الأدارة ..♥ |
❆ فعاليات عَبق الياسمين ❆ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
![]() |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() حكم الكفالة ببدن من عليه حد أو قصاص
الكفالة بالبدن نوعان: الأول: أن تكون في حق لآدمي كدين ونحوه، وهذا لا إشكال في مشروعيته وجوازه، وليس محل بحثنا هنا. الثاني: أن تكون في حد أو قصاص، وهذا محل البحث هنا. وصورة الكفالة في الحد: أن يجب حد على شخص فيكلفه آخر بإحضاره عند إقامة الحد أو القصاص. اختيار ابن تيمية: اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - جواز الكفالة ببدن من عليه حد أو قصاص، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة [1]. تحرير محل النزاع: أ - أجمع العلماء على أن الكفالة لا تصح بذات الحد والقصاص بمعنى الاستيفاء منه بدلاً عن المكفول [2]. ب - واختلفوا في الكفالة في الحد والقصاص بمعنى إحضار المكفول، على أقوال عدة. أقوال العلماء في المسألة: القول الأول: لا تصح الكفالة ببدن من عليه حد، سواءً كان لله تعالى أو لآدمي. وهذا مذهب الحنفية [3]، والمالكية [4]، والحنابلة [5]، وقول عند الشافعية [6]، وقول بعض التابعين، وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور [7]. القول الثاني: لا تصح الكفالة ببدن من عليه حد لحق الله، دون من وجب عليه حق لآدمي. وهذا مذهب الشافعية [8]. القول الثالث: تصح الكفالة في الحدود والقصاص، سواءً كان حقاً لله تعالى أو لآدمي. وهذا رواية عن أحمد [9] اختارها ابن تيمية رحمه الله. أدلة القول الأول: 1- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً: "لا كفالة في حد" أخرجه البيهقي [10]. ونوقش: أنه ضعيف، ضعفه ابن عدي والبيهقي لجهالة أحد رجاله وقد تفرد به أيضاً [11]. 2- أن الكفالة استيثاق، والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات فلم يدخلها التوثيق [12]. ونوقش: إن سلم هذا في حقوق الله فلا يسلم في حقوق الآدميين؛ لأنها مبنية على المشاحة. 3- أن الحد والقصاص يلتزم فيه بإحضار البدن، والبدن لا عوض له في حال تعذر إحضاره؛ إذ لا يمكن الاستيفاء من الكفيل بالإجماع، ومن الحدود ما لا يؤول إلى مال كالزنى والقذف، والإذن بالكفالة تسويغ للجاني للهرب مع عدم إمكانية البدل، بخلاف الكفالة في المال ففيها عوض وتعويض بالمال من الكفيل. أدلة القول الثاني: 1- قالوا: حقوق الآدميين من القصاص ونحوه، مبنية على المشاحة، وهي حق مالي لازم فأشبه الكفالة بالمال فتجوز الكفالة فيها لتوثيق الحق، بخلاف حدود الله فهي مبنية على المسامحة [13]. ونوقش: أن مقتضى كون حقوق الآدميين مبنية على المشاحة يقتضي المنع، لأن الحد والقصاص لا عوض له من جنسه فكان القياس المنع احتياطاً لحق الآدمي؛ لئلا يهرب. أدلة القول الثالث: 1- حديث بريدة في قصة الغامدية التي اعترفت بالزنا، وفيه قال: "فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت" أخرجه مسلم [14]. ووجه الدلالة: أنه نص صراحة على كفالة الأنصاري لها في حد من حدود الله، وهذا حجة على أصحاب القول الأول، ومثله حقوق الآدمي من باب أولى؛ لأن حقوق الله مبنية على المسامحة ومع ذلك شرع فيها التوثيق بالكفالة، فحقوق الآدميين أولى؛ لأنها مبنية على المشاحة. ونوقش: أ- أن حد الزنى حق لله، وهو مبني على الستر، ولذا رددها في الاعتراف لعلها ترجع، وحقوق الله مبينة على المسامحة ولذا يترك الزاني إذا هرب؛ إذ يعد ذلك رجوعاً منه عن إقراره كما في الحديث في قصة ماعز لما هرب من حر الحجارة قال: "فهلا تركتموه " [15]. ب- ولفظ الكفالة الوارد في الحديث ليس هو المصطلح عليه عند الفقهاء بمعناه الدقيق، بدليل أنها لو أنكرت قبل منها ولم تحضر. 2- القياس على الكفالة في الأموال، بجامع أن كلاً منهما يشرع فيه التوثيق لتوثيق الحق. الترجيح: والراجح - والله أعلم - هو القول الأول: 1- لأن الكفالة في البدن في الحقوق المالية إذا تعذرت انتقلت إلى الضمان المالي، بخلاف مسألتنا هنا فلا عوض للبدن إذا تعذر إحضاره؛ إذ لا يمكن الاستيفاء من الكفيل في الحد والقصاص. 