد السلام من تأثُّم المسلم إذا ثبت عند لزوم الانسحاب؛ فإنه يأثم كذلك إذا أظهر نفسه عند لزوم الاختفاء؛ لأن الغاية في النهاية هي الحفاظ على جماعة المسلمين، وعلى دعوة الإسلام. هذه الأحكام الشرعية الدقيقة نتجت من وعينا وإدراكنا لسلوك الرسول صلى الله عليه وسلم في مراحل حياته المختلفة، وأسلوبه في التعامل مع كل ظرف، ومع ذلك فينبغي أن نلاحظ هنا ثلاث ملاحظات مهمَّة: الملاحظة الأولى: هي أن الفارق بين الحكمة في الحفاظ على النفس، وبين الجُبْن شعرة! وقد يدَّعي الإنسان أنه يحافظ على نفسه؛ لأن المرحلة -في تعريفه- تتطلَّب ذلك، فلا يقول الحقَّ، ولا يجاهد، ولا يدعو إلى الله، ولا يقوم بعمل في سبيل الله؛ بينما الدافع الحقيقي من هذا الركون هو الخوف من مواجهة الباطل، فالفيصل بين الحكيم الذي يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم والجبان الذي لا يُريد حمل الدعوة هو الفهم الدقيق، والإحاطة الكاملة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فبعض مَنْ يُحيط علمًا بأحداث السيرة يمكن أن يختار موقفًا معينًا منها يدعم رأيه في قضية ما؛ بينما الواقع أن الموقف غير مشابه، والاستدلال غير صحيح، ومَرَدُّ ذلك أن درجة الورع عنده ضعيفة، وبالتالي فالشيطان يُلَبِّس عليه الأمور، ويدفعه إلى اختيار الدليل بالهوى، وليس بالعلم الصحيح، وعلاج ذلك يكون برفع درجة الورع والتقوى، وكذلك بالعودة إلى رأي الشورى والجماعة، فإنها يمكن أن تعصم الفرد من اتباع هواه، وتُوَفِّقه إلى حسن اختيار الموقف النبوي المشابه لحالته، وبالتالي يستضيء بنور السيرة في ظلمات الطرق، فعن ابن عمر ب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّتِي -أَوْ قَالَ: أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم - عَلَى ضَلاَلَةٍ، وَيَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ" [7]. الملاحظة الثانية: الذي يُراعى في قرار الظهور أو الاختفاء هو مصلحة الإسلام والمسلمين عمومًا، وليس مصلحة الفرد، بمعنى أن هلاك الفرد قد يكون محققًا؛ ولكن هذا في مصلحة المجموع، فهنا لا يُلتفت إلى الحفاظ عليه، إنما تكون الأولوية هي الحفاظ على الدين، أو الأمة، أو المصلحة بصفة عامة. وسيأتي بعد ذلك عند إعلان الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوة بعد انتهاء المرحلة السرِّيَّة مثل هذا الموقف؛ لأنه قد يقول قائل: إن هذا الإعلان سيعرض حياة الرسول صلى الله عليه وسلم -أو الصحابة المعلنين- للخطر؛ ولكن واقع الأمر أن مصلحة الدعوة في هذه المرحلة كانت تتطلب هذا الإعلان، وهي أعلى من مصلحة الأفراد، وقتل بعض هؤلاء الأفراد -أو إصابتهم- لن يستأصل الدعوة من جذورها، بعكس الموقف الذي نحن بصدده الآن، فإن هلاك الفئة المؤمنة في هذه المرحلة المبكرة من الدعوة يعني ضياع الإسلام، وانتهاء أمر الدين. الملاحظة الثالثة: قد يكون الهوى أحيانًا دافعًا إلى الهلكة، راغبًا فيها! وذلك عندما ييأس الإنسان -مثلاً- من طول ظلم الظالمين، أو كثرة غلبة الكافرين، فيسارع بقتالهم -أو إظهار نفسه- في مكان ووقت لا يسمحان بذلك، أو يكون حبُّ الاستشهاد في سبيل الله مانعًا العبد من النظر الشامل للأحداث، ومن التحليل الدقيق للنتائج، فالرغبة في الشهادة ليست مبررًا كافيًا لإزهاق النفس -للفرد أو الجماعة- دون حساب، وموقف سرِّيَّة الدعوة في مرحلة مكة الأولى يُفسِّر لنا هذا الأمر الدقيق. ضوابط اختيار المسلمين الأوائل إذن كان الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون في السنوات الثلاثة الأولى لا يتحدثون بالإسلام إلى الناس إلا سرًّا، فيختارون رجلاً أو