الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
عبق حياة رسولناالكريم والخلفاء الراشدين و أمهات المؤمنين ✿ يختص بالدفاع عن حبيبنا رسول الله وسيرته العطرةوالخلفاء الراشدين وكذلك الصحابيات رضوان الله عليهم وارضاه ﹂ ✿ |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
قواعد دعوية في اختيار السابقين الأولين في الإسلام
خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام
إذن تزايد عدد المسلمين، وما زالت القاعدة الأصيلة التي تحكم الاختيار هي: "خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا". ولم تكن تحكمهم أي قاعدة من القواعد التي اخترعها الناس للتفرقة بين البشر كالعرق، والمال، والجنس، وغير ذلك؛ لأن هذه القواعد في الواقع قواعد ظالمة؛ لأن البشر لا يملكون شيئًا بحيالها، والله سبحانه يحبُّ العدل المطلق الذي لا ظلم فيه، ولا تكون المفاضلة بين الناس إلا بأمور يستطيعون تغييرها؛ ولذلك يقول الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. والتقوى شيء مكتسب، فالمرء يستطيع أن يتحوَّل من غير تقي إلى تقي، وكذلك الأخلاق الحسنة، فإنها كذلك أمر مكتسب، مع أن لها جذورًا فطرية، فقد يكون الإنسان مجبولاً على الصدق، أو على الكرم؛ لكنها في النهاية أمر مكتسب، فيستطيع المرء -إذا أراد- أن يتحوَّل من كاذب إلى صادق، أو من خائن إلى وفي، أو من جبان إلى شجاع، وهكذا.. كذلك الكفاءة، فالمرء يستطيع أن يكتسب مهارة أو حرفة ما، فيَفْضُل بها غيرَه، ومن الأمور الخطيرة في الإسلام أن يُوَسَّد الأمر لغير أهله، أي لمن تنقصه الكفاءة؛ لذلك ففي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الدعوة لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ينتقي الناس بقواعد ظالمة لا دخل للإنسان فيها، ولا يستطيع تغييرها إن أراد، إنما كان الاختيار فقط على ما ذكرناه من أمور يمكن فيها التفاضل والتمايز. المساواة بين الجميع ولهذا السبب رأينا تنوُّعًا عجيبًا في هذه المجموعة الأولى من مجموعات الإسلام، وقلَّ –أو لعله عُدِمَ- في هذا الزمان أن تجد تجمعًا يضمُّ مثل هذه الأطياف! فعلى سبيل المثال، لم يكن هناك فرق في هذه المجموعة بين الأحرار والعبيد، فالكل أولاد آدم عليه السلام، والكل سواسية؛ بل قد يسبق العبدُ الحرَّ في مجال الأخلاق والتقوى والكفاءة؛ ولذلك وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته إلى العبيد كما وجهها إلى السادة، وهذا شيء مستغرب جدًّا في البيئة المكية القديمة، وهو مستغرب إلى الآن، ونحن لا نستوعب في زماننا الآن أن يجلس الوزير إلى جوار الغفير في طعام أو لقاء أو سفر، ولا نستوعب أن يُقدَّم الغفير على الوزير إذا كان أعلم وأكفأ وأقدر على إدارة الأمور؛ لكن هذا ما حدث في هذه الأيام الأولى للإسلام، والواقع أنه لم يُعْطِ قانون ولا دستور للإنسان حقَّه مثلما فعل الإسلام. ولقد رأينا بين المسلمين أبا بكر الصديق وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وعثمان بن عفان وسعيد بن زيد وغيرهم، وهؤلاء جميعًا من أشراف مكة، ورأينا كذلك العبيد والموالي أمثال بلال بن رباح وعامر بن فهيرة وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود وغيرهم، وليس هذا إلا في دين الإسلام. كذلك لم يكن هناك فرق بين الغني والفقير؛ فالمال لا يصلح للمفاضلة بين الناس، والله عز وجل يرزق من يشاء بغير حساب، بينما يُضَيِّق على آخرين لحكمةٍ يعلمها سبحانه؛ قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30]، فالأوائل الذين أسلموا كان فيهم الأغنياء واسعو الثراء؛ كالصديق وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وكان منهم الفقراء شديدو الفقر؛ مثل: عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وسمية بنت خياط وخباب بن الأرت. هل كان الإسلام ثورة من الفقراء على الأغنياء؟ ولكن ينبغي هنا لفت النظر إلى معلومة مهمَّة تأتي على عكس ما يعتقده الكثيرون، فمعظم قرَّاء السيرة يعتقدون أن غالبية المسلمين الأوائل كانوا من الفقراء البسطاء؛ ولكن عندما رجعت إلى قائمة السبعين الأوائل التي ذكرتها آنفًا وجدت أنه بالتحليل الدقيق لكل شخصية منهم، فإن الفقراء كانوا اثنين وعشرين فقط؛ بينما كان الأغنياء ثمانية وأربعين! أي أن الفقراء كانوا ثلاثين بالمائة تقريبًا من مجموع المسلمين، يعني ما يقرب من الثلث فقط! إنها إذن لم تكن ثورة من الفقراء على الأغنياء، كما يصور بعض الاشتراكيين من المسلمين، ليأخذوا سندًا شرعيًّا لاشتراكيتهم؛ فالوضع كان على خلاف ذلك تمامًا، فالواقع أن الأغنياء سعوا إلى هذا الدين الرائع، مضحِّين بثرواتهم، ومُعرِّضين أنفسهم للفقر الشديد، وليس