الأدارة ..♥ |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الملك ومولاه فيروز
حكي أن بعض الملوك طلع يوما إلى أعلى قصره يتفرج، فﻼحت منه التفاتة، فرأى إمرأة على سطح دار إلى جانب قصره لم ير الراؤون أحسن منها، فالتفت إلى بعض جواريه، _فقال لها: لمن هذه؟ _ فقالت: يا موﻻي هذه زوجة غﻼمك فيروز، _قال: فنزل الملك وقد خامره حبها، وشغف بها، فاستدعى بفيروز، _وقال له: يا فيروز، _ قال:لبيك يا موﻻي، _قال: خذ هذا الكتاب وامض به إلى البلد الفﻼنية، وائتني بالجواب، #فأخذ فيروز الكتاب، وتوجه إلى منزله، فوضع الكتاب تحت رأسه، وجهز أمره، وبات ليلته، فلما أصبح ودع أهله وسار طالبا لحاجة الملك، ولم يعلم بما قد دبره الملك، وأما الملك فإنه لما توجه فيروز قام مسرعا وتوجه متخفيا إلى دار فيروز، فقرع الباب قرعا خفيفا، _فقالت امرأة فيروز: من بالباب؟ _قال: أنا الملك سيد زوجك، ففتحت له، فدخل وجلس، _فقالت له: أرى موﻻنا اليوم عندنا، _فقال: زائر. _ فقالت: أعوذ بالله من هذه الزيارة. وما أظن فيها خيرا، _فقال لها: ويحك إنني الملك سيد زوجك، وما أظنك عرفتني _فقالت: بل عرفتك يا موﻻي، ولقد علمت أنك الملك، ولكن سبقتك اﻷوائل في قولهم: سأترك ماءكم من غير ورد ***وذاك لكثرة الوراد فيه إذا سقط الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتهيه وتجتنب اﻷسود ورود ماء *** إذا كان الكﻼب ولغن فيه ويرتجع الكريم خميص بطن *** وﻻ يرضى مساهمة السفيه وما أحسن يا موﻻي قول الشاعر: قل للذي شفه الغرام بنا *** وصاحب الغدر غير مصحوب والله ﻻ قال قائل أبدا *** قد أكل الليث فضلة الذيب _ثم قالت: أيها الملك تأتي إلى موضع شرب كلبك تشرب منه، قال: فاستحيا الملك من كﻼمها وخرج وتركها، فنسي نعله في الدار، هذا ما كان من الملك. #وأما ما كان من فيروز، فإنه لما خرج وسار تفقد الكتاب، فلم يجده معه في رأسه، فتذكر أنه نسيه تحت فراشه، فرجع إلى داره، فوافق وصوله عقب خروج الملك من داره، فوجد نعل الملك في الدار، فطاش عقله، وعلم أن الملك لم يرسله في هذه السفرة إﻻ ﻷمر يفعله، فسكت ولم يبد كﻼما، وأخذ الكتاب، وسار إلى حاجة الملك، فقضاها، ثم عاد إليه، فأنعم عليه بمائة دينار، فمضى فيروز إلى السوق، واشترى ما يليق بالنساء، وهيأ هدية حسنة وأتى إلى زوجته، فسلم عليها _وقال لها: قومي إلى زيارة بيت أبيك، _قالت وما ذاك؟ _قال: إن الملك أنعم علينا وأريد أن تظهري ﻷهلك ذلك. _قالت: حبا وكرامة، #ثم قامت من ساعتها، وتوجهت إلى بيت أبيها، ففرحوا بها، وبما جاءت به معها، فأقامت عند أهلها شهرا، فلم يذكرها زوجها وﻻ ألم بها، فأتى إليه أخوها، _وقال له: يا فيروز إما أن تخبرنا بسبب غضبك، وإما أن تحاكمنا إلى الملك، _فقال: إن شئتم الحكم، فافعلوا، فما تركت لها علي حقا، #فطلبوه إلى الحكم، فأتى معهم.وكان القاضي إذ ذاك عند الملك جالسا إلى جانبه، _فقال أخو الصبية: أيد الله موﻻنا قاضي القضاة إني أجرت هذا الغﻼم بستانا سالم الحيطان ببئر ماء معين عامرة، وأشجار مثمرة، فأكل ثمره، وهدم حيطانه، وأخرب بئره، فالتفت القاضي إلى فيروز، _وقال له: ما تقول يا غﻼم؟ _فقال فيروز: أيها القاضي قد تسلمت هذا البستان وسلمته إليه أحسن ما كان، _فقال القاضي: هل سلم إليك البستان كما كان؟ _قال: نعم، ولكن أريد منه السبب لرده. _قال القاضي: ما قولك؟ _قال: والله يا موﻻي ما رددت البستان كراهة فيه، وإنما جئت يوما من اﻷيام، فوجدت فيه أثر اﻷسد، فخفت أن يغتالني، فحرمت دخول البستان إكراما لﻷسد، قال:وكان الملك متكئا فاستوى جالسا، _وقال: يا فيروز ارجع إلى بستانك آمنا مطمئنا، فو الله إن اﻷسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثرا، وﻻ التمس منه ورقا، وﻻ ثمرا وﻻ شيئا، ولم يلبث فيه غير لحظة يسيرة، وخرج من غير بأس، وو الله ما رأيت مثل بستانك، وﻻ أشد احترازا من حيطانه على شجره، قال: فرجع فيروز إلى داره، ورد زوجته، ولم يعلم القاضي وﻻ غيره بشيء من ذلك والله أعلم.
الساعة الآن 10:27 AM
|