امرأة من الناس يُسِرُّون إليه بأمر الدين، ومما لا شكَّ فيه أن هذا الاختيار كانت له ضوابط ومعايير، ولم يكن أمرًا عشوائيًّا، فهم قد ذهبوا مثلاً لدعوة عثمان بن عفان وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما، ولم يذهبوا في هذا التوقيت لدعوة الوليد بن المغيرة أو أبي جهل؛ ومن ثمَّ فالتدبر في هذه الضوابط يمكن أن يرسم لنا خريطة واضحة لبناء اللبنة الأولى في الجماعة المسلمة، وقد ثبت لنا حُسن اختيار المسلمين، فلم يصلوا بدعوتهم -في هذه المرحلة- إلى أحدٍ أساء التعامل معهم. بالنظر في حال السابقين الذين تم اختيارهم نجد ضابطين مهمين للاختيار كان يعتمد عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَنْ معه، والمخالفة لهذين الضابطين كانت قليلة جدًّا. كان الضابط الأول في الانتقاء هو عامل الأخلاق الحسنة؛ فاختيار الرجل أو المرأة للإسرار له بأمر الإسلام كان معتمدًا على توصيف أخلاقه وتقييمها؛ مثل: الصدق، والأمانة، والكرم، والشجاعة، والعدل، ومكارم الأخلاق بصفة عامة، ولقد أكَّد الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى تصريحًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تَجِدُونَ النَّاسَ معادِنَ [8]، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ، إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ [9] أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ [10] ذَا الوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ" [11]. فالرسول صلى الله عليه وسلم يُعلن هنا أن أفضل المسلمين هو الذي كان في جاهليته حسن الأخلاق، مع الأخذ في الاعتبار أن الدعاة المسلمين في هذه المرحلة كانوا يهتمون بدعوة من برزت فيه أخلاق الرحمة والرفق والألفة أكثر من دعوة من برزت فيه أخلاق القوة والشجاعة والبأس؛ وذلك لخطورة المرحلة؛ لأن هذا النوع الأخير لو رفض أمر الدعوة، فقد يكون حربًا شديدةً عليها، وهذا قد يُعَطِّل المسيرة، ولعلَّ هذا هو السبب في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجَّه بدعوته إلى الرفقاء؛ أمثال أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وأبي عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف.. وغيرهم صلى الله عليه وسلم، ولم يتوجَّه بها في هذه المرحلة إلى مَنْ غلبت القوَّة على صفته ومظهره؛ أمثال: عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وحمزة بن عبد المطلب.. وغيرهم ممن حسنت أخلاقهم؛ ولكن في اتجاه القوة، وليس في اتجاه الرفق. بهؤلاء بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك قطاع عريض من الناس غير ملتزمين بالإسلام كمنهج لحياتهم؛ لكن أخلاقهم طيبة ورفيقة، ولو حمل الدعاةُ الرسالةَ إليهم، وخاطبوهم في أمر الدين، لكانوا سندًا قويًّا له، ولساروا في الطريق الذي سار فيه قبلهم أبو بكر وعثمان وأوائل المسلمين. أما الضابط الثاني في الانتقاء، فكان عامل السن، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يتوجهون بدعوتهم غالبًا إلى الشباب حديثي السن.. نعم الدعوة عامة لكل الأعمار؛ لكن احتمالية إسلام الشباب، وقبولهم لحمل تبعات هذه الدين أعلى بكثير من احتمالية ذلك عند الشيوخ الكبار. إن الشباب لم يطل عليهم الأمد في تقاليد معينة، ولم يألفوا عبادة الأصنام في سنوات طويلة، ولم يقتنعوا بها، ولم يتمسكوا بالدفاع عنها، ولم تتلوث عقولهم بأفكار خاطئة، فهم ما زالوا قريبين من فطرتهم السليمة التي فطرهم الله عليها؛ ومن ثمَّ يستطيعون تقبُّل الإسلام بسهولة. والشباب يتميز بالحماسة والحمية العالية، ولا يعترفون