أمر النبي صلى الله عليه وسلم من سقطت منه لقمة ، أن يميط عنها ما أصابها من الأذى ، ثم يأكلها ، وعلل صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله " «فإنه لا يدري في أي طعامه البركة» " [رواه مسلم] وفي هذا الحديث درس مهم ، يدلك على أن العبرة بالبركة لا بالكثرة ، وأن البركة إن حلت في الشيء أثمر أعظم الثمار ونفع أعظم النفع ، وأن المرء عليه ألا يستهين بخير ، أو يستقلل من رزق ، أو يزهد في باب من أبواب النفع ، فإنه لا يدري أين تكون البركة . - فأولادك الكثيرون لا تدري من منهم سيكون فيه البركة والنفع لك في الدنيا والآخرة . قال تعالى ( {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} ) - وطعامك وشرابك وساعات نومك وعملك وكل شيء تشتريه أو تبيعه لا تدري في أي منها تكون البركة . - والتاجر أو الصانع لا يدري في أي مشروع ، أو صفقة أو عمل تكون البركة . - والأستاذ والمعلم لا يدري في أي واحد من تلامذته الكثيرين تكون البركة . - والكاتب والمؤلف لا يدري في أي كتاب أو بحث أو مقالة تكون البركة . - والداعية والواعظ لا يدري في أي كلمة أو خطبة أو عظة أو نصيحة تكون البركة . - وطالب العلم لا يدري أي كتاب يقرأ فيه أو أي درس أو محاضرة يسمعها تكون فيها البركة . وهكذا الحال في كل باب من الأبواب ، وكم رأى المرء في حياته أشياء يسيرة لم يكن يظن أن تبلغ ما بلغت ، وإذا بها تترتب عليها أمور كبار ، وكذلك العكس صحيح . قال تعالى ( {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } )
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