سَئِمْتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشُ *** ثَمَانِينَ حَوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْأَمِ
ولا غرابة أن يعبر زهير عن حالة السآم هذه بعد أن جاوز الثمانين ، واختلفت عليه الأجيال ، مما جعله غير قادر على التوافق مع من حوله , فوجد نفسه وحيداً في مجتمع يألف ما لم يعتاد عليه ، وينكر عليه ما تعود
هنا تسأل نفسك لما تفتك بك الغربة ، وحولك الأصدقاء ؟
ولما تمزقك سياط الصمت وسط الضجيج ؟
ولما تلازمك الوحدة في عالم أتقن كل وسائل التواصل ؟
أسئلة كثيرة تتدافع داخل عقلك عندما تجد نفسك في مجتمع ينكر عليك ما لم تعتاد ، ويألف ما تنكر ، فيبتسم وقت العبوس ، ويرقص عند الألم ، يتألم من غير وجع ، ويصفق من غير نجاح . يستمتع بالسفاسف ، ويبتهج بالتوافه ،يهتم بالغث ، يجمع المهمل ، ويهمل المهم ،يأخذ الساقط ، ويسقط القيم .
فتجد عقلك لا يستجيب لهم ، ونفسك تائهة معهم ، وكلماتك شاردة بينهم ، تصرخ فلا تسمع إلا صدى صوتك ، وتبكي فلا تجد إلا وسادتك ، وتمرض فلا تسمع إلا أنين جسدك .
(شيخوخة المشاعر)
يعاني منها العقلاء في عالم يضج بالجنون ، والمثقفين في مجتمع لا يعتد بالثقافة ، والكُتاب في زمن رخص فيه الكتاب ، والعلماء في وقت لا أهمية فيه للعلم .
( شيخوخة المشاعر )
وهم يصيب ذوي المبادئ الراسخة ، ومرض لأهل القيم النبيلة ، وسكين في قلب أصحاب الضمائر الحية .
ثمة ضوء
أحرقـي في غُربتي سفـني إلاَ نّـني أقصيتُ عنْ أهلي وعن وطني *
وجَرعتُ كأسَ الذُّلِّ والمِحَـنِ إلا أنني*
أبحَـرتُ رغـمَ الرّيـحِ أبحثُ في ديارِ السّحـرِ عن زَمَـني
وأردُّ نارَ القهْـرِ عَـنْ زهـري