بالصعب؛ بل لا يعترفون بالمستحيل، وحَمْل الإسلام أمر صعب وشاقٌّ، ويحتاج إلى عزيمة الشباب، ومَنْ لا تعوقه الصعاب. وليس معنى ذلك إبعاد الشيوخ عن الإسلام؛ فلا شكَّ أن الدعوة تحتاج إلى حكمتهم إلى جوار حمية الشباب؛ ولكن فرصة إيمان الشباب، وحركتهم للدعوة بعد الإيمان، وفرصة ثباتهم على الحقِّ، وتحديهم للصعاب والمشاكل، أكبر من فرصة الشيوخ؛ ومن ثمَّ كان هذا هو التوجُّه الغالب على حركة المسلمين في هذه الفترة الحساسة من عمر الدعوة. _____________________________ [1] ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يحرم الفرار، ويجب الثبات بشرطين: أحدهما: أن يكون الكفار لا يزيدون على ضعف المسلمين، فإن زادوا عليه جاز الفرار... الشرط الثاني لوجوب الثبات: أن لا يقصد بفراره التحيز إلى فئة ولا التحرف لقتال، فإن قصد أحد هذين فالفرار مباح له. الموسوعة الفقهية الكويتية 16/157، وما بعدها. [2] الإمام مالك: هو مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري (93-179هـ)، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه تنسب المالكية، ولد وتوفي في المدينة، كان رجلاً مهيبًا وصُلبًا في دينه، بعيدًا عن الأمراء والملوك، ومن أشهر مصنفاته: مسند الموطأ. انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 8/48، ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/135. [3] ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/150. [4] العز بن عبد السلام: هو عبد العزيز بن عبد السلام الدمشقي (577- 660هـ= 1181- 1262م)، ولقبه عز الدين، شيخ الإسلام والمسلمين وأحد الأئمة الأعلام، وهو المعروف بسلطان العلماء، فقيه شافعي بلغ رتبة الاجتهاد، ولد ونشأ في دمشق، وتولى القضاء في مصر، من كتبه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، والتفسير الكبير. انظر: السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 8/209. [5] العز بن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، 1/112. [6] العز بن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، 1/112. [7] الترمذي: كتاب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة (2167)، وأحمد (27267)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح لغيره. والحاكم (397)، وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع (1848). [8] معادن: المعادن الأصول، وإذا كانت الأصول شريفة، كانت الفروع كذلك غالبًا، والفضيلة في الإسلام بالتقوى لكن إذا انضم إليها شرف النسب ازدادت فضلاً. [9] وتجدون خير الناس في هذا الشأن: قال النووي: قال القاضي: يحتمل أن المراد به الإسلام، كما كان من عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، وغيرهم ممن كان يكره الإسلام كراهية شديدة، ثمَّ لما دخل فيه أخلص وأحبه وجاهد فيه حق جهاده. قال: ويحتمل أن المراد بالأمر هنا: الولايات. لأنه إذا أعطيها من غير مسألة أعين عليها. انظر: النووي: المنهاج 16/79. [10] وتجدون شر الناس: سببه ظاهر؛ لأنه نفاق محض وكذب وخداع وتحيُّل على اطلاعه على أسرار الطائفتين، وهو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها، ويظهر لها أنه منها في خير أو شر، وهي مداهنة محرَّمة. انظر: النووي: المنهاج 16/79. [11] البخاري: كتاب المناقب، باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى...} [الحجرات: 13]، (3304)، واللفظ له، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب خيار الناس، (2526).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 04:08 AM
|