أبلغ من الأمثلة الإسلامية الرائعة كأبي بكر الصديق رضي الله عنه، الذي كان من أغنى الأغنياء، ثمَّ أصبح لا يمتلك شيئًا بعد إسلامه، ومصعب بن عمير رضي الله عنه الذي كان من أغنى شباب مكة فأصبح من أشدها فقرًا وضنكًا وحاجة.. إنها لم تكن ثورة على الأغنياء، ولم يكن هناك أدنى فرق بين الغني والفقير. دعوة الإسلام ليست دعوة قومية ولم يكن هناك فرق كذلك بين العرب وغير العرب، وما ذنب مَنْ وُلِدَ هنا أو هناك، وما فضيلة مَنْ كان له والدان من قريش، أو مكة، على من وُلِد في إفريقيا أو غيرها، فالمهمُّ -كما ذكرنا- التقوى والأخلاق والكفاءة. إن دعوة الإسلام ليست دعوة قومية، حتى في هذه البيئة التي تفتخر جدًّا بعروبتها، فقد ضمَّت هذه الدعوة بلالاً الحبشي وصهيبًا الرومي، وستضمُّ مستقبلاً سلمان الفارسي، وسيدخل هذا الدين بعد ذلك كل العرقيات من فرس، ورومان، وسلاجقة، وأتراك، وأكراد.. وغيرهم، وقد ختم رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته -وذلك في خطبة الوداع- بذكر قاعدة تُلَخِّص تقييمه للناس؛ فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى" [1]. ولم يكن هناك فرق مطلقًا بين الرجل والمرأة. تكريم المرأة ولا بُدَّ لنا من وقفة في غاية الأهمية، نتوجه بها إلى الذين يتهمون الإسلام أنه يظلم المرأة، فإنه ينبغي لهم مراجعة التاريخ، وقراءة قوانين الإسلام مرة أخرى؛ إننا نُريد أن نتخيل مدى الانقلاب الذي أحدثه الإسلام في حياة أهل مكة، وكيف نقل أهلها في يوم وليلة من رجال يستحقرون النساء، ويستصغرون شأنهن، ويهمشون أدوارهن، ولا يعطونهن أدنى حقوقهن، ولا حتى شيئًا من الميراث؛ بل يرث الرجل زوجة أبيه نفسها إذا مات، وكأنها متاع بلا روح، ومن رجال يئدون بناتهم ويبتئسون لولادتهن، إلى وضع جديد تُدْعى فيه نساء مكة إلى الإسلام كما يُدعى الرجال؛ حتى أصبح ما يقرب من ثلث الرعيل الأول من النساء؛ فقد وصل عدد النساء إلى إحدى وعشرين امرأة من أصل سبعين مسلمًا! لقد وجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة الحرجة من الدعوة، وفي ظل هذا التكتم الشامل، والسرية التامة، يُعظِّم جدًّا من قيمة النساء، ومن قيمة عقولهن، ويثق في إدراكهن لخطورة الموقف، ويعلم عن يقين احتياج الدعوة لهن، ليقفن عونًا لأزواجهن المسلمين، وليُرَبِّين أبناءهن على الإسلام، وليقمن بالدعوة في أوساط النساء، وليتحرَّكن بالدين كما يتحرَّك الرجال. لقد حدث كل هذا الانقلاب والتحول في يوم وليلة! وكان الفارق بين حياة الجاهلية بقوانينها الظالمة، وأحكامها الجائرة، وبين العدل المطلق الذي جاء به الإسلام مجرَّد لحظات، وكانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تطبيقًا عمليًّا لما نطق به حين قال: "إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ" [2]. عدم التفريق بين القبائل ولم يكن هناك فرق بين قبيلة وأخرى! وهذا -أيضًا- مستغرب جدًّا في هذا المجتمع القبلي، الذي طالما دارت فيه الحروب بين القبائل على أتفه الأسباب، فبعد تحكيم الإسلام في حياة معتنقيه إذا بالرجال من القبائل المختلفة يجتمعون معًا، ويضع بعضهم يده في يد الآخر، ويُؤَلِّف الله بين قلوبهم حتى يقفوا جميعًا صفًّا واحدًا في وجه غيرهم، وإن كانوا من قبائلهم نفسها. لقد رأينا في الرعيل الأول مسلمين من بني هاشم، وآخرين من بني مخزوم، وذلك على العداوة المشهورة بينهما، ورأينا مسلمين من كل بطون قريش؛ من بني تيم، وبني سهم، وبني أسد، وبني الحارث، وغيرهم، ورأينا مسلمين من قبائل غير قرشية؛ كبني سليم، وخزاعة، وبني تميم، وغيرها، وسنرى مستقبلاً من كل قبائل العرب؛ مِن أوسها، وخزرجها، وثقيفها، وغطفانها، وغيرها.. فكانت بذلك الدعوة الإسلامية إعلانًا لحقوق الإنسان أعظم ألف مرة من الإعلان الذي جاء بعد ذلك بثلاث عشر قرنًا من الزمان. كان هذا إعلانًا من رب العالمين، أن الناس جميعًا سواسية، فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الإعلان، وأنهى حياته في خطبة الوداع بالإعلان نفسه. ________________ [1] أحمد (23536) وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح. والطبراني: المعجم الأوسط (4749)، وقال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (2700). [2] الترمذي عن عائشة رضي الله عنها: أبواب الطهارة، باب ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللاً ولا يذكر احتلامًا (113)، وأبو داود (236)، وأحمد (26238)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث حسن لغيره. وأبو يعلى (4694)، وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع (1983).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 05:36 AM
|