2- ولأن ذلك يفتح المجال للمجرم للهرب مع علمه بأن الكفيل لن يلزمه مال ولا قصاص، خاصة في هذا الزمان الذي قلت فيه الأمانة والخوف من الله. 3- ثم إن من لزمه حد أو قصاص إذا أذن له بالخروج بالكفالة خرج من السجن كالغريق يخرج من البحر، ومثل هذه الحال قلَّ من يردعه دينه وأمانته بالعودة والرجوع ليقام عليه الحد، وقد يكون الحد بالقتل أو الرجم أو القطع، والإذن له بالخروج بالكفالة كالإذن له بالهروب. 4- أن ذلك أقرب لمقاصد الشارع من غيره، كما أن من فَقِهَ عِلْمَ القضاء علم أنه لا يسع الناس غيره لحفظ الحقوق. وسبب الخلاف في المسألة: هو الخلاف في صحة حديث " لا كفالة في حد" حيث احتج به جمع من الفقهاء بينما أثبت ضعفه المخالفون، والله أعلم. [1] انظر: الإنصاف: (5/210)، حاشية ابن قاسم: (5/110) . [2] انظر: المبسوط: (9/106)، (19/168)، بدائع الصنائع: (6/8)، (7/53)، الموسوعة الفقهية الكويتية: (34/307) . [3] انظر: المبسوط: (9/106)، (19/168)، (20/102)، بدائع الصنائع: (6/8)، (7/53)، تبيين الحقائق: (4/151، 158)، شرح العناية: (7/177، 197)، الجوهرة النيرة: (1/312-314)، شرح فتح القدير: (7/177، 198)، البحر الرائق: (6/224، 234)، مجمع الضمانات: (272)، الفتاوى الهندية: (3/255، 259)، مجمع الأنهر: (2/135)، غمز عيون البصائر: (1/383). [4] انظر: المدونة: (4/487، 489، 527، 646، 660)، التاج والإكليل: (7/61)، (8/322)، مواهب الجليل: (6/251، 252)، شرح ميارة: (2/281)، منح الجليل: (9/64)، حاشية الدسوقي: (3/344) . [5] انظر:رؤوس المسائل الخلافية: (2/864)، الجامع الصغير لأبي يعلى: (306)، المحرر: (1/341)، المغني: (7/98)، شرح الزركشي: (4/122)، الفروع: (4/248)، المبدع: (4/263)، الإنصاف: (5/210)، كشاف القناع: (3/376)، الروض المربع: (5/110)، مطالب أولي النهى: (3/315). [6] انظر: مغني المحتاج: (2/276)، نهاية المحتاج: (4/447)، حاشية قليوبي وعميرة: (2/327). [7] انظر: المغني: (7/98). [8] انظر: الأم: (3/235، 241)، تحفة المحتاج: (5/259-260)، أسنى المطالب: (2/241)، حاشية قليوبي: (2/327)، مغني المحتاج: (2/276)، نهاية المحتاج: (4/447)، شرح البهجة: (3/156-157)، تحفة الحبيب: (3/123)، التجريد لنفع العبيد: (3/31 - 32). [9] انظر: الإنصاف: (5/210)، حاشية ابن قاسم: (5/110) . [10] انظر: سنن البيهقي: (6/77)، كتاب الضمان، باب ما جاء في الكفالة ببدن من عليه حق، كما أخرجه ابن عدي في الكامل: (5/1681). [11] انظر: نصب الراية: (4/59) . [12] انظر: المغني: (7/98)، تحفة المحتاج: (5/259)، مغني المحتاج: (2/276)، المبدع: (4/263) . [13] انظر: تحفة المحتاج: (5/259)، مغني المحتاج: (2/276)، الكفالة في ضوء الشريعة (83) . [14] صحيح مسلم: (3/1323)، كتاب الحدود (29)، باب(5)، حديث رقم (1695) . [15] هذه اللفظة في مسند أحمد: (3/431)، (5/216)،سنن الترمذي: (4/36)، كتاب الحدود (15) باب (5) حديث رقم (1428)، سنن أبي داود: (4/146) كتاب الحدود، باب رجم ماعز، حديث رقم (4420)، سنن ابن ماجه: (2/852)، كتاب الحدود (20) باب (7) حديث رقم (2549) وحسنها ابن حجر في التلخيص الحبير: (4/58)، والحديث أصله في الصحيحين . ![]()
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
الساعة الآن 07:56 PM
|