إنَّ الله -عز وجل- قد استخلف الإنسان في هذا الكون وسخَّر له جميع مخلوقاته من الشَّجر والدَّواب والسماوات والشمس والقمر، فلزامًا على الإنسان أن يكون جديرًا بما هيأه الله له في كونه، وخصَّ اللهُ الإنسان عن سائر مخلوقاته، بأن جعل له نفْسًا يصلح الكون بصلاحها، وميزَهُ عن جميع الخلائق فأعطاه الاختيار بين طريقي الهدى والضلال، مضيفًا أنَّ روح الإنسان هي قوام الحياة، غير أنَّ النفس هي التي تحركه في هذه الحياة، إما في طريق الخير أو طريق الشر؛ فالمولى سبحانه هو الذي قال: {الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ}، فالنفس هي مجموع لصفات الخير أو صفات الشر،
إنَّ الله -جلَّ علاه- أولى النفس في القرآن الكريم عنايةً بالغةً، فيعلمنا أنَّ الصلاح ليس أن تكون صالحًا وحدك وإنما يكون بتكاتف جميع أفراد المجتمع، فعلى أفراد المجتمع أن يتقبلوا بعضهم بعضًا وأن يأخذوا بأيدي بعضهم حتى يتحقق صلاح الأمة، وقد خلق الله سبحانه جميع الخلائق في الكون وسخَّرها لخدمة الإنسان، وخلق الإنسانَ لخدمته وعبادته: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، فعلى الإنسان أن يسأل نفسه دائمًا عن الغاية والهدف من خلقه حتى يرجع إلى ربّه، فتصلُح نفسه ومن ثَمَّ يصلح المجتمع كله.
الشيخ ابراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر الأسبق في خطبة الجمعة اليوم