الإيجابية السامة
عندما يهدد التفاؤل صحتك النفسية
كثيراً ما نرى هؤلاء الأشخاص المتفائلين دائما في المواقف الصعبة ونتمنى أن نكون مثلهم، لكننا لا نعلم أن الإفراط في التفاؤل قد يهدد صحتنا النفسية، وهو ما يُعرف علمياً بـ ((الإيجابية السامة)).
ما هي الإيجابية السامة؟
الإيجابية السامة هي الاعتقاد بأنه مهما كان الموقف الذي تمر به أليما أو صعبا، فيجب عليك الحفاظ على عقلية إيجابية، إنها نهج الحفاظ على مشاعر إيجابية فقط تجاه الحياة ومواقفها.
وبينما توجد فوائد لأن تكون متفائلاً، أو لانخراطك في التفكير الإيجابي، فبدلا من ذلك ترفض الإيجابية السامة المشاعر الصعبة لصالح الحفاظ على واجهة مبهجة وإيجابية وزائفة في كثير من الأحيان.
نعلم جميعا أن امتلاك نظرة إيجابية للحياة هو أمر جيد للصحة النفسية، والمشكلة هي أن الحياة ليست إيجابية دائماً، فجميعنا نتعامل مع المشاعر والتجارب المؤلمة، وهذه المشاعر والتي غالبا ما تكون غير سارة وصعب التعامل معها هي مهمة ونحتاج للشعور بها والتعامل معها بصراحة وصدق.
تأخذ الإيجابية السامة التفكير الإيجابي إلى حد مفرط في التعميم، وهذا السلوك لا يؤكد فقط على أهمية التفاؤل ولكنه يقلل وينكر أي آثار للمشاعر الإنسانية، والتي كثيرا ما تكون غير سعيدة أو إيجابية بشكل دقيق.
لماذا الإيجابية السامة ضارة؟
الإيجابية السامة يمكنها فعلا أن تضر الأشخاص الذين يمرون بأوقات صعبة، فبدلا من أن تكون قادرا على مشاركة المشاعر الإنسانية الحقيقية وتحصل على الدعم غير المشروط، يجد الناس أن مشاعرهم مرفوضة أو متجاهلة أو مُبطلة بشكل صريح.
وهذه بعض الأسباب التي تجعل من الإيجابية السامة شيء مؤذي لك:
-تجعلك تشعر بالخزي:
عندما يعاني شخص ما فيجب أن يعرف أن مشاعره صحيحة، ويمكنه أن يجد الراحة والحب مع العائلة والأصدقاء، ولكن الإيجابية السامة تخبر الناس أن مشاعرهم التي يشعرون بها هي شيء خاطئ.
-تُسبب الشعور بالذنب:
الإيجابية السامة ترسل لك رسالة بأنه إذا لم تجد طريقة للشعور بالإيجابية حتى في مواجهة المأساة، فإنك تفعل شيئا خاطئا.
-تُجنبك المشاعر الإنسانية الأصيلة:
تعمل الإيجابية السامة كآلية تجنب، فعندما ينخرط الناس في هذا النوع من السلوك، فإنها تسمح لهم بتجنب المواقف العاطفية التي تجعلهم يشعرون بأنهم غير مرتاحين، وكذلك تجاهلها ورفضها وإنكارها.
-تمنع النمو:
الإيجابية السامة تسمح لنا بتجنب الشعور بالأشياء التي قد تكون مؤلمة، ولكنها تحرمنا كذلك من مواجهة المشاعر الصعبة والتي تؤدي في النهاية إلى النمو والبصيرة الأعمق.
علامات الإيجابية السامة:
غالبا ما تكون الإيجابية السامة سلوكا خفيًا، ولكن من خلال التعرف على علاماتها يمكن أن يساعدك ذلك على تحديد هذا النوع من السلوك بشكل أفضل، وتشمل العلامات ما يلي:
-الميل للتخلص من المشكلات بدلاً من مواجهتها.
-الشعور بالذنب حيال مشاعر مثل الحزن أو الغضب أو الإحباط.
-إخفاء مشاعرك الحقيقية وراء واجهة من التفاؤل والتي تشعرك بالرضا وتبدو مقبولة اجتماعيا.
-إخفاء أو التنكر لما تشعر به حقًا.
-التقليل من مشاعر الآخرين لأنها تجعلك غير مرتاح.
-إلحاق العار بالآخرين عندما لا يكون لديهم سلوك إيجابي.
-محاولة تجاهل بل وإنكار المشاعر المؤلمة.
إنها تجعلك مبتسماً، بينما بيتك يحترق ...
كيف تتجنب الإيجابية السامة؟
إذا كنت قد تأثرت بالإيجابية السامة، أو تعرفت إلى هذا النوع من السلوك في نفسك فهناك أشياء يمكنك فعلها لتطوير نهج داعم وأكثر صحة، وتتضمن بعض الأفكار:
-السيطرة على الأفكار السلبية وعدم إنكارها:
فالمشاعر السلبية يمكن أن تسبب التوتر عندما لا يتم فحصها، ولكنها يمكن أن تقدم معلومات مفيدة تؤدي إلى تغيرات مفيدة في حياتك، مثل تحفيزك أكثر تجاه الحياة.
-كن واقعيا حول ما ينبغي الشعور به:
عندما تواجه موقفا ضاغطا، فمن الطبيعي أن تشعر بالضغط أو التوتر أو الخوف، فلا يجب أن تتوقع الكثير من نفسك، وبدلاً من ذلك ركز على رعايتك لنفسك واتخاذ الخطوات التي تساعد في تحسين وضعك.
-من الطبيعي أن تشعر بأكثر من شيء واحد:
إذا كنت تواجه تحديا فمن الطبيعي أن تشعر بالتوتر تجاه المستقبل، وكذلك التفاؤل بأنك سوف تنجح، فمشاعرك قد تبدو معقدة في الموقف نفسه.
-لاحظ بماذا تشعر:
يمكن أن تكون متابعة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي "الإيجابية" مصدرا للإلهام، ولكن يجب الانتباه لما تشعر به بعد مشاهدة هذا المحتوى والتفاعل معه، فإذا شعرت بالخزي أو الذنب بعد مشاهدة هذه المنشورات "الإيجابية" فقد يكون ذلك بسبب الإيجابية السامة، في مثل هذه الحالات ضع في اعتبارك الحد من استهلاك وسائل التواصل الاجتماعي.
-ركز على الاستماع للآخرين وإظهار الدعم:
عندما يختبر شخصٌ ما مشاعر صعبة، لا تحاول إسكاته ببعض الأفكار السامة، وبدلاً من ذلك دعه يعرف أن ما يشعر به هو طبيعي وأنك موجود لتستمع إليه.