الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد المتواضعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد: فاعلموا أيها الناس أن الزمان لا يثبت على حال؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]، والسعيد من لازم أصلًا واحدًا على كل حال؛ ألا وهو تقوى الله عز وجل، ثم حرص بعد التقوى على التواضع ولين الجانب مع الناس، فهذا الذي يزينه ويبقى معه، فربوا أنفسكم وأولادكم وأهليكم على التواضع ولين الجانب مع الناس، وافعلوا ذلك طلبًا فيما عند الله، وكونوا متواضعين مع الناس مهما بلغ المنصب، أو كثر المال، أو علا الجاه؛ وصدق الشاعر يوم قال:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيعُ
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجو وهو وضيعُ